جامعـة الكــــويت

كلية الحقــــــوق

قســم القانون الدولي

 

 

الاختصاصات السياسية لـلأمين العام

للمنظمات الدولية

دراسة مقارنة

مع التطبيق على الوضع في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية

ومجلس التعاون لدول الخليج العربية

إعداد الدكتور / عيســـى حميد العنـــزي

1998

إن ظاهرة المنظمات الدولية فرضت نفسها على العلاقات الدولية ، فبإطلالتنا على أبواب القرن الحادي والعشرون تعددت وتنوعت المنظمات الدولية ، ويتوقع أن يصل عددها في نهاية هذا القرن إلى حوالي 630 منظمة دولية ، عدا التكتلات والتجمعات الخاصة ذات البعد الدولي كالنقابات العمالية والشركات متعددة الجنسية ([1]) . ولا تخلو أي منظمة من المنظمات الدولية من جهاز الأمانة العامة .

يقوم على هذه الأمانة أمين عام يتولى تسيير أمور المنظمة الدولية بناءا على توجيهات الدول الأعضاء التي ترجموها في نصوص النظم الأساسية ، نصوص النظم الداخلية للأجهزة المتعددة في هذه المنظمات الدولية ، وجزء أخير تضمنه الدول الأعضاء في القرارات المتعددة التي تتبناها أجهزة المنظمة الدولية المختلفة .

ويمارس الأمين العام في تسيير شئون المنظمة الدولية عدداً من الاختصاصات والمهام، منــها ما له طابع إداري ومنها ذا الطابع السياسي ، ونوعاً ثالثاً يعتبر هجيناً بين الاثنين وهو ما سنذهب إلى تسميته بالاختصاصات المختلطة . إلا أننا سنحرص في دراستنا على التركيز على الاختصاصات التي يثور بشأنها الكثير من اللغط وهي السياسية ، فالاختصاصات الإدارية للأمين العام لا تثير الكثير من الجدل بشأن أحقية الأمين العام بالقيام بها من عدمه ، بل وصل الأمر بأن الدول الأعضاء نفسها تؤثر منحه المزيد من هذا النوع من الاختصاصات ، وهو الأمر الذي يوحي به إطلاق مسمى السكرتارية العامـة على هذا الجهاز ، وذلك لاقتباس الدور الــذي تقوم به السكرتارية لدى أي شخــص من الأشخاص المعنوية في القانون الداخلي (شركات ، نقابات ، مؤسسات… الخ) .

إلا أن المسألة تدق وتصبح أكثر حساسية عندما يباشر الأمين العام اختصاصاً سياسياً ينازع فيه الدول الأعضاء ويسابقها على مباشرته ، فهنا ترفض بعض هذه الدول مثل هذا الأمر وتعترض على السماح له بمنازعتها اختصاصاتها ، كما تدعو إلى التزامه بالاختصاص الإداري التقليدي الموكل إليه من الدول الأعضاء .

ولإبراز دور السلطات السياسية في تدعيم مركز الأمين العام فإننا نسترشد بالوصف الذي أطلق الأمين العام للأمم المتحدة نتيجة لذلك حيث نعت بأنه عضـو مجلـس الأمـن الدولي الثـاني عشر ([2]) ، حيث كان عدد أعضاء مجلس الأمن 11عضوا فقط ، ووفقاً للتعديل الذي لحق ميثاق  الأمم المتحدة في 17/12/1963 ودخل حيز التنفيذ في 31/8/1965 أصبح عددهم 15 عضواً ([3]) . وهو الأمر الذي أكده أمين عام الجامعة العربية السيد / عبدالرحمن عزام بقوله أن ” وظيفة الأمين العام في أي مؤسسة دولية لا يقف عند حد الإشراف على حفظ السجلات وتبليغ القرارات وإنما عليه أن يزاول الاختصاصات التي تمنحه إياها الهيئة في ميثاقها ولوائحها وقراراتها“([4]) ، بهدف التأكيد على مسألة حفظ السجلات وتبليغ القرارات هو عمل إداري بحت لا يتوقف عنده اختصاص الأمين العام بل يتجاوزه لوضع كافة الاختصاصات الموكلة للأمين العام – بما فيها السياسية – موضع التنفيذ.

كما لا بد لنا أن نؤكد أن بسط يد الأمين العام أو تقييدها هي أمور تعود للثقافة القانونية التي يتمتع بها ممثلو الدول الأعضاء لدى المنظمة الدولية وردود أفعالهم تجاه مبادرات الأمين العام السياسية ، سواء التي تمنحه إياها أجهزة المنظمة أو تلك التي يبادر بها من تلقاء نفسه بالاستناد على أحـــد النصوص أو القرارات .

فمواقف المنظمات الدولية بشأن حق الأمين العام في ممارسة هذا النوع من الاختصاصات متباينة ، فمنها من يدعمه في مهمة حمل الأعباء السياسية عن الـدول الأعضاء ، وسد أوجه القصور التي تترتب على إعراض الدول الأعضاء عن ممارسة حقها في هذا الاختصاص ، كدعوة بعض أجهزة المنظمة الدولية لعقد اجتماعات غير عادية وتنفيذ المهام السياسية التي توكل للأمين العام من قبل الأجهزة المختلفة للمنظمة الدولية وإدراج ما يراه من المسائل في جدول أعمال المنظمة … الخ ([5]) ، ومنها من يعارض هذا الاختصاص بمنعه صراحة ([6]) واشتراط الحصـول على تفويض خاص لممارسته ([7]) .

وفي محاولة لتوضيح هذه المواقف المتعددة فإننا محورنا هذه الدراسة حول المقارنة بين مواقف عدد من المنظمات الدولية الهامة على الساحة الإقليمية والعالمية والتي تدخل دولة الكويت في عضويتها ، وهذه المنظمات هي مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة .

وفي محاولة لتحليل محتوى هذه الدراسة فإننا سننتهج فيها الإجابة على التساؤلين التاليين : ما هو الأساس القانوني لممارسة الاختصاصات السياسيــــــة (المبحث الأول ) وما هي المهام السياسية الموكلة للأمين العام ( المبحث الثاني ) .

الفصل الأول

الأساس القانوني للاختصاصات السياسية للأمين العام

إن للأمين العام اختصاصات إدارية يمارسها كأصل عام في كل منظمة دولية ، بل إن الدول جميعها تتفق على أن المهمــة الأساسية للأمانة العامة هي القيام بالأعمال الإدارية للمنظمة ، كتوجيه الدعوات لحضور اجتماعات أجهزة المنظمة الدولية وإعداد مشروع جدول أعمال أجهزتها وتلقي طلبات الانضمام والانسحاب وإعداد مشروع الميزانية السنوية للمنظمة الدولية ، تسلم وثائق التصديق على النظم الأساسية ، ترشيح الأمناء المساعدين وتعيين الموظفين ، تسلم الاتفاقيات والمعاهدات التي تعقدها الدول الأعضاء…الخ . كما تحرص عدد من الدول على حصر نشاط الأمين العام في هذه الحدود الإدارية بحيث لا يجاوزها الى الاختصاصات السياسية التي تكون حكراً على ممثلي الدول الأعضاء . والأمين العام الذي لا يعبأ بتطوير وتفعيل دور المنظمة يلتزم بعدم تجاوز هذا النوع من المهام  في ممارسته لاختصاصاته . كما أن التزامه بحدود العمل الإداري البحت وعدم تجاوزها الى الاختصاصات السياسية لا يرتب بأي حال من الأحوال إخلالاً بواجباته ، لأن الأصل في واجبات الأمانة هي الإدارة ([8]).

إلا أن ثبات الاختصاص السياسي وقوته يعتمدان على السند القانوني الذي يركن إليه الأمين العام في ممارسته للاختصاص السياسي .

ومن تحليل الاختصاصات السياسية نجد أن سندها القانوني لا يخرج عن كونه اختصاصاً صريحاً أو ضمنياً ، وبالتالي فإنها تجد سندها في المواثيق الأساسية للمنظمات الدولية أو في اللوائح الداخلية أو القرارات ، وهي ما نطلق عليه الاختصاصات السياسية الصريحة ( المبحث الأول ) ، إلا أن الاختصاصات السياسية لا يتم دائماً النص عليها صراحة في أحد المصادر سالفة الذكر ، كما أن الأمين العام لا يمكنه ابتداع اختصاصات سياسية بالمخالفة لإرادة الدول الأعضاء التي خولته ممارستها ، إلا أنه في ظل غياب النص الصريح يستطيع استنباط اختصاصات سياسية أخرى بالاستناد على عدد من النصوص التي لا تخاطبه بشكل مباشر ، وهو ما سنطلــق عليه الاختصاصات السياسية الضمنية للأمين العام ( المبحث الثاني).

المبحث الأول

الاختصاصات السياسية الصريحة للأمين العام

إن الاختصاصات السياسية الصريحة للأمين العام هي تلك التي ورد بشأنها نص صريح لا يقبل الجدل بإيكالها إليه . وهذا النص الصريح تورده الدول الأعضاء سواء في النصوص التأسيسية للمنظمة الدولية (الفرع الأول)، كما يمكن أن يكون مدرجاً بين نصوص النظم الداخلية لأجهزة المنظمة الدولية (الفرع الثاني) ، وأخيراً يجوز الارتكاز على قرارات الأجهزة المختلفة للمنظمة الدولية لاعتماد أحد الاختصاصات السياسية الصريحة للأمين العام (الفرع الثالث) . وهذا ما سنحاول بحثه بشيء من التفصيل فيما يلي :

الفرع الأول

الاختصاصات السياسية الصريحة

المستمدة من المواثيق الأساسية

أن المواثيق الأساسية تشكل اتفاقية تأسيس المنظمة الدولية ، واستناداً لهذه الوثيقة تتنازل الدول الأعضاء عن بعض اختصاصاتها لصالح المنظمة الدولية ، كما توكل للأمين العام عدداً من الاختصاصات للعمــل على تحقيقهـا ، منها السياسي ، الإداري ، المالي ، الاقتصادي … الخ . إلا أن غالبية المواثيق الأساسية تُعرض عن التصريح بأي اختصاص من الاختصاصات السياسية للأمين العام ، رغبة من الدول الأعضاء في تقييده ضمن حدود الاختصاصات التقليدية الموكلة له . فنادراً ما نجد ميثاقاً أساسياً ينص صراحة على منح أحد الاختصاصات السياسية للأمين العام ، وإذا وجدنا فقلما تسهب بمنحه هذا النوع من الاختصاصات . وبناءاً عليه سنستعرض موقف المواثيق الأساسية للمنظمات الدولية محل الدراسة من التصريح لأمنائها العامين بمباشرة الاختصاصات السياسية .

غير أن ميثاق منظمة الأمم المتحدة تميز عن غيره من المواثيق بأنه صرح للأمين العام – بموجب نص المادة 99 منه – بمباشرة اختصاصا سياسيا وحيدا في الميثاق ، حيث نصت على أنه ” للأمين العام أن ينبه مجلس الأمن الدولي الى أية مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدولي ” . ولقد تم تبني صياغة هذا النص في الاجتماعات التحضيرية لإعداد ميثاق الأمم المتحدة بسهولة ودون اعتراض ، وذلك لأن جميع ممثلي الدول المشتركة في إعداد الميثاق كانت متفقة على إضفاء طابع سياسي مهم على مهام الأمين العام . إلا أن محور الخلاف بين الدول الأعضاء كان يدور حول طبيعة التزام الأمين العام وفقاً لنص المادة 99 ، هل يفترض صياغتها بصيغة إلزامية ، أم يكتفي بصيغة اختيارية وهو الاتجاه الذي ساد ، حيث جاء النص ” للأمين العام أن ينبه … ” ([9]) . وبالتالي فقد تمتع الأمين العام بموجب المادة 99 بسلطات سياسية واسعة من خلال بسط اختصاصه في تنبيه مجلس الأمن الى أية مسألة . ومن المتفق عليه أن المسألة هي معيار واسع المحتوى بحيث تَجُبُ أي نزاع أو وضع قد يهدد السلم والأمن الدولي ([10]) .

أما جامعة الدول العربية فلم تشر في ميثاقها صراحة الى حق الأمين العام في ممارسة أي اختصاص سياسي ، بل أن ميثاق الجامعة العربية وقف موقفاً خطيراً في نص المادة 6 والتي كانت مــن الممكن أن تشكل أهم الأســانيد القانونية للاختصاص السياسي للأمين العـــام ، حيث نصت على أنه ” إذا وقع اعتداء من دولة على دولة من أعضاء الجامعة ، أو خشي وقــوعه فللدولة المعتدى عليها ، أو المهددة بالاعتداء ، أن تطلب دعوة المجلس للانعقاد فوراً . ويقرر المجلس التدابير اللازمة لدفــع هذا الاعتداء ، ويصدر القرار بالإجماع ، فإذا كان الاعتداء من إحدى دول الجامعة ، لا يدخل في حساب الإجماع رأي الدولة المعتدية. وإذا وقع الاعتداء بحيث يجعل حكومة الدولة المعتدى عليها عاجزة عن الاتصال بالمجلس ، فلممثل تلك الدولة فيه أن يطلب انعقــاده للغاية المبينة في الفقرة السابقة ، وإذا تعذر على الممثل الاتصال بمجلس الجامعة ، حق لأي دولة من أعضائها أن تطلب انعقاده ” . وتتمثل خطورة الموقف أن الميثاق قصر حق الاتصال بمجلس الجامعة على الدول الأعضاء – في حال تعذر قيام ممثل الدولة المعتدى عليها بذلك ، وكان من الأجدر أن يوكل هذه المهمة إلى الأمين العام إلى جانب الدول الأعضاء ، حيث أنه من المتصور أن تمتنع هذه الدول بسبب مصالحها الخاصة عن اللجوء لهذا الإجراء ، مما يفتح الباب للأمين العام الذي يبحث عن مصالح الدول الأعضاء جميعاً بغض النظر عن الاختلافات السياسية أو الاقتصادية أو الدينية … الخ ، وبالتالي نكون قد كفلنا حماية حقيقية للدول الأعضاء بعيداً عن تضارب المصالح .

ويعود السبب – من وجهة نظرنا الخاصة – في تردد ميثاق جامعة الدول العربية في منح الأمين العام أي من الاختصاصات السياسية ، إلى مدى حساسية الدول العربية تجاه مسائل السيادة . وهي في الواقع وإن قبلت التنازل عن جزء من اختصاصاتها للمنظمة إلا أنها لم تقبل التنازل عنها لصالح فرد وهو الأمين العام ، وبالتالي فليس من السهل عليها قبول ممارسة أحد مواطني الدول الأعضاء – الأمين العام – لاختصاص سياسياً مماثلاً للدول الأطراف في المنظمة الدولية .

ولم يكن موقف النظام الأساسي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بالبعيد عن موقف ميثاق جامعة الدول العربية بهذا الشأن ، حيث أنه قيد الأمين العام عند ممارسته الاختصاص السياسي بالالتزام بالصلاحيات المخولة له ، حين نصت فقرة 5 من المادة 14 من النظام الأساسي لمجلس التعاون على أن “… 5- يكون الأمين العام مسئولاً مباشرة عن أعمال الأمانة العامة وعن حسن سير العمل في مختلف قطاعاتها ويمثل مجلس التعاون لدى الغير وذلك في حدود الصلاحيات المخولة له ” ، حيث يتضح من هذه المادة أن الأمين العام مقيد بأن يتم تخويله لمباشرة أحد الاختصاصات السياسية ، وعادة ما يتم هذا التخويل بقرار من المجلس الأعلى أو الوزاري . واستناداً إلى نص هذه المادة أيضاً لا يمكن للأمين العام مباشرة أي اختصاص سياسي خارج إطار الدول الأعضاء ما لم يكن مخولاً أيضاً من جهات الاختصاص ، ويجب عليه الالتزام في حدود هذا التفويض إن وجد . وبناءاً على ما سبق يمكننا التمييز بالنسبة للاختصاص السياسي للأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بين حالتين :

الحالة الأولى : مبادرات الأمين العام السياسية بين دولة أو أكثر من الدول الأعضاء في مواجهة دولة أو أكثر من غير الأعضاء ، فهنا لا يمكن لأمين عام المجلـــس ممارستها دون تفويض من المجلس الأعلى أو الوزاري، ويلتزم في حدود التفويض . يمكن أن نرتكز بهذا الشأن على الموقف الذي اتخذه أمين عام مجلس التعاون السيد / جميل الحجيلان بشأن التوغل التركي في شمال العراق في منتصف عام 1997 ، حيث قام بإبلاغ السفير التركي في الرياض السيد / توركيكل كورتكين بأن الدول الخليجية الست لا يمكن أن تقبل أي عمل يهدد وحدة العراق وسلامة أراضيه أياً كانت المبررات ([11]) . وفي الواقع فان الأمين العام لمجلس التعاون لم يلجأ إلى مثل هذه الخطوة إلا بعد أن فوضه الدول الأعضاء باجتماع وزراء خارجيتهم الثاني والستون والذي سبق هذا الاستدعاء مباشرة .

الحالة الثانية : مبادراته السياسية في إطار مجلس التعاون أو بين الدول الأعضاء ، وهذه وفقاً لنص الفقرة 5 من المادة 14 ، فإنها لا تحتاج إلى تفويض . إلا أن الواقع العملي يؤكد بأن ممارسة الأمين العام للاختصاصات السياسية عادة ما يسبقها تحري موافقة الدول المعنية لمباشرة هذا الاختصاص سواء أتمت بين الدول الأعضاء أو بينها والغير ، وآلا فسيعرض الأمين العام نفسه للنقد الشديد من قبل الدول الأعضاء كافة . كما يحتمل عدم تعاون الدول المعنية في المبادرة التي يباشرها الأمين العام دون موافقتها . وهذا هو الموقف الذي يدعم وجهة نظر البعض بوجوب تعميم اشتراط التفويض في الاختصاصات السياسية على كافة المنظمات الدولية([12]).

كما نص النظام الأساسي للمجلس على اختصاص سياسي آخر ، إلا أننا لا نرى فيه أية إضافة إيجابية على العمل الإداري المعتاد وعدم تدعيمه للمركز القانوني للأمين العام ، وهو المتمثل بحقه في الاقتراح – فقط – على رئيس المجلس الوزاري بالدعوة إلى عقد اجتماع غير عادي إذا رأى من وجهة نظره أن الظروف السياسية تستدعي مثل هذا الاجتماع ، وبذلك يشارك الدول الأعضاء في اختصاصها السياسي بطلب عقد دورة استثنائية للمجلس الوزاري ، وذلك طبقاً لنص الفقرة 8 مادة 15 من النظام الأساسي للمجلس والتي تنــص على أن من ضمن اختصاصات الأمانة العامة ” الاقتراح على رئيس المجلس الوزاري الدعوة لعقد دورة استثنائية للمجلس الوزاري إذا دعت الحاجة إلى ذلك ” ،  إلا أنه اختصاص غير منجز ، ولكنه معلق على شرط موافقة رئيس المجلس الوزاري . وبالتالي فإن الانعقاد الفعلي للدورة الاستثنائية للمجلس الوزاري لا ترتكز على قناعة الأمين العام بأهميتها وإنما تعتمد على القناعـة التي يكونها رئيس المجلـس الوزاري من مثل هذا الاقتراح .

الفرع الثاني

الاختصاصات السياسية الصريحة

المستمدة من النظم الداخلية

تشرع اللوائح الداخلية لوضع النظم الأساسية موضع التنفيذ ، فتفصل في العموميات ، وتسد أوجه النقص في الأمـور التي لم تعالجها النظم الأساسية ، وتوضح أوجه الغموض والإبهام فيها . وعليه فان المنظمات التي تحاول مواكبة التطور بمنح الأمين العام اختصاصات سياسية يمكنها استدراك النقص الذي اعترى نظمها الأساسية من خلال تضمين النظم الداخلية لبعض الاختصاصات السياسية للأمين العام .

ومن ضمن الاختصاصات السياسية الصريحة التي منحها النظام الداخلي للجمعية العامة للأمم المتحدة للأمين العام ما ورد في فقرة (ز) من المادة 13 والتي تنص على أن ” يتضمن جدول الأعمال المؤقت للدورة العادية … (ز) كل البنود التي يرى الأمين العام ضرورة عرضها على الجمعية العامة… ” ، وبالتالي يمكن أن نلاحظ أن إدراج الأمين العام لأي مسألة من المسائل السياسية في نطاق جدول الأعمال المؤقت إنما ينطلق من إيمانه واقتناعه بوجوب عرض مسألة ما على اجتماع الجمعية العامة . وعليه فقد قام النظام الداخلي للجمعية العامة بمنح الأمين العام اختصاصاً يماثل اختصاص الدول الأعضاء وفقاً للفقرة (هـ) من ذات المادة والتي تنص على أن ” يتضمن جدول الأعمال المؤقت للدورة العادية … (هـ) كل البنود التي يقترحها أي عضو من أعضاء الأمم المتحدة… ” .

