المقدمة:
في مساء يوم السبت الموافق 2 يناير 2016، تجمع – في كل من طهران أمام سفارة المملكة العربية السعودية وفي مشهد أمام القنصلية السعودية – عدد من المتظاهرين الغاضبين على إعدام 47 سعودي من بينهم رجل الدين – السعودي الجنسية شيعي المذهب – نمر باقر النمر، وذلك إثر محاكمات وأحكام نهائية أصدرها بحقهم القضاء بالمملكة العربية السعودية.[1]
وقد قام هؤلاء المتظاهرون باقتحام سفارة المملكة العربية السعودية واتلاف محتوياتها وسرقة بعض منقولاتها ومستنداتها،[2] الأمر الذي شكل أزمة دبلوماسية بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والعديد من الدول والمنظمات الدولية التي أدانت هذا الاقتحام.[3] الأمر الذي كان سبباً في زيادة توتر العلاقة بين المملكة والعربية السعودية والعديد من حلفائها من ناحية وإيران من ناحية أخرى،[4] مما أوصل المنطقة لشفير حرب إقليمية كادت أن تندلع – لولا رحمة الله.
الأمر الذي أثار التساؤل حول موقف محكمة العدل الدولية – كوسيلة من وسائل التسوية السلمية للمنازعات الدولية – في مثل هذه الأحوال لو قرر الأطراف طرق باب المحكمة، وذلك من واقع الآراء الاستشارية والأحكام القضائية التي تبنتها المحكمة من واقع ما أصدرته من أحكام وتبنته من آراء.
وعليه سيتم تقسيم هذه الدراسة إلى الفصول التالية:
الفصل الأول: وقائع النزاع
الفصل الثاني: اختصاص المحكمة في فحص النزاع
الفصل الثالث: السوابق القضائية في الحصانات الدبلوماسية
الفصل الرابع: مسئولية الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن الاعتداء على المقار الدبلوماسية والقنصلية السعودية في طهران في ضوء أحكام محكمة العدل الدولية
وذلك وفقاً للتفصيل التالي:
الفصل الأول: الوقائع
تتمثل الوقائع في قيام المملكة العربية السعودية باعتقال عدد من المواطنين الشيعة أثناء مظاهرات قاموا بها واعتداءات على بعض المراكز الأمنية بقيادة رجل الدين الشيعي (نمر النمر).[5] وقد خضع هؤلاء الأشخاص لمحاكمات وفقاً للنظام القضائي السعودي، مع توفير الضمانات التي يكفلها النظام كأي نظام قضائي آخر.[6] وقد كانت هناك مؤشرات لتورط إيراني رسمي أو غير رسمي في حركة العصيان هذه. بل وصل بإيران أن هددت المملكة العربية السعودية حال تنفيذ حكم الإعدام في حق زعيم المعتقلين (النمر)،[7] مما يعتبر تدخلا في الشؤون الداخلية. وبمجرد صدور الحكم القضائي بإعدام المتهمين توالت التهديدات الإيرانية الرسمية وغير الرسمية بإلحاق الضرر بالمملكة حال توقيع عقوبات الإعدام. ولما قامت المملكة بتنفيذ عقوبات الإعدام غير عابئة بتلك التهديدات، خرج العديد من المتظاهرين أمام سفارة المملكة العربية السعودية في طهران، دون أن تحاول السلطة هناك أخذ أي اجراءات احترازية للحيلولة دون منع أية اعتداءات محتملة.[8] وبالفعل، وأثناء خروج المتظاهرين ليل الثاني من يناير 2016، قام عدد منهم بالتسلق على أسوار مقر السفارة واقتحام المبني مما تسبب بحالة من الهرج، والقيام بسلب بعض محتويات السفارة واتلاف البعض الآخر حرقاً وتحطيماً.[9]
ترتب على ذلك اعلان المملكة العربية السعودية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وتبادل التهديدات ووقف التبادل التجاري، وإدانة الاعتداء من كل من مجلس الأمن الدولي من خلال بيان،[10] وجامعة الدول العربية[11] ومنظمة التعاون الإسلامي[12] ومجلس التعاون الخليجي.[13]
و”ليس هناك في العلاقات بين الدول ما هو أكثر أهمية من الحصانات المقررة للدبلوماسيين ومقار البعثات، وأنه على امتداد التاريخ راعت جميع الأمم على اختلاف معتقداتها وثقافاتها احترام مجموعة من الالتزامات المتبادلة في هذا الخصوص، وأكدت أن النظم الدبلوماسية تعد وسيلة جوهرية للتعاون الفعال في الجماعة الدولية، تسمح للدول بتحقيق الفهم المتبادل وحل خلافاتها بالوسائل السلمية.”[14] ولا أصدق من توتر العلاقات بين كل من المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية من التداعيات بين البلدين في كل من الحرب في اليمن عام 2017، واتهام ايران للمملكة بأنها وراء الهجوم على السفارة الإيرانية في اليمن،[15] واتهام السعودية لطهران بأنها كانت وراء الصاروخ الذي استهدف الرياض في نوفمبر 2017.[16] والتوتر بين البلدين في تصعيد مستمر، حتى أوشك يهدد المنطقة ويقسمها إلى المعسكر الإيراني والمعسكر السعودي، ومن تداعياته اندلاع نزاع مسلح في اليمن، وفي البحرين، واحتمال اندلاعه في لبنان.
وبالتالي، تعتبر مسألة اللجوء للتسوية السلمية للمنازعات، وخاصة عن طريق محكمة العدل الدولية، من أنجع الوسائل لتسويتها وعدم تفاقمها وارتداد آثارها على الدول المجاورة. وهو ما ستدور حوله هذه الورقة، من أجل خلق الأرضية القانونية لدفع الطرفين نحو طرق باب محكمة العدل الدولية. إلا أن السؤال الذي يثور: هل تملك محكمة العدل الدولي الاختصاص اللازم لفحص النزاع السعودي الإيراني؟
الفصل الثاني: اختصاص المحكمة بالفصل في النزاع:
إن ما تعرضت له المقار الدبلوماسية والقنصلية السعودية في إيران يثير تطبيق نص المادة 22 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، والتي تنص على أن “تتمتع مباني البعثة بالحرمة. وليس لممثلي الحكومة المعتمد لديها الحق في دخول مباني البعثة إلا إذا وافق على ذلك رئيس البعثة. على الدولة المعتمد لديها التزام خاص باتخاذ كافة الوسائل اللازمة لمنع اقتحام أو الإضرار بمباني البعثة وبصيانة أمن البعثة من الاضطراب أو من الحطّ من كرامتها. لا يجوز أن تكون مباني البعثة أو مفروشاتها أو كل ما يوجد فيها من أشياء أو كافة وسائل النقل، عرضة للاستيلاء أو التفتيش أو الحجز لأي إجراء تنفيذي.”[17] وكذلك نصت المادة 31 من اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية على أن “1- تتمتع مباني القنصلية بالحرمة في الحدود المذكورة في هذه المادة. 2- لا يجوز لسلطات الدولة الموفد اليها أن تدخل في الجزء المخصص من مباني القنصلية لأعمال البعثة القنصلية إلا بموافقة رئيس البعثة القنصلية أو من ينيبه أو بموافقة رئيس البعثة الدبلوماسية للدولة الموفدة، غير أنه يمكن افتراض وجود موافقة رئيس البعثة القنصلية في حالة حريق أو كارثة أخرى تستدعى اتخاذ تدابير وقائية فورية. 3- مع مراعاة احكام الفقرة (2) من هذه المادة فان على الدولة الموفد إليها التزام خاص باتخاذ جميع التدابير المناسبة لحماية مباني القنصلية ضد أي اقتحام أو اضرار بها، وكذا لمنع أي اضرار بأمن البعثة القنصلية أو الحد من كرامتها. 4- يجب أن تكون مباني القنصلية ومفروشاتها وممتلكات البعثة القنصلية ووسائل النقل بها محصنة ضد أي شكل من الاستيلاء لأغراض الدفاع الوطني أو المنفعة العامة، وفي حالة ما يكون نزع الملكية ضروريا لمثل هذه الأغراض فيجب اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتجنب عرقلة القيام بالأعمال القنصلية ولدفع تعويض فوري ومناسب وفعال للدولة الموفدة.”[18]
وعلى الرغم مما سنورده بشأن اختصاص محكمة العدل الدولية في فحص هذا النزاع، إلا أن هناك فريق من الشراح لا يرون أن محكمة العدل الدولية هي الوسيلة الأنسب والأنجع لتسوية المنازعات الدولية المتعلقة بالحصانات الدبلوماسية والقنصلية،[19] خاصة وأن هذا النوع من المنازعات يحتاج إلى سرعة في التسوية، ولا تتحقق هذه السرعة إلا من خلال المفاوضات في أروقة وزارات الخارجية المعنية.[20] ومن الأمثلة الواقعية التي تعزز هذه الرؤية، أن أزمة رعايا الولايات المتحدة والرهائن الدبلوماسيين لم تنقضي بحكم محكمة العدل الدولية لعام 1981، وإنما بتسوية ودية نتيجة لمفاوضات أسفرت عن توقيع الطرفين لاتفاقية الجزائر.[21]
ومن الأمثلة الشهيرة على الاعتداء على المقرات الدبلوماسية بما تتمتع به ومن حصانات، الاعتداء الذي أسفر عن قصف القوات الجوية لحلف الناتو في يوغسلافيا السابقة – عن قصد – لمبنى سفارة الصين الشعبية في بلغراد، والذي انتهى وديا بين أطراف النزاع دون أن يصل إلى محكمة العدل الدولية.[22]
ومن الضروري التنويه أنه لا مجال للتسوية مع الضحايا من الأفراد مباشرة، إلا من خلال البروتوكولات الاختيارية الخاصة بالتسوية الإلزامية.[23] وفي القضية محل النظر، والتي يتنازع فيها كل من الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية، دولتان من أهم الدول الإسلامية، مما يثير تطبيق القانون الدبلوماسي الإسلامي، وييسر الحل الودي بين الطرفين في أسرع وقت ممكن.[24]
ومن حيث الاختصاص فإن محكمة العدل الدولية تختص بنوعين من الاختصاصات:[25]
الأول: افتائي أو استشاري، ويتمثل في قيام المحكمة بإبداء الرأي في المسائل القانونية التي تطلب عرضها عليها أجهزة الأمم المتحدة الأخرى (مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة، وكذلك أية وكالة دولية متخصصة تسمح لها الجمعية العامة بطلب رأي استشاري)،
الثاني: قضائي، ويتمثل في إصدار الأحكام في المنازعات التي تثور بين الدول، وهذا الأخير هو الذي يدخل في نطاق هذه الدراسة.
