المسؤولية الدولية الناجمة عن الهجوم على حياة الأسرى الكويتيين وغيرهم

المسؤولية الدولية الناجمة عن الهجوم على حياة الأسرى الكويتيين وغيرهم

كانت العصور القديمة تعتبر الأسرى ملكاً من أملاك الدولة الآسرة، يمنحها الحق بالتصرف به كيفما تشاء، بما في ذلك قتل الأسير. إلا أن هذا الاعتقاد قد عفى عليه الزمن، وألغته التشريعات القانونية والشريعة الإسلامية، فأصبح الأسير أمانة ومسئولية تلتزم الدولة الآسرة بالمحافظة على حياته وصحته لحين تسليمه لدولته التي يتبعها. وقد دفع المركز القانوني المميز الذي يتمتع به الأسرى أن يحاول الكثير من الأفراد التمتع بهذا الوصف وما يترتب على ذلك من حسن معاملة. إلا أن النظم الدموية التي عرفتها البشرية لم تكترث بقوانين الحروب وأعرافها والتطورات القانونية التي لحقت حماية أسرى الحروب، ولم تتوانى عن قتل الأسرى. فقد ثبت عن النظام الألماني النازي بقيادة هتلر قتله للأسرى من الطيارين من قوات التحالف. وكذلك، صدم المجتمع الدولي باكتشاف سلسلة من رفات الأسرى الكويتيين بدأت باكتشاف جثة أول أسير كويتي في 7 يونيو 2003، وهو المدعو سعد مشعل أسود العنزي، أعقبها تقديم الجانب العراقي أثناء اجتماع اللجنة الثلاثية المعنية بشئون الأسرى قائمة بأسماء مائة وواحد وخمسون أسيراً تعرضوا للإعدام في الفترة ما بين عامي 1990-1991، معظمهم من الكويتيين وخمسة منهم من السعوديون، مما أزال بصيص الأمل بشأن العثور على أحياء من بين الأسرى الكويتيين وغيرهم. وأمام هذه الدموية والوحشية، ما هو موقف القانون الدولي الإنساني، وما الذي تنصه قواعده بشأن مثل هذه الأفعال. لقد استقر في وثائق وأعراف وممارسات القانون الدولي المسئولية الدولية جراء انتهاكات أية دولة من الدول لقواعد القانون الدولي. ومن هذا المنطلق فقد ثبتت المسئولية الدولية على عدد من أشخاص القانون الدولي (الدول والمنظمات الدولية) جراء هذا النظام. وقد صدرت بالفعل أحكام دولية نسبت المسئولية الدولية على بعض الدول كما في قضية مضيق كورفو بين بريطانيا وألبانيا عام 1947، ونسبت الأمم المتحدة المسئولية الدولية للدولة العبرية جراء مقتل السير برنادوت عام 1948. إلا أن مدى امكانية اعتبار الاعتداء على حياة الأفراد – في اطار القانون الدولي الإنساني – يعتبر سبباً كافياً لمسائلة الدولة وفقاً لقواعد القانون الدولي كانت مثار نقاش. فلم يستطع المجتمع الدولي حتى وقت متأخر الخروج من بوتقة الفكرة السائدة بأن كيان الدولي أقدس وأرفع من كيان الفرد، وبالتالي لا يمكن مسائلة الدولة بسبب ضرر لحق أفراد. إلا أن التطور الكثيف والمفاجئ الذي لحق قواعد القانون الدولي الإنساني في السنوات الأخيرة من القرن العشرون دحضت هذه الفكرة، وبأثر رجعي، حيث بدأ اليابانيون يطالبون بمحاكمة مجرمي الحرب الأمريكان، واليهود يطالبون بتعويضات جراء ممارسات النظام النازي في حق أسلافهم، والعراقيون يطالبون يطالبون بمحاسبة زبانية النظام جراء معاناتهم خلال سنوات حكم البعث. فهل يمكن تطبيق قواعد المسئولية الدولية على قضية مقتل الأسرى من أبناء الكويت وغيرهم، وما هي شروط هذه المسئولية وآثارها.

مقدمة

لقد فجعت دولة الكويت والعالم أجمع بما في ذلك ذوو الأسرى من الكويتيين وغيرهم بالعثور على رفات بعض هؤلاء الأسرى مدفونة في مقابر جماعية على أرض العراق بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003. وقد كان لهذه الفاجعة أثرها ضرورة ابراز دور القانون الدولي الإنساني من مثل هذه الجرائم، وطريقة محاسبة الجناة في مثل هذه الأحوال والكيفية التي من شأنها أن تكفل عدم تكرار مثل هذه الجريمة في النزاعات المسلحة المستقبلية. وبالتالي رأينا أن يتم تقسيم هذه الدراسة وفقاً لما يلي: الجزء الأول: المسئولية الدولية جراء مقتل الأسرى الكويتيين وغيرهم الفصل الأول: انتهاكات النظام العراقي السابق وقوات التحالف لقواعد القانون الدولي الإنساني خطأ موجب للمسئولية الدولية المبحث الأول: انتهاكات النظام العراقي السابق لقواعد القانون الدولي الإنساني بالاعتداء على حياة الأسرى الكويتيين وغيرهم المبحث الثاني: انتهاكات قوات الاحتلال الأمريكية-البريطانية لقواعد القانون الدولي الإنساني من خلال قضية الأسرى الكويتيين وغيرهم الفصل الثاني: الضرر الذي لحق الأسرى الكويتيين وغيرهم وذويهم المبحث الأول: الضرر الذي تعرضت له الدولة التي ينتمي لها هؤلاء الأسرى المبحث الثاني: الضرر الذي تعرض له الأسرى أنفسهم المبحث الثالث: الضرر الذي تعرض له ذوو الأسرى الفصل الثالث: العلاقة السببة الجزء الثاني: آثار المسئولية الدولية الفصل الأول: آثار غير مجدية لجبر الضرر (الاعتذار واعادة الحال إلى ما كانت عليه) الفصل الثاني: وقف الاعتداءات ومحاكمة مجرمي الحرب والتعويض آثار فاعلة في جبر الضرر جراء الإعتداء على حياة الأسرى. المبحث الأول: وقف الاعتداءات على حياة الأسرى الكويتيين وغيرهم المبحث الثاني: التعويض محاولة لجبر معاناة أهالي الشهداء أولاً: الضرر الذي يستوجب التعويض عند الاعتداء على حياة الأسرى ثانياً: الأساس القانوني لتعويض أهالي الشهداء من أسرى الكويت وغيرهم ثالثاً: التعويض العادل الواجب لأهالي الشهداء من أسرى الكويت وغيرهم المبحث الثالث: محاكمة مجرمي الحرب ضمان لعدم تكرار جرائم الحرب أولاً: الاختصاص الوطني العراقي بمحاكمة مجرمي الحرب. ثانياً: اختصاص المحاكم الجنائية الدولية المؤقتة بمحاكمة مجرمي الحرب. ثالثاً: اختصاص المحكمة الجنائية الدولية الدائمة بمحاكمة مجرمي الحرب. <>الجزء الأول: المسؤولية الدولية عن مقتل الأسرى الكويتيين وغيرهم تحليل المسؤولية الدولية في جرائم الحرب يختلف عن المسؤولية الدولية التقليدية. في سياق جرائم الحرب، تترتب المسؤولية الدولية نوعين من المسؤولية: المسؤولية الجنائية الدولية والمسؤولية المدنية الدولية. بالمقابل، المسؤولية الدولية التقليدية تنطوي أساساً على تعويض الأضرار. في كلا النوعين، يجب أن تُنسب المسؤولية إلى شخص من أشخاص القانون الدولي كتمهيد لمحاسبة مجرمي الحرب وضمان تعويض المتضررين من هذه الانتهاكات. لذلك، من الضروري مناقشة المسؤولية الدولية قبل تناول المسؤولية الجنائية والمدنية. لكي يتم إثبات المسؤولية الدولية ونسبها إلى شخص من أشخاص القانون الدولي، يجب أن يكون هناك عمل غير مشروع يسبب الضرر، ويجب أن يكون هناك رابط سببي بين العمل غير المشروع والضرر. إذن، ما هي الانتهاكات التي يمكن تصنيفها كأعمال غير مشروعة وتُنسب إلى أي من أشخاص القانون الدولي، وما هي الأضرار الناتجة في حالة قتل الأسرى الكويتيين وغيرهم؟

الفصل الأول: انتهاكات قواعد القانون من قبل النظام العراقي السابق وقوات التحالف إن القانون الإنساني الدولي خطأ يترتب عليه مسؤولية دولية

إن استعراض المسئولية الدولية في جرائم الحرب يختلف عن المسئولية الدولية التقليدية، حيث أن المسئولية الدولية في جرائم الحرب يتولد عنها شقين من المسئولية: المسئولية الجنائية الدولية والمسئولية المدنية الدولية، بينما يترتب على المسئولية الدولية التقليدية تعويض الضرر بشكل أساسي فحسب. وفي كلا النوعين لا بد من نسبة المسئولية لشخص من أشخاص القانون الدولي تمهيداً للمسائلة مجرمي الحرب الذين يمثلون هذا الشخص الدولي وكذلك تمهيداً لتعويض متضرري هذه الانتهاكات. وبالتالي لا بد من الحديث عن المسئولية الدولية قبل الجنائية والمدنية. لقيام المسئولية الدولية ونسبتها لأحد اشخاص القانون الدولي لا بد من وجود خطأ يترتب عليه ضرر ووجود ارتباط وعلاقة سببية بين الخطأ والضرر. فما هي الانتهاكات التي يمكن تكييفها على أنها خطأ وتنسب لأي أشخاص القانون الدولي وما هي الأضرار التي ترتبت عليها في قضية مقتل الأسرى الكويتيين وغيرهم.