كما أن المادة 70 من ذات النظام تنص على أن ” للأمين العام ، أو لأي عضو في الأمانة يُسميه الأمين العام ممثلاً له ، أن يدلي في أي وقت ببيانات شفوية أو كتابية في الجمعية العامة بشـأن أية مسألة تكـون قيـد نظرها” ، وبالتالي يمكن للأمين العام أو من ينيبه الإدلاء بالمعلومات أو البيانات – قد تكون ذات طابع سياسي – التي من شأنها أن تجلي الحقائق وتؤثر في مواقف عدد من الدول الأعضاء . ونفس المنحى انتهجته المادة 112 من النظام الداخلي للجمعية العامة – إلا أنها تتعلق بدور الأمين العام في لجان الجمعية – إذ نصت ” للأمين العام ، أو لأي عضو في الأمانة يُسميه الأمين العام ممثلاً له ، أن يدلي في أي وقت ببيانات شفوية أو كتابية في أية لجنة أو لجنة فرعية بشأن أية مسألة تكون قيد نظرها ” .

وفـي نطاق مجلس الأمن الدولي نصت المادة 22 من نظامه الداخلي  ” أن للأمين العام أو لنائبه الذي يعمل باسمه أن يقدم بيانات شفوية أو كتابية إلى مجلس الأمن بشأن أي مسألة ينظر فيها ” . وبموجب نص هذه المادة يستطيع الأمين العام أن يؤثر في مواقف الدول الأعضاء في شأن أية مسألة ينظرها مجلس الأمن بناءاً على ما يدلي به من بيانات .

وهذا هو الحال بالنسبة لجامعة الدول العربية التي لم تشر بميثاقها لا من قريب ولا من بعيد إلى الاختصاصات السياسية للأمين العام ، إلا أنها تداركت الأمر ومنحته اختصاصاً سياسياً في المادة 12 فقرة 2 من النظام الداخلي لمجلس الجامعة ، والتي أصبحت تشكل السند القانوني للأمين العام لمباشرة عدد من الاختصاصات السياسية وعلى رأسها لفت نظر مجلس الجامعة والدول الأعضاء إلى أية مسألة قد تسيء إلى العلاقات العربية ، حيث نصت بأن ” للأمين العام أن يسترعي نظر المجلس أو الدول الأعضاء إلى أية مسألة يرى أنها قد تسيء إلى العلاقات القائمة بين الدول العربية أو بينها وبين الدول الأخرى ” .  ثم عاد النظام الداخلي لمجلس الجامعة ونص في المادة 13 فقرة 2 على أن ” يدير الرئيس المداولات … وله عند الاقتضاء أن يدعو الأمين العام أو من يمثله في الاجتماع لإيضاح ما يراه … ” . كما أن الفقرة 1 من المادة 12 فتحت للأمين العام – أو من ينوب عنه – الباب في كل وقت لتقديم تقارير أو بيانات عن المسائل المعروضة أمام المجلس ، حيث نصت ” يشترك الأمين العام في اجتماعات المجلس ولجانه ويجوز أن يعاونه أو يحل محله فيها من يختارهم من مساعديه . وللأمين العام أو لمساعديه بموافقة الرئيس أن يعرضوا على المجلس في كل وقت تقارير أو بيانات عن أية حالة يبحثها المجلس ” ، ومن شأن هذه التقارير أو البيانات أن تؤثر في سير المناقشات ، بل والتأثير في مواقف بعض الدول الأعضاء أحياناً .

ومن خلال اطلاعنا فقد افتقرت النظم الداخلية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى التصريح بأي اختصاص سياسي للأمين العام ، واكتفت بما أورده النظام الأساسي من أسانيد بشأن الاختصاص السياسي .

الفرع الثالث

الاختصاصات السياسية الصريحة المستمدة من

القرارات الصادرة عن الأجهزة المختلفة للمنظمة الدولية

إن الدور الذي تلعبه القرارات الصادرة عن أجهزة المنظمات الدولية يهدف إما إلى وضع الاختصاصات السياسية – المنصوص عليها في المواثيق الأساسية أو اللوائح الداخلية – موضع التنفيذ ، أو تشريع اختصاصات سياسية لم يرد النص بشأنها خاصة في ظل غياب النص على أي اختصاص سياسي للأمين العام ، حيث تقوم هذه القرارات بخلق السوابق القانونية التي يمكن أن يُرتكَز عليها مستقبلاً للدفاع عن الدور السياسي للأمين العام . ومن وجهة النظر القانونية الخالصة ، فلا بأس في تشريع اختصاصات سياسية للأمين العام بموجب القرارات الصادرة من المنظمة الدولية ، لأن الدول الأعضاء هي صاحبة الاختصاص الأصيل ، وإذا شاءت الدول الأعضاء التنازل عن المزيد من اختصاصاتها لصالح الأمين العام فلا بأس طالما أنها أبدت هذه الإرادة من خلال القرارات التي تبنتها في الأجهزة المختلفة للمنظمة الدولية .

وتطبيقا لذلك فقد ورد النص على إمكانية إسناد القرارات التي تصدرها بعض أجهزة منظمة الأمم المتحدة لعدد من المهام السياسية للأمين العام من خلال  المادة 98 من الميثاق والتي تنص على أن ” يتولى الأمين العام أعماله بصفته هذه في كل اجتماعات الجمعية العامة ، ومجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ، ومجلس الوصاية ، ويقوم بالوظائف الأخرى التي تكلها إليه هذه الفروع… ” ، وبالتالي فيمكن لفروع الأمم المتحدة أن توكل للأمين العام من خلال قراراتها عدداً من الاختصاصات والتي قد يكون منها السياسي ، حيث أن المادة المذكورة لا تضع أية حدود صريحة للوظائف التي يمكن أن توكل للأمين العام . ومع ذلك فإنه يمكن أن نستخلص نطاق الوظائف التي يمكن أن توكل له إذا علمنا أن الميثاق قد أسند إلى مجلس الأمن بصفة رئيسية وإلى الجمعية العامة مهمة الحفاظ على الأمن والسلم ، وعليه فلا يمكن أن تسند هذه الأجهزة إلى الأمين العام وظائف لا تكون داخلة أصلاً في اختصاصاتها هي ([13]) .

ومثالنا على ذلك قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن الاحتلال العراقي لدولة الكويت ، حيث ورد في نص القرار 674/1990 الصادر من مجلس الأمن الدولي بأن مجلس الأمن “…12- يضع ثقته في الأمين العام لبذل مساعيه الحميدة وليقوم ، إذا رأى من المناسب ، بمواصلتها ولبذل الجهود الدبلوماسية من أجل التوصل إلى حل سلمي للأزمة الناجمة عن الغزو والاحتلال العراقيين للكويت على أساس قرارات مجلس الأمن… ” . فاختصاص الأمين العام في محاولة الحل السلمي للمنازعات الدولية لم يرد النص عليه صراحة لا في الميثاق ولا النظم الداخلية للأمم المتحدة ، إلا أن قرار مجلس الأمن الدولي أوكل للأمين العام هذا الاختصاص ، بالاستناد على نص المادة 98 . وبموجب القرار 666/1990 الصادر من مجلس الأمن الدولي ورد النص في البند السابع : “…7- يطلب من الأمين العام استخدام مساعيه الحميدة من أجل تيسير إيصال المواد الغذائية إلى العراق والكويت وتوزيعها ، وفقاً لأحكام هذا القرار وغيره من القرارات ذات الصلة… ” . كما أن مجلس الأمن الدولي في قراره رقم 674/1990  قرر أن ” … 12- يضع ثقته في الأمين العام لبذل مساعيه الحميدة وليقوم إذا رأى من المناسب بمواصلتها ولبذل الجهود الدبلوماسية من أجل التوصل إلى حل سلمي للأزمة الناجمة عن الغزو والاحتلال العراقيين للكويت وذلك على أساس قرارات مجلس الأمن… ” . كما أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 687/1991 قد كلف الأمين العام بالمساعدة في ترسيم الحدود الكويتية العراقية ([14]) .

كما أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 طلب من الأمين العام بذل الجهود للتوصـــل إلى تسوية سلمية وعادلة وفقاً  لترتيبات ومبادئ هذا القرار ([15]) حيث اعتمد مجلس الأمن الدولي على السيد / يو ثانت لتنفيذ هذا القرار ([16]) . وبشأن أزمة الرهائن الأمريكيين المحتجزين في طهران ، طلب مجلس الأمن الدولي من الأمين العام ” استخدام مساعيه الحميدة للتطبيق الفوري لهذا القرار ، واتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك وتقديم تقرير عاجل عن نتائج مجهوداته ” .

أما عن قرارات مجلس جامعة الدول العربية ، فإنها لم تحاول الخروج على النهج الذي فرضه الميثاق من عدم التطرق إلى منح الأمين العام أية اختصاصات سياسية ، مما يوحي بأن العقلية العربية منذ نشأة الجامعة وحتى يومنا هذا لم تتغير تغيراً ملحوظاً ، وما زالت صيغة  القرارات التي تسند إلى الأمين العام بعض المهام لا تخرج عن مطالبة الأمين العام بمتابعة الجهود المبذولة في سبيل تنفيذ قرار ما ، وتقديم تقرير بهذا الشأن ، مما يجعل دور الأمين العام مادي ، ويقتصر على رصد المواقف الداعمة لتنفيذ قرار ما وتلك العائقة لهذا التنفيذ . فمثلا قرر مجلس الجامعة بشأن تهديد العراق لدولة الكويت عام 1961 وعدم اعترافه باستقلالها بأن ” …ثالثاً – تلتزم الدول العربية بتقديم المساعدة الفعالة لصيانة استقلال الكويت بناءاً على طلبها ، ويعهد المجلس إلى الأمين العام باتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع هذا القرار موضع التنفيذ” . كما قرر في جلسته المنعقدة  في 23/3/1975 بناءاً على المذكرة المغربية المتعلقة بطلب دراسة موضوع الصحراء الغربية  ” أن يتابع الأمين العام الموضوع ، ويقدم تقريراً عنه في الدورة القادمة للمجلس ” ، وفيما يتعلق باحتلال العراق لدولة الكويت في أغسطس 1990 فقد قرر مجلس الجامعة في اجتماعه غير العادي في 2/8/1990 “… 7-تكليف الأمين العام بمتابعة تنفيذ هذا القرار وإخطار المجلس بما يستجد…“([17]) ، وحتى على مستوى القمة لم تحاول غالبية الاجتماعات الخروج عن هذا النمط فقد قررت قمة القاهرة الخاصة ببحث احتلال العراق لدولة الكويت أن ” …7- تكلف القمة العربية الطارئة أمين عام الجامعة العربية بمتابعة تنفيذ هذا القرار ورفع تقرير عنه خلال خمسة عشر يوماً إلى مجلس الجامعة لاتخاذ ما يراه في هذا الشأن …” ([18]) .

إلا أن هذا لا يمنع أن تاريخ الجامعة الذي تجاوز الخمسون عاماً قد سجل بعض القرارات الاستثنائية التي منحت الأمين العام اختصاصاً سياسياً مهماً ، نذكر منها قرار مجلس الجامعة الصادر في 3/4/1954 بشأن تقرير بعثتها إلى اليمن ، حيث نص القرار في نهايته على أن ” … 8-يخول الأمين العام بأن يدعو إلى اجتماع عاجل للمجلس إذا اقتضى ذلك تطور الحال ” ([19]) ، وترك التقدير للأمين العام لبيان مدى الحاجة لعقد اجتماع عاجل وفقاً لمقتضيات الحال ، وهو أمر يحمل في طياته اختصاصا سياسيا صريحا جاء في ثنايا قرار مجلس الجامعة المذكور .

أما عن موقف مجلس التعاون لدول الخليج العربية فإن بعض القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى أوكلت للأمين العام مباشرة الاختصاصات السياسية المشار إليها من قبل الدول الأعضاء ، حيث فوض المجلس الأعلى ، في دورته السابعــة عشر المنعقدة في الدوحة ، الأمين العام لتنقية الأجواء بالتعاون مع اللجنة الرباعية التي شكلت لهذا الغرض ، من قبل كل من المملكة العربية السعودية ، دولة الإمارات العربية المتحدة ، دولة الكويت وسلطنة عمان ، والمشاركة إلى جانب ممثلي هذه الدول لمحاولة بحث ملابسات توتر الأجواء بين دولتي البحرين وقطر والعمل على تنقيتها ([20]).

المبحث الثاني

سند  للاختصاصات

السياسية الضمنية للأمين العام

لا يستمد الأمين العام – دوماً – اختصاصه السياسي من النصوص الصريحة التي سبق استعراضها في الفرع الأول ، فقد لا تخاطب النصوص الأمين العام صراحة ، لكن  يمكن استخلاص هذه الاختصاصات من خلال روح النص أو استشفافها منه ، أو بمعنى آخر فان الاختصاص الضمني هو ما يستمده الأمين العام من تعريض النصوص لا من تصريحها ، أو بمعنى آخر فهي تلك الاختصاصات التي لا تمنح صراحة بواسطة المواثيق التأسيسية ونصوصها التكميلية ، ولكنها تتولد عادة منها ([21]).

ولا يركن الأمناء العامون إلى الاختصاصات الضمنية إلا إذا تميزوا بالكفاءة والخبرة السياسية والعملية ، فحيويتهم ونشاطهم هنا يدفعانهم دوماً إلى المضي قدماً بالمنظمات التي يمثلونها ودخول دائرة المنافسة مع غيرها من المنظمات الدولية ، وبالتالي نجدهم يتحينون الفرص لمباشرة كل ما من شأنه تحقيق صالح المنظمات التي يمثلونها ، دون الاعتداد إذا كان اختصاصاً سياسياً ورد النص عليه صراحة أم لا ، حيث يحاولون قراءة ما بين السطور والبحث عن السند القانوني للانطلاق خارج حدود الاختصاصات الإدارية .

كما أننا نصر من خلال هذه الدراسة على وجوب استناد الأمين العام في ممارسته للاختصاصات الضمنية على أحد أسانيد الاختصاصات السياسية الصريحة ، ولا يمكنه بحال من الأحوال أن يبتدع اختصاصاً ما لمجرد كونه في صالح المنظمة الدولية والدول الأعضاء ، فالتشريع هو حكر للدول الأعضاء دون غيرها ، وبالتالي فلا يستطيع الأمين العام تجاوزها بتشريع ما ليس له حق فيه ، والسماح بمنحه هذه السلطات أمر غاية في الخطورة حتى لو انطلق بالاستناد إلى صالح المنظمة الدولية والدول الأعضاء . إلا أن الأمين العام يستطيع الارتكاز على النصوص التي لا تخاطبه ولكنها تتعلق باختصاصه وبالتالي فهي قابلة لأن تشكل سندا قانونيا لأحد الاختصاصات السياسية الضمنية .

وعليه سنتناول هذا المبحث في الفروع التالية :

الاختصاصات الضمنية المستمـدة من المواثيق الأساسية (الفرع الأول)، الاختصاصات الضمنية المستمـــدة من النظم الداخلية (الفرع الثاني)، الاختصاصات الضمنية المستمدة من قرارات الأجهزة المختلفة للمنظمة الدولية (الفرع الثالث) .

الفرع الأول

الاختصاصات السياسية الضمنية

المستمدة من المواثيق الأساسية

كما وردت الاختصاصات السياسية في نصوص المواثيق الأساسية ، يمكن كذلك استنباط عدد آخر منها من خلال بعض نصوص المواثيق والنظم الأساسية .

تستهل معظم المواثيق والنظم الأساسية للمنظمات الدولية نصوصها بالإشارة إلى الأهداف التي تبتغي تحقيقها والمبادئ التي تنتهجها في مباشرة أنشطتها ، وتعتبر هذه المبادئ والأهداف مصدراً يمكن استنباط الاختصاصات الضمنية للأمين العام منها ، حيث تلتزم كافة أجهزة المنظمة – بما فيها الأمانة العامة التي يقوم عليها الأمين العام – باحترام كافة المبادئ والأهداف التي تبنتها المنظمة الدولية .

فقد أفردت المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة لأهدافها حيث نصت على أن “مقــاصد الأمم المتحدة هي : 1- حفظ السلم والأمن الدولي ، وتحقيقاً لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم وإزالتها ، وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم، وتتذرع بالوسائل السلمية ، وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي ، لحل المنازعات الدولية التي قد تــؤدي إلى الإخلال بالسـلم أو لتسـويتـها . 2-إنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها ، وكذلك اتخاذ التدابير الأخرى الملائمة لتعزيز السلم العام . 3- تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات … ” .

أما بالنسبة لمبادئ الأمم المتحدة فقد ورد النص عليها في المادة 2 من الميثاق وكان منها ” … 3- يفض جميع أعضاء الهيئة منازعاتهم الدولية بالوسائل السلمية على وجه لا يجعل السلم والأمن والعدل الدولي عرضة للخطر 4- يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة . 5- يقدم جميع الأعضاء كل ما في وسعهم من عون إلى الأمم المتحدة في أي عمل تتخذه وفق هذا الميثاق ، كما يمتنعون عن مساعدة أية دولة تتخذ الأمم المتحدة إزاءها عملاً من أعمال المنع أو القمع . 6- تعمل الهيئة على أن تسير الدول غير الأعضاء فيها على هذه المبادئ بقدر ما تقتضيه ضرورة حفظ السلم والأمن الدولي … ” .

إذ يتضح لنا من استعراض مقاصد ومبادئ الأمم المتحدة أن بعضاً منها يمكن أن يشكل بالتعريض – لا بالتصريح – سنداً لاختصاصات ذات طابع سياسي ، كحفظ السلم والأمن الدولي ، وإنماء العلاقات الودية بين الأمم، وتحقيق التعاون الدولي على حل بعض أنواع المسائل الدولية ، كما يلاحظ أيضاً أن المخاطب بهاتين المادتين – المادة 1 والمادة 2 – ليس مجلس الأمن والجمعية العامة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي فحسب ، وإنما كافة أجهزة الأمم المتحدة، بما فيها الأمانة العامة ، وبالتالي يمكن للأمين العام للأمم المتحدة الاستناد إلى هذه المقاصد واعتبارها السند الذي يصلح كقاعدة قانونية لمباشرة الاختصاص السياسي ، شأنه في ذلك شأن مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة . وفي هذا الخصوص فقد صرح الأمين العام الثاني لمنظمة الأمم المتحدة السيد / داغ همرشيلد – بمناسبة الضغوط التي تعرض لها من الاتحاد السوفيتي السابق نتيجة مواقفه من أزمة الكونغو – بتمسكه بحقه في ممارسة الاختصاص الضمني طالما أنه تم في ظل أهداف وغايات المنظمة الدولية “Je crois qu’il est plus conforme a la Charte que le Secrétaire Général agisse aussi sans cet appui si cela lui parait nécessaire pour aider a combler une brèche qui pourrait apparaît dans les ressources qu’offre la Charte ou la diplomatie traditionnelle lorsqu’il s’agit de sauvegarder la paix et la sécurité”([22]).

أما بالنسبة لمقاصد جامعة الدول العربية فقد وردت في نص المادة 2 من الميثاق ” الغرض من الجامعة توثيق الصلات بين الدول المشتركة فيها وتنسيق خططـــها السياسية ، تحقيقاً للتعاون بينها وصيانة لاستقلالها وسيادتها، والنظر بصفة عامة في شؤون البلاد العربية ومصالحها… “ .

يلاحظ من هذا النص أن الغرض من الجامعة – وليس مجلس الجامعة فحسب – يمكنه أن يشكل أحد أسانيد الاختصاصات الضمنية التي يمكن أن تكون المبادرة في ممارستها للأمين العام في حدود نصوص الميثاق . فجامعة الدول العربية لم تنص في ميثاقها على مبادرات شخصية للأمين العام لمحاولة تهدئة أو تسوية الأزمات العربية ، ولكن مع ذلك فقد باشر الأمين العام لجامعة الدول العربية عدة محاولات من هذا النوع منها محاولة إنهاء المقاطعة بين دولة الكويت والجمهورية العراقية في ديسمبر 1992 ، عن طريق إرسال مندوبه الخاص السيد/الادريسي لمحاولة إطلاق سراح الأسرى الكويتيين ([23])، كل ذلك بغية توثيق الصلات بين الدول الأعضاء .