وبالتالي تعتبر المحكمة الجهاز الرئيسي الذي يفصل في النزاعات التي قد تثور بين الدول الأطراف، حيث نصت المادة 38 من الميثاق على أن للمحكمة الولاية في الفصل في المنازعات.
ولمحكمة العدل الدولية نوعين من أنواع الولاية: الاختيارية والإلزامية.
أولا: ولاية محكمة العدل الدولية الاختيارية أو اللاحقة للنزاع:
تقوم الولاية الاختيارية لمحكمة العدل الدولية على موافقة ورضا كافة الدول أطراف النزاع على اختصاص محكمة العدل الدولية في فحص النزاع والفصل فيه،[26] ودون هذه الموافقة لا تتحقق الولاية الاختيارية لمحكمة العدل. ويمكن أسناد الاختصاص لمحكمة العدل الدولية في فض النزاع حتى لو لم تكن هناك أية اتفاقات عامة أو خاصة تربط بين أطراف النزاع، فمثل هذا الإسناد يعتبر بمثابة اتفاق لاحق بين الأطراف على طريقة تسوية النزاع عن طريق المحكمة، وهو أمر مشروع، ولا خلاف بشأنه، وفي حدود سيادة الدولة. وفي هذا السياق فقد اعتبرت محكمة العدل الدولية أن المحضر المتفق عليه والموقع عليه من كل من وزيري خارجية البحرين وقطر في 25 ديسمبر 1990 اتفاق ملزم يضفي على اختصاص محكمة العدل الدولية المشروعية في الفصل في النزاع بين البلدين.[27]
ثانياً: ولاية محكمة العدل الدولية الإلزامية أو السابقة على النزاع:
تشمل – ولاية المحكمة – “جميع المسائل المنصوص عليها بصفة خاصة في ميثاق الأمم المتحدة أو في المعاهدات والاتفاقات المعمول بها. وللدول التي هي أطراف في هذا النظام الأساسي أن تصرح، في أي وقت، بأنها بذات تصريحها هذا وبدون حاجة إلى اتفاق خاص، تقر للمحكمة بولايتها الجبرية في نظر جميع المنازعات القانونية التي تقوم بينها وبين دولة تقبل الالتزام نفسه، متى كانت هذه المنازعات القانونية تتعلق بالمسائل الآتية:
(أ) تفسير معاهدة من المعاهدات، (ب) أية مسألة من مسائل القانون الدولي، (ج) تحقيق واقعة من الوقائع التي إذا ثبتت كانت خرقا لالتزام دولي، (د) نوع التعويض المترتب على خرق التزام دولة ومدى هذا التعويض. وفي الحالة الثانية لا تحتاج الدول المتنازعة أن تعقد اتفاقاً جديداً لتسند لمحكمة العدل الدولية الاختصاص بحسم المنازعات.”[28]
وبالتالي فإن الاختصاص الإلزامي للمحكمة يكون بأحد الطرق الثلاث التالية:
(1) الاختصاص من خلال بند في اتفاقية عامة، (2) الاختصاص من خلال بند في اتفاقية خاصة بحل المنازعات،[29] (3) التصريح بالقبول بالاختصاص الالزامي للمحكمة.[30]
وما لم ينعقد الاختصاص لمحكمة العدل، فلا يمكنها الشروع في ممارسة اختصاصها، ولو كانت في مسألة من المسائل التي يمكنها الفصل بها. ومن ذلك على سبيل المثال، عدم إيصال الاعتداء على السفارة البريطانية في طهران عام 2011، والذي قام به بعض المتظاهرون كاحتجاج على الموقف البريطاني من الحملة الدولية ضد البرنامج النووي الإيراني،[31]خاصة وأن الحكومة الإيرانية أدانت هذا الاعتداء.[32]
وممارسة المحكمة لاختصاصها بالفصل في النزاعات بين الدول ليست بتلك السهولة، وإنما هي محل اختلاف قد يصل إلى مستوى النزاع الذي يعرض على محكمة العدل الدولية للفصل في مسألة الاختصاص قبل الفصل في الموضوع. ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر، فحص المحكمة لاختصاصها في فحص النزاع القطري البحريني،[33] ومن ذلك معارضة إيران لاختصاص المحكمة في فحص النزاع الإيراني الأمريكي.[34]
فعلى الرغم من محاولة بعض الدول إضفاء السمة الوطنية للنزاعات المتعلقة بحصانات المقار الدبلوماسية للحيلولة دون ممارسة محكمة العدل الدولية لاختصاصها، إلا أن المحكمة ردت بالتأكيد على انعقاد الاختصاص الدولي في مسائل حصانات المقار الدبلوماسية، حين أشارت إلى أن المسائل المتعلقة بالمباني الدبلوماسية والقنصلية وحصاناتها هي مسألة من صميم اختصاص محكمة العدل الدولية،[35] وفي ذلك تقول المحكمة إن الأعمال التي ارتكبتها ايران – من مهاجمة السفارة ومباني القنصلية الأمريكية والتحفظ على رهائن من الشخصيات المحمية دوليا – وعلى الرغم من أهمية المبادئ القانونية المنتهكة، إلا أنها تبدو بالنسبة لإيران (ثانوية) و (هامشية)، ويجب أن نتذكر بهذا الخصوص، أن السكرتير العام للأمم المتحدة رأى في الواقع أن هذه الأحداث تشكل (وضاًع خطيراً) وفيه (تهديد خطير للسلام والأمن الدوليين)، وأن مجلس الأمن الدولي في قراره رقم 457/1979 أعلن انشغاله بعمق للمستوى الخطير للتوتر بين البلدين، مما قد يرتب نتائج خطيرة للسلام والأمن الدوليين.”[36]
وعليه، متى انعقد الاختصاص لمحكمة العدل الدولية، فإن الدول المعنية لا يمكنها وضع الحواجز والموانع والذرائع للحيلولة دون ممارسة المحكمة لاختصاصها، فالكلمة الحاسمة في حق الفصل وانعقاد الاختصاص من عدمه ينعقد للمحكمة وحدها وبحكم قضائي تمهيدي قبل الخوض في الموضوع.،[37] أو أن تفصل به في ذات الحكم إن شاءت.[38]
وبناء عليه، فإن الاختصاص في فحص النزاع الإيراني السعودي، المتعلق بالاعتداء على مبنى السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد، ينعقد بلا منازع لمحكمة العدل الدولية، شريطة انعقاد الولاية الاختيارية أو الإلزامية للمحكمة، بموافقة الدول المعنية السابقة على النزاع أو اللاحقة له، وهو ما سيتم بحثه فيما يلي.
ولقد سبق لمحكمة العدل الدولية أن فحصت نزاعات مماثلة، مما يمكن أن يولد لدينا انطباعا عن توجه المحاكم الدولية عموماً ومحكمة العدل الدولية خصوصاً في مثل هذه النزاعات، وما يمكن أن تأخذه من أحكام في مثل هذه الأحوال.
الفصل الثالث: السوابق القضائية في الحصانات الدبلوماسية:
نشأت محكمة العدل الدولية مع نشأة الأمم المتحدة عام 1945، ومن ضمن ما أسند لها وفقاً لنص المادة 36 من النظام الأساسي للمحكمة الفصل في النزاعات المسند تسويتها للمحكمة الدائمة للعدل الدولية.[39] “ويمكن القول بأن محكمة العدل الدولية قد استحوذت على ارث المحكمة السابقة (المحكمة الدائمة للعدل الدولي) فتبنت نظامها الأساسي حرفياً، فيما عدا التسمية، واستولت على مقرها وقاعاتها في ذات المدينة التي كانت المحكمة السابقة تنعقد فيها وهي مدينة لاهاي في هولندا، بل وحتى تصريحات قبول الاختصاص الإلزامي التي تقدمت بها الدول للمحكمة السابقة استمرت في السريان وبذات الشروط في المحكمة الحالية.”[40] وخلال هذا التاريخ من العمل القضائي لمحكمة العدل الدولية، عرض عليها العديد من المنازعات ذات الطابع الدبلوماسي، منها ما يتعلق بحصانات المقرات الدبلوماسية، أو أشخاصها أو كلاهما. وسنستعرض من هذه السوابق فقط تلك التي لها شأن بحصانة المقار الدبلوماسية، لاستيضاح موقف محكمة العدل الدولية من الاعتداء على هذه المقار. وتنحصر هذه السوابق في الحكم الصادر في 24 مايو 1980 في القضية المتعلقة بموظفي الولايات المتحدة الدبلوماسيين والقنصليين في طهران (الولايات المتحدة ضد إيران)، والحكم الصادر في 14 فبراير 2002 بشأن مذكرة الاعتقال الصادرة في 11أبريل 2000 (الكونغو ضد بلجيكا)، وقضية الحصانات والإجراءات الجنائية (غينيا الاستوائية ضد فرنسا) 2016. ولا يعني أن مسألة الحصانة الدبلوماسية لم تثر في مواقع أخرى، إلا أن هذه المواطن هي التي تشكل السوابق القضائية. فعلى سبيل المثال كان هناك إطلاق نار من مبنى السفارة الليبية ضد عدد من المتظاهرين، مما تسبب في مقتل أحد العناصر الأمنية وإصابة عدد من المتظاهرين، إلا أن السلطات البريطانية لم تتعد على حصانات المقر، ولم تقتحم مبنى السفارة أو تطالب بتفتيشه. وكذلك كان هناك ادعاء من الجمهورية الإسلامية الإيرانية بأن سفارتها في صنعاء تعرضت عام 2017 لاستهداف من القوات السعودية، إلا أن أي تصعيد بهذا الشأن لم يطف إلى السطح. وكذلك كان هناك استهداف لسفارة الاتحاد الروسي في يوغسلافيا من قبل الطيران الأمريكي مما تسبب في الحاق أضرار فادحة بمبنى السفارة.