الفصل الأول: انتهاكات النظام العراقي السابق وقوات التحالف لقواعد القانون الدولي الإنساني خطأ موجب للمسئولية الدولية

هناك اتفاق لدى فقهاء القانون الدولي على قيام المسئولية الدولية نتيجة للخطأ، إلا أن البعض يكتفي بالضرر وحده لقيام المسئولية الدولية. والخطأ يتمثل في انتهاك شخص من أشخاص القانون الدولي لالتزاماته الثابتة بموجب القانون الدولي بفروعه (العام، الاقتصادي، البيئي، الانساني) ومصادره (الاتفاقيات الدولية، العرف، المبادئ العامة المتفق عليها بين الأمم المتمدنة، مبادئ العدل والإنصاف، أحكام المحاكم، آراء كبار الفقهاء والمؤلفين) . ويعتبر القانون الدولي الإنساني أحد أفرع القانون الدولي ويتضمن قواعد قانونية – بما فيها احترام حق الأسرى في الحياة ومعاملتهم معاملة انسانية – تلزم الدول أطراف هذه الاتفاقيات حتى غير الأطراف في أحيان أخرى. فما هي الالتزامات الدولية بشأن حق الأسرى بالحياة؟ حين قامت القوات العراقية بغزو واحتلال دولة الكويت في الثاني من أغسطس عام 1990، قامت بالقاء القبض على بعض أبناء الكويت من أفراد المقاومة وأفراد الجيش النظامي والقوات المسلحة والفرق الطبية المساعدة لهم. وقد ثبت من خلال قواعد القانون الدولي الإنساني بأن الحروب ليس مغزاها إبادة قوات العدو، وانما العمل على شل قدرتها القتالية وأسر أكبر عدد من القوات وحسن رعايتهم لحين انتهاء العمليات العسكرية. ومن هذا المنطلق فقد نصت اتفاقية جنيف الثالثة على وجوب حسن معاملة الأسرى ورعايتهم أثناء الأسر، وإعادتهم لدولهم في أقرب فرصة تنتهي عندها العمليات العسكرية. وأية اعتداءات على حياة الأسرى أو محاولة تعريض حياتهم للخطر يشكل انتهاكاً صريحاً لقواعد القانون الدولي الإنساني. ووفقاً لنص المادة من اتفاقية جنيف الثالثة المتعلقة بمعاملة الأسرى فإن هذه الفئات ينطبق عليها وصف الأسرى حيث نصت على أن ألف. أسرى الحرب بالمعنى المقصود في هذه الاتفاقية هم الأشخاص الذين ينتمون إلي إحدى الفئات التالية، ويقعون في قبضة العدو : 1) أفراد القوات المسلحة لأحد أطراف النزاع، والمليشيات أو الوحدات المتطوعة التي تشكل جزءاً من هذه القوات المسلحة، 2) أفراد المليشيات الأخرى والوحدات المتطوعة الأخرى، بمن فيهم أعضاء حركات المقاومة المنظمة، الذين ينتمون إلى أحد أطراف النزاع ويعملون داخل أو خارج إقليمهم، حتى لو كان هذا الإقليم محتلاً، على أن تتوفر الشروط التالية في هذه المليشيات أو الوحدات المتطوعة، بما فيها حركات المقاومة المنظمة المذكورة : أ - أن يقودها شخص مسئول عن مرؤوسيه، ب- أن تكون لها شارة مميزة محددة يمكن تمييزها من بعد، ج‌- أن تحمل الأسلحة جهراً، د - أن تلتزم في عملياتها بقوانين الحرب وعاداتها. 3) أفراد القوات المسلحة النظامية الذين يعلنون ولاءهم لحكومة أو سلطة لا تعترف بها الدولة الحاجزة. 4) الأشخاص الذين يرافقون القوات المسلحة دون أن يكونوا في الواقع جزءاً منها، كالأشخاص المدنيين الموجودين ضمن أطقم الطائرات الحربية، والمراسلين الحربيين، ومتعهدي التموين، وأفراد وحدات العمال أو الخدمات المختصة بالترفيه عن العسكريين، شريطة أن يكون لديهم تصريح من القوات المسلحة التي يرافقونها، 5) أفراد الأطقم الملاحية، بمن فيهم القادة والملاحون ومساعدوهم في السفن التجارية وأطقم الطائرات المدنية التابعة لأطراف النزاع، الذين لا ينتفعون بمعاملة أفضل بمقتضى أي أحكام أخرى من القانون الدولي، 6) سكان الأراضي غير المحتلة الذين يحملون السلاح من تلقاء أنفسهم عند اقتراب العدو لمقاومة القوات الغازية دون أن يتوفر لهم الوقت لتشكيل وحدات مسلحة نظامية، شريطة أن يحملوا السلاح جهراً وأن يراعوا قوانين الحرب وعاداتها. بـاء. يعامل الأشخاص المذكورون فيما يلي بالمثل كأسرى حرب بمقتضى هذه الاتفاقية : 1) الأشخاص الذين يتبعون أو كانوا تابعين للقوات المسلحة للبلد المحتل إذا رأت دولة الاحتلال ضرورة اعتقالهم بسبب هذا الانتماء، حتى لو كانت قد تركتهم أحراراً في بادئ الأمر أثناء سير الأعمال الحربية خارج الأراضي التي تحتلها، وعلى الأخص في حالة قيام هؤلاء الأشخاص بمحاولة فاشلة للانضمام إلى القوات المسلحة التي يتبعونها والمشتركة في القتال، أو في حالة عدم امتثالهم لإنذار يوجه إليهم بقصد الاعتقال. 2) الأشخاص الذين ينتمون إلى إحدى الفئات المبينة في هذه المادة، الذين تستقبلهم دولة محايدة أو غير محاربة في إقليمها وتلتزم باعتقالهم بمقتضى القانون الدولي، مع مراعاة أية معاملة أكثر ملاءمة قد ترى هذه الدول من المناسب منحها لهم وباستثناء أحكام المواد 8، و1، و15، والفقرة الخامسة من المادة 30، والمواد 58-67، و92، و126، والأحكام المتعلقة بالدولة الحامية عندما تكون هناك علاقات سياسية بين أطراف النزاع والدولة المحايدة أو غير المحاربة المعنية. أما في حالة وجود هذه العلاقات السياسية، فإنه يسمح لأطراف النزاع التي ينتمي إليها هؤلاء الأشخاص بممارسة المهام التي تقوم بها الدولة الحامية إزاءهم بمقتضى هذه الاتفاقية، دون الإخلال بالواجبات طبقاً للأعراف والمعاهدات السياسية والقنصلية. جيـم. لا تؤثر هذه المادة بأي حال على وضع أفراد الخدمات الطبية والدينية كما هو محدد في المادة 33 من هذه الاتفاقية. وحتى الأفراد المدنيين الذين لا يندرجون تحت هذه الفئات فإنهم يجب أن يتمتعون بمعاملة أرفع وأفضل من تلك التي يتمتع بها المقاتلون الشرعيون. إلا أن العثور على رفات بعض هؤلاء الأسرى بعد تحرير دولة الكويت وحرية العراق كان مثاراً للحديث عن المسئولية الدولية بشأن مقتل هؤلاء الأسرى. ففي ظل ظهور رفات أول أسير كويتي، في شهر يونيو من عام 2003، بدأت فرضية تعرض أسرى الكويت للشهادة في العراق تطغى على مجريات الحديث بشأن مصيرهم. وفي الواقع فإذا ما ثبتت شهادتهم فإن مسئولية مقتلهم لا يمكنها أن تخرج عن أحد السيناريوهات التالية: 1) أنهم تعرضوا للإعدام في ظل النظام العراقي البائد، 2) أنهم تعرضوا للموت نتيجة سوء الرعاية الصحية أو المعاملة الإنسانية، 3) أنهم تعرضوا للإصابة القاتلة أثناء العمليات القتالية لتحرير العراق عام 2003، 4) أنهم تعرضوا للموت نتيجة فقدان الرعاية الصحية والغذاء في سجون سرية بعد زوال النظام عام 2003. ووفقاً لكل من هذه الفرضيات فإن هناك مسئولية تفرضها قواعد القانون الدولي الإنساني بهذا الشأن، وتتوزع بحسب قواعد القانون الدولي الإنساني التي تحكم سلوك المقاتلين بين اطراف النزاع بين أزلام النظام العراقي السابق وقوات التحالفين (تحالف عام 1991 بقيادة الولايات المتحدة وتحالف قوات 2003 بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا)، فهل التزمت هذه القوات بقواعد القانون الدولي الإنساني؟ فما هي هذه القواعد التي تحظر الاعتداء على حياة الأسرى؟ المبحث الأول: انتهاكات النظام العراقي السابق لقواعد القانون الدولي الإنساني بالاعتداء على حياة الأسرى الكويتيين وغيرهم في الواقع تنحصر مسئولية العراق عن مقتل الأسرى الكويتيين في الفترة ما بين احتلال الكويت عام 1990 وتحرير العراق عام 2003. فمسئولية النظام العراقي السابق وفقاً لاتفاقية جنيف الثالثة بشأن معاملة الأسرى تتمثل في قتل الأسرى أو تعذيبهم بما يفضي لقتلهم، وحجزهم في أماكن غير آمنة ومستهدفة من قبل الآلة العسكرية المعادية، وكذلك عدم توفير الغذاء والرعاية اللازمة في حال تحقق فرضية سقوط النظام وصعوبة وصول السلطات المحتلة لهم. 1) التزام النظام العراقي بعدم قتل الأسرى وإعدامهم: يعتبر قتل الأسرى أو اعدامهم من الأفعال المحظورة في القانون الدولي الإنساني. ويدخل تحت مظلة القتل التعذيب والمعاملة القاسية والحاطة من الكرامة والتي من شأنها أن تفضي إلى الموت. فقد نصت المادة 3 من اتفاقية جنيف الثالثة على أن تحظر الأفعال التالية فيما يتعلق – بالأسرى – وتبقى محظورة في جميع الأوقات والأماكن: (أ) الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب." وقد اعتبرت المادة 130 من اتفاقية جنيف الثالثة الاعتداء على حياة الأسرى بمثابة مخالفة جسيمة للقانون الدولي الإنساني. فقد