وكذلك الأمر بالنسبة لمجلس التعاون الخليجي الذي أورد في نص المادة 4 من النظام الأساسي الأهداف التي من أجلها تم تشكيله ، حيث نصت على أن “تمثل أهداف مجلس التعاون فيما يلي :1-تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها . 2-تعميق الروابط والصلات وأوجه التعاون القائمة بين شعوبها في مختلف المجالات . 3- وضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين بما في ذلك الشؤون الآتية : أ-الشؤون الاقتصادية . ب- الشؤون التجارية والجمارك والمواصلات . ج- الشؤون التعليمية والثقافية . د- الشؤون الاجتماعية والصحية . هـ- الشؤون الإعلامية والسياحية . و- الشؤون التشريعية والإدارية . 4- دفع عجلة التقدم العلمي والتقني في مجالات الصناعة والتعدين والزراعة والثروات المائية والحيوانية وإنشاء مراكز البحوث العلمية وإقامة مشاريع مشتركة وتشجيع تعاون القطاع الخاص بما يعود بالخير على شعوبها “ .

وبالتالي يستطيع الأمين العام للمجلس الارتكاز على هذه الأهداف لاستيحاء بعض الاختصاصات السياسية الضمنية ، وبما أنه يتولى دفة أحد أجهزة المجلس – الأمانة العامة – يلتزم بوضع هذه الأهداف موضع التنفيذ ويمكنه أن يستوحي منها ما يمكنه من ترجمة هذه الأهداف إلى حقائق في الواقع العملي .

إلا أن مجلس التعاون على الرغم من تصريحه بالأهداف التي يسعى إلى تحقيقها إلا أنه لم يتطرق في نظامه الأساسي للمبادئ الواجب اتباعها في ذلك . إلا أننا نؤمن بأن عدم ذكر هذه المبادئ لا يعنى انعدامها ، ولكننا يمكننا استيحاؤها من المبادئ العامة في القانون الدولي وقواعد المنظمات الدولية وقواعد الاتفاقات الدولية من حسن النية ، والتسوية السلمية للمنازعات الدولية وتحريم اللجوء إلى القوة … الخ . لذا آثرت دول المجلس باعتبارها أعضاء في كل من جامعة الدول العربية والأمم المتحدة عدم تكرار مثل هذه المبادئ طالما أنها تحكم علاقاتها المشتركة مع بعضها البعض أو مع بقية أعضاء هذه المنظمات ، بالتالي على الأمين العام احترام هذه المبادئ في ممارسته لأنشطته على الرغم من عدم الإشارة لها في النظام الأساسي للمجلس .

بعد أن فرغنا من استعراض أهداف ومبادئ المنظمات الدولية محل الدراسة ، وكيف يمكن أن تشكل سندا للاختصاصات السياسية الضمنية ، نأتي الآن إلى ذكر نصوص أخرى يمكن أن تشكل سنداً لمثل تلك الاختصاصات .

فالمادة 98 من ميثاق منظمة الأمم المتحدة والتي تنص على أن “… يعد الأمين العام تقريراً سنوياً للجمعية العامة بأعمال الهيئة…” حيث منحت الأمين العام اختصاصاً إدارياً ، يصلح أن يكون سنداً لاختصاص ضمني ، يتيح له الفرصة في إبداء آرائه السياسية بالتعبير عنها شفاه أو كتابة ، ويمكن لهذه الآراء أن تؤثر في مجرى المناقشات واتخاذ الرأي ، كما يمكن ألا تتجاوز الاستنارة بها . وبالتالي فقد استند الأمين العام على هذا الاختصاص الإداري للإفادة منه في ممارسة أحد الاختصاصات السياسية الضمنية متى كانت الآراء المقدمة ذات طابع سياسي .

كما أنه وفقاً لنص المادة 14 من الميثاق فان ” للجمعية العامة أن توصي باتخاذ التدابير لتسوية أي موقف ، مهما يكن منشؤه ، تسوية سلمية متى رأت أن هذا الموقف قد يضر بالرفاهية العامة أو يعكر صفو العلاقات الودية بين الأمم … ” ، ويمكن بناءاً على هذه التدابير أن توكل الجمعية العامة للأمين العام بعض المهام السياسية .

فنص المادة 14 يخاطب الجمعية العامة ولا يخاطب الأمين العام ، إلا أن هذا الأخير يمكنه الإفادة من بعض التفويضات التي تحيلها له الجمعية العامة في المجالات السياسية ، وبالتالي فمن الوارد أن يشكل نص هذه المادة سندا لأحد الاختصاصات السياسية الضمنية للأمين العام .

كذلك نص المادة 33 من الميثاق يحمل في ثناياه تدعيما للاختصاص السياسي للأمين العام حيث نصت على أنه ” 1- يجب على أطراف أي نزاع من شأن استمراره أن يعرض حفظ السلم والأمن الدولي للخطر أن يلتمسوا حله بادئ ذي بدء بطريق المفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية ، أو أن يلجئوا إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية أو غيرها من الوسائل السلمية التي يقع عليها اختيارها . 2- ويدعو مجلس الأمن أطراف النزاع إلى أن يسووا ما بينهــم من النزاع بتلك الطرق إذا رأى ضرورة لذلك ” . ومن خلال هذا النص يتضح لنا أن المادة 33 سمحت للدول الأطراف في أي نزاع اللجوء إلى الأمين العام لاعتماد إحدى الوسائل المذكورة كأساس لحل نزاعها . وهذا ما قامت به بالفعل كل من إيران وبريطانيا بشأن الوضع القانوني لدولة البحــرين ، حيث أنهما فوضتا ([24]) مهمة تقرير هذه المسألة إلى السيد / يوثانت ، والذي عين بدوره السيد / فيتوريو مينزبير كوشاردي ممثلاً شخصياً لتقصي الحقائق في دولة البحرين، والذي قدم بدوره تقريراً يدعم استقلالها ([25]) . كما أن للأمين العام في مثل هذه الأحوال أن يعين مندوبين له في مناطق التوترات من العالم ليبادروا باسم الأمم المتحدة محاولات الحل السلمي للمنازعات الدولية ، حيث عين السيد / جيمس بيكر ممثلاً بشأن نزاع الصحراء الغربية ، والسيد / محمد سحنون في وسط أفريقيا والبحيرات العظمى بخصوص أزمة الكونغو في يونيو 1997 … الخ .

كما أن مجلس الأمن الدولي قد كلف الأمين العام بمباشرة عدد من الاختصاصات السياسية ، استناداً إلى غايته المنشودة في حل المنازعات الدولية سلمياً ، وذلك وفقاً لما ورد في نص فقرة 1 من المادة 36 من الميثاق والتي جاء فيها ” 1- لمجلس الأمن في أية مرحلة من مراحل نزاع من النوع المشار إليه في المادة 33 أو موقف مشابه به أن يوصي بما يراه ملائماً من الإجراءات وطرق التسوية… “ ، وقد طبق هذا النص في حالات عدة نذكر منها على سبيل المثال قرارات مجلس الأمن الدولية رقم 505/1982 بشأن جزر الفوكلاند والقرارين 674/1990 و 687/1991 بشأن العدوان العراقي على دولة الكويت . فهذا الاختصاص الضمني يستمده الأمين العام من الاختصاص السياسي الصريح الذي يتمتع به مجلس الأمن الدولي والذي يترجمها بدوره أحيانا إلى قرارات صريحة سبق أن تناولناها بالدراسة .

كما أن نص المادتين 33 و 52 من ميثاق منظمة الأمم المتحدة تشكلان سنداً للاختصاص الضمني للأمناء العامين في المنظمات الإقليمية (جامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية) ، حيث أنهما دعتا أطراف أي نزاع من شأنه أن يهدد السلم والأمن الدولي إلى الالتجاء إلى الوكالات أو التنظيمات الإقليمية ، دون تحديد الجهاز الذي يتم اللجوء إليه ، مما يفتح الباب للأمين العام في هذه المنظمات لممارسة الاختصاص الذي يعرض عليه من أطراف النزاع  ، فقد يتوجه أطراف هذا النزاع إلى مجلس الجامعة لفض نزاعهما كما يمكنهما اللجوء إلى الأمين العام للنظر في ذلك . وفي مجلس التعاون لدول الخليج العربية يمكن لأطراف أي نزاع قبل عرضه على الأمم المتحدة طرق باب المجلس الوزاري أو المجلس الأعلى أو الطلب من أمين عام المجلس محاولة تسوية هذا النزاع . وقد وصل الأمر في منظمة الأمم المتحدة في بعض الأحيان إلى رفض النظر في النزاع الإقليمي ما لم يكن قد سبق عرضه على المنظمة الإقليمية المختصة وفشلت تسويته في الإطار الإقليمي ، وهو الأمر الذي تحقق بشأن الأزمة  اللبنانية  في 21/8/1958 ، وصدر بشأنها قرار من الجمعية العامة سمي بالقرار العربي والذي يكفل لجامعة الدول العربية حق فحص المنازعات العربية قبل إحالتها للأمم المتحدة ([26]) . ونفس الأمر تكرر إبان الأزمة التي أثارها عبد الكريم قاسم عام 1961 عندما حاول احتلال دولة الكويت ، وبعرض النزاع على مجلس الأمن الدولي آثر الأخير في جلسته الاستثنائية المؤرخة في 5/7/1961 إحالة الفصل في هذا النزاع إلى جامعة الدول العربية قبل عرضه على مجلس الأمن الدولي ، ويتم إثبات مثل هذا اللجوء عن طريق تقرير يقوم برفعه أمين عام المنظمة الإقليمية إلى نظيره في منظمة الأمم المتحدة ([27]) .

ومما لا شك فيه ومن خلال متابعة التطورات التي واكبت حياة الجامعة العربية لنا أن نعلن بأنها أطلقت العنان للأمين العام في بداياتها لممارسة كل ما من شأنه أن ينهض بها ويخدم مصالح الدول الأعضاء طالما تتم هذه التصرفات في حدود الميثاق ، فقد أوصى مجلس الجامعة الحكومات العربية في الفترة الأولى لحياة الجامعة بأن تعتبر ما يصدر عن الأمين العام ضمن حدود الميثاق صادراً عن الجامعة ([28]) .

الفرع الثاني

الاختصاصات السياسية الضمنية

المستمدة من النظم الداخلية

لا يقتصر اسـتنباط الاختصاصات السياسية الضمنية على المواثيق الأساسية فحسب ، بل يمكن كذلك استنباطها من النظم الداخلية للمنظمات الدولية . فقد ورد في النظام الداخلي للجمعية العامة في نص المادة 48 “يقدم الأمين العام إلى الجمعية العامة تقريراً سنوياً وما يلزم من التقارير التكميلية عن أعمال المنظمة… ” ، فهذا النص وإن كانت صياغته تنفيذاً لنص المادة 98 من الميثاق ” … ويعد الأمين العام تقريراً سنوياً للجمعية العامة بأعمال الهيئة ” ، إلا أنه في الحالة الأولى يمنح الأمين العام اختصاصاً سياسياً ضمنياً يرتكز على نصوص النظام الداخلي للجمعية العامة ، بينما يرتكز في الحالة الثانية على ميثاق منظمة الأمم المتحدة . فمثل هذا الاختصاص وإن كان ذا طابع إداري ، إلا أننا يمكن أن نستخلص منه اختصاصاً سياسياً ضمنياً يتمثل في حق الأمين العام باشفاع هذه التقارير بآرائه الخاصة وقناعاته ، التي قد يكون لها دور في التأثير على مواقف الدول الأطراف ، وقد لا يكون .

كما أن النظام الداخلي لمجلس الجامعة منح الأمين العام – وفقاً لنص المادة 9 فقرة 2 / أ ([29]) – اختصاصاً إداريا يمكنه أن يشكل الجسر الموصل إلى ممارسة الاختصاص السياسي ، فيلتزم بأن يقدم لمجلس الجامعة تقريراً عن أعمال الجامعة بين الدورتين ، ويقوم بعض الأمناء العامين بممارسة اختصاصاتهم السياسية من خلال تضمين هذه التقارير آراؤهم الخاصة وتصوراتهم المستقبلية بالنسبة لنشاط الجامعة ، وقد تلعب هذه الآراء دورها في توجيه سياسة الجامعة بناءاً على قناعة الدول بها ، وإلا فإنها لن تزيد عن مجموعة من الفقرات المصاغة بصورة جيدة ، وتشكل تراثاً يكشف عن أفكار الأمين العام وقت ولايته .

وشأن الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية شأن أقرانه في المنظمات الدولية ، فإنه يلتزم بتقديم تقرير دوري عن أعمال المجلس ، وفق ما ورد في نص المادة 8 فقرة 2 / أ من النظام الداخلي للمجلس الأعلى “…يتضمن مشروع جدول الأعمال : (أ) تقرير الأمين العام عن أعمال المجلس الأعلى بين الدورتين والإجراءات المتخذة لتنفيذ قراراته … ” ، وكما هو دارج فإن الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية يستطيع إبداء آراءه ووجهات نظره فيما يقدمه من تقارير ، ومن المحتمل أن تلعب هذه الآراء دورها في التأثير على أصحاب السمو والملوك المشاركين في اجتماع المجلس الأعلى الذي يقدم فيه تقرير الأمين العام .

الفرع الثالث

الاختصاصات السياسية الضمنية المستمدة

من قرارات الأجهزة المختلفة للمنظمة الدولية

إذا كانت مسألة استنباط الاختصاص السياسي فكرة مقبولة بالارتكاز على نصوص المواثيق التأسيسة والنظم الداخلية ، فإنها محل شك إذا تم استنباطها من قرارات المنظمة الدولية ، حيث أن النظم الأساسية صدرت في وقت نشأة المنظمة الدولية أما بالنسبة للنظم الداخلية فقد أعقبت هذه النشأة بشيء من الوقت وعليه فلا بأس من محاولة الارتكاز على الاختصاصات الضمنية فيها لمواكبة التطورات . إلا أن الأمر ليس كذلك بالنسبة لقرارات المنظمة الدولية ، والتي تصدر تبعاً لتطورات الأحداث ، فالمنظمات الدولية لا تصدر قراراتـــها إلا إذا تطلبت ظروف الحال مثل ذلك فإذا شاءت الدول الأعضاء منح الأمين العام اختصاصا سياسيا منحته إياه صراحة بهذه القرارات كما سبق أن أوضحنا ، وإذا لم تشأ فقد يفسر الأمر كنوع من التجاوز على إرادة الدول الأعضاء . وعليه فما هو السند في البحث عن الاختصاص السياسي الضمني في هذه القرارات ؟

لقد أثبت الواقع العملي أن هناك من الظروف ما يدفع بالأمين العام إلى محاولة الكشف عن اختصاصه السياسي من خلال القرارات التي تصدرها الفروع المختلفة للمنظمة الدولية ، فمثلاً لو أن قراراً منح الأمين العام اختصاصاً معين ، وفي نفس الوقت تجاهل هذا القرار مسألة أو جزئية على قدر كبير من الأهمية ، من وجهة نظر الأمين العام ، وتشكل جانباً سياسياً ، حينها يقوم باستخلاص اختصاصه السياسي ضمناً من ذلك القرار في محاولة منه لسد أوجه النقص التي لحقت هذا القرار . كما قد تمنحه أجهزة المنظمة أحد الاختصاصات السياسية ، ثم تُعرض – بسبب عدم اتضاح الرؤية – عن إكمال الطريق مع الأمين العام ، وتتركه لممارسة اختصاصه السياسي الضمني وفقاً لتقديراته الخاصة للموقف .

ومن أشهر الأمثلة في هذا الصدد الأزمة التي اندلعت بين لبنان والمملكة العربية المتحدة السابقة عام 1958 ، حين قامت منظمة الأمم المتحدة بإرسال لجنة مراقبين دوليين إلى لبنان ، وكلفتها بمراقبة الحدود بين البلدين لوقف التسلل وتهريب الأسلحة إلى لبنان بكشفه وفضحه للرأي العام ([30]) ، إلا أن مجلس الأمن عجز عن اتخاذ قرار بشأن زيادة عدد مراقبي الأمم المتحدة في لبنان ، بسبب استعمال حق الاعتراض التوقيفي ، فبادر الأمين العام باتخاذ هذا التدبير بحجة أن ” عدم صدور قرار مجلس الأمن في هذا الصدد لا يعني سوى عدم وجود تعليمات صريحة للأمين العام باتخاذه ، وهذا لا يعتبر – في رأيه – مانعاً له من زيادة عدد هؤلاء المراقبين ” ثم استند إلى معيار مؤداه ” أن كل تدبير لم تحرم الجمعية العامة أو مجلس الأمن – صراحة – اتخاذه على الأميـن العـــام ، جاز لهذا الأخير أن يتخذه”([31]) . إلا أن تفسيرنا الخاص لقيام الأمين العام بزيادة عدد مراقبي الأمم المتحدة يعود إلى الاختصاص الضمني للأمين العام الذي استمده من قرار مجلس الأمن الدولي بتشكيل هذا الفريق ، فالأمين العام – بصفته من يتصل فعلاً بالواقع العملي ويعمل على وضع قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة موضع التنفيذ – يعد أقدر من يقرر كفاية عدد المراقبين من عدمها وبالتالي وجوب زيادة عددهم أو تقليصه بصفته المشرف على أعمالهم ، وبالتالي لا مانع – في حال عجز الجهاز المختص لسبب أو لآخر عن ممارسة هذه المهمة – في أن يحل الأمين العـــام محل مجلس الأمن أو الجمعية العامة في ممارستها ، فما يهم مجلس الأمن هو تحقيق الهدف بمنع تهريب الأسلحة من سوريا إلى لبنان ، فإذا كان مجلس الأمن الدولي أو الجمعية العامة قد أساءا تقدير العدد اللازم من المراقبين لعدم اتصالهما بالواقع العملي فلا مخالفة للقرار حين يتولى الأمين العام هذه الزيادة بحكم تحمله لمهمة متابعة وضع قرارات المنظمة موضع التنفيذ .

ونفس الاختلاف عاد وبرز على السطح مرة أخرى بشأن القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي حول المسألة الكنغولية عام 1960 ، والذي يقرر مساعدة حكومة الكونغو في حفظ الأمن والنظام ، وفي نفس الوقت فوض مجلس الأمن الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك السيد / داغ همرشيلد – تنفيذ هذا القرار . إلا أن تطورات الوضع ([32]) ، دفعته مراراً إلى مطالبة مجلس الأمن والجمعية العامة بالتعليمات اللازمة في هذا الصدد دون جدوى ، نظراً للشلل الذي أصاب الجهازين نتيجة للتباين الكبير في وجهات نظر أعضائهما بخصوص الوضع في الكونغو ، وعليه قام السيد/همرشيلد باتخاذ عدد من التدابير بناءاً على مبادرة من جانبه ([33]) ، مما يوحي بأن الاختصاص السياسي الضمني المستمد من هذا القرار يعتبر – من وجهة نظرنا الخاصة – بمثابة مكمل للاختصاص الوارد صراحة بقرار مجلس الأمن الدولي الصادر في 13/7/1960 ([34]) ، على الرغم من حرص الأمين العام خلال أزمة الكونغو على صالح المنظمة الدولية والدول الأعضاء ، إلا أنه كان موضوعاً لحملة قاسية من قبل الاتحاد السوفيتي السابق ([35]) .

ويتحاشى الأمين العام لجامعة الدول العربية وقرينه في مجلس التعاون الارتكاز على قرارات المنظمة الدولية لاستنباط اختصاصا سياسيا ضمنيا ، حتى لا يفسر ذلك على أنه تحوير وتجاوز لإرادة الدول التي أصدرت هذا القرار ، وبالتالي فإذا أرادت هذه الدول منحه المزيد من الاختصاصات السياسية فإنها لا تتوانى عن التصريح بذلك . وفي جميع الأحوال فإن الارتكاز على مبادرات الأمين العام في مباشرة الاختصاصات السياسية الضمنية يتسبب في الكثير من الاختلافات بين الأمين العام من ناحية ، والدول الأعضاء من ناحية أخرى ، فقد صرح السيد / داغ همرشيلد في مناسبات عدة أنه استخلص نتائج تفيد عدم الترحيب بمبادراته ، خاصة بمناسبة القوات التي أرسلها إلى السويس عام 1956 والى لبنان عام 1958([36]) .

والآن وبعد استعراض الأسانيد القانونية التي يرتكز عليها الأمين العام في ممارسة اختصاصاته السياسية ، أصبح لزاماً علينا أن نستعرض هذه الاختصاصات السياسية التي يمارسها الأمين العام بشيء من التفصيل .

الفصل الثاني

الدور السياسي للأمين العام

إن اختصاصات الأمين العام متعددة ومتنوعة بتعدد وتنوع أنشطة المنظمة الدولية وسعة علاقاتها بغيرها من كيانات القانون الدولي . وقد ازدادت أهمية الدور الذي يمارسه الأمين العام في المنظمة الدولية جراء عجز بعض أجهزة المنظمة عن أداء وظائفها ، وتكليف الأمين العام بمهام معينة يؤديها نيابة عنها ، وضرورة التدخل السريع والفوري في بعض النزاعات لمنع تفاقمها وهو ما يتولاه الأمين العام إذ أن جهاز الأمانة العامة منعقد بشكل مستمر ولا يحتاج إلى دعوة شأنه شأن بقية الأجهزة  .