1- الحكم الصادر في 24 مايو 1980 في القضية المتعلقة
بموظفي الولايات المتحدة الدبلوماسيين والقنصليين في طهران:
يرجع موضوع القضية الى الرابع من نوفمبر 1979، حيث اندلعت مظاهرة أمام مبنى السفارة الأمريكية في طهران، وقام المتظاهرون بمهاجمة مبنى السفارة، ولم تتقدم أي من قوات الأمن للتدخل أو لتطبيــع الوضــع، وذلك على الرغم من الاتصالات المتكررة التي أجراها السفير مع السلطات الإيرانية . . . وبالنهاية فإن جميع مباني السفارة قد اقتحمت . . . وعلى أثره تم القاء القبض على أعضاء السفارة بمن فيهم أعضاء القنصلية وبعض الأعضاء غير الأمريكيين وبعض الزوار المتواجدين وقتها في السفارة . . . واستنادا لحكومة الولايات المتحدة الأمريكية فإن قنصليتيها في تبريز وشيراز (اللتان سبق أن هوجمتا في بداية عام 1979) قد احتلتا أيضا دون أن تحرك السلطات الايرانية ساكنا. وقد تم تقييد الرهائن وتكميم أعينهم في أوضاع سيئة جدا، وتم تهديدهم بالإعدام.[41]
وبناء عليه لجأت الولايات المتحدة أولا لمجلس الأمن، حيث أصدر القرار رقم 457 في 4 ديسمبر 1979، وبموجبه دعى المجلس الحكومة الايرانية الى التحرير الفوري لأعضاء سفارة الولايات المتحدة المحتجزين بطهران وضمان حمايتهم والسماح لهم بمغادرة إيران.[42] وهذا القرار لم يمنع الولايات المتحدة من عرض الأمر على محكمة العدل الدولية. فلا يوجد ما يمنع من عرض النزاع الواحد على محكمة العدل الدولية وأي جهاز سياسي من أجهزة الأمم المتحدة في نفس الوقت.[43]
ففي قضية احتجاز الرهائن الأمريكيين أقرت محكمة العدل الدولية باختصاصها في الفصل بالنزاع، مستندة في ذلك الى (بروتوكولي التوقيع الاختياري الخاصين بالتسوية الالزامية والملحقين بمعاهدتي فيينا المتعلقتين بالعلاقات الدبلوماسية والمؤرخة في 1961 والمتعلـقة بالعـلاقات القنصليـة والمـؤرخة في 1963)، واللتين تمنحان محكمة العدل الدولية الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بهذا الموضوع. فقد رأت المحكمة في هذا المستند أساسا كافيا لاختصاصها بالنزاع،[44] اذ تنص المادة الأولى من البروتوكولين المذكورين على أن “ينعقد الاختصاص لمحكمة العدل الدولية في كل الخلافات المتعلقة بتفسير أو بتطبيق المعاهدة والتي تجتمع بهذا الخصوص بمـوجب طلـب من أطراف النـزاع المنضمين الي هذا البروتوكول”.[45]
وكذلك حاولت المحكمة تأكيد اختصاصها بنظر الموضوع من خلال الفقرة 24 من أمرها الصادر في النزاع محل الدراسة حيث قالت “لا يوجد أي نص، في الميثاق أو نظامها الداخلي، يمنع المحكمة من النظر في النزاع لمجرد أن لهذا النزاع أوجه أخرى قد تكون أيضا مهمة.”[46]
وعادت وأكدت إنه “في كل مرة يتعلق النزاع بالمقار الدبلوماسية والقنصلية، وحجز أشخاص محميين دوليا، وتفسير وتطبيق المعاهدات الجماعية التي تقنن القانون الدولي بخصوص العلاقات الدبلوماسية والقنصلية يختص القضاء الدولي بنظرها وذلك بسبب طبيعتها.”[47]
وفي معرض ردها على فحوى رسالة وزير الخارجية الايرانية لمنع المحكمة من الأمر بالإجراءات التحفظية المقدمة من الولايات المتحدة، عادت المحكمة وأكدت على اختصاصها، حيث قالت “إن الاعتبارين السابقين، المقدمين من الحكومة الايرانية برسالتها المؤرخة في 2/12/1979، لم يعتد بهما بالنسبة للمحكمة كعائق يمنعها من نظـر الـنزاع الذي اجتمعت لبحثه بموجب الطلب المقدم من الولايات المتحدة في 29/12/1979.”[48]
“ولم تجد – المحكمة – ما يشكل عائقا دون النظر في النزاع المعروض، مشيرة “أن المحكمة لا تجد أي سبب قانوني يدفعها أن تقرر عدم الانعقاد لنظر طلب الولايات المتحدة.”[49]
الا أنه وللأسف فان الولايات المتحدة الأمريكية كانت قد حاولت – على الرغم من لجوئها لمحكمة العدل الدولية – إطلاق سراح رهائنها المحتجزين في إيران عن طريق القوة، بإرسالها بعض الوحدات العسكرية لإنجاز هذه المهمة. الا أن الحكم الصادر من محكمة العدل الدولية في 24 أبريل 1980 لم يشأ اغفال هذا الاستعراض العسكري الذي يعد مساسا بسيادة إيران.
“تتفهم هيئة المحكمة الاهتمام الذي استطاعت حكومة الولايات المتحدة اثارته بخصوص مواطنيها المحتجزين كرهائن في السفارة منذ أكثر من خمسة شهور. وتتفهم أيضا ودون أدنى شك شعورها بالحرمان في مواجهة حجز إيران الطويل لهؤلاء الرهائن، بالرغم من القرارين الصادرين من مجلس الأمن الدولي وقرار محكمة العدل الدولية الصادر في 15/12/1979 وجميعها نصت صراحة على وجوب الاطلاق الفوري لسراح الرهائن. انطلاقا من ذلك . . . المحكمة لا يمكن أن تغفل التعبير عن قلقها ازاء الاقتحام الأمريكي للأراضي الإيرانية . . . وبالتالي فإن المحكمة تشعر بواجبها التحفظ على أن – أيا ما كان السبب – من طبيعة العملية التي اتخذت في ظل هذه الظروف المساس باحترام التسوية القضائية للعلاقات الدولية.”[50]
وهو الأمر الذي يجب الاحتراز منه في قضية حصانات المقار الدبلوماسية والقنصلية السعودية في طهران ومشهد، وتجنب أية ردود فعل تتعارض ومبدأ التسوية السلمية للمنازعات الدولية، خاصة في ظل الادعاء الإيراني بالاستهداف السعودي للسفارة الإيرانية في صنعاء، وهو إن صح من شأنه أن يقوض مبدأ التسوية السلمية، خاصة في ظل ما نراه من تداعي للعلاقات السعودية الإيرانية، يتم إثارة موضوع الاعتداءات على السفارة والقنصلية السعودية في إيران خلالها في مناسبات عدة.[51]
ومن مزايا اللجوء لمحكمة العدل الدولية الضغط على أطراف أي نزاع بعدم اتخاذ إجراءات من شأنها تفاقم النزاع. وفي القضية الإيرانية الأمريكية مما نصت عليه محكمة العدل الدولية في أمرها الصادر باتخاذ الاجراءات التحفظية في القضية المطروحة أمامها “يتعين على حكومتي الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الاسلامية الايرانية تجنب اتخاذ أي اجراء ويسهرون على عدم حدوث أي عمل من طبيعته أن يؤدي الى تفاقم الأزمة بين البلدين أو أن يؤدي الى تصعيب حل النزاع المعروض.”[52]
2- الحكم الصادر في 14 فبراير 2002 بشأن
مذكرة الاعتقال الصادرة في 11 أبريل 2000 (الكونغو ضد بلجيكا):
في 17 أكتوبر 2000 تقدمت جمهورية الكونغو بشكوى إلى قلم كتاب محكمة العدل الدولية بشأن، اصدار بلجيكا في 11 أبريل 2000 لمذكرة توقيف دولية بحق السيد / عبداللايي يروديا تدومباسي (وزير خارجية الكونغو)، وهو على رأس عمله، وتعميمها على صعيد دولي، الأمر الذي يشكل – من وجهة نظرها – مخالفة لمبدأ سيادة الدول على أقاليمها ومبدأ المساواة في السيادة بين الدول وكذلك الحصانة الدبلوماسية لوزير خارجية دولة ذات سيادة.[53]
وفي حكمها محل الذكر، أفادت المحكمة أنه “يجب التمييز بين القواعد التي تحكم ولاية المحاكم الوطنية والقواعد التي تحكم الحصانة من الاختصاص: فالاختصاص لا يعني ضمنا عدم وجود الحصانة، بينما عدم وجود الحصانة لا يعني ضمناً أنه يوجد اختصاص . . . وربما تمنع الحصانة من الاختصاص أي محاكمة لفترة محددة أو على جرائم محددة، لكنها لا تبرئ ساحة الشخص الذي تنطبق عليه من كل مسئولية جنائية.”[54] وينسحب الأمر حتى على حصانة المقرات، بحيث يمكن القول بأن المقرات الدبلوماسية تتمتع بذات الحصانات، ولا يمكن بحال من الأحوال خرقها والتعدي عليها، ولو تنفيذا لأحكام جنائية وطنية أو دولية تنفيذا على هذه المقرات، أو تنفيذا على أشخاص يتمتعون بهذا الحصانات ويتحصنون بها، ما لم تقرر الدول التي تتبعها هذه المقرات أو الأشخاص التنازل عن هذا الحصانة، بإرادتها وليس رغماً عنها. وما تم من اعتداءات على المقار الدبلوماسية والقنصلية السعودية ليس له أي من تلك المبررات التي حظرها أو لم يحظرها القانون.
ووفقا للمحكمة فإنه لا توجد – في التشريعات الوطنية والعدد القليل من القرارات التي اتخذتها محاكم وطنية عليا – أية استثناءات في القانون الدولي العرفي من قاعدة الحصانة الجنائية،[55] مما يشكل قاعدة عرفية جديدة في هذا الخصوص.[56]
وعززت المحكمة توجهها بإثارة الأساس القانوني الذي تقوم عليه فكرة الحصانة وهي التأثير في “تصريف – الدولة – لعلاقاتها الدولية،”[57] خاصة وأن المقار الدبلوماسية مخصصة لأداء مهام وخدمات للطاقم الدبلوماسي، لا يمكنه أن يمارسها بكفاءة دون استقلالية هذه المقار وعدم خضوعها لأي شكل من أشكال السيطرة من غير الدول التي تتبعها هذه المقار. ناهيك عما تقدمه هذه المقار من خدمات قنصلية لرعايا الدولة المرسلة والدولة المضيفة ورعايا دول ثالثة.