ضمنت المادة 130 من اتفاقية جنيف الثالثة الانتهاكات الجسيمة وحصرتها في "1-القتل العمد، 2-التعذيب أو المعاملة البعيدة عن الانسانية بما في ذلك التجارب الخاصة بعلم الحياة، 3-الأعمال التي تسبب عمداً آلاماً شديدة أو إصابة خطيرة للجسم أو الصحة، 4- ارغام الأسير في الخدمة في القوات المعادية، 5-تعمد حرمان أسير الحرب من الحقوق الخاصة بالمحاكمة النظامية المنصوص عليها في الاتفاقية. وساندتها في هذا التوجه - واعتبار الاعتداء على حياة الأسرى من قبيل الانتهاكات الخطيرة - المادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والتي نصت على أن من جرائم الحرب الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة 12 أغسطس 1949، أي فعل من الأفعال التالية ضد الأشخاص والممتلكات الذين تحميهم أحكام اتفاقية جنيف ذات الصلة 1-القتل العمد... ومن هذا المنطلق فتعتبر التحاليل الذي تمت لجثث الشهداء وأثبتت تعرضهم للإعدام في الفترة ما بين عامي 1991-1992 يدعم انتهاك النظام العراقي السابق لهذا النص. ويعتبر ثبوت اعدام خمسة من الأسرى السعوديون في الفترة ما بين 1990-1991 هو انتهاك صارخ آخر لهذه الالتزامات. وكذلك الشأن بالنسبة لأية رفات يكتشف أو اكتشف بعد تحرير دولة الكويت، ويثبت من خلال التحاليل الطبية أن الوفاة حدثت نتيجة الإعدام أو التعذيب وسوء المعاملة المفضية للموت في الفترة ما بين احتلال العراق لدولة الكويت عام 1990 وتحرير العراق عام 2003 من شأنه أن يثير مسئولية العراق عن انتهاك هذا النص. وبالفعل فقد أثبتت الفحوص الطبية لرفات الأسرى المكتشفة في المقابر الجماعية بعد تحرير العراق أنهم جميعاً تعرضوا للإعدام نتيجة طلق ناري في الرأس من جهة الخلف. ويمكن كذلك أن يشكل قتل أزلام النظام العراقي البائد للأسرى الكويتيين انتهاك لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، متى ثبت بأن هؤلاء الأسرى الكويتيون أو غيرهم قد تم انتقائم وقتلهم استناداً إلى جنسيتهم، وأن هذا القتل كان بهدف التدمير الكلي أو الجزئي لأبناء الكويت. خاصة وأن النظام السابق لم يكن يود الاعتراف بدولة الكويت واستقلالها وبالتالي انتماء مواطنيها لها. وتأكيداً لتوافر النية لدى النظام العراقي بمسح وتدمير الهوية الكويتية فقد أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم 677/1990 والذي يدين محاولات العراق تغيير التكوين الديمغرافي لسكان الكويت. ولا ييختلف ما ارتكبه النظام العراقي السابق من ممارسات في حق أبناء وبنات الكويت ممن وقعوا في قبضته عما ارتكبه الصرب في حق الملمين من أبناء البوسنة والهرسك أثناء حرب التطهير العرقي التي دار رحاها في دول البلقان بين 1991-1993. 2) التزام النظام العراقي بالوسائل الاحترازية للمحافظة على حياة الأسرى حين يثبت بأن النظام العراقي لم يتبع الاجراءات الواردة في نصوص القانون الدولي الإنساني من أجل المحافظة على حياة الأسرى الكويتيين وغيرهم فلا بد من تحمل هذا النظام مسئولية اصابتهم أو مقتلهم نتيجة قصف قوات التحالف الأمريكي البريطاني أثناء عمليات عاصفة الصحراء عام 1991 أو أثناء حرب حرية العراق عام 2003. فقد نصت المادة 23 من اتفاقية جنيف الثالثة على أنه لا يجوز في أي وقت كان ارسال أي أسير حرب إلى منطقة قد يتعرض فيها لنيران منطقة القتال، أو ابقاؤه فيه، أو استغلال وجوده لجعل بعض المواقع أو المناطق في مأمن من العمليات الحربية. يجب أن توفر لأسرى الحرب، بقدر مماثل لما يوفر للسكان المدنيين المحليين، ملاجئ للوقاية من الغارات الجوية وأخطار الحرب الأخرى، ويمكنهم أن يتوجهوا إلى المخابئ بأسرع ما يمكن بمجرد اعلان الانذار بالخطر. ويطبق عليهم أي اجراء من اجراءات الوقاية يتخذ لمصلحة الأهالي. تتبادل الدولة الحاجزة، عن طريق الدولة الحامية، جميع المعلومات المفيدة عن الموقع الجغرافي لمعسكرات أسرى الحرب. كلما سمحت الاعتبارات الحربية، تميز معسكرات أسرى الحرب نهاراً بالحروف PW أو PG التي توضع بكيفية تجعلها مرئية بوضوح من الجو. على أنه يمكن للدول المعنية أن تتفق على أية وسيلة أخرى لتمييزها. ولا تميز بهذه الكيفية إلا معسكرات أسرى الحرب. من الملاحظ بأن هذا النص قد اشار إلى حماية الأسرى من خلال تمييز معسكراتهم بشعارات عالمية (PW: Prisoners of War)(PG: Prisonniers de Guerre) يمكن للطيران المعادي رؤيتها – ليلاً ونهاراً - من الجو بحيث يمتنع عن قصفها حماية لأسرى الحرب. وقد تجاوزت اجراءات الحماية في هذا النص تلك الحدود، وتطلبت من الدولة الآسرة اجراء الاتصالات – عن طريق الدولة الحامية أو اللجنة الدولية للصليب الأحمر – لإبلاغ الدولة المعادية بالمواقع الجغرافية لهذه المعسكرات، وذلك للتخلص من أي حجج بشأن عدم رؤية الطيران المعادي لهذه الشعارات الدولية التي تميز معسكرات الأسرى. وقد رفضت أطراف النزاع أثناء الحرب العالمية الثانية تزويد العدو بهذه المعلومات بحجة أنها تعطي ميزة كبيرة لأعدائها الذين قد يلجئوا لمهاجمة هذه المعسكرات في محاولة تهريب الأسرى أو قد تقذف إليهم الأسلحة عن طريق رجال المظلات مما يشكل خطورة على الدولة الآسرة. وقد ذهب نص المادة 19 من اتفاقية جنيف الثالثة على توفير حماية مماثلى للأسرى، حين نص على أنه يتم اجلاء أسرى الحرب بأسرع ما يمكن بعد أسرهم، وينقلون إلى معسكرات تقع في منطقة تبعد بقدر كاف عن منطقة القتال حتى يكونوا في مأمن من الخطر. ومن الملاحظ بأن هذه النصوص لم تتطرق للمسافة الواجب ابعاد الأسرى عن مناطق القتال، وإنما آثرت استعمال مصطلح "أن يكونوا بمأمن" وترك المسألة تتقيد بحسب ظروف القتال وتطوراته. فعلى سبيل المثال المسافة التي كان أسرى الحرب يعتبرون بأمان فيها حدودها عام 1945 ليست كافية لتوفير الأمان للأسرى خلال الحروب التي تقع عام 2003، وذلك لأن الأسلحة تطورت ومداها قد ازداد وخطورتها تنامت بالتبعية وزادت المخاطر المحدقة بحياة الأسرى. والسلطة التقديرية للقائد العسكري في تحديد مسافة الأمان الواجب ابعاد الأسرى خلالها عن مواقع القتال تخضع لرقابة المحاكم الجنائية – الوطنية أو الدولية -التي قد توجه التهمة له بسبب سوء تقديره واحتجازه للأسرى في مرمى العمليات العسكرية. وبناءاً عليه فإن أسرى الكويت الذين تثبت وفاتهم جراء قصف التحالف للعراق أثناء تحرير الكويت عام 1991 أو اثناء عملية حرية العراق عام 2003 بسبب قرب مواقع احتجازهم من مناطق العمليات العسكرية يتحمل النظام العراقي مسئولية وفاتهم، خاصة وأن معلومات قد وصلت لدولة الكويت تفيد استخدام أسراها لدى العراق عام 1991 كدروع بشرية، وإن كانت اثبات قيام العراق فعلاً بمثل هذا الانتهاك يصعب اثباته طالما أن الرفات الذي حصلت عليه دولة الكويت لمعظم أسراها بعد 13 عاماً على وفاتهم، لا يسمح بالتأكد من حقيقة المعاناة التي تعرض لها الأسرى. وكذلك متى ثبت بأن النظام العراقي لم يقم بإقصاء أسرى الكويت وغيرها عن مواقع استراتيجية عسكرياً، كإقصائهم عن القواعد العسكرية ومصانع أسلحة الدمار الشامل، مما قد يتسبب في مقتلهم عن طريق قصف قوات التحالف لمواقعهم فإن المسئولية تقع على النظام العراقي دون قوات التحالف، لأنه هو الذي خالف قواعد القانون الدولي الإنساني المشار إليها أعلاه. أما إذا استطاع العراق اثبات التزامه بالحماية التي تطلبتها قواعد القانون الدولي الإنساني وعلى الرغم من ذلك قامت قوات التحالف باستهداف معسكرات الأسرى ومواقع احتجازهم فهنا فقط تنتقل المسئولية من النظام العراقي لدول التحالف، والذي سنتناوله بالتفصيل لاحقاً. وكذلك إذا ثبت بأن النظام العراقي قام بنقل الأسرى الكويتيين وغيرهم لمواقع حساسة حتى يشكلون دروعاً بشرية للحيلولة دون قصف أحد القصور الرئاسية أو المواقع العسكرية المستهدفة، فإن العراق كذلك يعتبر مسئولاً عن مقتلهم على الرغم من سقوطهم ضحية لنيران قوات التحالف، لأنه أخطأ بعدم حمايتهم وإقصائهم إلى مناطق آمنة. ولا يعتبر مثل هذا التصرف غريباً على النظام العراقي الذي كان له سوابق عام 1991 حين احتجز بعض مواطني الدول الغربية تحت مسمى ضيوف العراق مهدداً باستخدامهم