وفي تحليلنا لهذه الاختصاصات السياسية فلا بد من التأكيد بأنها لم ترد على سبيل الحصر ، لأن هذه الاختصاصات السياسية تختلف في أنواعها ومداها بحسب وثائق كل المنظمات الدولية ، بل وبحسب رؤية كل من الأمناء العامين لاختصاصاته ، فقد يتجاوز أحد الأمناء العامين الاختصاصات المكفولة صراحة من خلال استناده إلى اختصاصاته الضمنية، كما قد يمارس أحد هذه الاختصاصات ولكن بنوع من التوسع والتجديد والتحديث ، فلا يشترط أن يتم اللجوء إلى هذه الاختصاصات دائماً بنفس الصورة ، فقد يتم بصور مختلفة وبحسب الأحوال .

ويندرج تحت هذا الدور السياسي عدد من الاختصاصات السياسية والتي إما أن تكون اختصاصات سياسية خالصة (الفرع الأول) ، للأمين العام كافة الحرية في ممارستها من عدمه ، وإما أن تكون اختصاصات سياسية مختلطة بالطابع الإداري (الفرع الثاني) ، وذلك بأن يقوم الأمين العام بممارستها من خلال مباشرته لأحد الاختصاصات الإدارية .

المبحث الأول

الاختصاصات السياسية الخالصة للأمين العام

يقصد بالاختصاصات السياسية الخالصة تلك الاختصاصات التي يمارسها الأمين العام استقلالاً ، وليس بمناسبة ممارسته لأحد الاختصاصات الإدارية . حيث يتمتع الأمين العام في مثل هذه الأحوال ببعض الاختصاصات السياسية شأنه شأن الدول الأعضاء ، ويملك بحسب تقديره للأمور حق اللجوء إليها أو الإعراض عن مثل هذا اللجوء .

وقد استقرت وثائق العديد من المنظمات الدولية على منح الأمين العام عدد من الاختصاصات السياسية والتي تتمثل في حقه في دعــــوة أجهزة المنظمة إلى اجتماعات غير عادية ، تنفيذ المهام السياسية التي توكل إليه من المنظمة الدولية أو الدول الأعضاء أو من تلقاء نفسه ، وإدراج ما يشاء من المسائل السياسية في جـدول أعمال المنظمة ، وهي الاختصاصات التي سنحاول بحثها بشيء من التفصيل فيما يلي .

الفرع الأول

دعوة أجهزة المنظمة إلى اجتماعات غيـر عادية

تخول العديد من النظم الأساسية الأمين العام حق دعوة أجهزة المنظمة الدولية لاجتماعات عادية وبشكل دوري بتواريخ محددة مسبقاً لمناقشة الأنشطة المختلفة للمنظمة ، وهذا النوع من الاجتماعات يخرج عن إطار الاختصاص السياسي للأمين العام . أما بالنسبة للاجتماعات غي العادية فإن العديد من النظم الأساسية تخول الأمين العام حق دعوة كل أو بعض أجهزة المنظمة للانعقاد عند الحاجة لذلك ([37])، سواء بناء على إيعاز من دولة أو عدد من الدول الأعضاء بحسب الأحوال . ومثل هذه النصوص تشكل نوعا من الاختصـــاص السياسي الذي يمنح للأمين العـام ، والذي يفترض فيه النزاهة والحياد ، إذ بموجب قناعته الشخصية يمكن أن يتبنى دعـــوة أحد أجهزة المنظمة للانعقاد أو على الأقل يمكنه أن يقنع دولة أو عدد من الدول لتبني مثل هذه الدعوة . وفي تكوينه لهذه القناعة الخاصة يجب أن يضع جانباً كل اعتبار شخصي أو وطني أو إقليمي ، ويعتمد في ممارسته لهذا النوع من الاختصاصات على تحقيق مصلحة المنظمة الدولية والدول الأعضاء .

إن مواقف المنظمات الدولية من هذه الدعوة متفاوتة ، فمنها من أطلق للأمين العام هذا الحق ، ومنها من قيده ، ومنها ما حرمــه نهائياً من ممارسته.

فالمادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة تخول الأمين العام الحق في تنبيه مجلس الأمن إلى المسائل التي قد تهدد السلم والأمن الدولي ([38]) .

وتجدر الإشارة إلى أن دعوة مجلس الأمن الدولي للانعقاد بالاستناد إلى نص المادة 99 هو أمر نادر الحدوث . فقـــد دعـى السيد / داغ همرشيلد ، برسالة موجهة إلى رئيس مجلس الأمــن الدولي في 13/7/1960 ، لعقد اجتماع غير عادي للمجلس لبحث الوضع في الكونغو حيث لم يلق هذا اللجوء أي اعتراض من قبل مجلس الأمن الدولي ([39]) ، وفي رسالة أخرى وجهها السيد / فالدهايم في نوفمبر 1979 لرئيس مجلس الأمن دعاه فيها لعقد اجتماع طارئ للمجلس لبحث الوضع المتردي نتيجة احتجاز الدبلوماسيين الأمريكان في السفارة الأمريكية في طهران ، وكذلك قام السيد / ديكويلار في 15/8/1989 باستخدام هذه السلطة لدعوة مجلس الأمن لاجتماع طارئ لبحث الوضع المأساوي في بيروت . لكن الأمناء العامين في الأمم المتحدة يكتفون عادة بلفت نظر مجلس الأمن الدولي دون أن يصل الأمر إلى الدعوة إلى اجتماع استثنائي ، وترك الأمر في كيفية معالجة الوضع لتقدير مجلس الأمن ، سواء تم بصورة رسمية أو شبه رسمية، بصورة عامة أو خاصة([40]). ولم تترك الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي الفرصة للدكتور بطرس غالي لممارسة الصلاحيات الواردة في نص المادة 99 وذلك لأنها كانت تبادر – تأكيدا للنظام العالمي الجديد – بمجرد الإخلال بالسلم والأمن الدوليين في أي منطقة من مناطق العالم بدعوة مجلس الأمن الدولي للانعقاد مما يفوت الفرصة على الأمين العام ممارسة ذلك .

إلا أننا لا يجب أن نقلل من أهمية هذا النص حيث أوضح ثاني وآخر أمين عام لعصبة الأمم Joseph Avenol أهميته حين ذكر – بشيء من المبالغة – بأنه لو كان لديه هذا النص لتمكن من تفادي اندلاع الحرب العالمية الثانية([41]) .

وقد امتنع ميثاق جامعة الدول العربية عن التطرق لأي اختصاص سياسي يمكن أن يمارسه الأمين العام كما أسلفناً ، وذلك أسوة بعصبـــة الأمم – السابقة الوحيدة أمام الجامعة والتي استوحت منها نظامها ([42]) ، إلا أن النظام الداخلي لمجلس الجامعة منح الأمين العام اختصاصاً مقارباً لنظيره في الأمم المتحدة ، وذلك في نص المادة 12 فقرة 2 من النظام الداخلي لمجلس الجامعة التي تخول الأمين العام الحق في لفت نظر المجلس أو الدول الأعضاء إلى المسائل التي قد تسيء إلى العلاقات بين الدول العربية أو بينها وبين الدول الأخرى .

وتطبيقاً لذلك فقد قرر الأمين العام لجامعة الدول العربية – إثر تدهور الموقف بين الجزائر والمغرب بسبب خلافهما الحدودي – الدعوة لعقد دورة غير عادية لمجلس الجامعة ، الذي اجتمع بالفعل في 19/10/1963 وأصدر بالإجماع القرار 1934/40 الذي ” دعا حكومتي الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية والمملكة المغربية إلى وقف إطلاق النار فوراً ” ([43]) .

ويمكننا كذلك ملاحظة أن الصياغة التي جاءت بها هذه الفقرة – شأنها شأن المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة – كانت على سبيل الاختيار وليست على سبيل الإلزام ، وبالتالي فلا يلتزم الأمين العام بانتهاج هذا السبيل إلا إذا تشكلت له القناعة التامة بوجوب الدعوة لعقد اجتماع غير عادي ، وإلا فله أن يعرض عن تبني مثل هذه الدعوة . فبشأن النزاع الحدودي بين السودان ومصر لم يبادر الأمين العام لجامعة الدول العربية – ولا أي من الدول الأعضاء – بالدعوة لدورة غير عادية لمجلس الجامعة كردة فعل للمذكرة التي قدمها المندوب السوداني لأمين عام الجامعة العربية ([44]) ، وهو الأمر الذي يؤكد على حق الأمين العام وحده بتقرير استعمال هذا الحق من عدمه([45]) .

وبمقارنة نص المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة مع نص المادة 12 فقرة 2 من النظام الداخلي لمجلس الجامعة ، يمكننا أن نلاحظ أن أمين عام جامعة الدول العربية يستطيع أن يسترعي انتباه كل من مجلس الجامعة والدول الأعضاء إلى المسائل التي قد تسيء إلى العلاقات بين الدول العربية أو بينها وبين الدول الأخرى ، بينما في منظمة الأمم المتحدة فان الأمين العام يقتصر دوره على لفت انتباه مجلس الأمن الدولي فقط ([46]) . إلا أننا نرى من وجهــة نظرنا الخاصة أن نـــص المادة 12 فقرة 2 من النظام الداخلي لمجلس الجامعة ، على الرغم من اتساع السلطات السياسية الممنوحة بموجبه لأمين عام الجامعة العربية ، إلا أنه ورد في النظام الداخلي لمجلس الجامعة، بينما ورد نص المادة 99 – بسلطاته السياسية المتواضعة – في ميثاق الأمم المتحدة (دستور المنظمة الدولية) . والأثر القانوني المترتب على هذه التفرقة هو توفير حماية فائقة لنص المادة 99 الذي ورد في الميثاق ، حيث أن الإجراءات اللازمة لتعديل نصوص الميثاق هي نفس الإجراءات اللازمة لتعديل الاتفاقات الدولية الجماعية ، وهو الذي يتطلب أغلبية غير عادية . أما بالنسبة لإجراءات تعديل النظم الداخلية فهي من السهولة بمكان حيث يغيب التشدد في إجراءات تعديلها . وتطبيقاً لذلك فلو لم نحصل وفقاً لنص المادة 109 من ميثاق الأمم المتحدة على أغلبية ثلثي أصوات المشاركين في المؤتمر العام على أن يكون بينهم الدول دائمة العضوية فلن يتحقق تعديل الميثاق ([47]) ، أما تعديل النظام الداخلي لأحد أجهزة الأمم المتحدة – كالجمعية العامة مثلاً فوفقاً لنص المادة 163 من النظام الداخلي للجمعية العامة – فتكفي الأغلبية البسيطة لإجراء التعديل ([48]) . وكذلك الشأن في جامعة الدول العربية فلا بد من توافر أغلبية الثلثين لتعديل ميثاق الجامعة وفقاً لنص المادة 19 من الميثاق ([49]) ، ووفقاً لنص المادة 20 من النظام الداخلي لمجلس الجامعة فانه تكفي الأغلبية البسيطة لتعديل هذا النظام ([50]) . وعليه فالصلاحيات التي تمنح للأمين العام بموجب الميثاق أكثر ثباتاً ورسوخاً من الصلاحيات التي تمنح له بموجب النظم الداخلية القابلة للتعديل بسهولة وفي أي وقت .

أما مجلس التعاون لدول الخليج العربية فقد تردد في منح الأمين العام مثل هذه الصلاحيات وآثر تقييد حقه في لفت نظر أي من المجلس الوزاري أو المجلس الأعلى بموافقة وإقرار رئيس المجلس الوزاري ، فيقتصر دور الأمين العام – إذا وصل إلى قناعته ضرورة الدعوة لعقد دورة استثنائية – على مجرد الاقتراح على رئيس المجلس الوزاري الذي له أن يقر هذا الاقتراح أو يرفضه ، وذلك استناداً إلى نص المادة 15 فقرة 8  من النظام الأساسي لمجلس التعاون والتي سبق ذكرها ([51]) . والواقع العملي لمسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية لم يسجل أي مبادرة من هذا النوع ، حيث أن الأمين العام في المجلس يحجم عن مثل هذه المبادرات حتى لا يتعرض إلى نقد إحدى الدول الأعضاء والتي قد تتسبب بدورها – في ظل الحاجة إلى الإجماع لتجديد ولايته – بحرمانه من التمتع بفترة ولاية ثانية .

الفرع الثاني

القيام بالمهام السياسية بتكليف من

المنظمة الدولية أو بعض الدول الأعضاء أو من تلقاء نفسه

إن الأمين العام هو الممثل القانوني للمنظمة الدولية والمتحدث الرسمي باسمها ، وبصفته هذه فلها أن تكلفه في مباشرة أحد الاختصاصات السياسية على الساحة الدولية ، كما تستطيع بعض الدول الأعضاء تكليفه ودياً بممارسة أحد الاختصاصات السياسية ، كما أنه يستطيع – ودون أي تكليف  – مباشرة أحد الاختصاصات السياسية لإيمانه بأن ما سيقوم به إنما يخدم المنظمة الدولية ويحقق صالح الدول الأعضاء ([52]) .

وغالبية هذه المهام يتعلق بتسوية المنازعات بين الدول الأعضاء ، أو تهدئة الأجواء ومنع تفاقم الأوضاع كحد أدنى . ولقد أصبح الأمين العام مقبولا عالمياً كوسيط بين الدول يعرف متى وأين يتدخل لتسوية أحد الأمور محل الخلاف ([53]) . فيتمتع الأمين العام بنوع من الاستقلال في التصرف وتقدير المشاكل الدولية مما يمكنه اختيار الأسلوب الأنسب للوضع المعروض أمامه ([54]).

وهناك أساليب عدة في سبيل تحقيق الأمين العام لنتائج إيجابية في مهامه السياسية ، ومن هذه الأساليب الدعوة لعقد اجتماعات غير عادية ، وقد سبق أن بحثناها – تبادل المذكرات حيث يقوم الأمين العام بإبلاغ الدولة العضو بما قد يتلقاه من شكاوى بشأن تصرفاتها تجاه دولة عضو أخرى طالباً إزالة أسباب هذه الشكوى ، ويحضرنا في هذا المقام البرقية التي أرسلها أمير دولة الكويت عام 1961 الشيخ عبدالله السالم رحمه الله إلى أمين عام جامعة الدول العربية يخطره بالتهديد الذي أعلنته العراق ضد استقلال دولة الكويت ([55]) ، وكذلك المذكرات والمذكرات المضادة التي كانت ترسل من كل من دولتي الكويت والعراق للأمين العام لجامعة الدول العربية والأمم المتحدة ابتداء من منتصف يوليو 1990 بشأن الخلافات التي حاول العراق حسمها لصالحه باحتلاله لدولة الكويت ([56]) .

وكذلك ما يراه من أسلوب مناسب لحل منازعات الدول الأعضاء سواء عن طريق المساعي الحميدة أو الوساطة . فقد قام السيد / محمود رياض أمين عام جامعة الدول العربية في شهري فبراير ومارس عام 1976 بجولة واسعة في عواصم الدول المتنازعة بشأن الصحراء الغربية ، الرباط والجزائر العاصمة ونواكشوط ، وذلك لبذل مساعيه الحميدة للتقريب بين وجهات النظر المتعارضة وتمهيداً لمفاوضات مباشرة تجري بين الأطراف المعنية لإنهاء النزاع القائم حول مصير الصحراء الغربية ([57]) .

كما يقوم الأمين العام في منظمة الأمم المتحدة بتنفيذ المهام السياسية التي تكلفه بها فروع الأمم المتحدة ، وهذا التنفيذ قد يكون عرضة للفشل كما قد يكون عرضة للنجاح . وسند هذه المهام نجده في الميثاق في نص المادة 98 والتي ترى أن ” يتولى الأمين العام بصفته هذه … ويقوم بالوظائف الأخرى التي تكلها إليه هذه الفروع ” .  والأمثلة على هذا النوع من المهام كثيرة ســنتطرق لأشهرها وما يتعلق بدولة الكويت منها ، فقد كلفت الجمعية العامة للأمم المتحدة أمينها العام نزع فتيل الأزمة التي اندلعت بين عضوين دائمين من أعضاء مجلس الأمن الدولي هما الولايات المتحدة والصين ، إثر اتهام الثانية لبعض أعضاء قوات الأمم المتحدة بالتجسس وحجزها إياهم ، وهو الأمر الذي يعد انتهاكاً لاتفاق الهدنة بشأن الحرب الكورية عام 1950 ، وقد حقق بالفعل نتائج إيجابية بهذا الخصوص ([58]) ، كذلك طالب مجلس الأمن الدولي بقراره الشهير رقم 242 والصادر في 22/11/1967 الأمين العام بتعيين مبعوث خاص للشرق الأوسط لإعادة وتنشيط الاتصالات مع الدول المعنية – إسرائيل والدول العربية المواجهة لها – بغية التوصل إلى اتفاق وبذل الجهود للتوصل إلى تسوية سلمية وعادلة وفقاً  لترتيبات ومبادئ هذا القرار ([59]) ، وبالفعل فقد قام أمين عام الأمم المتحدة السيد / يو ثانت بتعيين السيد/M. JARRING مبعوثاً دولياً للأمم المتحدة ([60]) ، والذي قام بزيارة المنطقة عدة مرات ليسمع وجهات نظر أطراف الصراع في إمكانية حله على أساس القرار المذكور ([61]) . وعبر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 344 الصادر في 15/12/1973 عن ثقته في الدور الكامل والفعال الذي سيمارسه الأمين العام في مؤتمر السلام للشرق الأوسط ([62]) .

وكذلك طلب مجلس الأمن الدولي من الأمين العام عندما ثارت أزمة الرهائن الأمريكيين المحتجزين في طهران ” استخدام مساعيه الحميدة للتطبيق الفوري لهذا القرار ، واتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك وتقديم تقرير عاجل عن نتائج مجهوداته ” . وعليه فقد قام الأمين العام بزيارة لطهران 1 – 3 يناير 1980 ، وقدم تقريره إلى مجلس الأمن في 6 يناير 1980 ، كما قام بإنشاء لجنة لتقصي الحقائق في طهران بتاريخ 20/2/1980 ([63]) وفي نفس القضية أورد حكم محكمة العدل الدولية قوله ” لإيجاد حل لهذه الأزمة وتجنباً لأي توتر بين البلدين ، وإزالة للفجوة بينهما ، وتبديداً للتوتر وإعادة للثقة بينهما فإن الوساطة والتوفيق والمساعي الحميدة هي الحل الناجح في مثل هذه الأحوال ، ويمكن أن يشكل دور الأمين العام المفتاح لذلك ” ([64]). وعلى الرغم من مجهودات أمين عام الأمم المتحدة آنذاك ، إلا أن أزمة الرهائن المحتجزين في طهران سويت بموجب المعاهدة التي وقعتها كل من واشنطن وطهران – برعاية الجزائر – في 19/1/1981 ([65]).

كما يجدر بنا الوقوف أمام عدد من المهام التي أوكلها مجلس الأمن للأمين العام أثناء الاحتلال العراقي الغاشم لدولة الكويت . فبموجب القرار 666/1990 الصادر من مجلس الأمن الدولي الذي ينص في البند السابع على ما يأتي : “…7- يطلب من الأمين العام استخدام مساعيه الحميدة من أجل تيسير إيصال المواد الغذائية إلى العراق والكويت وتوزيعها ، وفقاً لأحكام هذا القرار وغيره من القرارات ذات الصلة… ” ، وقد لاقى الأمين العام كما لاقى خليفته د. بطرس غالي المصاعب إزاء محاولات النظام العراقي التدخل في توزيع هذه المساعدات . وفي القرار رقم 674/1990 فإن مجلس الأمن قرر أن “…12- يضع ثقته في الأمين العام لبذل مساعيه الحميدة وليقوم إذا رأى من المناسب بمواصلتها ولبذل الجهود الدبلوماسية من أجل التوصل إلى حل سلمي للأزمة الناجمة عن الغزو والاحتلال العراقيين للكويت وذلك على أساس قرارات مجلس الأمن…” ، وبالفعل لم يتردد السيد/ ديكويلار بالانتقال بين الأردن وجنيف والأمم المتحدة في محاولة لإقناع النظام العراقي بالعدول عن مخططاته التوسعية ، إلا أن هذه المجهودات ذهبت أدراج الرياح .

كما أن القرار الشهير رقم 687/1991 – والذي سبق الإشارة إليه – قد كلف الأمين العام بالمساعدة في ترسيم الحدود الكويتية العراقية ، وقد كان النجاح حليف الأمين العام في إنجاز هذه المهمة – على الرغم من المماطلات العراقية في قبول تشكيل لجنة الترسيم ، حيث شكلت لجنة خماسية – تتكون من ممثل عن كل من الكويت والعراق بالإضافة إلى ثلاثة من الخبراء المستقلين يعينهم الأمين العام ويرأس أحدهم اللجنة ([66]) – وقد أنجزت اللجنة أعمالها التي أقرها مجلس الأمن بموجب قراره رقم833/1993.