3– الحصانات والإجراءات الجنائية
(غينيا الاستوائية ضد فرنسا) المودعة 13 يونيو 2016:
في أحدث أوامرها، الزمت محكمة العدل الدولية الجمهورية الفرنسية بضرورة الاحترام الفوري للمباني التي تعد ضمن المقار الدبلوماسية لجمهورية غينيا الاستوائية، وذلك بناء على طلب عاجل من الأخيرة للمحكمة بضرورة معاملة المبنى (الكائن في 42 شارع فوش في باريس) على أنه ضمن المباني الدبلوماسية التابعة لبعثة لجمهورية غينيا الدبلوماسية في باريس، وكان ذلك على خلفية قيام المحققين الفرنسيين بتفتيش هذا المبنى ووضع اليد عليه ومصادرة عدد من السيارات الفارهة التي تعود للنائب الثاني لرئيس الجمهورية (السيد تيودورو نغيما أوبيانغ مانغي) وإثر اتهامه بفساد مالي.[58] وما أسندته جمهورية غينيا الاستوائية ضد الحكومة الفرنسية أنها أذنت لمحاكمها أن تأمر بحجز مبني في ملكية جمهورية غينيا الاستوائية يستخدم لأغراض البعثة الدبلوماسية في باريس.[59] وقانوناً فإن ما قامت به السلطات الفرنسية هو عمل مادي إيجابي يشكل انتهاكاً لقواعد الحصانة الدبلوماسية (القيام بعمل)، أما ما هو منسوب للسلطات الإيرانية – في حق المقار الدبلوماسية والقنصلية السعودية – هو امتناع عمل سلبي يشكل انتهاكاً لقواعد الحصانة الدبلوماسية (امتناع عن عمل) حيث امتنعت السلطات المحلية عن توفير الحماية اللازمة للمقار السعودية إثر حركة هيجان شعبية متوقعة، في أعقاب عمليات الإعدام المشار إليها في عاليه، مما يستوجب مسئولية الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ولا شك أن قلق المحكمة من احتمال وقوع خطر غير قابل للإصلاح – بين كل من جمهورية غينيا الاستوائية والجمهورية الفرنسية – كان سببا كفيلاً لإصدارها أمرها المستعجل بمنع السلطات الفرنسية من القيام بأي تفتيش أو تعد على هذا المقر،[60] مما يعتبر اجراءً احترازيا لعبت خبرة المحكمة دوراً مهماً في اعماله، للحيلولة دون تحقق المزيد من التصعيد والتوتر في العلاقات الدولية.
ومن خلال هذه السوابق القضائية، يتضح لنا بشكل لا لبس فيه أن قواعد الحصانات الدبلوماسية تتمتع بقدسية لا يجوز، بأي حال من الأحوال، التعدي عليها، سواء تعلقت الحصانات بالمقار أو الأشخاص محل الحماية، وأن المسئولية الدولية بشأن هذه الاعتداءات مدعاة لقيام المسئولية الدولية لا محالة، وبالتالي فإنه وقياسا على ما سلف من سوابق قضائية فإن الاعتداء الذي تم على المقار الدبلوماسية للمملكة العربية السعودية في كل من مشهد وطهران يشكل انتهاكاً قانونياً يستوجب مسئولية الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إلا أن قول محكمة العدل الدولية هو الفصل في مثل هذه المسائل، وعليه لا بد من البحث في مدى إمكانية تطبيق هذه السوابق على الاعتداءات الإيرانية على مبنى السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد.
الفصل الرابع:
تطبيق السوابق القضائية في شأن مسئولية الجمهورية الإسلامية الإيرانية
عن الاعتداء على المقرات الدبلوماسية والقنصلية السعودية في طهران:
ترتب على الاعتداء على المقار الدبلوماسية والقنصلية للمملكة العربية السعودية، في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حرق وتدمير المباني، ونهب وسلب الممتلكات والمستندات والوثائق الموجودة في هذه المباني، وإتلاف جزء كبير منها، والأهم من ذلك حرق علم اللمملكة العربية السعودية وتنكيسه من فوق هذه المباني، مما ترتب عليه قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ومغادرة البعثة الدبلوماسية والقنصلية لمقارها في كلا البلدين، ناهيك عن فض السرية والخصوصية التي تتسم بها الوثائق الدبلوماسية بموجب قواعد القانون الدولي التي سبق الإشارة إليها.
أولاً: ثبوت مسئولية الجمهورية الإسلامية الإيرانية في ضوء السوابق القضائية:
كما هو واضح وجلي، بأن الحصانات الممنوحة بحكم اتفاقية فيينا للمقار الدبلوماسية ونظيرتها للمقار القنصلية، إلى جانب الأعراف الراسخة والتي أرستها محكمة العدل الدولية بأحكامها وسوابقها القضائية التي سبق استعراضها، لا خلاف عليها، ولا يمكن المساس بها بأي حال من الأحوال، والتزام الدولة المضيفة بشأن المقار الدبلوماسية والقنصلية يندرج ضمن القواعد القانونية الآمرة والتي يترتب على مخالفتها والخروج عليها مسئولية دولية.[61]
إلا أن المسألة تثور بشأن الاختصاص القضائي لمحكمة العدل الدولية، والتي لا تملك، وفقا لنص المادة 36 (1) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية،[62] الحق في نظر أي نزاع ما لم تبادر الدول الأطراف أو تبدي موافقتها على فحص المحكمة لهذا النزاع، حتى وإن ترتبت أضرار مادية و/أو معنوية. وفي نزاع سالف، سبق الإشارة إليه، لجأت غينيا الاستوائية لمحكمة العدل الدولية عام 2016، واعتمدت في تعزيز اختصاص المحكمة في نظر النزاع على صكين تعتبر كلتا الدولتين (غينيا الاستوائية وفرنسا) طرفا فيهما، هما البروتوكول الاختياري لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية المتعلق بالتسوية الإلزامية للمنازعات المؤرخ في 18 أبريل 1961، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة عبر الوطنية المؤرخة في 15 نوفمبر 2000، وقد كانا كفيلان ببسط المحكمة لاختصاصها على هذا النزاع.
وفي هذا المقام، وعطفاً على انضمام الجمهورية الإسلامية الإيرانية للبروتوكول الاختياري الخاص بالتسوية الالزامية للمنازعات لعام 1961 والملحق باتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية،[63] ونظيره لعام 1963 الملحق باتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية،[64] فإنهما يعتبران بمثابة السند القانوني والموافقة الإيرانية المسبقة على حسم أي نزاعات تتعلق بالالتزامات الواردة في اتفاقيتي فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 والقنصلية لعام 1963 عن طريق محكمة العدل الدولية.[65] أما بالنسبة للمملكة العربية السعودية، وبما أنها ليست طرفاً في البروتوكولين الاختياريين المذكورين، فإنها ما زالت تستطيع، وفقاً لنص المادة السابعة من البروتوكولين الاختياريين الملحقين باتفاقيتي فيينا للعلاقات الدبلوماسية والقنصلية والخاصين بالتسوية الإلزامية للمنازعات والذي جاء نصهما “يظل هذا البروتوكول معروضاً لانضمام جميع الدول التي قد تصبح اطرافاً في الاتفاقية وتودع وثائق الانضمام لدى الامين العام للأمم المتحدة،”[66] أن تنضم للبروتوكول المذكور وتمنح الاختصاص للمحكمة بتقديم طلب فحص النزاع لقلم كتاب المحكمة والذي يعتبر حقاً من حقوقها كونها أحد أطراف اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية والبروتوكول الاختياري الخاص بالتسوية الإلزامية للمنازعات، خاصة في ظل نص المادة الأولى من البروتوكول الاختياري والتي تنص على أن “تدخل المنازعات المتعلقة بتفسير الاتفاقية أو تطبيقها في الولاية الالزامية لمحكمة العدل الدولية، ويجوز بناءً على ذلك رفعها الى المحكمة بصحيفة دعوى يقدمها أي طرف في النزاع يكون طرفاً في هذا البروتوكول،”[67] وهو ما يتحقق به موافقة الطرفين (الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية) على اختصاص محكمة العدل الدولية في فحص وتسوية النزاع بين الطرفين فيما يتعلق بالاعتداءات التي تمت على مقر السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد.
وبما أن الفعل المنسوب للجمهورية الإسلامية الإيرانية يدخل في صميم الالتزامات الواردة في هاتين الوثيقتين الملزمتين لأطرافهما، الأمر الذي يستحق معه مسائلة إيران عن مخالفاتها لالتزاماتها الدولية الاتفاقية والعرفية تجاه المملكة العربية السعودية.
ومن الجدير التنويه، إلى أن هناك فرق بين ثبوت المسئولية، وبين ثبوت اختصاص محكمة العدل الدولية، فثبوت الاختصاص لا يعني بالضرورة ثبوت المسئولية، التي تحتاج إلى حكم من المحكمة بثبوت المسئولية. ولا يعني ثبوت المسئولية ثبوت الاختصاص لمحكمة العدل الدولية، فقد تثبت المسئولية بحكم تحكيم، أو بجلسة مفاوضات أو وساطة أو مساع حميدة أو نتيجة لأعمال قامت بها لجنة تحقيق أو توفيق كما هو وارد في الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة.
ومن أهم مؤشرات ثبوت المسئولية في حق الجمهورية الإسلامية الإيرانية شروعها في محاكمة الأفراد الذين شاركوا في الاعتداءات التي تمت ضد المباني الدبلوماسية والقنصلية السعودية في طهران ومشهد. وبالتالي لا بد من اتخاذ إجراءات تسوية آثار المسئولية في مواجهة المملكة العربية السعودية، من وقف الاعتداء واعادة الحال إلى ما كانت عليه والتعويض والترضية.
ثانياً: نتائج ثبوت المسئولية في حق الجمهورية الإسلامية الإيرانية في ضوء السوابق القضائية:
من نتائج ثبوت المسئولية الدولية في حق الدول، إزالة كل آثار العمل غير المشروع، وإعادة الحال إلى ما كانت عليه، وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات بحيث تكون آثار المسئولية رادعة لمن ارتكبها وللغير. وفي ذلك الشأن قالت المحكمة الدائمة للعدل الدولي أن “المبدأ الأساسي في الفكرة الفعلية – فكرة الفعل غير الشرعي – وهذا مبدأ يبدو أنه راسخاً في الممارسات الدولية، وعلى وجه الخصوص في قرارات محاكم التحكيم، هو أن الجبر يجب، قدر الإمكان، أن يمحو كل آثار العمل غير الشرعي، وإعادة الحال إلى الوضع الذي كان مرجح أن يكون لو لم يتم هذا الاعتداء.”[68]
ومن المعهود به أن محكمة العدل الدولية متحفظة فيما تمليه من إجراءات لازمة لجبر الضرر. فعلى سبيل المثال، لم تقبل طلبات جمهورية الكونغو لجبر الضرر الذي تدعيه جراء اصدار بلجيكا لمذكرة التوقيف ضد وزير خارجيتها، واكتفت بالقول بأن “بلجيكا يجب أن تلغي المذكرة المعنية، بوسيلة من اختيارها هي، وأن تبلغ بذلك الإلغاء السلطات التي عممت عليها.”[69] بينما اتخذت مسلكاً آخر بإصدار أوامرها في قضية الرهائن الأمريكان المحتجزين في طهران، وفي قضية حصانات المقر الخاص بغينيا الاستوائية في باريس.