كدروع بشرية للحيلولة دون قصف المواقع الحساسة بالعراق. كما أنه استخدم مدنيين من العراق كدروع بشرية عام 1991 لحماية مركز اتصالات عسكري أقام فوقه ملجئاً للمدنيين في منطقة العامرية في بغداد، مما تسسب في سقوط ما يربو على مائة مدني قتيل. وتكررت نفس المآسي عام 2003 حيث كان الرئيس العراقي يعقد لقائاته في المناطق السكنية مما تسبب في قصف منطقة الحلة السكنية في بغداد وسقوط عشرات الضحايا بين السكان المدنيين. ومن نافلة القول بأن نص المادة 23 من اتفاقية جنيف الثالثة قد حاول توفير حماية للأسرى لا تقل عن تلك التي يتمتع بها السكان المدنيين، من أجل رفع مستوى الحماية الممنوحة للأسرى وصولاً بهم للحماية التي يتمتع بها السكان المدنيون، وبالتالي إذا كانت الحماية المدنية تعتمد على تلك الحماية التي يوفرها اطراف النزاع كل بحسب امكانياته فعلى الأسرى والمدنيين السلام، إذ أن بعض أطراف النزاع لا توفر للمدنيين الحج الأدنى من الحماية، وبالتالي يمكنها التذرع بأن الحماية الممنوحة للمدنيين لا توفر الحماية الكافية للمحافظة على حياتهم وبالتالي لا يمكن المطالبة بالمزيد لصالح الأسرى. أما إذا كانت الحماية التي يتمتع بها المدنيين هي وفقاً لمعايير القانون الدولي الإنساني (اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والبروتوكولين الإضافيين الأول والثاني لعام 1977) فإن المعيار يعتبر موضوعياً ويحقق الحماية المنشودة لكل من الأسرى والسكان المدنيين دون ربط الحماية بحسب المنهج والاستراتيجية العسكرية التي يتبناها اطراف النزاع. فمثلاً، لا يتمتع السكان المحليين في العراق بذات الحماية التي يتمتع بها السكان المحليون لمدينة نيويورك، وبالتالي إذا طالبنا النظام العراقي بتوفير حماية للأسرى لا تقل عن تلك التي يتمتع بها سكان العراق المحليين، فكأننا نحكم بالإعدام على كل الأسرى، خاصة وان سكان العراق المحليين لا يتمتعون في ظل النظام العراقي البائد بأي نوع من أنواع الحماية. كما أن نص المادة 25 من اتفاقية جنيف الثالثة - في معرض حديثها عن شروط مأوى الأسرى - أشارت إلى أن "توفر في مأوى أسرى الحرب ظروف ملائمة مماثلة لما يوفر لقوات الدولة الحاجزة المقيمة في المنطقة ذاتها." وبالتالي يمكن المحافظة على حياة الأسرى من خلال الالتزام بالظروف الملائمة لمعسكرات الأسرى وأماكن احتجازهم. وعليه فلا يجوز أن تقل ظروف حجز الأسرى عن الظروف المتوافرة لقوات الدولة الحاجزة في ذات المنطقة. وعملياً إذا درج النظام العراقي على اخفاء قواته بالقرب من دور العبادة والمدارس ودور الأيتام لحمايتها من قصف محتمل، لا بد من توفير حماية مماثلة لأسرى الحرب من خلال حجزهم في أماكن أمينة مماثلة للأماكن التي تتواجد بها قوات الدولة الحاجزة. كما أكدت المادة 47 من اتفاقية جنيف الثالثة على أهمية اتخاذ الاجراءات الاحترازية للحفاظ على حياة أسرى الحرب حين نصت على أنه إذا كانت منطقة القتال قريبة من أحد المعسكرات وجب عدم نقل أسرى الحرب الموجودين فيه إلا إذا جرى النقل في ظروف أمن ملائمة أو كان بقائهم في مكانهم يعرضهم إلى مخاطر أشد مما لو نقلوا منه. وبالتالي تلتزم الدولة الحاجزة باعتماد مصلحة الأسير في تطبيقها لمبدأ الموازنة بين نقل الأسرى من مكان احتجازهم القريب من مواقع العمليات العسكرية أو الإبقاء عليهم فيه، فيبقون في مكان الحجز أو ينقلون متى كان النقل أو الإبقاء عليهم فيه مصلحة للأسرى. وكذلك يخضع تقدير القائد العسكري في تقريره مصلحة الأسرى في البقاء أو الانتقال لرقابة المحاكم الجنائية – الوطنية أو الدولية – التي تنظر في تهمة التسبب في قتل الأسرى، كما سنرى لاحقاً. 3) توفير الرعاية الصحية اللازمة للمحافظة على حياة الأسرى قد تتعرض حياة الأسرى للخطر جراء تعرضهم لمرض قاتل أو انتقال عدوى قاتلة وفاتهم نتيجة لعدم توفير الرعاية الصحية الضرورية لهم. فقد نصت المادة 29 من اتفاقية جنيف الثالثة على أن "تلتزم الدولة الحاجزة باتخاذ كافة التدابير الضرورية لتأمين نظافة المعسكرات وملائمتها للصحة والوقاية من الأوبئة." وبالتالي متى ثبت أن وفاة الأسير قد نجمت جراء مرضه أو عدم توفير الرعاية أو البيئة الصحية اللازمة للحيلولة دون انتقال الأمراض أو تفاقمها فهنا تنسب المسئولية على الدولة الحاجزة. وقد احتجز العراق الأسرى الكويتيين وغيرهم في الفترة ما بين أغسطس 1990 ومايو 2003، ومن ثم انتقلت مسئوليات العراق الدولية على عاتق دولة الإحتلال – الولايات المتحدة وبريطانيا- في الفترة منذ احتلال العراق وسقوط النظام العراقي في مايو 2003 حتى تاريخه. وقد ذهبت المادة 30 من اتفاقية جنيف الثالثة إلى أبعد من ذلك عندما أجازت تأخير اطلاق سراح الأسير من أجل توفير الرعاية الصحية اللازمة له والتي تحول دون وفاته، فنصت على أن أسرى الحرب المصابون بأمراض خطيرة أو الذين تقتضي حالتهم علاجاً خاصاً أو عملية جراحية أو رعاية بالمستشفى، ينقلون إلى أية وحدة طبية عسكرية أو مدنية يمكن معالجتهم فيها، حتى إذا كان من المتوقع إعادتهم إلى وطنهم في وقت قريب. وقد كانت ميزة هذا النص أن يلقي على كاهل الدولة الحاجزة مسئولية توفير الرعاية الصحية الكاملة للأسير الذي تضمن استمرار بقائه على قيد الحياة، وعدم جواز تعذر الدولة الحاجزة بقرب اطلاق سراح الأسير بغية التخلص من مسئولية علاجه ورعايته الصحية. وبالتالي فإن مصلحة الأسير هي الحاسمة بشأن اطلاق سراح الأسير المريض أو الإبقاء عليه تحت الحجز تمهيداً لعلاجه ورعايته صحياً. ووفقاً لنص المادة 109 من الاتفاقية الثالثة بشأن الأسرى فإنه متى ما ثبت إصابة الأسير بأمراض أو جراح خطيرة فإن الدولة الحاجزة تلتزم بإعادته لوطنه بعد أن يتلقى العلاج والرعاية الصحية الكفيلين بتمكينه السفر لوطنه. وبناءاً عليه فإذا ما ثبتت وفاة أحد الأسرى الكويتيين أو غيرهم نتيجة مرض أو جرح خطير دون أن يتلقى العلاج اللازم لمثل حالته، أو وفاته أثناء رحلة العودة للكويت أو غيرها من أوطانهم دون أن يكونوا قد تلقوا العلاج الكفيل بمساعدتهم لاتمام رحلة العودة للوطن فإن مسئولية هذه الوفاة تقع على عاتق النظام العراقي. ولكن جميع رفات الكويتيين وغيرهم، والتي اكتشفت في العراق تؤكد وفاتهم نتيجة طلق ناري في مؤخرة الجمجمة. 4) اخلال العراق بالاجراءات المتبعة بشأن وفاة أسرى الحرب لقد خصص القسم الثالث من الباب الرابع من اتفاقية جنيف الثالثة لوفاة أسرى الحرب. وقد وضح هذا القسم كل ما يتعلق بوصايا الأسرى والاجراءات المتبعة بشأن اجلاء أي غموض بشأن وفاة الأسرى ومناسك دفنهم ونقل رفاتهم لوطنهم، وهو ما سنتناوله بالتفصيل، مع توضيح موقف النظام العراقي من هذه الإجراءات. أ- وصايا الأسرى: وفقاً لنص المادة 120 من اتفاقية جنيف الثالثة يجب تدوين وصايا أسرى الحرب أثناء احتجازهم. وبعد وفاة الأسير وبناءاً على طلبه تحول الوصية دونما ابطاء الى الدولة الحامية أو الصليب الأحمر الدولي كما ترفق نسخة طبق الأصل للوكالة المركزية للإستعلامات. فقد نصت المادة 120 من اتفاقية جنيف الثالثة على أن تدون وصايا أسرى الحرب بحيث تستوفى شروط صلاحيتها حسب مقتضيات تشريع بلدهم الذي يتخذ التدابير اللازمة لإحاطة الدولة الحاجزة علماً بهذه الشروط. وبناءاً على طلب أسير الحرب، وبعد وفاته على أي حال، تحول الوصية دون ابطاء إلى الدولة الحامية، وترسل صورة موثقة طبق الأصل إلى الوكالة المركزية للإستعلامات. وقد كان حري بالعراق أن يقدم على تشجيع جميع الأسرى الكويتيين وغيرهم على تدوين وصاياهم خاصة وأن العراق في ظل نظام صدام حسين السابق كان عدوانياً ومحلاً لهجمات متكررة من دول التحالف كان آخرها عام 2003، مما يعرض الأسرى لاحتمال الاصابة القاتلة، ما لم يقم النظام نفسه بإعدامهم. ولم يلتزم العراق بهذا الاجراء بشأن الأسرى الشهداء من أبناء الكويت وغيرهم، فلم يطلب منهم اعداد وصاياهم على الرغم من ثبوت اعدام من تم الحصول على رفاتهم، كما لم تصل مثل هذه الوصايا لذوي الأسرى لا من الدولة الحامية ولا من الصليب الأحمر الدولي. ب- اجلاء الغموض المتعلق بوفاة الأسرى يجب التأكد بأن وفاة الأسير