وفي جامعة الدول العربية حين تتأزم الأمور وتعجز الدول الأعضاء عن تسويتها فإنها – أمام هذا العجز – تحيل الأمر للأمين العام ليواجه ما عجزت الدول عن تسويته من الأمور . ففي الاجتماع الطارئ الذي عقد في شتورة في لبنان في 22/8/1962 – لتسوية الخلافات المصرية السورية التي نجمت عن فض الوحدة بينهما – قرر الوفد المصري الانسحاب في أثناء الاجتماع الثامن في إطار هذه الدورة الاستثنائية وهدد بالانسحاب من الجامعة العربية ما لم يتم التحقيق في الادعاءات التي تقدم بها الوفد السوري، وقام عدد من رؤساء الوفود العربية الأعضاء بإجراء سلسلة من المشاورات حول تلك الأزمة الحادثة ، وقرروا في النهاية أن يعهدوا إلى الأمين العام للجامعة مسألة بذل مساعيه الحميدة مع جانبي النزاع ، بغرض إعادة وفد الجمهورية العربية المتحدة لحضور اجتماعات مجلس الجامعة ، إلا أن الأمين العام لم ينجح في مسعاه هذا . وبمجرد انتهاء الدورة الاستثنائية عادت وقبلت الجمهورية العربية المتحدة ألا تنسحب من الجامعة العربية ، ما دامت اجتماعات شتورا مفتوحة للانعقاد في أي وقت . وكان ذلك نتيجة لاتصالات مكثفة قام بها الأمين العام للجامعة مع الرئيس جمال عبد الناصر . وفي أعقاب الانقلاب العسكري الذي أطاح بالحكومة السورية في 8/3/1963 قررت الجمهورية العربية المتحدة أن تستأنف مشاركتها الكاملة في أعمال الجامعة العربية ([67]).

بالإضافة إلى ذلك فقد قام الأمين العام بالعديد من الوساطات واستخدم مساعيه الحميدة بناءاً على طلب الدول الأعضاء ، كالمسعى الحميد الذي باشره الأمين العام للأمم المتحدة بناءاً على طلب الأطراف المعنية لتطبيع العلاقات بين كل من المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة ، إثر القطيعة التي تسبب بها نزاعهما بشأن واحات البوريمي عام 1960 ([68]). كما لجأت كل من الحكومة الفرنسية والنيوزيلندية ، في يونيو 1986 ، إلى الأمين العام ليصدر حكمه بشأن نزاعهما المتعلق بحادث السفينة النيوزيلندية Rainbow Warrior التابعة لمنظمة السلام الأخضر ، والتي أغرقتها القوات البحرية الفرنسية عندما حاولت الدخول إلى مناطق التجارب النووية الفرنسية في جزر مورروا ، وبالفعل فقد سلم الأمين العام نص الحكم لأطراف النزاع في يوليو 1986 ([69]) ، إلا أننا يجب بأن ننوه أن هذا النزاع تم إخضاعه لهيئة تحكيم ، حيث فصلت به عام 1990 ، بإدانة فرنسا وتحميلها المسئولية الدولية وألزمتها بدفع التعويض ، حينها استقال وزير الدفاع الفرنسي بسبب هذه الفضيحة ([70]) .

وكذلك هو الحال بالنسبة لجامعة الدول العربية ، فعلى الرغم من أنه لم يرد النص في ميثاقها على أي نوع من الاختصاصات السياسية ، إلا أن أمنائها العامين لعبوا دوراً في عدد من الأزمات التي عصفت بالعالم العربي. فقد لاحظنا الأمناء العامين للجامعة العربية يتنقلون في رحلات مكوكية بين الدول الأعضاء التي تشوب علاقاتها بعض التوترات ، كما شاركوا في عضوية ورئاسة عدد من اللجان التي شكلتها الجامعة لفض نزاع ما . فقد اشترك الأمين العام لجامعة الدول العربية في عضوية اللجنة الرباعية المشكلة بناءاً على قرار مجلس وزراء الخارجية المنعقد في 12-13 يوليو 1976 بهدف وقف الحرب الأهلية اللبنانية ، وكانت كل من البحرين وتونس وقطر أعضاء في هذه اللجنة ([71]) ، كما رأس أمين عام جامعة الدول العربية اللجنة السباعية المشكلة بقرار مجلس الجامعة في دورته العادية في سبتمبر 1972  إلى جانب كل من ممثلي دولة الكويت وسوريا وليبيا ومصر والجزائر من أجل تحقيق المصالحة بين اليمنين ، وتسوية خلافاتهما حول مناطق الحدود المتنازع عليها ([72]) .

وقد وصل الأمر بأمين عام جامعة الدول العربية أن عمل على الحيلولة دون بحث مجلس الأمن الدولي لشكوى لبنان ضد الجمهورية العربية المتحدة عام 1958 قبل أن تقول جامعة الدول العربية كلمتها بهذا الشأن([73])، حيث أنه يؤمن بما درج عليه العمل الدولي بأحقية المنظمات الإقليمية في نظر منازعاتها قبل عرضها على الأمم المتحدة ، وبالتالي لا يحق لأجهزة الأمم المتحدة بحث أي نزاع إقليمي قبل أن تحاول المنظمة الإقليمية المختصة تسويته بصورة سلمية ، وعليه فقد طلب مدير مكتب جامعة الدول العربية لدى الأمم المتحدة بناءاً على تعليمات الأمين العام للجامعة العربية تأجيل النظر في الشكوى اللبنانية أمام مجلس الأمن الدولي وفقاً لأحكام المادة 52 من ميثاق الأمم المتحدة ([74]) ، لتمكين مجلس الجامعة من أن يتولى بنفسه تصفية الخلاف الإقليمي بين لبنان والجمهورية العربية المتحدة ، باعتبار الجامعة العربية هي المنظمة الإقليمية المشرفة على أمن المنطقة والتي تشترك في عضويتها كل من الدولتين المتنازعتين . وبالفعل فقد رضخ مجلس الأمن الدولي أمام هذه المطالبة حيث قرر في 27/5/1958 تأجيل النظر في الشكوى اللبنانية ريثما تعرف نتيجة وساطة جامعة الدول العربية في هذا النزاع ذي الصبغة الإقليمية الغالبة ([75]) . وبعد أن توترت الأوضاع في المنطقة في أعقاب ثورة تموز في العراق واستدعاء لبنان للقوات الأمريكية والأردن للقوات البريطانية ، شكلت الأمم المتحدة في 11/6/1958 لجنة من المراقبين للتأكد من صحة الشكوى اللبنانية ضد الجمهورية العربية المتحدة ، إلا أن هذه اللجنة لم تسجل أي انتهاك للسيادة اللبنانية ، وبعد هدوء الأوضاع أبلغت الحكومة اللبنانية مجلس الأمن الدولي في 16/11/1958 بطلب شطب شكواها ضد الجمهورية العربية المتحدة من جدول أعمال مجلس الأمن ([76]) . كما لعب الأمين العام دورا في تسوية الخلافات المترتبة على انتهاء الوحدة السورية المصرية في سبتمبر 1961 ، حيث وافق مجلس الجامعة بناءاً على طلب الأمين أن يكلفه مهمة بذل مساعيه للتوصل لتسوية شاملة لكافة المشاكل المتعلقة بين هاتين الحكومتين([77]) .

ومجلس التعاون لدول الخليج العربية وإن كان قد قيد الاختصاص السياسي للأمين العام كما أوضحنا ، إلا أن هذا الأخير يستطيع أن يمد نطاق عمله إلى بعض المسائل السياسية بعد أن يحصل على موافقة الدول الأعضاء بشأن مبادراته ، فقد قام معالي الأمين العام الأول السيد / عبد الله بشارة بمبادرة منه لزيارة دولة قطر ودولة البحرين عام 1986 بغية تهدئة الأوضاع المتفاقمة بين البلدين والاطلاع على وجهتي نظر البلدين ، كما لعب الشيخ / جميل الحجيلان منذ تعيينه في أواخر 1995 دوراً مهماً في تحقيق التقارب القطري البحريني .

ولا يشترط أن يقوم الأمين العام بنفسه بممارسة هذا النوع من الاختصاصات فقد يكلف الأمين العام أحد نوابه لمباشرته ، فكما ذكرنا مندوب الأمم المتحدة للشرق الأوسط السيد/ M. JARRING ، نذكر المندوب الذي أرسله الأمين العام لإنهاء النزاع البحريني الإيراني بشأن استقلال دولة البحرين M. Winspeare Guicciardi وما ترتب عليه من إخضاع المسألـة لاستفتاء الشعب البحريني الذي قرر اختيار الاستقلال عام 1971 ([78]) ، كما نذكر مندوب الأمين العام إلى فلسطين السير برنادوت والذي لقي حتفه عام 1949 إثر اغتياله هناك . وفي نطاق جامعة الدول العربية فقد أرسل الأمين العام السيد/أحمد عصمت عبدالمجيد  في ديسمبر 1992 مندوبه السيد/الادريسي إلى دولتي الكويت والعراق لمحاولة إنهاء أزمة الأسرى الكويتيين المحتجزين في العراق ([79]) . كما لاحظنا الرحلات المكوكية التي قام بها الأمين العام لمجلس التعاون الشيخ/ جميل الحجيلان بين دولتي قطر والبحرين ، على اثر تشكيل اللجنة الرباعيــة لتنقية الأجواء القطرية البحرينية ، وما أسفرت عنه هذه الجولات من نتائج إيجابية في شروع كلا الدولتين في تبادل التمثيل الدبلوماسي بينهما ، في فبراير 1997 . ويجب أن ننوه في هذا المقام إلى أن قلة عدد الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية مقارنة بكل من جامعة الدول العربية والأمم المتحدة تجعل أمين عام المجلس لا يلجأ إلى أسلوب إرسال الممثلين ، وإنما يقوم بنفسه بممارسة المهام السياسية حيث تنحصر في النطاق الجغرافي للدول الأعضاء الست .

الفرع الثالث

إدراج ما يشاء من المسائل

السياسية في جداول أعمال المنظمة

إن من الأعمال التقليدية المعروفة والتي تسند للسكرتارية أو الأمانة العامة مسألة إعداد جدول الأعمال للفروع المختلفة في المنظمة الدولية ، وهو أمر إداري بحت . إلا أن المسألة محل الدراسة في هذه الجزئية تتمثل في حق الأمين العام – كما هو الحال بالنسبة للدول الأعضاء – في إدراج ما يشاء من المسائل التي يعتقد من وجهة نظره الخاصة أنها من الأهمية بحيث يتوجب إدراجها في جدول أعمال أحد أجهزة المنظمة ليتولى دراستها ، وذلك بغض النظر عن نتائج المناقشات ، فيكفي أن تكون القناعة الخاصة للأمين العام سبباً في طرح مسألة ما لنقاش الأعضاء في أحد أجهزة المنظمة .

وبالتالي فلا بد من التمييز بشأن إعداد جدول الأعمال بين مسألتين ، الأولى : إعداد جدول الأعمال وهو الأمر الذي يعتبر من الأمور الإدارية البحتة ، الثانية الحق في إدراج ما يشاء من المسائل التي يعتقد بوجوب بحثها ضمن المواضيع المطروحة في جدول الأعمال وهو الأمر الذي يعد اختصاصاً سياسياً بحتاً .

وعلى صعيد منظمة الأمم المتحدة فقد منحت الجمعية العامة لأمينها العام وفقاً لنص المادة 13 فقرة (ز) من النظام الداخلي للجمعية العامة حق إدراج أية مسألة يرى ضرورة عرضها على الجمعية العامة في جدول أعمالها([80]) . وقد جرى العمل داخل منظمة الأمم المتحدة سواء في محيط مجلس الأمن أو في محيط الأمانة العامة على أن هذا الإجراء يستتبع حق الكشف عن الحقيقة وجمع معلومات كافية عن القضية موضوع البحث ، ويتم تجميع هذه المعلومات عن طريق الاتصال بالوفود الدائمة لدى المنظمة أو الاتصال المباشر بالحكومات وعلى وجه الخصوص عن طريق إيفاد مبعوثين خصوصيين للأمين العام في مناطق التوتر ، كما سبق أن طالب داغ همرشيلد في 7/9/1959 إدراج الوضع في LOAS في جدول أعمال مجلس الأمن الدولي ([81]) .

ولا يختلف ما يقوم به أمين عام منظمة الأمم المتحدة عما يقوم به نظيره في جامعة  الدول العربية ، فهو يعد مشروع جدول أعمال مجلس الجامعة الذي يمكن أن يتضمن المسائل التي يرى الأمين العام ضرورة عرضها على المجلس وذلك وفقاً لما ورد في فقرة 2 / هـ من المادة 9 من النظام الداخلي للمجلس والتي تنص على أن “… يتضمن مشروع جدول الأعمال: … (هـ) المسائل التي تقترحها دولة عضو أو يرى الأمين العام ضرورة عرضها على المجلس…” . كما أن فقرة 3 من ذات المادة نصت على أن “ … 3- لكل دولة عضو وللأمين العام طلب إدراج مسائل إضافية في مشروع جدول أعمال المجلس وذلك قبل التاريخ المحدد لبدء الدورة بثلاثة أسابيع على الأقل . ويتم إدراج هذه المسائل في جدول إضافي يرسل مع وثائقه إلى الدول الأعضاء وغيرها من الجهات المعنية قبل عشرة أيام على الأقل من موعد الدورة … ” . وفي جميع الأحوال فقد وضع النظام الداخلي لمجلس الجامعة في اعتباره إمكانية بروز مسائل قبل افتتاح دورة المجلس مباشرة ، وتكون من الأهمية والاستعجال بحيث لا يمكن تأجيلها خضوعاً للإجراءات المعتادة ، فنصت فقرة 4 من المادة 9 من النظام الداخلي لمجلس الجامعة على أنه “… 4- لأية دولة عضو والأمين العام طلب إدراج مسائل إضافية في مشروع جدول أعمال الدورة حتى حلول الموعد المحدد لافتتاحها إذا كانت لهذه المسائل صفة الأهمية والاستعجال…“. وهذه المسائل جميعها تدخل ضمن الاختصاصات السياسية للأمين العام التي عادة ما تمارسها الدول الأعضاء ، وللأمين العام بناءاً على قناعته الشخصية ممارسة هذا الاختصاص السياسي من عدمه .

إلا أن الأمين العام لجامعة الدول العربية ، يُعرض عن إدراج أية مسألة في جدول الأعمال حفاظاً على كسب ود الدول الأعضاء ، من خلال عدم تجاوز رغبتهم في عدم إدراجها في جدول أعمال الأجهزة المختلفة ، لذا لم يعمل على إدراج النزاع المصري السوداني عام 1958 على جدول أعمال المجلس .

أما دور الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بشأن إعداد جدول الأعمال ، فهو دور إداري بحت ، إذ أنه لا يتمتع بالحق في طلب إدراج أية مسألة من المسائل ضمن جدول أعمال المجلس الأعلى أو الوزاري، حيث جاء في نص المادة 15 فقرة 7 من النظام الأساسي لمجلس التعاون أن من ضمن اختصاصات الأمين العام ” التحضير للاجتمـاعات وإعداد جدول أعمال المجلس الوزاري ومشروعات القرارات” ، وعمله وفقاً لهذا النص لا يتجاوز العمل الإداري البحت والذي يندرج ضمن الأعمال التقليدية للسكرتارية العامة ، ولا يملك بشأنه أية سلطة تقديرية .

المبحث الثاني

اختصاصات ذات طبيعة مختلطة

بالإضافة إلى الاختصاصات السياسية البحتة فإن هناك نوع من الاختصاصات التي يتمتع بها الأمين العام ، ويمكن إدراجها ضمن الاختصاصات السياسية ، إلا أنها يمكن أن تدرج كذلك ضمن الاختصاصات الإدارية للأمين العام ، فهي ذات طبيعتين ، وتنحصر في الآتي :

الفرع الأول

إعداد التقارير الدورية أو الطارئة عن أعمال المنظمة

إن من أهم اختصاصات الأمانة العامة إعداد التقارير الدورية ، والتي تؤكد للدول الأعضاء حسن سير منظمتهم ، وعدم خروج الأمين العام عن الطريق المرسوم له في قيادة أعمال المنظمة . وكذلك هناك عدد من المهام التي تعهد بها أجهزة المنظمة للأمين العام وتطالبه بتقديم تقرير عنها ، حيث تحتاج الدول الأعضاء لمعرفة ما تم إنجازه بهذا الخصوص وهو الأمر الذي يقوم به الأمين العام من خلال ما يقدمه من تقارير بهذا الشأن . وفي كلتا الحالتين فإنها تحتوي أنشطة المنظمة الدولية ، ويضمن الأمين العام عادة آراؤه في مثل هذه التقارير والتي قد تترجم إلى واقع بناءاً على اقتناع الدول الأعضاء فيها ، أو أنها تظـــل حبراً على ورق . والتقارير الدورية التي يعدها الأمين العام عادة ما تكون سنوية ، حيث ورد في نص المادة 98 من ميثاق الأمم المتحدة  “ ويعد الأمين العام تقريراً سنوياً للجمعية العامة بأعمال الهيئة ” ، وتقدم مثل هذه التقارير إلى الجمعية العامة التي تضم ممثلين عن كافة الدول الأعضاء ([82]). ولكن يمكن أن ينص على خلافه ، كما في مجلس التعاون الخليجي إذ كان الأمين العام يرفع تقريراً كل ستة شهور ، ولكن بعد تعديل النظام الأساسي بحيث أصبح قادة المجلس يجتمعون مرة كل عام ، أصبح الأمين العام يرفع تقريراً سنوياً .

كما أن المادة 22 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمن تنص على أن للأمين العام بصفته هذه أن يقدم تقارير شفوية أو مكتوبة حول أية مسألة محل بحث أمام المجلس ، حيث قدم الأمين العام تقريرا بشأن أزمة الرهائن الأمريكان المحتجزين في طهران 1980 ، ويشأن الاحتلال العراقي لدولة الكويت قدم تقارير بشأن تصوراته لإيصال المواد الغذائية والأدوية للشعب العراقي مع عدم الإخلال بالحصار المفروض على النظام ، كما قدم تقريرا عن الدبلوماسية الوقائية ([83]) وآخر يشكل خطة للتنمية ([84]).

ولا يخرج اختصاص أمين عام الجامعة العربية عن اختصاص أقرانه في الأمم المتحدة ومجلس التعاون ، إذ جاء في المادة 9 فقرة 2 / أ من النظام الداخلي لمجلس الجامعة أن من ضمن جدول الأعمال ” … أ- تقرير الأمين العام عن أعمال الجامعة بين الدورتين والإجراءات المتخذة لتنفيذ قرارات المجلس ” . كما أن فقرة 1 من المادة 12 من النظام الداخلي للمجلس تعطي للأمين العام الحق في تقديم تقارير أو بيانات شفوية عن أية مسألة يبحثها المجلس .

ولم يخرج مجلس التعاون لدول الخليج العربية عن هذا الأصل حيث نصت فقرة 2 من المادة 15 من النظام الأساسي للمجلس على أنه من ضمن اختصاصات الأمانة العامة ” إعداد التقارير الدورية عن أعمال مجلس التعاون” ، حيث يقوم مجلس الوزراء باعتمادها استناداً إلى المادة 12 فقرة 9 من النظام الأساسي ([85]) ، وذلك قبل رفعها للمجلس الأعلى الذي ينظرها استنادا إلى نص المادة 8  فقرة 4 من النظام الأساسي ([86]) ، و المادة 8 فقرة 2 من النظام الداخلي للمجلس الأعلى ([87]) .