ولا يمكن الحديث عن إعادة الحال إلى ما كانت عليه، ما لم يتم وقف الاعتداء، ومن ذلك الوقف ما طالب به الأمر الصادر عن محكمة العدل الدولية عام 1979، ضد ايران، وطالبها بإطلاق سراح الرهائن من رعايا الولايات المتحدة ودبلوماسييها المحتجزين في ايران، كمثال حقيقي على ضرورة وقف الاعتداء قبل الخوض في جبر الضرر.
وفي المسئولية الدولية، أحياناً، تقوم الترضية مقام جبر الضرر، حيث أن الاعتذار العلني وأمام الملأ كفيل بنزع فتيل الأزمة، ومن ذلك الاعتذار الذي تقدم به حلف الناتو لجمهورية الصين الشعبية جراء قصف القوات الجوية لمبنى السفارة في بلغراد. ومن أوجه الترضية محاسبة الجناة، الذين كانوا سببا في الانتهاكات التي تمت ضد المقار الدبلوماسية أو القنصلية. ومن أسباب التصعيد في الأزمة السعودية الإيرانية أن طهران لم تقم بمعاقبة الجناة معاقبة تليق بحجم ومستوى الانتهاك الذي ينسب لهم والأضرار التي ألحقوها بالبعثتين السعوديتين الدبلوماسية والقنصلية.
ولا يمنع أحياناً، أن يكون جبر الضرر المادي قرين جبر الضرر المعنوي، وذلك بإعادة بناء السفارة المتضررة، أو تأثيثها، أو إعادة تجهيزها، بعلم وإشراف الدولة التي تتبعها المقرات الدبلوماسية أو القنصلية المتضررة. وربما يشمل ذلك إعادة الأجهزة والمستندات التي تم التحرز عليها. والمملكة العربية السعودية من الدول المقتدرة مادياً، وبالتالي لا يشكل التعويض المادي بالنسبة لها غاية، بقدر التركيز على عناصر الترضية.
الخاتمة
توتر العلاقات بين كل من المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية هو نتيجة طبيعة لعدم مبادرة أطراف النزاع بتسوية خلافاتهما، التي أهمها الاعتداء الذي تم على مبنى السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد، أوائل 2016، الأمر الذي فاقم التوتر، ووصل به حداً النزاع المسلح وشيك الوقوع.
وسائل التسوية السلمية لمثل هذه المنازعات، التي يكون هدفها المقار الدبلوماسية والقنصلية، عديدة، منها ما هو في إطار ثنائي وفي ضوء ما رسمه الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، ومنها ما هو في إطار جماعي كما رسمها البروتوكولين الاختياريين الملحقين باتفاقيتي فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، واتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963 والخاصين بالتسوية الإلزامية للمنازعات الدولية.
وعلى الرغم من أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي وحدها العضو في البروتوكولين المذكورين، إلا انهما وثيقتين غير مغلقتين، بل مفتوحتين، وبالتالي يمكن للمملكة العربية السعودية التقدم بطلب الانضمام لهما، لإلزام إيران بالقبول باختصاص محكمة العدل الدولية في هذا الخصوص، طالما لم تتمكن المملكة من اقناعها للقبول الاختياري باختصاص المحكمة.
وبمجرد انعقاد الاختصاص للمحكمة، يمكنها أن تصدر أوامرها، ان كانت لها حاجة وتوافرت شروط الأوامر المستعجلة، وإن كنا نرى أنه بمضي فترة من الزمن على هذا الاعتداء، فإن شروط اصدار الأوامر المستعجلة تكون منتفية.
أما بالنسبة لموضوع النزاع، فمتى انعقد الاختصاص وتحققت شروط المقبولية، لا يوجد ما يمنع المحكمة من مباشرة ولايتها على النزاع.
وما تصدره المحكمة من أحكام، عادة ما يتناول مسألة الاختصاص والمقبولية، خاصة إذا نازعت الجمهورية الإسلامية فيهما. أما بالنسبة للموضوع، فستبنى المحكمة حكمها من واقع السوابق التي سبق الإشارة إليها، والتي تقوم جميعها على قدسية حصانات المقار الدبلوماسية والقنصلية، وعدم وجود استثناءات على هذه الحصانة.
ومما لا شك فيه أن انتشار ثقافة اللجوء لمحكمة العدل الدولية لتسوية المنازعات في المنطقة، وبين دول ذات ثقل في المنطقة (ايران والسعودية) من شأنه أن يحد من التوترات المنتشرة في المنطقة وأطراف فيها هذه الدول، كما هو في لبنان واليمن وقطر.
محكمة العدل أبوابها مشرعة للأعضاء وغير الأعضاء، بهدف حل المنازعات بطرق سلمية وعدم انتشار المزيد من التوترات في المنطقة مما يؤثر في استقرار وطمأنينة شعوب المنطقة.
هذا والله الموفق
قائمة المراجع:
الكتب العربية:
خليل حسين، المنظمات العالمية: النظرية العامة – الأمم المتحدة – الأجهزة والوكالات والبرامج – عصبة الأمم، منشورات الحلبي الحقوقية، (لبنان، 2017).
درباش مفتاح عمر حمد، العلاقة بين محكمة العدل الدولية ومجلس الأمن في التسوية السلمية للمنازعات وحفظ السلم والأمن الدوليين: دراسة في إطار أحكام وقواعد القانون الدولي، رسالة مقدمة لكلية القانون بجامعة الخرطوم للحصول على درجة دكتوراه الفلسفة في القانون، 2015.
د. رشيد حمد العنزي، القانون الدولي العام: ودراسات خاصة عن موقف القانون الدولي من الاحتلال العراقي لدولة الكويت، الطبعة الرابعة، 2014.
الكتب الأجنبية:
Eileen Denza, Diplomatic Law: A Commentary on the Vienna Convention on Diplomatic Relations, 421 (Clarendon Press 1998) (1976).
الأبحاث:
DEXIN TIAN, U.S. and NATO Apologies for the Chinese Embassy Bombing: A Categorical Analysis, 1 Int’L J. Comm. 360 (2007).
Emilia Justyna Powel, Islamic Law States and The Authority of the International Court of Justice: Territorial Sovereignty and Diplomatic Immunity, 79 Law & Contemp. Prob. 209 (2016).
Jonathan Greenberg, Algerian Intervention in the Iranian Hostage Crisis, 20 Stan. J. Int’l L. 259 (1984).
Mark A. Summer, Diplomatic Immunity Ratione Personae: Did the International Court of Justice Create A New Customary Law Rules in Congo v. Belgium? 922 16 Mich. St. J. Int’l L. 459 (2007).
Veronica L. Maginnis, Limiting Diplomatic Immunity: Lessons Learned from The 1946 Convention on The Privileges and Immunities of the United Nations, 28 Brooklyn J. Int’l L. 989 (2003).
المواقع الإلكترونية:
بعد السعودية، البحرين والسودان يقطعان علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، 4 يناير 2016، <http://www.BBC.com>، (آخر زيارة 17 نوفمبر 2017).
Aljazeera, More countries back Saudi Arabia in Iran dispute Qatar recalls ambassador to Tehran as Jordan, Djibouti, and Turkey also express pro-Saudi positions, 6 Jan 2016, <http://www.aljazeera.com/news/2016/01/nations-saudi-arabia-row-iran-160106125405507.html>, (last visited 17 Nov. 2017).
القدس العربي، طهران تحذر الرياض من مغبة إعدام رجل الدين الشيعي (النمر)، حزب الله يدين الحكم… والحوثيون يتوعدون ومنظمة عراقية تهدّد: سنحرق وندمر كل ما له صلة بالمملكة، 17 أكتوبر 2014، <http://www.alquds.co.uk/?p=236142>، (اخر زيارة 17 نوفمبر 2017).
جي بي سي نيوز، السعودية تحمل طهران مسؤولية حماية سفارتها وقنصليتها . . وتضامن أردني واماراتي وكويتي، 3 يناير 2016، <http://www.jbcnews.net>، (آخر زيارة 17 نوفمبر 2017).
العربية نيوز، تدين الاعتداء على سفارة السعودية بإيران، الجامعة العربية والبرلمان العربي يدعمان السعودية في جهودها لمكافحة الإرهاب، 3 يناير 2016، <http://www.alarabiya.net>، (الزيارة الأخيرة 18 نوفمبر 2017).
وكالة الأناضول، الجزيرة، التعاون الإسلامي تدين استهداف سفارة السعودية بإيران، 21 يناير 2016، <http://www.aljazeera.net>، (اخر زيارة 18 نوفمبر 2017).
واس، مجلس التعاون يدين الاعتداء على سفارة المملكة في طهران، 4 يناير 2016، جريدة الرياض الإلكترونية، <http://www.alriyadh.com/1116015>، (اخر زيارة 18 نوفمبر 2017).
The Week, Tehran accuses Saudis of bombing its embassy in Yemen, Jan. 7, 2016, <http://www.theweek.co.uk>, (last visit Nov. 17, 2017).
CNBC NEWS, US Air Force official: Missile targeting Saudis was Iranian, 10 Nov 2017, <https://www.cnbc.com/2017/11/10/us-air-force-official-missile-targeting-saudis-was-iranian.html>, (last visited Nov. 19, 2017).
Robert F. Worth & Rick Gladstone, Iranian Protesters Attack British Embassy, N.Y. Times, Nov. 29, 2011,
<http://www.nytimes.com/2011/11/30/world/middleeast/tehran-protesters-storm-british-embassy.html?_r=0>, (last visited Nov. 14, 2017).
Iran Protesters Attack UK Embassy in Tehran-Tuesday 29 November, Guardian, <http://www.theguardian.com/world/blog/2011/nov/29/iran-protesters-attack-uk-embassy-tehran-live#block-19>, (last visited Nov. 5, 2017).