كانت طبيعية وليس نتيجة اهمال في توفير الرعاية الصحية له، أو نتيجة اعتداء عليه أفضى لوفاته أو نتيجة اعدامه، ويتم التأكد وفقاً لنص المادة 120 من اتفاقية جنيف الثالثة عن طريق اجراء "فحص طبي للجثة بقصد اثبات حالة الوفاة، والتمكين من وضع تقرير، واثبات هوية المتوفى عند اللزوم." وفي نفس السياق ذهبت المادة 121 من اتفاقية جنيف الثالثة حين نصت على أن تجري الدولة الحاجزة تحقيقاً رسمياً عاجلاً بشأن أي وفاة أو جرح خطير لأسير حرب تسبب أو كان يشتبه في أنه تسبب عن حارس أو أسير حرب آخر، وكذلك بشأن أي وفاة لا يعرف سببها. ويرسل اخطار عن هذا الموضوع فوراً إلى الدولة الحامية. وتؤخذ أقوال الشهود، وخصوصاً أقوال أسرى الحرب، ويرسل تقرير يتضمن هذه الأقوال إلى الدولة الحامية. وتأتي أهمية هذه الاجراءات والتقارير الناجمة عنها في التأكيد على أن الدولة الحاجزة لم تقصر في رعاية الأسير، ولم تتسبب في وفاته بأي شكل من الأشكال، ومتى تضمن التقرير عكس ذلك فيمكن استخدامه أمام المحاكم الجنائية المعنية بمعاقبة مجرمي الحرب الذين تسببوا بوفاة الأسير. وعلى الرغم من ثبوت مقتل أسرى الحرب من أبناء الكويت وغيرهم ممن تم العثور على رفاتهم بطلق ناري بالرأس، إلا أن أي تحقيق جنائي لم يتم حول ملابسات هذا القتل، وذلك لتأكيد التزام النظام العراقي السابق بنصي المواد 120 و 121 من اتفاقية جنيف الثالثة. من الجدير التفرقة بين الفحص الطبي للجثة والوارد في نص المادة 120 و التحقيق الجنائي الذي تبناه نص المادة 121 عند وفاة الأسرى، فالأول والذي تبنته المادة 120 يأتي كنتيجة لوفاة الأسير غير مفاجئة، كالموت في أعقاب فترة صراع مع المرض، أما الثاني والذي تبنته المادة 121 فيرتبط بشبهة جنائية ترتب عليها وفاة مفاجئة أو في ظروف غامضة، مما يتطلب احالة الأمر برمته للمحاكم الجنائية في حال ثبوت هذه الشبهة، خاصة وأن المادة 121 نصت على أنه "إذا أثبت التحقيق إدانة شخص أو أكثر، وجب على الدولة الحاجزة اتخاذ جميع الاجراءات القضائية ضد الشخص أو الأشخاص المسئوليين." ج- دفن جثث الأسرى إن مسألة دفن الأسرى مسألة غاية في الأهمية لما تتضمنه من حرمة للموتى وضمان لأهالي الموتى من الأسرى بسهولة العثور على قبورهم وزيارتها وممارسة الطقوس الدينية إن وجدت بشأن هؤلاء الموتى، ودفنهم بالاحترام اللائق بهم. فيدخل ضمن التزامات الدولة الحاجزة اعداد شهادات وفاة الأسرى وفقاً للنموذج المرفق بالاتفاقية الثالثة والتي يجب أن تتضمن "هويات المتوفين ومكان الوفاة وتاريخها وسبب الوفاة ومكان الدفن وتاريخه وكذلك جميع المعلومات اللازمة لتمييز المقابر." ومن شأن التزام الدولة الحاجزة بهذه الاجراء أن يراعي مشاعر أهالي الأسرى الذين ينتظرون الأيام والشهور والسنين من أجل الإفراج عن أبنائهم من الأسرى، كما أنه ييسر مهمة العثور على قبور هؤلاء الأسرى تمهيداً لنقل رفاتهم ويجعل مهمة التعرف على جثثهم وتمييزها مسألة يسيرة. وبشأن اسلوب دفن الموتى من الأسرى نصت المادة 120 من اتفاقية جنيف الثالثة على أنه يتعين على السلطات الحاجزة أن تتأكد من أن أسرى الحرب الذين توفوا في الأسر قد دفنوا بالاحترام الواجب، وإذا أمكن طبقاً لشعائر دينهم، وأن مقابرهم تحترم وتصان وتميز بكيفية مناسبة تمكن من الاستدلال عليها في أي وقت. وكلما أمكن، يدفن الأسرى المتوفون الذين يتبعون دولة واحدة في مكان واحد. يدفن أسرى الحرب المتوفون في مقابر فردية، باستثناء الحالات التي تستدعي فيها ظروف قهرية استخدام مقابر جماعية. ولا يجوز حرق الجثث إلا في الحالات التي تقتضي فيها ذلك أسباب صحية قهرية أو ديانة المتوفى، أو بناء على رغبته. وبناءاً على ما برز من ثبوت دفن جثث الأسرى الكويتيين مع غيرهم من المدنيين والعسكريين والمعارضين والمجرمين، ودون تمييز بينهم ودون تحديد لهوياتهم، في مقابر جماعية في أماكن مختلفة في العراق، فإن مثل هذا التصرف يعتبر انتهاط صريح من قبل النظام العراقي لنص المادة 120 من اتفاقية جنيف الثالثة. وقد برزت أهمية الاجراءات التي وردت في نص المادة 120 من خلال الصعوبات التي واجهتها فرق البحث والتفتيش العراقية والكويتية في العثور عن جثث أبنائهم من القابعين في سجون النظام العراقي السابق بين الرفات التي وجدت في مقابر جماعية في العراق بعد تحريرها في كل من النجف وكربلاء والبصرة وكركوك والسماوة. وقد عانى فريق البحث عن الأسرى الكويتيين الأمرين في سبيل التعرف على جثث الأسرى الكويتيين بسبب الحجم الهائل للجثث التي تم العثور عليها واختلاكها بغيرها، كما أرسلت عينات من الـ DNA إلى بعض الدول الأوروبية للتعرف على هوية الرفات. ولو أن النظام العراقي اتبع الاجراءات المحددة في نص المادة 120 لما أصبحت مسألة التعرف على الجثث والبحث عنها في أرض العراق الممتدة الأرجاء في هذه الصعوبة. د- المحافظة على مقابر الأسرى ونقل رفاتهم من الضروري المحافظة على مقابر الأسرى من العبث بها. وهنا نصت المادة 120 من اتفاقية جنيف الثالثة على أنه يجب أن تسجل جميع المعلومات المتعلقة بالدفن والمقابر في إدارة للمقابر تنشئها الدولة الحاجزة. وتبلغ للدولة التي يتبعها هؤلاء الأسرى قوائم بالمقابر والمعلومات المتعلقة بأسرى الحرب المدفونين في المقابر أو في أماكن أخرى. ولم يصل لدولة الكويت أية معلومات من ادارة المقابر في العراق بشأن المعلومات والمواقع المتعلقة بدفن الأسرى الكويتيين، وهو ما يعتبر انتهاكاً لنص المادة 120 من اتفاقية جنيف الثالثة، الأمر الذي تسبب في تعطيل العثور على رفات الشهداء من ابناء الكويت وغيرهم، والتي عثر على بعضها وما زال البعض الآخر مفقوداً. 5) مارتنز كلوز (Marten’s Clause): يقصد بمارتنز كلوز ذلك الشرط الوارد في معظم اتفاقيات القانون الدولي الإنساني والمستقر في عرف وأخلاق المقاتلين، والذي يفرض على المقاتلين ضرورة التحلي بالأخلاق والإنسانية والحس الإنساني العالي في كل ما لم يرد بشأنه نص في اتفاقيات القانون الدولي الإنساني. وقد تبنت اتفاقية جنيف الثالثة مارتنز كلوز في نص المادة 142 والذي جاء فيها بأنه لا يكون للإنسحاب من هذه الاتفاقية أثر على الالتزامات التي يجب أن تبقى أطراف النزاع ملتزمة بأدائها طبقاً لمبادئ القانون الدولي الناشئة عن الأعراف الراسخة بين الأمم المتمدنة، ومن القوانين الإنسانية، وما يمليه الضمير العام. وبناءاً على هذا النص فإن قتل الأفراد العزل من الأسرى أثناء وقوعهم بالأسر أو تعريض حياتهم للخطر لا يتوافق مع التزامات مارتنز كلوز من ضرورة التقيد بالقوانين الإنسانية والضمير العام، فالإنسانية والضمير العام لا يقران قتل مسلح لأعزل، خاصة بعد أن وثق بالدولة الحاجزة وسلم نفسه على أمل تأمين حقه بالحياة. كما أن من الأعراف الراسخة في النزاعات المسلحة ألا يتم قتل الأفراد العزل، بما في ذلك الأسرى، وهو ما أكدت عليه اتفاقيات جنيف الأربع من اعتبار بعض الأعمال بمثابة انتهاكات جسيمة، لأنها تشكل مساساً بأعراف وتقاليد النزاعات المسلحة حين نصت على أن المخالفات الجسيمة التي تشير إليها المادة السابقة هي التي تتضمن أحد الأفعال التالية إذا اقترفت ضد أشخاص محميين أو ممتلكات محمية بالاتفاقية: مثل القتل العمد، والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك التجارب الخاصة بعلم الحياة، وتعمد احداث آلام شديدة أو الإضرار الخطير بالسلامة البدنية أو بالصحة، وإرغام أسير الحرب على الخدمة في القوات المسلحة بالدولة المعادية أو حرمانه من حقه في أن يحاكم بصورة قانونية وبدون تحيز وفقاً للتعليمات الواردة في الاتفاقية. وبالتالي فإن قتل الأسرى يندرج تحت هذا النص الذي اتفقت عليه اتفاقيات جنيف الأربع على أنه عرف ومن أخلاق المحاربين، والخروج عليه يشكا انتهاكاً فوق العادة، انتهاكاً جسيماً يمتاز بعقوبة أكثر شدة من الانتهاكات البسيطة لاتفاقيات جنيف الأربع. وبالتالي يمكن أن تندرج عملية القتل ضمن مارتنز كلوز على فرض أن اتفاقية ما جهلت أو تجاهلت النص عليها، أو حين يمون الانتهاك واقعاً من قبل دولة غير عضو، فإن مارتنز كلوز لا يعفيها من المساءلة الدولية.