كما يستطيع الأمين العام إبداء وجهة نظره ، ورؤيته الخاصة لنظام العمل في المنظمة الدولية ، وتطلعاته المستقبلية ، من خلال التقارير السنوية أو التقارير الطارئة ، بحيث يمكن من خلالها أن يؤثر في عدد لا بأس به من الدول الأعضاء . وليس أدل على أهمية الدور السياسي الذي تلعبه مثل هذه التقارير ، وما تحتويه من قناعات الأمين العام الخاصة به ، ما حصل في أروقة منظمة الأمم المتحدة بعد تقديم الأمين العام للأمم المتحدة – د. بطرس غالى – لتقريره حول ضلوع إسرائيل في مذبحة قانا والتي كانت تشكل اعتداءا على أحد مقار القوات التابعة للأمم المتحدة ، وقد جاء فيه ” كما يتبين من التقرير فان نسق سقوط القذائف في منطقة قانا يجعل من غير المرجح أن يكون قصف مجمع الأمم المتحدة نتيجة لأخطاء تقنية أو إجرائية ، وإن كان لا يمكن استبعاد هذه الإمكانية تماماً ، ويقول جيش الدفاع الإسرائيلي من ناحيته – وما زال الكلام للدكتور / غالي – أن الحادثة قد نجمت عن سلسلة من أخطاء العمليات وجوانب القصور التقنية ، التي اقترنت بالصدفة . وإنني لأنظر بأشد القلق إلى قصف موقع القوات الفيجية ، بنفس الشكل الذي أنظر به إلى أي أعمال عدائية موجهة إلى أي موقع من مواقع الأمم المتحدة لحفظ السلام ، غير أن هذه الحادثة هي أخطر شأناً من كل الحوادث ، لأن مدنيين فيهم نساء وأطفال قد لجئوا إلى مجمع الأمم المتحدة في قانا … ويظل من الأهمية القصوى أن يكفل أطراف هذا النزاع ألا يصبح المدنيون الأبرياء ضحايا للأعمال العدائية . ونظراً لخطورة الأحداث التي وقعت في قانا قررت إحالة التقرير إلى مجلس الأمن… ” ([88]) . حيث يتضح لنا أن وجهة النظر الخاصة للأمين العام والتي أرفقه بتقرير هيئة التحقيق لعب دوراً في فضح ممارسات الحكومة الإسرائيلية في حق المدنيين اللبنانيين أمام العالم أجمع ، وهو الأمر الذي أحرج إسرائيل دوليا أمام كل من كانت تتظاهر أمامهم بأنها ضحية الاعتداءات في الجنوب . وقد كان للأمين العام أن يرفع التقرير دون أن يذيله بوجهة نظره الخاصة مما يترك الفرصة لإسرائيل والولايات المتحدة إلى التكتيم على مضمون التقرير أو التشكيك فيه .

الفرع الثاني

الاشتراك في اجتماعات فروع المنظمة

إن اشتراك الأمين العام في اجتماعات الفروع المختلفة للمنظمة الدولية هو أمر ضروري ، من ناحية لمتابعة المناقشات التي تدور والعمــل على تحريرها في محاضر رسمية للضرورة ، ومن ناحية أخرى للعمل على وضع ما يتوصل إليه المجتمعون موضع التنفيذ ، كما قد يحتاج الأعضاء بعض التوضيحات بخصوص بعض المسائل المطروحة للنقاش ، وهنا يمكن للأمين العام أن يزيل أوجه اللبس والغموض بالنسبة لهم ، كما يمكن أن تصدر بعض التكاليف المباشرة للأمين العام لتوليها وإنجازها بنفسه ، لذا كان لزاماً مشاركته في اجتماعات أجهزة المنظمة الدولية ([89]) . أما الطابع السياسي في هذا الاختصاص فيرتكز بمشاركته في اجتماعات الأجهزة وتمتعه بحق الصوت وليس التصويت ([90]) ، بمعنى آخر له أن يعبر عن كافة آرائه وقناعاته الشخصيـة شأنه شأن بقية الدول الأعضاء ، ودون أن يطلب منه ذلك ويبادر لإبداء وجهة نظره الخاصة ، والتي قد تؤثر في مجرى النقاش ، إلا أنه بانتهاء النقاش والدخول في مرحلة التصويت للبــت في النقــاش المطروح ، لا يتمتع هو أو من يمثله بالحق في التصويت وبالتالي المشاركة في صنع القرار ، الذي يقتصر على الدول الأعضاء فقط.

فيقوم الأمين العام للأمم المتحدة بالاشتراك بنفسه أو من ينوب عنه بصفته الموظف الإداري الأكبر في كل اجتماعات الجمعية العامة ومجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ومجلس الوصاية ([91]) ، وذلك حسبما ورد في نص المادة  98 من ميثاق الأمم المتحدة . ولا شك أن هذا الاشتراك المباشر من جانب الأمين العام في ميدان العلاقات السياسية هو أحد المظاهر الجديدة التي استحدثتها المنظمات الدولية . ومن هنا فإن ظهور الأمين العام للأمم المتحدة في ميدان العلاقات الدولية له أثر كبير في اتجاهات الرأي العام العالمي وفي سياسة الحكومات ([92]) .

وقد نحت جامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية نفس المنحى حيث نصت فقرة 1 من نص المادة 12 من النظام الداخلي لمجلس الجامعة على أن ” يشترك الأمين العام في اجتماعات المجلس ولجانه ويجوز أن يعاونه أو يحل محله فيها من يختارهم من مساعديه . وللأمين العام أو لمساعديه بموافقة الرئيس أن يعرضوا على المجلس في كل وقت تقارير أو بيانات عن أية مسألة يبحثها المجلس ” . كما تنص فقرة 2 من المادة 10 من النظام الداخلي لمجلس الجامعة على أن “… 2- يحضر جلسات المكتب الأمين العام أو من ينيبه من الأمناء المساعدين أو مستشاري الأمين العام . كما يجوز لمن يرغب من مندوبي الدول أن يحضر اجتماعات المكتب ” . وبالتالي فإن الأمين العام أو من ينوب عنه يلعب دورا في تزويد الأطراف المجتمعون بالمعلومات التي يفتقرونها تمهيدا لاتخاذ القرار ، إلا أن مصدر هذه المعلومات – وهو الأمين العام – وقناعته الشخصية تلعب دورا في التأثير على المجتمعون وبالتالي في اتخاذهم للقرار .

أما بالنسبة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية فقد ثبت هذا الاختصاص وفقاً لنص المادة 4 فقرة (أ) من النظام الداخلي للأمانة العامة للمجلس والتي تنص على أن “… أ- يحضر الأمين العام اجتماعات المجلس الأعلى والمجلس الوزاري وله أن ينيب عنه أحد مساعديه عند الاقتضاء ” . كما أن تشكيل مكتبي المجلس الأعلى والمجلس الوزاري يؤكد على حق الأمين العام في ممارسة هذا الاختصاص من خلال إشراكه في عضويتهما([93]) ، حيث نصت المادة 9 فقرة 1 من النظام الداخلي للمجلس الأعلى “1- يشكل مكتب المجلس الأعلى في كل دورة عادية من رئيس المجلس ورئيس المجلس الوزاري والأمين العام ويتولى رئيس المجلس الأعلى رئاسة المكتب …” ، كما نصت المادة 17 من النظام الداخلي للمجلس الوزاري على أن “1- يضم مكتب المجلس رئيس المجلس والأمين العام ورؤساء لجان العمل الفرعية التي يقرر تشكيلها …” . كما أن دور الأمين العام لا يقتصر في مجلس التعاون لدول الخليج العربية على مجرد الاشتراك في مثل هذه الاجتماعات وإنما يتولى كذلك مساعدة رئيس المجلس الوزاري في مهمة التوفيق بين وجهات نظر الدول الأعضاء – في حال تعارضها – بغية الوصول إلى صيغة مقبولة لمشروع قرار ، حيث نصت المادة 36 فقرة 1 من النظام الداخلي للمجلس الوزاري على أن “1- يسعى رئيس المجلس بمساعدة الأمين العام إلى التوفيق بين وجهات نظر الدول الأعضاء في المسألة التي تختلف فيها إلى الحصول على تراضيها حول مشروع قرار قبل إحالته إلى التصويت …” ، وبالتالي يمكن للأمين العام أن يلعب دوراً فاعلاً في التأثير على ممثلي الدول الأعضاء وإقناعهم بالاقتراب نحو وجهة نظر مشتركة تشكل قاعدة مشروع القرار محل التصويت ، وذلك بغية الظهور بمظهر الاتفاق ([94]) .

 

 

الفرع الثالث

متابعة شئون قوات حفظ السلام

في أداء مهامها وإصدار التقارير بهذا الشأن

يوجد عدد لا بأس به من المنظمات الدولية التي تقوم بإرسال قوات عسكرية للتدخل والمساعدة في حفظ السلام ، أو العمل على منع تفاقم الأوضاع ([95]) . وتوكل بعض المنظمات الدولية للأمين العام مهمة الإشراف على حسن سير أعمال هذه القوات ، والإشراف على تحركاتها بمساعدة مجالس عسكرية من الدول المشاركة في هذه القوات ، وبالتالي يقوم  الأمين العام بتزويد المنظمة الدولية بتقارير دورية بشأن النتائج التي حققتها هذه القوات العسكرية ، وتصوراته حول أفضلية التجديد لها أم إنهاء مهامها . وفي الواقع فان دور الأمين العام في اتصاله بالقوات العسكرية التي ترسلها المنظمات الدولية لا يتعدى دور الوسيط بين الدول المرسلة للقوات العسكرية وهذه القوات نفسها ، ويكون ذلك من خلال التقارير التي يرفعها ويبدي فيها وجهة نظره الخاصة ، والتي قد تؤثر بدورها على ما تتخذه هذه الدول من قرارات ، وفي جميع الأحوال يعود لهذه الدول وحدها حق سحب قواتها أو الاستمرار في المهمة العسكرية . فقد سبق للقوات التونسية أن تراجعت عن المشاركة في القوات العربية المرسلة للكويت عام 1961 ، وتلاها انسحاب القوات المصرية في 12أكتوبر من نفس العام وتلتها القوات السعودية والأردنية في يناير 1963 ولم يتبق منها إلا القوات السودانية التي انسحبت بعد انغشاع الغمامة بمقتل اللواء عبد الكريم قاسم ([96]).

فمن مقاصد منظمة الأمم المتحدة – حسبما ورد في نص المادة 1 من ميثاقها -حفظ السلم والأمن الدوليين ، ويتطلب تحقيق هذا المقصد – في بعض الأحيان – من الأمم المتحدة التواجد على الساحة من خلال قوات حفظ السلام ، حتى تكفل وتشرف على تطبيق اتفاقيات الحد من النزاعات ، كوقف إطلاق النار والفصل بين القوات المتحاربة والهدنة…الخ ، وتسويتها كلياً أو جزئياً ، أو على الأقل ضمان وصول المساعدات الإنسانية . وهذه العمليات يوصي مجلس الأمن الدولي بتشكيلها ، ويتولى الأمين العام إدارتها ، ويفترض إقرارها من قبل الدولة المستقبلة ، وكافة الأطراف المعنية ، ويجب أن تبتعد في أدائها عن تغليب أحد الأطراف على حساب الآخر ([97]) .

وكما رأينا فإن طلائع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة انطلقت بدايتها في سيناء عام 1956 ، حيث طلبت الجمعية العامة في 5 نوفمبر من الأمين العام إعداد الخطط لإنشاء قوة طوارئ دولية ولتنظيمها لتقوم بدور تنفيذ قرار الجمعية العامة بوقف العدوان على مصر ([98]). ويجب أن نؤكد أنه وفقاً للغاية من هذه القوات لا يشترط أن تكون قوات مسلحة كما هو شأن القوات الوطنية ، وعدد هذه القوات وتشكيلها يعتمد على طبيعة المهمة المراد تحقيقها ، وهي لا تخرج عما يلي :

1) المراقبة وجمع المعلومات وتوكل هذه المهمة عادة إلى مجموعة محدودة من المراقبين العسكريين ، مثل “GONUL” لعام 1958 مجموعة مراقبي الأمم المتحدة لمراقبة وقف إطلاق النار في لبنان . وفي رواندا “MONUOR” شكلت قوة المراقبين بقرار مجلس الأمن الصادر في 22/6/1993 ، وفي النزاع العراقي الإيراني شكلت الأمم المتحدة فريقاً من المراقبين لضمان احترام قرار وقف إطلاق النار “GOMNUII” بموجب قرار مجلس الأمن الدولي الصادر في 9/8/1988 ([99]) ، وكذلك قوات اليونيكوم الموجودة في الكويت والتي شكلت بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 689/1991 ، حيث يرفع الأمين العام تقريراً دورياً كل ستة أشهر لمجلس الأمن الدولي يوضح بموجبه مدى الحاجة للتجديد لهذه القوات المتمركزة على الحدود العراقية الكويتية .

2) مهمة الفصل بين الأطراف المتحاربة واستعمال القوة لتقييد تحركاتهم بشكل يمنع اندلاع القتال ، وهذه المهمة تحتاج إلى قوة عسكرية أكثر تجهيزاً من المراقبين . والتفرقة بين الحالتين ليست بهذه السهولة فيمكن لقوات المراقبة أن تتحول إلى قوات لحفظ السلام ، كما حصل مع قوات الحماية التابعة للأمم المتحدة في يوغسلافيا السابقة “FORPRONU” ([100]) . ولقد كان النجاح الذي حققته قوات الأمم المتحدة في أماكن متفرقة من العالم سبباً وراء قيام العديد من المنظمات الدولية بالارتكاز على نص المادة 52 من ميثاق الأمم المتحدة لاستنساخ هذا النظام والتي تنص على أن “…2- يبذل أعضاء الأمم المتحدة الداخلون في مثل هذه التنظيمات – أي التنظيمات الإقليمية – أو الذين تتألف منهم تلك الوكالات كل جهدهم لتدبير الحل السلمي للمنازعات المحلية عن طريق هذه التنظيمات الإقليمية أو بواسطة هذه الوكالات الإقليمية وذلك قبل عرضها على مجلس الأمن…” ، وهذا ما قامت به جامعة الدول العربية . فبعد أن أكد ميثاقها في المادة 5 على عدم جواز استخدام القوة وتفضيل الحلول السلمية ([101]) ، جاء نص المادة 1 من معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي لعام 1950 ليؤكدً على أهمية اللجوء إلى الحلول السلمية للمنازعات ، ومع  أن المادة 2 من اتفاقية الدفاع المشترك أبرزت حق الدفاع الشرعي الفردي والجماعي ، إلا أنه لم يرد أي ذكر صريح لقوات عسكرية تابعة للجامعة وتخضع لإشراف الأمين العام ، وإلا أنها تدخل في نطاق الدفاع المشترك كما تجد السند القانوني في نص المادة 52 من ميثاق الأمم المتحدة  ، وتعتبر القوات العربية التي شكلت في كل من الكويت عام 1961 ولبنان عام 1976 خير دليل على تطبيق الحل السلمي للمنازعات الإقليمية الذي ورد النص عليه في المادة 52 من ميثاق الأمم المتحدة .

وتعد قوات الطوارئ العربية في الكويت – التي أطلق عليها قوات أمن الجامعة العربية بالكويت – أول بزوغ لفكرة إنشاء قوات عسكرية تابعة لجامعة الدول العربية باعتبارها منظمة إقليمية مسئولة عن السلام والأمن في المنطقة العربية ([102]) . وذلك عام 1961 إثر الأزمة الكويتية العراقية التي أثارتها مطالبة العراق بضم دولة الكويت ونزول القوات البريطانية في الأراضي الكويتية . وقد أدت تلك الأزمة إلى ممارسة الأمين العام لدور  دبلوماسي واسع وقيامه باختصاص جديد ومتميز وهو إنشاء وقيادة قوات ذات طابع عسكري ([103]) استناداً إلى الاتفاق المعقود بين أمير دولة الكويت آنذاك والأمين العام ، وهذه القوات هي هيئة تابعة لجامعة الدول العربية تم إنشاؤها بموجب السلطات المخولة للأمين العام بقرار مجلس الجامعة في 20/7/1961 ([104]) ، وكذلك بالاستناد إلى حق المجلس في إنشاء ما يراه من لجان وهيئات وفقاً لنص المادة 3 من النظام الداخلي له ، والتي ترى أن “… 2- للمجلس أن يقوم بما يأتي : (أ) إنشاء لجان استشارية وفنية يراها ضرورية لنهوض الجامعة بمهامها…” .

وكما هو الحال في نطاق منظمة الأمم المتحدة فقد تتحول قوات الفصل العربية  إلى قوات ردع عربية ، كما حصل في لبنان عندما أُنشئت قوات فصل بين المتحاربين بموجب قرار مجلس الجامعة في 9/6/1976 ، إلا أن عدم احترام أطراف النزاع لوقف إطلاق النار الذي تم برعاية جامعة الدول العربية أدى إلى عقد اجتماعي الرياض في 18 و25/10/1976 والذي تحولت بموجبه قوات الفصل إلى قوات الردع العربية ([105]) .

ولم يصل الحال بمجلس التعاون لدول الخليج العربية ، وعلى الرغم من تشكيله لقوة درع الجزيرة وصقر الجزيرة – تحت قيادة المملكة العربية السعودية لحماية أمن واستقلال دول المجلس الست – أن أوكل للأمين العام للمجلس اختصاصاً للإشراف على هذه القوة .

الخاتمة

بعد استعراضنا للاختصاصات السياسية التي يتمتع بها الأمين العام في المنظمات الدولية محل الدراسة ، يمكننا أن نختم هذه الدراسة بالقول بأن الأمناء العامين في المنظمات الدولية ، على الرغم من ارتكاز وجودهم على الأعباء الإدارية ، إلا أنهم يقومون بعدد من المهام السياسية ، والتي تقع بحسب الأصل في صميم الاختصاص البحت للدول الأعضاء دون غيرها . ولكن حجم وسعة هذه المهام تعتمد بحسب الدول الأعضاء ومدى مرونتهم تجاه هذه المسألة ، فمنهم من يخوله باختصاصات سياسية ثابتة وراسخة بالنظام الأساسي للمنظمة الدولية ، وبالتالي يصعب الحول بينه وبين هذا الاختصاص ، ومنهم من يمنحه إياه في النظم الداخلية للأجهزة المختلفة ، ولا عجب هنا إن تميز الاختصاصات السياسية بالسعة والتعدد لأن حجبها عن الأمين العام يتطلب إجراءات مبسطة ، وهي اللازمة لتعديل النظام الداخلي ، ومنهم من يمنحه هذه الاختصاصات بحسب الأحوال ، فلكل مقام مقال ، فتمنح بعض المنظمات الأمين العام اختصاصاً سياسياً في كل مسألة على حدة ، وتحدد له في كل حالة حدود هذا الاختصاص . إلا أن من الأمناء العامين من يستفيد من هذه التخويلات واعتبارها سوابق قانونية تجيز له الاقتداء بها في غياب النص ، ولكن الأمين العام يظل تحت المراقبة المستمرة التي من شأنها تعيد الأمين العام إلى جادة الصواب – من وجهة نظرهم على الأقل – متى حاد عنها .

ولكن على الرغم من السمعة التي تحظى بها الأمم المتحدة ، فإن أمينها العام يتمتع بصدى يتجاوز ما يتمتع به أقرانه في المنظمات الدولية ، ولكن هذه الدراسة أثبتت من الناحية القانونية بأن أمين عام جامعة الدول العربية يتمتع باختصاص سياسي يفوق في بعض الأحيان ما يتمتع به أمين عام الأمم المتحدة . كما أن أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية -وعلى الرغم من قناعتنا بتركز السلطات السياسية في يد المجلس الأعلى والمجلس الوزاري – فإنه يستطيع ممارسة سلطات سياسية من شأنها أن تؤثر في تنشيط المنظمة الدولية وتحقيقها لأهدافها ، ولكن يظل أمر التجديد لولاية جديدة يتطلب خطب ود هذه الدول ، وبالتالي لا يجرؤ الأمين العام على مفاجئة هذه الدول بأي إجراء قد لا يكون محل قبول منها ، لذا يلجأ في الغالب إلى التشاور مع ممثلي هذه الدول للحصول على إجماعهم في ممارسته لأي اختصاص لم يخول فيه صراحة .

وفي الختام فإننا ندعو كافة الدول الأعضاء في كافة المنظمات الدولية – طالما أنها شاركت بقناعة في اختيار الأمين العام – بأن تعمل حثيثاً على منحه لاختصاصات سياسية واسعة ، وتفتح باب المراقبة اللاحقة على أعماله على مصراعيه ، بحيث لا تعيقه في أدائه لمهامه من ناحية ، ويظل هو تحت رقابة الدول الأعضاء ، التي يكون لها صلاحيات واسعة في وقف نشاطه المتعارض مع أهداف ومبادئ المنظمة الدولية ، ومن ثم تحميله للمسئولية التي تتناسب ومهام وظيفته .

ونستغل هذه الدراسة للتأكيد على عدم وجود أي مبرر منطقي لحرمان الأمين العام للأمم المتحدة من اللجوء إلى محكمة العدل الدولية للتقدم بطلب رأي استشاري ، فمن شأن هذه الصلاحية أن تثري الفقه الدولي بالمزيد من الآراء الاستشارية ، كما أن الأمين العام يعتبر أقرب الجميع إلى الجميع في المنظمة الدولية ، فغالباً ما ينقسم الأعضاء إلى تجمعات ، لكن الأمين العام – بحكم عمله – يظل متواصلاً مع كافة التكتلات ، ومن شأنه أن يطلع على كافة الأمور التي تعيق عمل المنظمة الدولية ، مما يتوجب معه إعطائه الحق في محاولة طلب عون محكمة العدل الدولية لإزالة اللبس والغموض .