المواثيق الدولية:
النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، 1945.
الجمعية العامة الوثائق الرسمية الدورة الحادية والسبعون، الملحق رقم 4، A/71/4، تقرير محكمة العدل الدولية، 31 يوليه -1 أغسطس 2016، الأمم المتحدة 2016، نيويورك.
Security Council Press Statement on Attacks on Saudi Diplomatic Premises in Iran, Security Council Press Release, SC/12190, 4 January 2016.
اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، 18 أبريل 1961، مادة 22. وقد صدقت عليها الجمهورية الإسلامية الإيرانية في 3 فبراير 1965، بينما صدقت عليها المملكة العربية السعودية بتاريخ 10 فبراير 1981.
اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية، 24 أبريل 1963، مادة 31. وقد صدقت عليها الجمهورية الإسلامية الإيرانية في 5 يونيو 1975، بينما صدقت عليها المملكة العربية السعودية بتاريخ 29 يونيو 1988.
قرار مجلس الأمن الدولي رقم 457/1979، الصادر بتاريخ 4 ديسمبر 1979.
The Optional Protocol to the Vienna Convention on Diplomatic Relations of 1961 concerning the Compulsory Settlement of Disputes, U.N.T.S. vol. 500.
The Optional Protocol to the Vienna Convention on Consular Relations of 1963 concerning the Compulsory Settlement of Disputes, U.N.T.S. vol. 596.
أحكام محكمة العدل الدولية:
I.C.J., Reports of Judgments, Advisory Opinions and Orders, Case Concerning United States Diplomatic and Consular Staff in Tehran (U.S. v. Iran), Request for the Indication of Provisional Measures Order of 15 December 1979.
United States Diplomatic and Consular Staff in Tehran, (United States v. Iran), Judgment, I.C.J. Reports 1980.
Case Concerning Maritime Delimitation and Territorial Questions Between Qatar and Bahrain (Qatar v. Bahrain) (Jurisdiction and Admissibility), Judgment of 1 July 1994.
مذكرة الاعتقال الصادرة في 11 أبريل 2000، (جمهورية الكونغو الديمقراطية ضد بلجيكا)، الحكم في موضوع القضية، الصادر في 14 فبراير 2002.
الأمر المستعجل لمحكمة العدل الدولية بشأن الحصانة والإجراءات الجنائية، 7 ديسمبر 2016، (غينيا الاستوائية ضد فرنسا).
أخرى:
بيان وزارة الداخلية السعودية، السبت 2 يناير 2016.
جريدة الاتحاد الإماراتية، «الدول الأربع» ترد على مهاترات المريخي أمام المجلس الوزاري العربي، 13 سبتمبر 2017.
BEN HUBBARD, Iranian Protesters Ransack Saudi Embassy After Execution of Shiite Cleric, THE NEW YORK TIMES, JAN. 2, 2016.
[1] بيان وزارة الداخلية السعودية، السبت 2 يناير 2016، وفيما يلي نص بيان الوزارة:
الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه المبين: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُون اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْن فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفوْا مِن الأَرْضِ ذلِكَ لهُمْ خَزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ)، وقال جل وعلا في تعظيم حرمة الدماء: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًاً بِغيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَّنمَا قتَلَ النَّاسَ جَميِعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَّنمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًاً) الآية، وتوعّد سبحانه بأشد العذاب كل من تجرأ على قتل مؤمن متعمداً، حيث قال تعالى: (وَمَن يَقتُل مُؤمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَاِلداً فِيَها وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً)، كما قال النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم في تعظيم دم المسلم: “لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجلٍ مسلم” رواه النسائي والترمذي وابن ماجه والبيهقي، وصححه الألباني، وقال عليه الصلاة والسلام: “إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا” أخرجه مسلم. وشملت الشريعة الإسلامية بعدلها وكمال أحكامها تحريم قتل الأنفس المعصومة من المستأمنين، وتحريم الغدر بهم، فجاءت النصوص المتتابعة بالتأكيد على ذلك، ومنها قوله تعالى (وَأَوفُواْ بِالعَهدِ إِنَّ العَهدَ كَانَ مَسؤُولاً)، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً “اجتنبوا السبع الموبقات… وعدّ منها: قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق”، وقوله صلى الله عليه وسلم “من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً” رواه البخاري، وقال صلى الله عليه وسلم: “إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة فيقال: هذه غدرة فلان بن فلان” متفق عليه، وعلى ذلك أجمع أئمة المسلمين، كما حرصت الشريعة على اجتماع كلمة الأمة، ونبذ أسباب الفرقة، وما يؤول إلى اختلال الأمن، ونشوء النزاعات، واستباحة بيضة المسلمين، وإزهاق الأنفس، وإضاعة الحقوق وتعريض مصالح الوطن لأعظم الأخطار، بمثل قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم في صحيحه: “من أتاكم وأمركم جميعاً على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم ويفرق جماعتكم فاقتلوه”، وقوله عليه الصلاة والسلام: “إنه ستكون هنَات وهنَات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان”، وفي ذلك تحذير لدعاة الفتنة والفرقة، وتحذير لمن سار في ركابهم من التمادي في الغي المُعرِض لعذاب الدنيا والآخرة، ومع ما ورد بهذه النصوص من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة من تشديد ونهي ووعيد يحفظ به نظام الأمة، لتكون قوية مرهوبة الجانب، مستتبة الأمن، مستقيمة الأحوال، إلا أن فئات مجرمة ضلت طريق الحق، واستبدلت به الأهواء، واتبعت خطوات الشيطان، أقدمت بأفعالها الإرهابية المختلفة على استباحة الدماء المعصومة، وانتهاك الحرمات المعلومة من الدين بالضرورة، مستهدفة زعزعة الأمن، وزرع الفتن والقلاقل، والتقول في دين الله بالجهل والهوى، وكان من ذلك ما أقدم عليه المعتدون التالية أسماؤهم . . . حيث ارتكب المذكورون الجرائم التالية:
أولاً: اعتناق المنهج التكفيري المشتمل على عقائد الخوارج المخالف للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة، ونشره بأساليب مضللة، والترويج له بوسائل متنوعة، والانتماء لتنظيمات إرهابية، وتنفيذ مخططاتهم الإجرامية من خلال: تفجير “مجمع الحمراء السكني”، وتفجير “مجمع فينيل السكني”، وتفجير “مجمع أشبيلية السكني” شرقي مدينة الرياض بتاريخ 11/3/1424هـ، واقتحام مجمع “الشركة العربية للاستثمارات البترولية (أي بي كورب)”، و”شركة (بتروليوم سنتر)”، و”مجمع الواحة السكني” بمحافظة الخبر بالمنطقة الشرقية بتاريخ 11/4/1425هـ باستخدام القنابل اليدوية والأسلحة النارية المختلفة، وقتل وإصابة العديد من المواطنين ورجال الأمن، والعديد من المقيمين، والتمثيل بجثثهم، والشروع في استهداف عدد من المجمعات السكنية في أنحاء المملكة بالتفجير، وفي تسميم المياه العامة، وخطف عدد من المقيمين بهدف قتلهم والتمثيل بجثثهم، وتصنيع المتفجرات وتهريبها إلى المملكة، وحيازة أسلحة وقنابل مصنعة محلياً ومستوردة، وحيازة مواد متفجرة ذات قدرة تدميرية عالية وشديدة، وحيازة قذائف وصواريخ متنوعة. ثانياً: استهداف مقارّ الأجهزة الأمنية والعسكرية من خلال: تفجير “مبنى الإدارة العامة للمرور” بمدينة الرياض بتاريخ 2 / 3 / 1425هـ، والتفجيرين اللذين استهدفا مقر “وزارة الداخلية” ومقر “قوات الطوارئ” بتاريخ 17 / 11 / 1425هـ، ما أدى إلى استشهاد عدد من رجال الأمن والمواطنين، والشروع في استهداف “قاعدة الملك خالد الجوية” بمحافظة خميس مشيط، والشروع في استهداف “قاعدة الأمير سلطان الجوية” بمحافظة الخرج، والشروع في استهداف “المطار المدني” بمحافظة عرعر، والشروع في العديد من عمليات الخطف والقتل لرجال الأمن، والتحريض على مواجهة رجال الأمن بالسلاح، وإطلاق النار، وإلقاء قنابل المولوتوف عليهم أثناء تأديتهم لواجباتهم في حفظ أمن المجتمع، وحماية مصالحه، مع دعم وتشجيع أعمال التخريب المسلّح في الطرقات والأماكن العامة. ثالثاً: سعيهم لضرب الاقتصاد الوطني، والإضرار بمكانة المملكة وعلاقاتها ومصالحها مع الدول الشقيقة والصديقة من خلال: اقتحام “القنصلية الأميركية” في محافظة جدة بتاريخ 24 / 10 / 1425هـ، ما أدى إلى استشهاد أربعة من رجال الأمن. واستهداف “مصفاة بقيق” بمحافظة بقيق بتاريخ 25 / 1 / 1427هـ، ونجم عنه استشهاد رجلي أمن، والشروع في استهداف عدد من السفارات والقنصليات الأجنبية، والشروع في تفجير “شركة أرامكو السعودية” وعدد من المنشآت النفطية، وتنفيذ عدد من عمليات السطو المسلّح على مصارف ومحال تجارية، وجرائم نصب واحتيال، نتج عنها: جمع أموال بمبالغ ضخمة وتوظيفها داخليّاً وخارجياً لغسلها، ولتمويل الإرهاب والعمليات الإرهابية، والدعوة لإشاعة الفوضى والتحريض على أعمال العنف والتخريب، وإثارة الفتنة وإذكائها، وإيغال الصدور بالكذب والبهتان، والتلبيس على الناس، وتشجيع الأعمال الإرهابية في دولةٍ شقيقة، وتأييدها علناً، والتحريض عليها مع إثارة الشغب والفوضى، والإخلال بالنظام العام.
وقد أسفر التحقيق مع الجناة المذكورين عن توجيه الاتهام لهم بارتكابهم لتلك الجرائم، وإدانتهم بالمسؤولية عنها، وصدرت بحقهم صكوك شرعية من القضاء تتضمن ثبوت ما نسب إليهم شرعاً، والحكم عليهم بما هو آتٍ:
1 ـ إقامة حد الحرابة بقتل كل من . . . 2 ـ القتل تعزيراً لبقية المتهمين.