المبحث الثاني: انتهاكات قوات الاحتلال الأمريكية-البريطانية لقواعد القانون الدولي الإنساني من خلال قضية الأسرى الكويتيين وغيرهم

تلتزم القوات الأمريكية-البريطانية بالمحافظة على حياة الأسرى الكويتيين وغيرهم لدى العراق من خلال واجبها كأطراف في النزاع بالالتزام بقوانين الحرب من عدم استهداف معسكرات الأسرى المميزة بالشعارات الدولية المتفق عليها واحترام المواقع الجغرافية التي تزودها به قوات العدو وتحتجز فيها أسرى حرب. كما أن التزاماتها كدول احتلال بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1483/2003 يتوجب حلولها محل النظام العراقي السابق في احترام قواعد القانون الدولي عموماً والقانون الدولي الإنساني خصوصاً والمحافظة على حياة الأسرى المحتجزين في العراق في شأن الموضوع محل الدراسة. 1) قصف طائرات التحالف لمخيمات أسرى الحرب والمواقع المحمية: حين يثبت بما لا يجعل مجالاً للشك بأن النظام العراقي قد التزم كلياً بمتطلبات القانون الدولي الإنساني بشأن كيفية حجز الأسرى وفقاً للمواد 22-25 ووضع شارة بارزة توضح للقوات المعادية موضحاً بأن هذا الموقع أو ذاك مركز احتجاز أسرى حرب وفقاً لنص المادة 23 من اتفاقية جنيف الثالثة وبالتالي لا يجب أن يكون محلاً للقصف، فهنا لا بد من اثارة مسئولية القوات المعادية. فقد نصت المادة 23 من اتفاقية جنيف الثالثة على أنه كلما سمحت الاعتبارات الحربية، تميز معسكرات أسرى الحرب نهاراً بالحروف PW أو PG التي توضع بكيفية تجعلها مرئية بوضوح من الجو. على أنه يمكن للدول المعنية أن تتفق على أية وسيلة أخرى لتمييزها. ولا تميز بهذه الكيفية إلا معسكرات أسرى الحرب. وبالتالي إذا ثبت رؤية طياري التحالف الأمريكي البريطاني - اثناء قصف العراق خلال حصاره منذ أغسطس 1990 وحتى تحرير العراق في مايو 2003- للعلامات الدولية المميزة لمخيمات أسرى الحرب أو المواقع التي يحتجز فيها هؤلاء الأسرى ولم تمنعهم مثل هذه الاشارات من قصف هذه المواقع، فإن مثل هذا الأمر يعتبر كافياً لنسبة المسئولية الدولية لكل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة عن مقتل الأسرى الكويتيين أو غيرهم من أسرى الدول الأخرى، وذلك بسبب تجاهلها لالتزامها الدولي باحترام معسكرات الأسرى وعدم استهدافها عسكرياً تحت أي ظرف من الظروف. وكذلك تلتزم قوات التحالف باحترام وتجنب استهداف المواقع الجغرافية التي يزود العراق احداثياتها لقوات التحالف وفقاً لنص المادة 23 من اتفاقية جنيف الثالثة، تحت مظلة أنها مواقع جغرافية مخصصة لاحتجاز الأسرى. ومتى ثبت استهداف قوات التحالف لهذه المواقع على الرغم من ابلاغ العراق لهذه القوات بالاحداثيات التي تقع ضمنها هذه المواقع فإن من شأن ذلك أن يثير المسئولية الدولية لدول التحالف. 2) عدم توفير قوات الاحتلال الحماية اللازمة للأسرى: بما أن العراق قد خضع فعلياً تحت سلطات قوات الاحتلال التابعة للولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة فلا بد من قيام هذه الدول التي تتبعها قوات الاحتلال بواجباتها كاملة وتحمل مسئوليات سلطات الاحتلال للمسئولية كاملة وفقاً لما ورد في اتفاقيات جنيف الأربع وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1483/2003. تأتي مسئوليات دول التحالف من نص المادة 12 من اتفاقية جنيف الثالثة والتي تؤكد على أنه يقع أسرى الحرب تحت سلطة الدولة المعادية، لا تحت سلطة الأفراد أو الوحدات العسكرية التي أسرتهم. وبخلاف المسئوليات الفردية التي قد توجد، تكون الدولة الحاجزة مسئولة عن المعاملة التي يلقاها الأسرى. من الملاحظ بأن هذا النص ألقى المسئولية على عاتق الدولة المعادية أو الحاجزة لا على أفرادها، وبالتالي فدولياً لا يساءل هذا الشخص أو ذاك عن سوء معاملة أو قتل الأسير أو الأسرى، وإنما تساءل الدولة. وبما أن العراق دولة خاضعة كلياً لسلطات الاحتلال الأمريكي البريطاني فهاتان الدولتان هما المسئولتان عن أية عمليات قتل تتم في حق الأسرى الكويتيين وغيرهم أثناء فترة الاحتلال. وحتى ساعة اعداد هذه الدراسة فإن كل الرفات الذي اكتشف للأسرى الكويتيين يعود تاريخ الوفاة للأعوام 1990-1991، وبالتالي ما زالت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا فعلياً بمنئى عن المسئولية الدولية عن قتل الأسرى الكويتيين. 3)اهمال الولايات المتحدة وبريطانيا في العثور على أسرى الكويت تتحمل دولة الاحتلال كافة تبعات احتلالها للعراق، فتلتزم بتنفيذ كافة التزاماته كما أنها تستفيد من الحقوق التي يمنحها له القانون الدولي. ووفقاً للقاعدة القانونية "الغنم بالغرم" فكما – كان يفترض أن - تغنم كل من الولايات المتحدة وبريطانيا جراء احتلالهما للعراق من خلال أولوية التمتع بمنتجاته البترولية وأولوية مساهمة شركاتها في إعادة الإعمار، لا بد لها أن تتحمل الغرم من مسئوليات وتبعات المحافظة على أمن العراق وسلامة مواطنيها والأجانب الذين يعيشون على أراضيها بما فيهم الأسرى الكويتيين وغيرهم. ومن هذا المنطلق فقد ورد في نص المادة 13 من اتفاقية جنيف الثالثة على أن مسئولية الدولة الحاجزة - وهي بعد سقوط النظام العراقي الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة – عن سلامة الأسرى حين نصت على أنه "يجب معاملة أسرى الحرب معاملة انسانية في جميع الأوقات، ويحظر أن تقترف الدولة الحاجزة أي فعل أو إهمال غير مشروع يسبب موت أسير في عهدتها." ومن الملاحظ حرص هذا النص على استخدام مصطلح الدولة الحاجزة بدل الدولة المعادية، وبالتالي قد لا تعتبر العراق هي الدولة الحاجزة للأسرى كما هو الحال أثناء احتلال العراق، حيث أن الدولة الحاجزة فعلياً للأسرى هي الولايات المتحدة وبريطانيا، لأن معسكرات ومواقع احتجاز الأسرى تخضع لولايتها وسلطاتها. والمسئولية الملقاة على عاثق الدولة الحاجزة ليس فقط بعدم قتل الأسير، وإنما مسئوليتها حتى عن اقتراف أي اهمال يتسبب في موت أسير في عهدتها. ومن متابعة مجريات الأحداث التي أعقبت سقوط النظام العراقي فإن إهمال قوات الاحتلال في محاولة العثور على أسرى الكويت وغيرهم بارزة للعيان. فحين دخلت قوات الإحتلال العراق حرصت على مصالحها الخاصة دون أي اعتبار لمصالح الأسرى التابعين لغير دول الاحتلال. فبادرت قوات الجيش الأمريكي بالتعاون مع فريق الاطفاء الكويتي بالعمل على اخماد نيران آبار النفط التي أشعلها النظام العراقي في جنوب العراق في منطقة الرميلة واحتلال حقوق النفط وتأمينها في منطقة كركوك. وركز جانب لا بأس به من مجهودات قوات الاحتلال للعثور على أسلحة للدمار الشامل لدى العراق والذي كان يشكل كابوساً لكل من الولايات المتحدة وبريطانيا. كما أن أسرى الاحتلال من بريطانيين وأمريكيين كانوا أول الأسرى الذين قامت قوات الاحتلال بالبحث عنهم والعثور عليهم. ولم تكلف قوات الاحتلال نفسها عناء البحث عن أسرى الكويت وغيرهم وتركت هذه المهمة لدولة الكويت، بحيث تتفرغ قوات الاحتلال للدفاع عن مصالحها في العراق. 4) عدم المحافظة على مقابر الأسرى الكويتيين وفقاً لقواعد القانون الدولي الإنساني، يقع على عاتق الدولة التي تسيطر على الإقليم مهمة المحافظة على المقابر التي يدفن فيها جثث الأسرى. فقد نصت المادة 120 من اتفاقية جنيف الثالثة على أن "تتحمل الدولة التي تسيطر على الإقليم، إذا كانت طرفاً في الاتفاقية، مسئولية العناية بهذه المقابر وتسجيل كافة التحركات اللاحقة التي تتعرض لها الجثث." ولكن الواقع العملي كشف احجام الولايات المتحدة وبريطانيا - واللتان تعتبران الدولتان المسيطرتان على اقليم العراق وفقاً لوصف المادة 120- عن القيام بهذا الدور. فوفقاً لروايات سكان النجف أنهم أبلغوا السلطات الأمريكية هناك بوجود قبر جماعي يضم آلاف الجثث، إلا أنهم لم يحركوا ساكناً، مما دفع بالسكان المدنيين إلى نبش القبور واخراج جثث الموتى تحت متابعة وعدم تدخل القوات الأمريكية، مما يعتبر انتهاكاً بريطانياً امريكياً مشتركاً لنص المادة 120، مما عرض مهمة العثور على رفات الشهداء الكويتيين في هذه المقابر مهمة جد عسيرة.