إلا أن جميع هذه المطالب تظل أماني معلقة على الإرادة السياسية للدول الأعضاء ، ولكن السند القانوني موجود من خلال تعديل النظم الأساسية أو المواثيق الداخلية أو إصدار القرارات ، ولكنها أسانيد محكومة بإرادة الدول أعضاء المنظمات الدولية ، التي نتمنى منها أن تلتقي ، وتنحي مصالحها أمام المصالح العامة للمنظمة الدولية وعموم الدول الأعضاء .

([1] ) د . علي شفيـــق ، مجلس التعاون لدول الخليج العربية والعلاقات الدولية ، دار النهضة ، (لبنان ، 1989) ، ص7 .

([2]) Claud-Albert Colliard , “Institutions Internationales” , 10 eme ed. , DALLOZ, (Paris , 1995) , P. 208 .

([3] ) Paul TAVERNIER , Commentaire sur l’art.27 de la charte de l’ONU , Commentaire de la Charte de l’ONU , article par article , J.P. COT et autres , ed. ECONOMICA , 2eme ed. , (Paris , 1991) , p. 498 .

([4] ) جامعة الدول العربية ، الأمانة العامة ، وثائق الأمانة العامة لجامعة الدول العربية ، “رد الأمين العام على بيان وزير خارجية العراق الذي ألقاه في المجلس النيابي العراقي في 3/5/1949” ، مذكور في :

عبدالحميد محمد الموافي ، “دور الأمين العام للجامعة” ، المستقبل العربي   ، العدد 39 ، (القاهرة ، 1982) ،  ص 97 .

([5] ) Le Secretaire General de l’OTAN est en meme temps president du Conseil de l’Atlantique Nord ; quant a celui de l’OCDE , il preside egalement le Conseil de l’Organisation , mais lorsque celui-ci ne se reunit pas au niveau ministeriel . Le Directeur executif de l’Organisation internationale du cacao peut reunirle Conseil en cas d’urgence . Le Directeur general de l’OMPI peut proposer des modification de la convention de base . Le Directeur de l’Institut international du froid peut recevoir delegation d’une partie des pouvoirs du Comite de direction ou du Comite executif . N’oublions pas , enfin , les pouvoirs de decision propres devolus a la commission de la CEE par l’art. 155 du Traite de Rome .

Andre LEWIN “Les Hautes Fonctions Internationales” , Colloque d’AIX-EN-PROVENCE , Les Agents Internationaux , Societe Francaise pour le Droit International , ed. A. PEDONE , (Paris , 1985) , p. 69 .

([6] ) حرص رؤساء الدول على حرمان الأمين العام لمنظمة الوحدة الأفريقية من أي إختصاص سياسي ، ودلالة على ذلك فقد اختار الميثاق أن يطلق عليه اسم “الأمين العام الاداري” بغية تقييد اختصاصاته خشية أن يجعل من نفسه صانع السياسة للقارة الأفريقية .

د . محمد طلعت الغنيمي ، “الأحكام العامة في قانون الأمم ، التنظيم الدولي” ، منشأة المعارف ، (الاسكندرية ، 1971) ، ص 1111 .

([7] ) كما سنرى في الوضع في مجلس التعاون لدول الخليج العربية .

([8] ) أنظر :

د. عبد العزيز مخيمر ، مرجع سابق ، ص ص113-114 .

د. محمد الحسيني مصيلحي ، “المنظمات الدولية ، 1- النظرية العامة 2- الأمم المتحدة 3- المنظمات الدولية المتخصصة المرتبطة بالأمم المتحدة” ، دار النهضة العربية ، (القاهرة ، 1989) ، ص487 .

([9] ) Marie-Claude SMOUTS , “commentaire sur l’art. 99” , Commentaire de la Charte des Nations Unies , Article par Article , sous la direction de Jean-Pierre COT et Alain PELLET , ed. ECONOMICA , (Paris , 1991) , P. 1327.

)[10] ( “To bring the attention of the Security Council any matter (not merely any dispute or situation) wich in the opinion of the Secretary General , may threaten the maintenance of international peace and security” .

Roberto Lavalle , “The Inherent powers of the Secretary-General in the Political Sphere : A Legal Analysis” , Netherlands International Law Review , Vol. XXXVII ,  (Netherlands , 1990) , p. 25 .

([11] ) الأنباء الكويتية ، العدد 7559 ، الخميس 5 يونيو 1997 ، ص26 .

([12] )  د . محمـد السعـيد الدقاق ، ” التنظيم الدولي ” ، دار الجامعة الجديدة للنشر ، (الاسكندرية ، 1990) ، ص 514 .

([13] ) د . محمـد السعـيد الدقاق ، ” التنظيم الدولي ” ، دار الجامعة الجديدة للنشر ، (الاسكندرية ، 1990) ، ص 515 .

([14] ) ورد في نص القرار 687/1991 الصادر عن مجلس الأمن الدولي أن مجلس الأمن ” 2- يطالب بأن يحترم العراق والكويت حرمة الحدود الدولية وتخصيص الجزر ، على النحو المحدد في (المحضر المتفق عليه بين دولة الكويت والجمهورية العراقية بشأن استعادة العلاقات الودية والاعتراف والأمور ذات العلاقة) الذي وقعاه ممارسة منهما لسيادتهما في بغداد 4 تشرين الأول / أكتوبر 1963 ، وسجل لدى الأمم المتحدة ونشرته الأمم المتحدة في الوثيقة 7063 ، الأمم المتحدة ، مجموعة المعاهدات ، 1964 .

3- يطلب الى الأمين العام أن يساعد في اتخاذ الترتيبات اللازمة مع العراق والكويت لتعيين الحدود بين العراق والكويت ، مستعيناً بالمواد المناسبة ، بما فيها الخريطة الواردة في وثيقة مجلس الأمن S/22412 ، وان يقدم الى مجلس أمن تقريراً عن ذلك في غضون شهر واحد ” .

([15] ) “Request the Secretary General to designate a Special Representative to proceed to the Middle East to establish and maintain contacts withe the States concerned in order to promote agreement and assist efforts to achieve a peaceful and accepted settlement in accordance with the provisions and principles in this resolution”.

U.N Security Council resolution 242 , November 22 , 1967.

([16] ) د . محمد مصيلحي ، ” المنظمات الدولية ، 1- النظرية العامة للمنظمات الدولية ، 2- الأمم المتحدة ، 3- المنظمات الدولية المتخصصة المرتبطة بالأمم المتحدة ” ، دار النهضة العربية ، (القاهرة ، 1989) ، ص 511 .

([17] ) بيان مجلس وزراء الخارجية العرب في 3/8/1990 ، ” جريمة غزو العراق للكويت أحداث ووثائق ، سجل للوقائع اليومية للغزو والإحتلال من 2 أغسطس 1990 الى 1 مارس 1991 “ ، إعداد إدارة الثقافة والنشر بالمركز الإعلامي الكويتي ، القاهرة ، 1991 ، ص 523 .

([18] ) قرار القمة العربية الطارئة بالقاهرة 10/8/1990 ، المرجع السابق ، ص 529 .

([19] ) قرار مجلس الجامعة رقم ق753/دع 21/ج2-3/4/1954 .

([20] ) قرارات مؤتمر القمة السابعة عشر لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ، المنعقدة في الدوحة في ديسمبر 1996 .

([21]) “Les competences implicites seront donc des competences qui ne sont pas expressement donnees…mais dont l’existence se deduit naturellement des termes de ces actes internationaux.”

BERNARD ROUYER-HAMERAY , “Les Competences Implicites Des Organisations Internationale” , L.G.D.J , (Paris , 1962) , ýP. 3.

([22] ) د . محمـــد السعيد الدقاق ، ” التنظيم الدولي “ ، دار الجامعة الجديدة للنشر ، (الاسكندرية ، 1990) ، ص 517 .

 )[23] ( AL-ANZI Eisa , “Le Reglement pacifique des differends aux plans International ( Organisation des Nations Unies) et Regional (Ligue des Etats Arabes et Conseil de Cooperation du Golfe)” , these de Doctorat , (Univ. de Rennes I , 1995) , p. 172 .

([24] ) رسالة المندوب الإيراني لدى الأمم المتحدة للأمين العام في 9/3/1970 ، ورسالة نظيره البريطاني الى الأمين العام في 20/3/1970 .

([25] ) عبد الله يعقوب بشارة ، ” دور الأمم المتحدة في استقلال البحرين ” ، مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية ، العدد 7 ، السنة الثانية ، (الكويت ، يوليو 1976) ، ص 235 – 241 .

([26] )  An sujet du conflit entre Liban et la Republique Arabe Unie “Une resolution adoptee par l’Assemblee General en date du 21 aout 1958 , appelee resolution arabe , dans laquelle est expressement declaree l’obligation de recourir a la Ligue des Etats Arabes , toutes les fois qu’il en est besoin , pour liquider des differends eventuels entre ses membres , avant de recourir aux Nations Unies…Une tradition solidement etablie par laquelle le Conseil de Securite et l’Assemblee General s’abstiennent d’examiner n’importe quelle plainte qui leur serait soumise par l’un des Etats Arabes contre un autre Etats Arabe avant qu’il ne soit etabli que cette plainte a ete soumise et examinee par le Conseil de la Ligue et que celui-ci n’a pas reussi a trouver une solution au differend qui l’a determinee. Cela exige , pratiquement , que chaque plainte arabe soumise aux Nations Unies soit accompagniee d’un rapport du Secretaire General de la Ligue des Etats Arabes sur les mesures qui ont ete prises par la Ligue pour son reglement et les resultats auxquels ces mesures ont abouti”.

Ahmed Moussa , “Rapports entre les Nations Unies et la Ligue des Etats Arabes” , Revue Egyptienne de Droit International , Vol.29 , (le Caire , 1973) , pp. 120-121.

)[27]) ALI Ridah HASHIM , “La Ligue des Etats Arabes et le Reglement Pacifique des differends inter-Arabes” , These de Doc. , (Univ. Montpellier I , 1984), p. 101 .

([28] ) “يوصي المجلس حكومات الدول العربية بأن تطالب الحكومة البريطانية بالاعتراف بالجامعة العربية وأن تعتبر ما يصدر اليها من الأمين العام ضمن حدود الميثاق صادراً من الجامعة” .

ق75/د غ ع 4/ج7-12/6/1946 ، قرارات مجلس جامعة الدول العربية ، المجلد الأول ، الدورة : 1 – الدورة : 22 ، 4/6/1945 -11/12/1954 ، مكتب الأمين العام ، مركز التوثيقات ، جامعة الدول العربية ، (تونس ، 1988) ، ص 108 .

([29] ) تنص المادة 9 من النظام الداخلي لمجلس الجامعة فقرة 2 على أن ” … يتضمن مشروع جدول الأعمال : (أ) تقرير الأمين العام عن أعمال الجامعة بين الدورتين والاجراءات المتخذة لتنفيذ قرارات المجلس … ” .

([30]) Serge Sur , Jean Combacau , Hubert Thierry et Charles Vallee , “Droit International Public” , ed. Montchrestien , (Paris , 1986) , P. 549 .

د . بطرس بطرس غالي ، ” جامعة الدول العربية وتسوية المنازعات المحلية “ ، معهد البحوث والدراسات العربية ، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، جامعة الدول العربية ، (القاهرة ، 1977) ، ص 73 .

([31] ) Di Qual ، مذكور في :

د . محمد السعيد الدقاق ، “التنظيم الدولي” ، دار الجامعة الجديدة للنشر ، (الاسكندرية ، 1990) ، ص 518 .

([32] ) تطورات الوضع بدأت في النصف الثاني من شهر أغسطس 1960 ، عندما تأزمت العلاقة بين الأمين العام ورئيس وزراء الكونغو – السيد/لوممبا – بعدما طلب الأخير من قوات الأمم المتحدة في الكونغو – بتأييد المندوب السوفيتي لدى الأمم المتحدة – تزويده بالإمدادات العسكرية الضرورية لنضاله في مواجهة العناصر الانفصالية . إن القبض على السيد/لوممبا في ديسمبر من نفس العام ، وقتله فيما بعد ، كان يعزى الى موقف الأمين العام من هذا النزاع .

Michel Virally , “Les Nations Unies et l’Affaire du CONGO” , AFDI , (Paris , 1960) , p .585 – 586 .

([33] ) د . محمـد السعـيد الدقاق ، “التنظيم الدولي” ، دار الجامعة الجديدة للنشر ، (الاسكندرية ، 1990) ، ص 516 – 517 .

([34]) Claud-Albert Colliard , “Institutions des relations internationales” , 9eme ed. , DALLOZ , (Paris , 1990) , p. 409 – 410 .

([35] ) د . محمد السعيد الدقاق ، “التنظيم الدولي” ، دار الجامعة الجديدة للنشر ، (الاسكندرية ، 1990)، ص 517 .

)[36] ( Michel Virally , “Les Nations Unies et les affaires du Congo en 1960” , AFDI , (Paris , 1960) , p.584.

([37] ) شأنه شأن الدول الأعضاء يمتلك حق الدعوة للاجتماع بشكل استثنائي ، بل أنه في بعض الأحوال – كما هو الحال في جامعة الدول العربية – يمتاز عن الدول الأعضاء بعدم الحاجة لمساندة دولة أو أكثر لمثل هذه الاجتماعات الاستثنائية . فقد نصت المادة 12 فقرة 2 من النظام الداخلي لمجلس الجامعة على أن “…2-للأمين العام أن يسترعي نظر المجلس أو الدول الأعضاء الى أية مسألة يرى أنها قد تسيء الى العلاقات القائمة بين الدول العربية أو بينها وبين الدول الأخرى…”. أما الدولة العضو فوفقاً لنص المادة 11 من ميثاق الجامعة العربية لا تستطيع دعوة المجلس للانعقاد لوحدها دون أن تجد من يساندها في هذا الصلب ، فقد نصت المادة 11 من ميثاق الجامعة على أن “…وينعقد – أي مجلس الجامعة – بصفة غير عادية كلما دعت الحاجة الى ذلك بناءاً على طلب دولتين من دول الجامعة” .

([38] ) يرى البعض أن صياغة المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة تثير الدهشة اذ منحت للأمين العام حق لفت نظر مجلس الأمن ولكنها لم تخوله هذا الحق حيال الجمعية العامة ، وقد عرض اقتراح بهذا المعنى في مؤتمر سان فرانسيسكو ولكنه رفض خشية أن يحرج الأمين العام في الاختيار بين الجمعية والمجلس أيهما ينبه . كذلك عرض اقتراح آخر يجعل للأمين العام أن ينبه مجلس الأمن الى كل انتهاك لمباديء الميثاق ، ولكنه رفض لأنه يجعل للأمين العام سلطة هي أدنى ما تكون الى سلطة القضاء ولم يستحسن منحه اياها .

د . محمد طلعت الغنيمي ، “الأحكام العامة في قانون الأمم” ، منشأة المعارف ، (الاسكندرية ، 1971)، ص 645 .

([39] ) Oscar Schachter and Christopher C. Joyner , “United Nations Legal Order” , Vol. 2 , ASIL , (CAMBRIDGE Univ. , 1995) , P. 1063 .

([40] )Marie-Claude SMOUTS , “commentaire sur l’art.99” , sous la direction de Jean-Pierre COT et autres ,op. cit. , P .1330 – 1332 .

)[41]) Andre LEWIN “Les Hautes Fonctions Internationales” , Colloque d’AIX-EN-PROVENCE , Les Agents Internationaux , Societe Francaise pour le Droit International , ed. A. PEDONE , (Paris , 1985) , p. 68 .

([42] ) في عصبة الأمم كانت وظائف الأمين العام تتسم بالطابع الاداري ، وهو الأمر الذي كان يتفق مع وجهة نظر الحكومات في هذا الشأن أثناء وضع عهد العصبة عندما رفض اقتراح بتسميته “Chancellor” .

وقد اعتبر السيد / اريك درموند نفسه منذ البداية رجل ادارة للهيئة الدولية وليس رجل سياسة ، لا سيما بعد رفض المقترحات الخاصة بمنحه حق التصويت عند اصدار القرارات السياسية .

وقد حاولت بعض الدول وفي مقدمتها ايطاليا عام 1930 الحد من سلطات الأمين العام وجعل الادارة منوطة بمجلس خاص غير أن محاولتها لم تنجح نظراً لتعارضها مع أحكام المادة 6 من العهد (التي تجعل الأمين العام مسئولاً وحده أمام مجلس العصبة) .

محمد عبدالوهاب الساكت ، “الأمين العام لجامعة الدول العربية” ، دار الفكر العربي ، (القاهرة ، 1973) ، ص 20 .

([43] ) د . بطرس بطرس غالي ، ” جامعة الدول العربية وتسوية المنازعات المحلية “ ، معهد البحوث والدراسات العربية ، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، جامعـــة الدول العربية ، (القاهرة ، 1977) ، ص ص140 – 141 .

([44] ) د . بطرس بطرس غالي ، المرجع السابق ، ص 65 .

([45] ) إلا أن كثيرا من النقد وجه لأمين عام جامعة الدول العربية ازاء موقفه من النزاع المصري السوداني ورفضه الدعوة لعقد اجتماع غير عادي لمجلس الجامعة ، حيث نسب اليه ميله الى موقف دولته التي ينتمي اليها بجنسيته وهي مصر ، وهو الأمر الذي دفع بالسودان الى رفع شكوى لمجلس الأمن الدولي موازية لتلك المرفوعة لجامعة الدول العربية .

وقد حاولت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية تبرير هذا الفتور بقولها أن السودان لم يطلب عقد مجلس الجامعة ، وأنه اكتفى بمجرد تبليغ الأمين العام ببذل مساعيه الحميدة ، ولكن موقف الأمين العام فيما بعد من الخلاف الجزائري المغربي كان على النقيض من ذلك ، مما دفع مجلس الأمن الدولي الى عدم احالة النزاع المصري السوداني إلى الجامعة العربية كما فعل في نزاعات إقليمية أخرى .

د . بطرس بطرس غالي ، المرجع السابق ، ص ص 65- 66 .

([46] ) د . عــطية حسين أفندي ، “الجامعة العربية وأزمة الخليج” ، السياسة الدولية ، العدد 104 ، مطابع الأهرام ، (القاهرة ، ابريل 1991) ، ص 55 .

([47] ) تنص المادة 109 من ميثاق الأمم المتحدة على أنه “1-يجوز عقد مؤتمر عام من أعضاء الأمم المتحدة لاعادة النظر في هذا الميثاق في الزمان والمكان اللذين تحددهما الجمعية العامة بأغلبية ثلثي أعضائها وبموافقة تسعة ما من أعضاء مجلس الأمن . ويكون لكل عضو في الأمم المتحدة صوت واحد في المؤتمر .

2-كل تغيير في هذا الميثاق أوصى به المؤتمر بأغلبية ثلثي أعضائه يسري اذا صدق عليه ثلثا أعضاء الأمم المتحدة ومن بينهم الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن وفقاً لأوضاعهم الدستورية.

3-اذا لم يعقد هذا المؤتمر قبل دور الانعقاد السنوي العاشر للجمعية العامة ، بعد العمل بهذا الميثاق ، وجب أن يدرج بجدول أعمال ذلك الدور العاشر اقتراح بالدعوة الى عقده ، وهذا المؤتمر يعقد اذا قررت ذلك أغلبية أعضاء الجمعية العامة وسبعة ما من أعضاء مجلس الأمن”.

([48] ) تنص المادة 163 من النظام الداخلي للجمعية العامة على أن “يجوز تعديل هذا النظام بقرار تتخذه الجمعية العامـــة بأغلبية الأعضاء الحاضرين والمصوتين ، بعد أن تكون تلقت تقريراً عن التعديل المقترح ” .

([49] ) تنص المادة 19 من ميثاق الجامعة العربية على أن “يجوز بموافقة ثلثي دول الجامعة تعديل هذا الميثاق ، وعلى الخصوص لجعل الروابط بينها أمتن وأوثق ولانشاء محكمة عدل عربية ولتنظيم صلات الجامعة بالهيئات الدولية التي قد تنشأ في المستقبل لكفالة الأمن والسلام .

ولا يبت في التعديل إلا في دور الانعقاد التالي للدور الذي يقدم فيه الطلب . وللدولة التي لا تقبل التعديل أن تنسحب عند تنفيذه ، دون التقيد بأحكام المادة السابقة ” .

([50] ) تنص المادة 20 من النظام الداخلي لمجلس الجامعة على أن “1-لا يجوز النظر في طلب تعديل أي من نظم الجامعة الداخلية والادارية والمالية ، إلا اذا أرسل الاقتراح الخاص بهذا التعديل الى الدول الأعضاء قبل عرضه على المجلس بأربعة أشهر على الأقل .