وصدقت الأحكام من محكمة الاستئناف المختصة ومن المحكمة العليا، وصدر أمر ملكي بإنفاذ ما تقرر شرعاً، وصدق من مرجعه بحق الجناة المذكورين، وقد نفذ ما تقرر شرعاً بحقهم هذا اليوم السبت الموافق 22 / 3 / 1437هـ في الرياض، مكة المكرمة، المدينة المنورة، الشرقية، القصيم، حائل، الحدود الشمالية، عسير، الجوف، نجران، الباحة، تبوك. . .
[2] BEN HUBBARD, Iranian Protesters Ransack Saudi Embassy After Execution of Shiite Cleric,
THE NEW YORK TIMES, JAN. 2, 2016.
[3] Security Council Press Statement on Attacks on Saudi Diplomatic Premises in Iran, Security Council Press Release, SC/12190, 4 January 2016.
[4] بعد السعودية، البحرين والسودان يقطعان علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، 4 يناير 2016، <http://www.BBC.com>، (آخر زيارة 17 نوفمبر 2017).
Aljazeera, More countries back Saudi Arabia in Iran dispute Qatar recalls ambassador to Tehran as Jordan, Djibouti, and Turkey also express pro-Saudi positions, 6 Jan 2016, <http://www.aljazeera.com/news/2016/01/nations-saudi-arabia-row-iran-160106125405507.html>, (last visited 17 Nov. 2017).
[5] بيان وزارة الداخلية السعودية، مرجع سابق.
[6] بيان وزارة الداخلية السعودية، مرجع سابق.
[7] القدس العربي، طهران تحذر الرياض من مغبة إعدام رجل الدين الشيعي (النمر)، حزب الله يدين الحكم… والحوثيون يتوعدون ومنظمة عراقية تهدّد: سنحرق وندمر كل ما له صلة بالمملكة، 17 أكتوبر 2014،
<http://www.alquds.co.uk/?p=236142>، (اخر زيارة 17 نوفمبر 2017).
[8] “حملت الرياض الاحد، الحكومة الإيرانية المسؤولية الكاملة حيال حماية سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد. كما حملت الرياض طهران مسؤولية امن وحماية كافة منسوبيها من أي أعمال عدوانية بموجب الاتفاقيات والقوانين الدولية. جاء ذلك عقب ان هاجم ايرانيون مساء السبت السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد، وأشعلوا النيران بهما.” جي بي سي نيوز، السعودية تحمل طهران مسؤولية حماية سفارتها وقنصليتها .. وتضامن أردني واماراتي وكويتي، 3 يناير 2016، <http://www.jbcnews.net>، (آخر زيارة 17 نوفمبر 2017).
[9] BEN HUBBARD, supra note (2).
[10] Security Council Press Release, supra note (3).
[11] العربية نيوز، تدين الاعتداء على سفارة السعودية بإيران، الجامعة العربية والبرلمان العربي يدعمان السعودية في جهودها لمكافحة الإرهاب، 3 يناير 2016، <http://www.alarabiya.net>، (الزيارة الأخيرة 18 نوفمبر 2017).
[12] وكالة الأناضول، الجزيرة، التعاون الإسلامي تدين استهداف سفارة السعودية بإيران، 21 يناير 2016،
<http://www.aljazeera.net>، (اخر زيارة 18 نوفمبر 2017).
[13] واس، مجلس التعاون يدين الاعتداء على سفارة المملكة في طهران، 4 يناير 2016، جريدة الرياض الإلكترونية، <http://www.alriyadh.com/1116015>، (اخر زيارة 18 نوفمبر 2017).
[14] القضية المتعلقة بالرهائن الأمريكيين المحتجزين في سفارة بلدهم في الجمهورية الاسلامية الإيرانية: أمرها المتعلق بالتأشير ببعض الاجراءات التحفظية لصالح الولايات المتحدة، 15 ديسمبر 1979، الفقرة 40.
[15] The Week, Tehran accuses Saudis of bombing its embassy in Yemen, Jan. 7, 2016, <http://www.theweek.co.uk>, (last visit Nov. 17, 2017).
[16] CNBC NEWS, US Air Force official: Missile targeting Saudis was Iranian, 10 Nov 2017, <https://www.cnbc.com/2017/11/10/us-air-force-official-missile-targeting-saudis-was-iranian.html>, (last visited Nov. 19, 2017).
[17] اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، 18 أبريل 1961، مادة 22. وقد صدقت عليها الجمهورية الإسلامية الإيرانية في 3 فبراير 1965، بينما صدقت عليها المملكة العربية السعودية بتاريخ 10 فبراير 1981.
[18] اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية، 24 أبريل 1963، مادة 31. وقد صدقت عليها الجمهورية الإسلامية الإيرانية في 5 يونيو 1975، بينما صدقت عليها المملكة العربية السعودية بتاريخ 29 يونيو 1988.
[19]Emilia Justyna Powel, Islamic Law States and The Authority of The International Court Of Justice: Territorial Sovereignty and Diplomatic Immunity, 79 Law & Contemp. Prob. 209, 233 (2016).
[20] The Court is not the most efficient way of addressing breaches of the Vienna Convention because most issues that arise must be resolved more expeditiously, usually at the Ministry of Foreign Affairs. Eileen Denza, Diplomatic Law: A Commentary on the Vienna Convention on Diplomatic Relations, 421 (Clarendon Press 1998) (1976).
[21] Iran finally released the hostages in January 1981, but the release was not prompted by the ICJ’s judgment. Rather, it was prompted by the Algiers Accords – a 1981 amicable resolution steered by Algeria. Jonathan Greenberg, Algerian Intervention in the Iranian Hostage Crisis, 20 Stan. J. Int’l L. 259 (1984).
[22] DEXIN TIAN, U.S. and NATO Apologies for the Chinese Embassy Bombing: A Categorical Analysis, 1 Int’L J. Comm. 360-376, (2007).
[23]Veronica L. Maginnis, LIMITING DIPLOMATIC IMMUNITY: LESSONS LEARNED FROM THE 1946 CONVENTION ON THE PRIVILEGES AND IMMUNITIES OF THE UNITED NATIONS, 28 Brooklyn J. Int’l L. 989, 1021 (2003).
[24] Judge Waldock said: “The principle of the inviolability of the persons of diplomatic agents and the premises of diplomatic missions is one of the very foundations of this long-established regime, to the evolution of which the traditions of Islam made a substantial contribution.” United States Diplomatic and Consular Staff in Tehran, Judgment, (United States v. Iran), Judgment, I.C.J. Reports 1980, P 86.
[25] تنص المادة 36 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية على أن “1. تشمل ولاية المحكمة جميع القضايا التي يعرضها عليها المتقاضون، كما تشمل جميع المسائل المنصوص عليها بصفة خاصة في ميثاق “الأمم المتحدة” أو في المعاهدات والاتفاقات المعمول بها. 2. للدول التي هي أطراف في هذا النظام الأساسي أن تصرح، في أي وقت، بأنها بذات تصريحها هذا وبدون حاجة إلى اتفاق خاص، تقر للمحكمة بولايتها الجبرية في نظر جميع المنازعات القانونية التي تقوم بينها وبين دولة تقبل الالتزام نفسه، متى كانت هذه المنازعات القانونية تتعلق بالمسائل الآتية: (أ) تفسير معاهدة من المعاهدات، (ب) أية مسألة من مسائل القانون الدولي، (ج) تحقيق واقعة من الوقائع التي إذا ثبتت كانت خرقا لالتزام دولي، (د) نوع التعويض المترتب على خرق التزام دولة ومدى هذا التعويض. 3. يجوز أن تصدر التصريحات المشار إليها آنفا دون قيد ولا شرط أو أن تعلق على شرط التبادل من جانب عدة دول أو دول معينة بذاتها أو أن تقيد بمدة معينة. 4. تودع هذه التصريحات لدى الأمين العام “للأمم المتحدة” وعليه أن يرسل صورا منها إلى الدول التي هي أطراف في هذا النظام الأساسي وإلى مسجل المحكمة. 5. التصريحات الصادرة بمقتضى حكم المادة 36 من النظام الأساسي للمحكمة الدائمة للعدل الدولي، المعمول بها حتى الآن، تعتبر، فيما بين الدول أطراف هذا النظام الأساسي، بمثابة قبول للولاية الجبرية لمحكمة العدل الدولية. وذلك في الفترة الباقية من مدة سريان هذه التصريحات ووفقا للشروط الواردة فيها. 6. في حالة قيام نزاع في شأن ولاية المحكمة تفصل المحكمة في هذا النزاع بقرار منها.” كما تنص المادة 37 من ذات النظام على أنه “كلما نصت معاهدة أو اتفاق معمول به على إحالة مسألة إلى محكمة تنشئها جمعية الأمم أو إلى المحكمة الدائمة للعدل الدولي تعين، فيما بين الدول التي هي أطراف في هذا النظام الأساسي، إحالتها إلى محكمة العدل الدولية.”
[26] تنص المادة 36 (1) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية على أن “تشمل ولاية المحكمة جميع القضايا التي يعرضها عليها المتقاضون…”
[27] CASE CONCERNING MARITIME DELIMITATION AND TERRITORIAL QUESTIONS BETWEEN QATAR AND BAHRAIN (QATAR v. BAHRAIN) (JURISDICTION AND ADMISSIBILITY), Judgment of 1 July 1994, Para. 23.
[28] خليل حسين، المنظمات العالمية: النظرية العامة – الأمم المتحدة – الأجهزة والوكالات والبرامج – عصبة الأمم، منشورات الحلبي الحقوقية، (لبنان، 2017) ص 473.
[29] محكمة العدل الدولية تملك الاختصاص في نظر المسائل المتعلقة بالحصانات الدبلوماسية استناداً لنص المادة الأولى من البروتوكول الاختياري المتعلق بالتسوية الإلزامية للمنازعات الملحق باتفاقية البعثات الخاصة التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 ديسمبر 1969، “تدخل المنازعات المتعلقة بتفسير الاتفاقية أو تطبيقها في الولاية الإلزامية لمحكمة العدل الدولية، ويجوز بناء على ذلك رفعها إلى المحكمة بصحيفة دعوى يقدمها أي طرف في النزاع يكون طرفاً في هذا البروتوكول.” المادة الأولى من البروتوكول الاختياري المتعلق بالتسوية الإلزامية للمنازعات الملحق باتفاقية البعثات الخاصة التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 ديسمبر 1969.