الفصل الثاني: الضرر الذي لحق الأسرى الكويتيين وغيرهم وذويهم

يتمثل الضرر الذي تعرضت له الدول التي ينتمي لها هؤلاء الأسرى بفقدانها عدداً من أبنائها والذين يشكلون العجلة التي تدير حركة العمل في مختلف مؤسساتها. كما أن هذا الضرر يزداد حجماً عندما يكون هؤلاء الأسرى من ذوو الكفاءات الفذة والتي يعتبر احلالها أمر شبه مستحيل، كما لو كان الأسير من ذوي الاختصاصات المميزة أو الفريدة. فعلى سبيل المثال أحد أسرى الكويت هو الدكتور مطلق المطيري والذي يشغل منصب عضو هيئة التدريس في قسم القانون الدولي، والحاصل على شهادة الدكتوراه من المملكة المتحدة، فيصعب العثور على كفاءات مماثلة يمكنها أن تملأ الفراغ الذي يتسبب به أسر أو استشهاد مثل هذه الكفاءات. كما أن التمييز في معاملة الأسرى بأن يتم اعدام بعضهم بسبب انتمائهم لدولة ما بينما يتم معاملة أسرى آخرين بسبب انتمائهم لدول أخرى معاملة أرفع وأكثر احتراماً هو بحد ذاته مساس بسمعة الدولة وهيبتها حيث أن الدولة الآسرة صنفتها – من وجهة نظرها - في مرتبة متدنية. وهذا هو ما يمكن استشفافه من خلال تمييز النظام العراقي السابق بالمعاملة بين أسرى الكويت وغيرهم ممن تعرض للقتل وسواهم من أسرى الدول الغربية. وقد بدا ذلك جلياً أثناء احتلال العراق لدولة الكويت. ففي هذه الفترة بدأ النظام العراقي بالبحث في كل من الكويت والعراق عن مواطني الدول الغربية تمهيداً من أجل استخدامهم كدروع بشرية، إلا أنه كان يطلق عليهم مصطلح ضيوف العراق ويوفر لهم وسائل الراحة من سكن في أرقى فنادق بغداد وطعام وترفيه، انتهاءاً باطلاق سراحهم وعودتهم سالمين لديارهم. كما أن النظام العراقي أطلق سراح عدد من الطيارين الذين سقطت طائراتهم الحربية أثناء عملية عاصفة الصحراء بما فيهم أحد الكويتيين. وأخيراً فإن الأسرى البريطانيين والأمريكيين الذين سقطوا في أيدي القوات العراقية أثناء تحرير العراق تم تسلينهم لقوات التحالف وكذلك العثور على بعضهم في حالة ممتازة في المستشفيات العراقية. مقابل حسن المعاملة التي تمتع بها أسرى الدول الغربية، تعرض الأسرى الكويتيين والإيرانيين واللبنانيين لمعاملة لاإنسانية وفقاً للروايات التي وردت على لسان بعض الأسرى الذين فروا أثناء ثورة كربلاء عام 1991، كما أن توابيت مليئة بجثث الأسرى الإيرانيين تم العثور عليها أثناء اقتحام الجنوب العراقي عام 2003، وكشفت المقابر الجماعية في أرجاء العراق المترامية لاإنسانية هذا النظام من خلال اعدام معظم من عثر على رفاتهم من الأسرى باطلاق النار عليهم من الخلف. ومثل هذا التمييز من شأنه أن يولد انطباع لدى المجتمع الدولي والعامة بأن الدول الغربية أكثر رفعة واحتراماً من سواها، مما يشكل امتهاناً من كرامة الأخيرة، ويشجع سواها - عندما يدخل معها في نزاعات مسلحة – على ارتكاب انتهاكات مماثلة، خاصة عندما لا تتخذ هذه الدول الاجراءات الضرورية لجبر هذا الضرر ومعاقبة الجناة. إن من شأن معاملة الأسرى معاملة لاإنسانية وعدم الدخول في عمليات لتبادلهم مع الخصم وتجهيل مصيرهم أو الاعتداء على حياتهم من شأنه أن يتسبب في شغل الدولة التي يتبعها هؤلاء الأسرى ويشتت جهودها من خلال التركيز على قضية الأسرى في المحافل الوطنية والإقليمية والدولية. كما أن هذه الانتهاكات من شأنها أن تكلف الدولة التي يتبعها الأسرى مادياً من خلال تشكيل لجان وهيئات وفرق لمتابعة شئون الأسرى. فعلى سبيل المثال، بعد تحرير دولة الكويت انشئت اللجنة الوطنية لشئون الأسرى والمرتهنين الكويتيين ولجنة مجلس الأمة لشئون الأسرى والهيئة العامة للتعويضات وفرق البحث عن الأسرى بعد سقوط بغداد. كما أن الدخول في عضوية اللجان الإقليمية والدولية للبحث عن الأسرى والمفقودين ورفاتهم، خاصة إذا كانت الدولة المنتهكة تتسم بانخفاض مستوى خطابها السياسي والقانوني فسوف يتسبب ذلك بتوجيه الاتهامات واستعمال أساليب غير راقية في نعت الدولة التي يتبعها الأسرى مما يشكل انتهاكاً للسمعة والمكانة الدولية التي تحظى بها الدولة التي يتبعها الأسرى. ولايقتصر الضرر على ما تتعرض له الدولة وإنما يتعداها للضرر الذي يصيب الأسرى أنفسهم.