2-لا يجوز ادخال تغييرات أساسية في اقتراحات التعديل المشار اليها في الفقرة السابقة إلا اذا كان نص هذه التغييرات المقترحة قد أرسل الى الدول الأعضاء قبل عرضه على المجلس بشهرين على الأقل .

3-باستثناء المواد المستندة الى أحكام الميثاق ومع مراعاة الاجراءات المشار اليها قي الفقرتين السابقتين يتم تعديل النظم بقرار يتخذه المجلس بموافقة أغلبية الدول الأعضاء ” .

([51] ) أنظر الفصل الأول .

([52] ) إن الارتكاز على المباديء والأهداف التي تقوم عليها المنظمات الدولية تفتح مجالاً رحباً لممارسة الأمين العام لاختصاصاته السياسية غير المنصوص عليها ، وهو ما سبق وأوضحناه في الفصل الأول .

([53] ) The Secretary-General is universally accepted as an intrmediary between states , though how and when he should step in is often a matter of controversy .

Brian Urquhart , ”The U.N.’s Crucial Choice” , Foreign Policy , 09-01-1991 , Copyrights 1991 , by the Carnegie Endowment for International Peace , http://www.globalpolicy.org:80/newyrkr.html.com. , p. 2 .

([54] ) TABRIZI BENSALAH , “Les Organisations Regionales du Monde Arabe” , Annuaire de Tiers Monde , (Paris , 1977) , p.438 .

([55] ) د . بطرس بطرس غالي ، مرجع سابق ، ص 84 .

([56] ) رسالة طارق عزيز حنا وزير خارجية العراق المؤرخة في 15/7/1990 الى السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية .

رسالة الشيخ صباح الأحمد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي  المؤرخة في 18/7/1990 الى السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية .

رسالة طارق عزيز حنا وزير خارجية العراق المؤرخة في 21/7/1990 الى السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية تعقيباً على رد الكويت .

رسالة الشيخ صباح الأحمد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي  المؤرخة في 21/7/1990 الى السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية .

رسالة الشيخ صباح الأحمد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي لأمين عام الأمم المتحدة ، د.ت .

” جريمة غزو العراق للكويت أحداث ووثائق ، سجل للوقائع اليومية للغزو والإحتلال من 2 أغسطس 1990 الى 1 مارس 1991 “ ، إعداد إدارة الثقافة والنشر بالمركز الإعلامي الكويتي ، (القاهرة ، 1991) ، ص ص 503 -520 .

([57] ) د . بطرس بطرس غالي ، مرجع سابق ، ص 178 .

([58]) Georges FISCHER , “Les Competences du Secretaire General” , AFDI , (Paris , 1955) , p. 345 .

)[59] ( “Request the Secretary General to designate a Special Representative to proceed to the Middle East to establish and maintain contacts with the States concerned in order to promote agreement and assist efforts to achieve a peaceful and accepted settlement in accordance with the provisions and principles in this resolution”.

U.N Security Council resolution 242 , November 22 , 1967.

)[60] ( Brigitte STERNE , “commentaire sur l’art.36” , sous la direction de Jean-Pierre COT et autres , “La Charte des Nations Unies” , commentaire article par article , P. 616 .

أنظر كذلك :

د . محمد مصيلحي ، ” المنظمات الدولية ، 1- النظرية العامة للمنظمات الدولية ، 2- الأمم المتحدة ، 3- المنظمات الدولية المتخصصة المرتبطة بالأمم المتحدة ” ، دار النهضة العربية ، (القاهرة ، 1989) ، ص 511 .

([61] ) نعلم جميعا بأن إسرائيل استغلت الصياغة الانجليزية للقرار والتي تقول بانسحب من أراضي محتلة ، وبناءا عليه رفضت الانسحاب من كامل الأراضي المحتلة بحجة أن النص لم يطالبها بذلك . وما زال العرب يطالبون بحل لنزاعهم مع إسرائيل على أساس قراري مجلس الأمن رقم 242 و 338.

محمد حسنين هيكل ، “عواصف الحرب وعواصف السلام” ، الكتاب الثاني ، دار الشروق ، (القاهرة ، 1968) ، ص 138 .

([62] ) د . محمد مصيلحي ، ” المنظمات الدولية ، 1- النظرية العامة للمنظمات الدولية ، 2- الأمم المتحدة ، 3- المنظمات الدولية المتخصصة المرتبطة بالأمم المتحدة ” ، دار النهضة العربية ، (القاهرة ، 1989) ، ص 511 .

)[63]) “Requested the Secretary-General to lend his good offices for achieving the object of the Council’s resolution – no.461/1979. The Secretary-General visited Tehran on 1-3 January , and reported to the Security Council on 6 January . On 20 February  1980 the Secretary-General announced the setting up of a commission to undertak a fact-finding mission to Iran”.

Diplomatic and Consular Staff Judgement , ICJ , (La Haye , 1980) , p.16.

([64]) “The States concerned must be encouraged to seek a solution in order to avoid a further deterioration of the situation between them . To close the apparent abyss , to dispel the tension and the mistrust , only patient and wise action -mediation , conciliation or good offices – should be resorted to . The role of the Secretary-General of the United Nations may here be the key”

Diplomatic and Consular Staff Judgement , ICJ , La Haye , 1980 , p.49.

([65] ) QUOC DINH Nguyen et autres , “Droit International Public” , 5eme ed. , LGDJ , (paris , 1994) , p. 694 .

([66] ) تخطيط الحدود الدولية بين دولة الكويت وجمهورية العراق كما أقرتها الأمم المتحدة ، مركز البحوث والدراسات الكويتية ، الطبعة الأولى ، (الكويت ، 1993) ، ص 61 .

([67] ) د . بطرس بطرس غالي ، مرجع سابق ، ص ص 99 – 102 .

([68] ) عبد الله الأشعل ، “العلاقات الدولية في اطار مجلس التعاون” ، مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية ، العدد27 ، جامعة الكويت ،  الكويت ، 10 يناير 1984 ، هامش رقم 82 .

)[69]) Roberto Lavalle , “The Inherent powers of the Secretary-General in the Political Sphere : A Legal Analysis” , Netherlands International Law Review , Vol.XXXVII , (Netherlands , 1990) , p.23.

([70] ) د . علي ابراهيم ، ” الحقوق والواجبات الدولية في عالم متغير “ ، الطبعة الأولى ، دار النهضة العربية ، (القاهرة ، 1995) ، ص 633 .

 ([71] ) TABRIZI BENSALAH , op. cit. , p. 438 .

([72] ) قرار مجلس جامعة الدول العربية رقم 2961 – الدورة العادية الثامنة والخمسون – في 13/9/1972 .

([73] ) انطلقت شرارة النزاع بين الجمهورية العربية المتحدة ولبنان مع إعلان مذهب “ايزنهاور” لملء الفراغ في الشرق الأوسط ، حيث قبلت لبنان مباديء هذا المشروع منذ 6/1/1957 ، في الوقت الذي رفضته مصر ، كما انتصرت القوى اليمينية الموالية للغرب برئاسة كميل شمعون في الانتخابات العامة التي أجريت في يونيو 1957 . وتسببت الوحدة بين مصر وسوريا في 31/1/1958 إلى اضطرابات داخلية بين الشمعونيون الذين يرفضون الانضمام الى هذه الوحدة والناصريون الذين يريدون الإنضمام إليها ويعارضون رئاسة كميل شمعون . وبلغت الأزمة ذروتها بإعلان الرئيس شمعون في ابريل 1958 إعتزامه تغيير الدستور اللبناني ليسمح لنفسه بأن يرشح مرة أخرى لرئاسة البلاد ، وانفجر الموقف في 8 مايو بحادث اغتيال الصحفي نسيب متى رئيس تحرير إحدى أكبر صحف المعارضة . وهنا أعلن الناصريون الإضراب العام في أنحاء بيروت وطرابلس ، وسادت الاضطرابات مدن لبنان الرئيسية . وفي 13 مايو طالب الرئيس كميل شمعون المساندة والعون من كل من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة ضد ما أسماه بالعدوان الخارجي الواقع على لبنان . وفي 21/5/1958 تقدمت لبنان بشكوى لأمين عام جامعة الدول العربية لمطالبته بعقد دورة استثنائية لبحث تدخل الجمهورية العربية المتحدة في الشئون الداخلية للبنان ، وفي اليوم التالي قدمت لبنان شكوى موازية لمجلس الأمن الدولي تتهم فيها الجمهورية العربية المتحدة بالعمل على تسلل عصابات مسلحة من سوريا الى الأقاليم اللبنانية .

لمزيد من المعلومات أنظر :

د . بطرس بطرس غالي ، مرجع سابق ، ص  67 – 81 .

([74] ) تنص المادة 52 من ميثاق الأمم المتحدة على أنه ” 1- ليس في هذا الميثاق ما يحول دون قيام تنظيمات أو وكالات إقليمية تعالج من الأمور المتعلقة بحفظ السلم والأمن الدولي ما يكون العمل الاقليمي صالحاً فيها ومناسباً ما دامت هذه التنظيمات أو الوكالات الاقليمية ونشاطها متلائمة مع مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها . 2- يبذل أعضاء الأمم المتحدة الداخلون في مثل هذه التنظيمات أو الذين تتألف منهم تلك الوكالات كل جهدهم لتدبير الحل السلمي للمنازعات المحلية عن طريق هذه التنظيمات الإقليمية أو بواسطة هذه الوكالات وذلك قبل عرضها على مجلس الأمن . 3- على مجلس الأمن أن يشجع من الحل السلمي لهذه المنازعات المحلية بطريق هذه التنظيمات الإقليمية أو بواسطة تلك الوكالات الإقليمية بطلب من الدول التي يعنيها الأمر أو بالإحالة عليها من جانب مجلس الأمن . 4- لا تعطل هذه المادة بحال من الأحوال تطبيق المادتين الرابعة والثلاثين والخامسة والثلاثين ” .

([75] ) د . بطرس بطرس غالي ،  ” جامعة الدول العربية وتسوية المنازعات المحلية “ ، معهد البحوث والدراسات العربية ، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، جامعة الدول العربية ، (القاهرة ، 1977) ، ص 70 .

([76] ) S. C. O. R. , 13 th year Supplement for October and December 1958 , p . 647 .

مذكور في :

د . بطرس بطرس غالي ” جامعة الدول…” ص 77 .

([77] ) د . بطرس بطرس غالي ، المرجع السابق ، ص 96 .

([78]) Le Secretaire General a delegue ses pouvoirs a M. Winspeare Guicciardi , son representant special  , qui a pu tres librement fixer les conditions de l’option et presenter directement un rapport au Conseil de Securite qui devait l’approuver le 14 fevrier 1972 .

Jurisclasseur de Droit international , Organisation des Nations Unies , l’appareil institutionnel de l’ONU , Fascicule 121 – 4 , 3, (Paris , 1986) , p. 2 .

([79] ) رسالتنا للحصول على الدكتوراه ، مرجع سابق ، ص 172 .

([80] ) أنظر الفصل الأول .

([81] ( Jean Pierre COT , op. cit., p. 1319 – 1320 .

([82] ) JAVIER PEREZ DE CUELLAR , “Rapport du Secretaire General sur l’activite de l’Organization” , 1991 , (New-York , 1991) .

Boutros Boutros-Ghali , Secretaire General de l’Organisation des Nations Unies “Rapport sur l’activite de l’Organisation de la quarante-sixieme a la quarante-septieme session de l’Assemblee General” Sept.1992 , (New-York , 1992) .

بطرس بطرس غالي ، “في مواجهة التحديات الجديدة ، التقرير السنوي عن أعمال المنظمة 1995” ، الأمم المتحدة ، (نيويورك ، 1995) .

بطرس بطرس غالي ، “التقرير السنوي عن أعمال المنظمة في عيدها الخمسون” ، الأمم المتحدة ، (نيويورك ، 1996) .

([83]) Boutros Boutros-Ghali , “An Agenda for Peace” , United Nations , (New-York , 1992) .

([84] ) بطرس بطرس غالي ، “خطة للتنمية” الأمم المتحدة ، (نيويورك ، 1995) .

([85] ) تنص الفقرة التاسعة من المادة الثانية عشر من النظام الأساسي لمجلس التعاون على أن من بين اختصاصات المجلس الوزاري “اعتماد التقارير الدورية وكذلك الأنظمة واللوائح الداخلية المتعلقة بالشئون الادارية والمالية المقترحة من الأمين العام…”

([86] ) تنص الفقرة الرابعة من نص المادة الثامنة من النظام الأساسي للمجلس على أن من اختصاصات المجلس الأعلى “النظر في التقارير والدراسات التي يكلف الأمين العام باعدادها”.

([87] ) تنص الفقرة الثانية من المادة الثامنة من النظام الداخلي للمجلس الأعلى على أن “…2- يتضمن مشروع جدول الأعمال :

أ-تقرير الأمين العام عن أعمال المجلس الأعلى بين الدورتين والاجراءات المتخذة لتنفيذ قراراته…”.

([88] ) من نص الرسالة المؤرخة في 7/5/1996 والموجهة من الأمين العام الى رئيس مجلس الأمن ، وثيقة رقم S/1996/337 الأمم المتحدة .

وكان من شأن هذا التقرير إحراج إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة الأمريكية ، بدليل أن الأخيرة قادة حملة مكثفة بهدف محاربة التجديد للدكتور بطرس بطرس غالي لفترة ولاية ثانية . مما يؤكد أهمية اعداد التقارير كسلاح يتمتع به الأمين العام ، وبفضل هذا التقرير فقد أصدرت الجمعية العامة في 22/6/1997 قراراً تحمل بموجبه إسرائيل مسئولية مذبحة قانا ووجوب دفع تعويضات نتيجة لهذه المسئولية .

([89] ) تجدر الإشارة الى أن الأمين العام لا يشترك في أعمال الأجهزة القضائية في المنظمات الدولية ، لأنها أجهزة ذات طابع تخصصي قانوني بحت ، وبالتالي فلا يحق للأمين العام للأمم المتحدة الاشتراك في أعمال محكمة العدل الدولية ، وانما له فقط طلب استصدار رأيها الافتائي في احدى المسائل المعروضة .

([90]) The Secretary-General or his representative may participate with voice but without a vote in all meetings of the Organization .

HUGO CAMINOS AND ROBERTO LAVALLE , “CURRENT DEVELOPMENTS”, AJIL , American Society of International Law , Vol. 83 , no.2 , April , 1989 , p.396.

([91] ) ان القواعد الاجرائية لا تمنح الأمين العام حق تقديم مشروعات بقرارات بشأن المسائل المعروضة ، إلا أنه قد يتحايل على النص من خلال الجوء إلى وفود دول صديقة يطلب منها عرض مشروعات القرارات المناسبة .

د.سمعان بطرس فرج الله ، “تطور وظيفة الأمين العام للأمم المتحدة” ، المجلة المصرية للقانون الدولي ، المجلد الحادي والعشرون ، الجمعية المصرية للقانون الدولي ، (القاهرة ، 1965) ، ص117.

([92] ) تقول د.عائشة راتب : “أن الرأي العام العالمي له ثقة كبيرة في شاغل هذا المنصب ويعلق آمالاً كبيرة على نشاطه”.

د.عائشة راتب ، “التنظيم الدولي” ، الطبعة الأولى ، د.ن ، (د.م ، 1989) ، ص209.

)[93] ( Samaan Boutros Farajallah , “ Le Conseil de Cooperation des Etats Arabes du Golfe ” , RCADI , Tome 228 , III , (LA HAYE , 1991) , p.  59 .

([94] ) أضحت مسألة التوفيق بين وجهات النظر بارزة للعيان في أعقاب تحرير دولة الكويت وانقسام دول المجلس بين مؤيد لاستمرار العقوبات على النظام العراقي ومعارض لمثل هذا الاستمرار ، فكانت الدول الأعضاء في البيانات الختامية للمجلس الأعلى واجتماعات المجلس الوزاري تحاول التوفيق بين وجهة النظر التي تدعو لادانة العراق في عدم تجاوبه مع قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن احتلاله لدولة الكويت ، وبين وجهة النظر التي تود رفع العقوبات ، فكان النمط العام للبيانات يدين عدم تعاون العراق مع الأمم المتحدة ولكنه يتعاطف مع الشعب العراقي ويدعو الى معالجة الآثار الناجمة عن هذه العقوبات .

أنظر في البيانات الختامية للمجلس الأعلى وقرارات المجلس الوزاري منذ 1992 .

([95] ) فقد شكلت منظمة الدول الأمريكية قوات الدول الأمريكية للسلام بشأن الدومينيكان عام 1965 ، وأنشأت منظمة الوحدة الأفريقية قوة مماثلة في تشاد عام 1981 ، وتقود قوات حلف شمال الأطلسي حاليا العمليات العسكرية في يوغسلافيا السابقة .

([96] ) د.بطرس بطرس غالي ، مرجع سابق ، ص89 .

([97] ) “ABC des Nations Unies” , departement de l’information de l’ONU , (New York , 1995) , P.27.

([98] ) د . محمد مصيلحي ، ” المنظمات الدولية ، 1- النظرية العامة للمنظمات الدولية ، 2- الأمم المتحدة ، 3- المنظمات الدولية المتخصصة المرتبطة بالأمم المتحدة ” ، دار النهضة العربية ، (القاهرة ، 1989) ، ص 510 .

([99] ) ABC des Nations Unies , op. cit. , PP.33-131.

([100] ) قراري مجلس الأمن الدولي رقم 727 و 743/1992.

([101] ) تنص المادة 5 من ميثاق جامعة الدول العربية على أنه “لا يجوز الالتجاء الى القوة لفض المنازعات بين دولتــين أو أكثر من دول الجامعة ، فإذا نشب بينهما خلاف لا يتعلق باستقلال الدولة أو سيادتها أو سلامة أراضيها ، ولجأ المتنازعون الى المجلس لفض هذا الخلاف ، كان قراره عندئذ نافذاً وملزماً .

وفي هذه الحالة لا يكون للدول التي وقع بينها الخلاف الاشتراك في مداولات المجلس وقراراته .

ويتوسط المجلس في الخلاف الذي يخشى منه وقوع حالة حرب بين دولة من دول الجامعة ، وبين أية دولة أخرى من دول الجامعة أو غيرها ، للتوفيق بينهما .

وتصدر قرارات التحكيم والقرارات الخاصة بالتوسط بأغلبية الآراء”.

([102] ) يذكر أن المنظمات الاقليمية قد تكون في المستقبل بديلاً عن الأمم المتحدة في عمليات حفظ السلام ، وان كانت هذه المنظمات في الوقت الحاضر لا تعد بديلاّ كافياً عن الأمم المتحدة في هذا المجال ، بسبب عدم شمول عضويتها لجميع الدول في المناطق التي تعمل بها ، ومن ذلك استثناء تركيا وبعض دول شرق أوروبا من عضوية حلف شمال الأطلنطي وإسرائيل من عضوية جامعة الدول العربية ، وإنه لذلك فان القوات التي تنشئها هذه المنظمات تكون عادة موجهة ضد أعدائها الإقليميين .

محمد عبدالوهاب الساكت ، “الأمين العام لجامعة الدول العربية” ، دار الفكر العربي ، (القاهرة ، 1973) ، ص393.

([103] ) د.الشافعي بشير ، “المنظمات الدولية” ، منشأة المعارف ، (الاسكندرية ، 1970) ، ص 358.

([104] ) ق1777/دع35/ج8-20/7/1961 ، والذي ينص على الآتي :

“يقرر المجلس الموافقة على توصية لجنة الشؤون السياسية الآتية :

توصي لجنة الشؤون السياسية بأن يصدر مجلس الجامعة القرار الآتي :

نظر مجلس الجامعة في طلب حكومة الكويت الانضمام الى جامعة الدول العربية ، وفيما قدم اليه من الأطراف المعنية بهذا الشأن ، وقرر الموافقة على ما يلي:

أولاً-(أ) تلتزم حكومة الكويت بطلب سحب القوات البريطانية من أراضي الكويت في أقرب وقت ممكن

(ب) تلتزم حكومة الجمهورية العراقية بعدم استخدام القوة في ضم الكويت الى العراق.

(ج) تأييد كل رغبة يبديها الكويت للوحدة أو الاتحاد مع غيره من دول الجامعة العربية طبقاً لميثاق الجامعة .

ثانياً – (أ) الترحيب بدولة الكويت عضواً في جامعة الدول العربية .

(ب) مساعدة دولة الكويت على الانضمام الى عضوية الأمم المتحدة .

ثالثاً- تلتزم الدول العربية بتقديم المساعدة الفعالة لصيانة استقلال الكويت بناء على طلبها ، ويعهد المجلس الى الأمين العام باتخاذ الاجراءات اللازمة لوضع هذا القرار موضع التنفيذ”.

)[105]) Guy FEUER , “La Force Arabe de Securite Au Liban” , AFDI , (Paris , 1976) , PP.51-61.

الى الأعلى