[30] د. رشيد حمد العنزي، القانون الدولي العام: ودراسات خاصة عن موقف القانون الدولي من الاحتلال العراقي لدولة الكويت، الطبعة الرابعة، 2014، ص ص 528-530.
[31] See Robert F. Worth & Rick Gladstone, Iranian Protesters Attack British Embassy, N.Y. Times, Nov. 29, 2011, <http://www.nytimes.com/2011/11/30/world/middleeast/tehran-protesters-storm-british-embassy.html?_r=0>, (last visited Nov. 14, 2017).
[32] Iran Protesters Attack UK Embassy in Tehran-Tuesday 29 November, Guardian, <http://www.theguardian.com/world/blog/2011/nov/29/iran-protesters-attack-uk-embassy-tehran-live#block-19>, (last visited Nov. 5, 2017).
[33] (QATAR v. BAHRAIN) Jurisdiction and Admissibility, supra note (27), at 114, Para. (4).
[34] (United States v. Iran), Judgment, supra note (24), p. 3.
[35] the Court pointed out in its Order of 15 December 1979, “a dispute which concerns diplomatic and consular premises and the detention of internationally protected persons, and involves the interpretation or application of multilateral conventions codifying the international law governing diplomatic and consular relations, is one which by its very nature falls within international jurisdiction” (I. C.J. Reports 1979, p. 16, para. 25).
[36] (United States v. Iran), supra note (24), para. 36.
[37] Judgment of 24 May 1980, Procedure(s): Questions of jurisdiction and/or admissibility (U.S. v. Iran).
[38] مثل الحكم الصادر بشأن مذكرة الاعتقال الصادرة في 11 أبريل 2000، (جمهورية الكونغو الديمقراطية ضد بلجيكا)، الحكم في موضوع القضية، الصادر في 14 فبراير 2002، الفقرات 1-12، فيما يلي (مذكرة الاعتقال).
[39] تنص المادة 36 (5) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية على أن “التصريحات الصادرة بمقتضى حكم المادة 36 من النظام الأساسي للمحكمة الدائمة للعدل الدولي، المعمول بها حتى الآن، تعتبر، فيما بين الدول أطراف هذا النظام الأساسي، بمثابة قبول للولاية الجبرية لمحكمة العدل الدولية. وذلك في الفترة الباقية من مدة سريان هذه التصريحات ووفقا للشروط الواردة فيها.“
[40] تنص المادة 92 من ميثاق الأمم المتحدة على أن “محكمة العدل الدولية هي الأداة القضائية الرئيسية “للأمم المتحدة”، وتقوم بعملها وفق نظامها الأساسي الملحق بهذا الميثاق وهو مبني على النظام الأساسي للمحكمة الدائمة للعدل الدولي وجزء لا يتجزأ من الميثاق.” أنظر كذلك د. رشيد حمد العنزي، مرجع سابق، هامش (30)، ص ص 520-521.
[41] (U.S.A. v. Iran), supra note (24), Para. 17-23.
[42] قرار مجلس الأمن الدولي رقم 457/1979، الصادر بتاريخ 4 ديسمبر 1979.
[43] ﺧﻼل ﺗﺘﺒﻌﻨﺎ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘﻲ ﻋﺮﺿﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﺪل اﻟﺪوﻟﻴﺔ، ﻧﺠﺪ أﻧﻪ ﺗﻢ ﻋﺮض ﺑﻌﺾ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﻨﺰاع ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻠﺲ اﻷﻣﻦ ﻓﻲ ذات اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي آﺎﻧﺖ ﻓﻴﻪ ﻣﻌﺮوﺿﺔ أﻣﺎم اﻟﻤﺤﻜﻤﺔ، ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻤﺎرس كل ﺟﻬﺎز اﺧﺘﺼﺎﺻﻪ ﺑﻤﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺻﻼﺣﻴﺎت وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻤﻴﺜﺎق، وﺑﺎﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ ﻗﻀﺎء ﻣﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﺪل اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻧﺠﺪﻩ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘﻲ ﻃﺮﺣﺖ ﻓﻲ ذات اﻟﻮﻗﺖ أﻣﺎم اﻟﻤﺤﻜﻤﺔ واﻟﻤﺠﻠﺲ، نذكر ﻣﻨﻬﺎ ﻗﻀﻴﺔ ﺷﺮكة اﻟﺒﺘﺮول اﻷﻧﺠﻠﻮ-اﻳﺮاﻧﻴﺔ وﻗﻀﻴﺔ ﻣﻀﻴﻖ ﻗﻨﺎة كورﻓﻮ، وﻗﻀﻴﺔ ﺑﺤﺮ إﻳﺠﺔ، وﻗﻀﻴﺔ أﻋﻀﺎء اﻟﺴﻠﻚ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ واﻟﻘﻨﺼﻠﻲ الأمريكي ﻓﻲ ﻃﻬﺮان، وﻗﻀﻴﺔ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ وﺷﺒﻪ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺿﺪ ﻧﻴﻜﺎراﺟﻮا. درﺑﺎش ﻣﻔﺘﺎح ﻋﻤﺮ ﺣﻤﺪ، العلاقة ﺑﻴﻦ ﻣﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﺪل اﻟﺪوﻟﻴﺔ وﻣﺠﻠﺲ اﻷﻣﻦ ﻓﻲ اﻟﺘﺴﻮﻳﺔ اﻟﺴﻠﻤﻴﺔ ﻟﻠﻤﻨﺎزﻋﺎت وﺣﻔﻆ اﻟﺴﻠﻢ واﻷﻣﻦ اﻟﺪوﻟﻴﻴﻦ: ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﻭﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ، رﺳﺎﻟﺔ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻟﻜﻠﻴﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﺨﺮﻃﻮم ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ درﺟﺔ دكتوراﻩ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧﻮن، ص 239.
[44] (الولايات المتحدة ضد ايران)، مرجع سابق، فقرة 45.
[45] The Optional Protocol to the Vienna Convention on Diplomatic Relations of 1961 concerning the Compulsory Settlement of Disputes, U.N.T.S. vol. 500, p. 241; The Optional Protocol to the Vienna Convention on Consular Relations of 1963 concerning the Compulsory Settlement of Disputes, , U.N.T.S. vol. 596, p. 487.
[46] (الولايات المتحدة ضد ايران)، مرجع سابق، فقرة 24.
[47] (الولايات المتحدة ضد ايران)، مرجع سابق، فقرة 25.
[48] (الولايات المتحدة ضد ايران)، مرجع سابق، فقرة 26.
[49] (الولايات المتحدة ضد ايران)، مرجع سابق، فقرة 31.
[50] (الولايات المتحدة ضد ايران)، مرجع سابق، فقرة 93.
[51] التراشق الكلامي بين ممثل قطر وممثل المملكة العربية السعودية خلال الدورة 148 لمجلس جامعة الدول العربية، أثار ممثل المملكة الاعتداءات الإيرانية على المقار الدبلوماسية والقنصلية السعودية. جريدة الإتحاد، «الدول الأربع» ترد على مهاترات المريخي أمام المجلس الوزاري العربي، 13 سبتمبر 2017.
[52] “The Government of the United States of America and the Government of the Islamic Republic of Iran should not take any action and should ensure that no action is taken which may aggravate the tension between the two countries or render the existing dispute more difficult of solution.” I.C.J., Reports of Judgments, Advisory Opinions and Orders, Case Concerning United States Diplomatic and Consular Staff in Tehran (U.S. v. Iran), Request for the Indication of Provisional Measures Order of 15 December 1979.
[53] مذكرة الاعتقال، مرجع سابق، هامش (38)، الفقرات 1-12.
[54] مذكرة الاعتقال، مرجع سابق، هامش (38)، الفقرات 62-71.
[55] مذكرة الاعتقال، مرجع سابق، هامش (38).
[56] Mark A. Summer, ARTICLE: DIPLOMATIC IMMUNITY RATIONE PERSONAE: DID THE INTERNATIONAL COURT OF JUSTICE CREATE A NEW CUSTOMARY LAW RULE IN CONGO V. BELGIUM?, 922 16 Mich. St. J. Int’l L. 459 (2007).
[57] مذكرة الاعتقال، مرجع سابق، هامش (38).
[58] الجمعية العامة الوثائق الرسمية الدورة الحادية والسبعون، الملحق رقم 4، A/71/4، تقرير محكمة العدل الدولية، 31 يوليه -1 أغسطس 2016، الأمم المتحدة 2016، نيويورك، فقرات 263-266.
[59] الأمر المستعجل لمحكمة العدل الدولية بشأن الحصانة والإجراءات الجنائية، 7 ديسمبر 2016، (غينيا الاستوائية ضد فرنسا)، فقرة 267 (1)، فيما يلي (غينيا الاستوائية ضد فرنسا).
[60] (غينيا الاستوائية ضد فرنسا)، المرجع السابق.
[61] [T]here is no more fundamental prerequisite for the conduct of relations between States than the inviolability of diplomatic envoys and embassies, so that throughout history nations of all creeds and cultures have observed reciprocal obligations for that purpose; and … the obligations thus assumed, notably those for assuring the personal safety of diplomats and their freedom from prosecution, are essential, unqualified and inherent in their representative character and their diplomatic function. United States Diplomatic and Consular Staff in Tehran (U.S. v. Iran), 1979 I.C.J. 7, 19 (Dec. 15).
[62] تنص المادة 36 (1) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية على أن “تشمل ولاية المحكمة جميع القضايا التي يعرضها عليها المتقاضون، كما تشمل جميع المسائل المنصوص عليها بصفة خاصة في ميثاق “الأمم المتحدة” أو في المعاهدات والاتفاقات المعمول بها.“
[63] Optional Protocol to the Vienna Convention on Diplomatic Relations, supra not (45).
[64] Optional Protocol to the Vienna Convention on Consular Relations, supra note (45).
[65] وقعت الجمهورية الإسلامية الإيرانية على البروتوكول منذ 27 مايو 1961، وصدقت عليه بتاريخ 3 فبراير 1965، UNTS.
[66] Optional Protocol for Diplomatic Relations, supra note (45), art. 7; Optional Protocol for Consular Relations, supra note (45), art. 7
[67] Optional Protocol for Diplomatic Relations, supra note (45), art. 1; Optional Protocol for Consular Relations, supra note (45), art. 1.
[68] المحكمة الدائمة للعدل الدولي، المجموعة ألف، العدد 17، ص 47.
[69] مذكرة الاعتقال، مرجع سابق، هامش (38)، 72-77.