المبحث الثاني: الضرر الذي تعرض له الأسرى أنفسهم

الأسرى محل الانتهاك يتمتعون بمركز قانوني يكفل لهم بموجب اتفاقية جنيف الثالثة حق المعاملة الإنسانية والاتصال والإفراج. وبالتالي فحرمان هؤلاء الأفراد من هذه الحقوق من شأنه أن يستوجب تعويضهم تعويضاً عادلاً يتناسب وحجم الضرر الذي تعرضوا له. وبالنسبة للضرر فلسنا في هذا المقام في طور الحديث عن المعاناة الجسدية والنفسية التي تعرض لها أسرى الكويت وغيرهم، والتي يستوجب تعويضهم عنها تعويضاً عادلاً، وانما التركيز على المعاناة الجسدية والنفسية متى تسببت في موتهم. فلقد ثبت من تصريحات الأسرى الذين تمكنوا من الإفلات في أعقاب ثورة كربلاء عام 1991 ورواياتهم بأن النظام العراقي السابق اتسم بانتهاكاته الصارخة لنصوص اتفاقية جنيف الثالثة المتعلقة بحق الأسرى في المعاملة الإنسانية. إلا أن احتلال العراق لدولة الكويت كشف أن مثل هذه المعاملة اللاإنسانية قد تسببت في مقتل عدد من أسرى الكويت والذين تم القائهم جثث هامدة أمام منازلهم أو بالقرب منها. وبعد اندحار القوات الغازية من الكويت بقي عدد من الأسرى الكويتيين مجهول المصير أمام نكران النظام العراقي لمعرفته بهم، إلى أن دحضت المقابر الجماعية هذه المزاعم وكشفت للعالم أن الأسرى الكويتيين وغيرهم قد تعرضوا للإعدام بإطلاق الرصاص على رؤوسهم من الخلف، ولكن تحلل هذا الرفات جعل مهمة الكشف عن تعرضهم للتعذيب من عدمه أمر شبه مستحيل. وبالتالي فالمعاناة الجسدية من تعرض لأصناف التعذيب وأشكالها، والذي قد يترتب عليه آلام جسدية أو فقدان عضو من الأعضاء، إلى جانب الآلام النفسية من تهديدات وتوزيعهم في المواقع الاستراتيجية كدروع بشرية للحيلولة دون قصف المواقع الاستراتيجية أثناء حرب تحرير الكويت وحرب حرية العراق، إلى جانب حرمانهم من حق الحياة من خلال اعدامهم تشكل أضراراً تعرض لها الأسرى وتستوجب تعويضهم تعويضاً عادلاً عنها. ولا يمنع استشهادهم دون الحصول على مثل هذا التعويض حيث ينتقل بالتوارث لورثتهم الشرعيين، خاصة وأن اقرانهم ممن لم يستشهدوا يستحقون تعويضاً على هذه الآلام الجسدية دون تعويض الوفاة. ولا تقتصر الأضرار على ما يتعرض له كل من الدول والأسرى وإنما يتعداهم لذوي الأسرى. المبحث الثالث: الضرر الذي تعرض له ذوو الأسرى بعد ثمانية عشر عاماً على احتلال دولة الكويت وبروز قضية الأسرى الكويتيين وغيرهم بدأت مقولة أن "الشهداء من الأسرى ماتوا واستراحوا، إلا أن المعاناة مستمرة يومياً لدى ذويهم" تسود. وبالفعل فإن أهالي الأسرى وذويهم من خلال معاناتهم اليومية هم من يأججون المجهودات المحلية والدولية لقضية الأسرى، وقياساً فإن ذوو ضحايا الجرائم الدولية كتهاوي أبراج التجارة الدولية، ولوكربي والطائرة الفرنسية فوق النيجر هم من ساهم في تفعيل التسويات المالية والعقوبات الجنائية لهذه الجرائم . فما هو الضرر الذي تعرض له ذوو الأسرى جراء مقتل أسراهم؟ إن تحديد الضرر يختلف من حالة لأخرى، كل بحسب مركزه الاجتماعي وعدد أفراد أسرته وما غذا كان متزوجاً أم أعزباً، وما إذا كان لديه أولاد من عدمه، وما هو عدد أولاده، وما إذا كان معيلهم الوحيد أم مع الغير، ومركزه الوظيفي في الدولة، وغيرها من ظروف تحتاج دراسة كل ملف على حدة. إلا أن الأضرار المشتركة لذوو الأسرى تتمثل في حرمان ذويهم من العيش في كنفهم، وذلك بحرمان الوالدين من التمتع بابنهما، وحرمان الأباء من الترعرع في ظل والديهما أو أحدهما، وحرمان الزوجة من من الاستظلال بظل زوجها أو العكس، وما يترتب على ذلك من آثار نفسية تحول دون انخراط هؤلاء الأفراد في المجتمع وصعوبة اعادة تأهيلهم. فأسر فرد في مجتمع لا يتجاوز فيه عدد الكويتيين المليون من شأنه أن يزعزع كيان الأسير والأسرة التي ينتمي لها. والأشد ايلاماً أن يتعلق ويتجدد الأمل بعودة الأسرى كل يوم من خلال تصريحات المسئولين المحليين والدوليين، ويعد ذوو الأسير العدة لتجدد الأمل بعودتهم، ومن ثم يخبو هذا الأمل ويتسرب من جديد، الأمر الذي كان له أبلغ الأثر في تحطيم نفسيات ذوو الأسر وانهيارها. فذوو انفجار ابراج التجارة الدولية في نيويورك وانفجار لوكيربي وانفجار الطائرة الفرنسية فوق النجر قد علموا بمقتل ذويهم فلم تطل معاناتهم، بخلاف معاناة ذوو الأسرى الكويتيين التي تتجدد كل يوم على مدى ثمانية عشر عاماً. كما أن ذوو الأسرى حرموا حق دفن أسراهم وفقاً للشريعة الإسلامية، وحرموا حق معرفة مكان دفن شهدائهم حتى يتمكنوا من زيارة هذه المقابر في المناسبات والدعاء لهم، خاصة بعد كشف النقاب عن المقابر الجماعية التي احتضنت رفات أشرف أجساد- شهداء الكويت الطاهرة. وقد تطلب القضاء الدولي ضرورة توافر شرطين من أجل ثبوت أحقية ذوو الأسرى بالتعويض لوفاة أسراهم: 1) وجود تبعية اقتصادية يمكن اثباتها من خلال التزام الشهيد بالنفقة والإعانة لذويه المتضررين. وفي هذا السياق فقد رفضت اللجنة المكسيكية الفرنسية ادعاء أخ بأن ضرراً مادياً قد اصابه جراء وفاة أخيه حيث ثبت أن الضحية كان يعيش مع زوجته فقط وهي صاحبة الحق في ادعاء الضرر المادي دون سواها. 2) وجود رابطة قانونية بين الشهيد ومدعي الضرر، وفي هذه الحالة فإن الرابطة القوية كالأمومة تعتبر كافية في حد ذاتها لتعويض الأم عن الأضرار التي عانتها نتيجة الآلام التي تسبب بها فقدانها لإبنها الشهيد بعد طول انتظار. ويمكن للدولة الارتكاز على الضرر الذي يتعرض له مواطنوها (الأسرى وذويهم) كقاعدة قاننونية كفيلة بحد ذاتها من اجل تدويل قضية مطالبات الأسرى وذويهم بالتعويض. وفي هذا الصدد أشارت المحكمة الدائمة للعدل الدولي لذلك بقولها الأضرار الثانوية التي تخص الدولة لا تشبه بشكل جوهري تلك التي تقع فيها الدولة، ولا يمكن أن توفر إجراءً قابلاً للتنفيذ للتعويض عن الدولة. (تمت الزيارة آخر مرة في 3 يونيو 2003). زناتي، مرجع أعلاه، ص. 3. زناتي، مرجع أعلاه، ص. 12. انظر قضية مافروماتيس، CPJI، Rec.، Series A، No. 5، في 51. آر إس إيه، المجلد. ثالثا، ص. 32 الخ ذكره في زناتي، مرجعه أعلاه، ص. 64. زناتي، مرجع أعلاه، ص. 23. RSA، V.، 18 يونيو 1929، ص. 545، RSA، الرابع، ص. 265، ذكره في زناتي، مرجعه أعلاه، ص. 23. زناتي، مرجع أعلاه، ص. 23. CPJI، الحكم الصادر في 13 سبتمبر 1928، السلسلة AN 17 السلسلة C.N 15-11، قضية تتعلق بمصنع تشورزو، ص. 350. زناتي، المرجع أعلاه، ص 39-40. زناتي، مرجع أعلاه، ص. 41. إيمانويلا-كيارا جيلارد، "التعويض عن انتهاكات القانون الإنساني الدولي"، 851 المراجعة الدولية للصليب الأحمر 529، 531 (2003). بيرسوناز (جان)، "التعويض عن الضرر في القانون الدولي العام"، أطروحة، باريس، سيري، 1938، ص. 277. وشكلت الأمم المتحدة لجنة لإعادة الممتلكات الكويتية المنهوبة أثناء الاحتلال العراقي للكويت، ونجحت اللجنة في استعادة بعض الممتلكات الكويتية، وإن كانت في حالة سيئة. وثيقة الأمم المتحدة. أ/51/10/كور. 1 (1996)، متاح في (تمت الزيارة آخر مرة في 12 نوفمبر 2001)، الحاشية أعلاه (2085) المواد. 41-46. انظر المادة 43 من مسودة المواد الصادرة عن لجنة القانون الدولي بشأن مسؤولية الدول، U.N. Doc. أ/51/10/كور. 1 (1996)، متاح في (تمت الزيارة آخر مرة في 12 نوفمبر 2001)، الحاشية أعلاه (2085) المواد. 41-46. الأمم المتحدة، الجلسة الحادية والخمسون، الملحق. رقم 10، الفن. 45، وثيقة الأمم المتحدة. أ/51/10/كور. 1 (1996)، متاح في (تمت الزيارة آخر مرة في 12 تشرين الثاني (نوفمبر) 2001). جيلارد، الملاحظة أعلاه (...) في 532. قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 687/1991، 3 أبريل/نيسان 1991، الفقرة. 16. لجنة الأمم المتحدة للتعويضات، وثيقة الأمم المتحدة. كيس. 26/1991/1، قرار مجلس الإدارة رقم 1، معايير المعالجة السريعة للمطالبات العاجلة، 2 أغسطس/آب 1991، الفقرة. 18. (تمت الزيارة آخر مرة في 10 أكتوبر 2000). *السياسة* صحيفة الكويتية، "مجلس الأمن الدولي: مقتل السجناء"، المرجع أعلاه، ص. 1. المادة 16 من معاهدة السلام لعام 1951 بين القوى المتحالفة واليابان، سان فرانسيسكو، مقتبسة في جيلارد، الحاشية أعلاه (...) في الصفحتين 535-36. النزاع الألماني البولندي......، محكمة العدل الدولية الدائمة، الحكم الصادر في 26 يوليو 1927. جيلارد، الملاحظة أعلاه (...) في 535. د. محمد عبد العزيز أبو سكيلة، "النظرية العامة للمسؤولية الدولية"، المجلد الأول، (1981)، ص. 89، فيما بعد أبو سكيلة. أبو سكيلة، مرجعه أعلاه، ص 91-92. أبو سكيلة، مرجعه أعلاه، ص 91-92. أبو سكيلة، مرجعه أعلاه، ص93. عمر محمد المحمودي، "قضايا معاصرة في القانون الدولي"، الجماهيرية للنشر والتوزيع، بدون تاريخ، ص. 98، فيما بعد المحمودي. المحمودي، مرجع سابق، ص. 99. قانون الوطنية الأمريكي، §§ 102، 624، 1011، و1014. شمال ولاية إيوان على الإنترنت، "العالم باختصار"، 2 مايو 2003، (تمت الزيارة آخر مرة في 31 مايو 2003). لقد خضعت الجماهيرية الليبية للعقوبات بموجب قراري مجلس الأمن رقم 784/1992 و884/1993. ورفع مجلس الأمن العقوبات عن الحكومة الليبية بموجب القرار 1506/2003 الصادر في 12 سبتمبر 2003.

D. Issa Al-Anazi

  • تاريخ
  • عميل
  • فئة
  • مشاركة
الى الأعلى