Abstract:
يعد موضوع الإتجار بالبشر من مواضيع الساعة، خاصة في بعض المناطق التي تعيش بيئة اقتصادية واجتماعية وثقافية مميزة،لا سيما دول الخليج العربي وعلى رأسها دولة الكويت التي يخلق اقتصادها المتماسك والمستوى الاجتماعي الجيد لمواطنيها ووضعها الأمني المستقر بالإضافة لبرلمانها القوي وتفتح مواطنيها واستعدادهم التام لمناقشة مختلف المسائل القانونية خاصة إذا تعلق الأمر بحقوق الانسان والذي توج أميرها قائداً للإنسانية من قبل الأمم المتحدة، من جهة ورواج العمالة الوافدة وتواضع بعض تشريعاتها خاصة ما تعلق منها بتنظيم عقود وعلاقات العمل والقوانين المنظمة للرشد المدني والسن الأدنى للزواج وغيرها.. . خصوصا ما تشهده في راهن الوقت الحال من ضجة إعلامية حول بعض الممارسات التي يمكن تكييفها على أنها اتجار بالبشر. كل هذا يجعلنا نفكر في إلقاء الضوء على الموضوع من زاويتين: الأولى موضوع الإتجار بالبشر ككل والثانية كيفية تعامل دولة الكويت معه.
فالإتجار بالبشر ظاهرة قديمة حديثة تغيرت النظرة إليها على مر العصور واختلاف الحضارات والديانات السماوية وصولا لعصر التدويل الذي شهد اهتماماً متزايداً بضبطها وإيجاد سبل مكافحتها إن على المستوى الدولي أو الإقليمي، إلى أن صنف الإتجار بالبشر على أنه جريمة منظمة بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية في نوفمبر 2000 ثم بالبرتوكول الملحق بها المتعلق بتجارة البشر وقد صادقت عليهما دولة الكويت،مناقشين سياسة المشرع الكويتي في تجريم الإتجار بالبشر وقمعه من خلال القانون رقم 91 لسنة 2013.
مقدمة
القاعدة العامة أن كل ما من شأنه الحط من كرامة وانسانية البشر لا بد أن يتم تجريمه،إلا أن الوقت الراهن مليء بالممارسات الحاطة بالكرامة الانسانية وأكثرها ازدراءً هي الإتجار بالبشر. وقد برزت هذه الجريمة على الواجهة الاعلامية مؤخرا في بعض المناطق أكثر من غيرها،وكان للكويت نصيب من هذا الاتهام بسبب ما يتميز به اقتصادها المتماسك والمستوى الاجتماعي الجيد لمواطنيها ووضعها الأمني المستقر بالإضافة لبرلمانها القوي وتفتح حكامها ومواطنيها واستعدادهم لمناقشة مختلف المسائل القانونية خاصة بعد تنصيب أمير بلادها قائداً للإنسانية من قبل الأمم المتحدة. فموضوع "مكافحة الإتجار بالبشر بين القانون الدولي والتشريعات الوطنية لدولة الكويت."موضوع مهم جدا،لا يلقى الاهتمام الكافي من ناحية البحث الاكاديمي، ولعل نقص الدراسات السابقة هو ما دفع بنا لاختيار هذا الموضوع إلى حد بعيد للبحث فيه بهدفإلقاء الضوء علىالبعدين النظري العام والتطبيقي الخاص للإتجار بالبشر بدولة الكويت من خلال محاولة الاجابة على إشكال محوري مفاده:
ما هو الإتجار بالبشر؟ وإلى أي مدى يمكن القول إن المنظومة القانونية الدولية والتشريعات الوطنية لدولة الكويت كانت كفيلة بالتصدي له؟
الفصل الأول: الإطار العام لمفهوم الإتجار بالبشر:
وهو ما حاولنا الإجابة عنه وفقا لمنهج وصفي تحليلي يعتمد على وسائل المقارنة الزمنية والمكانية باستقراء نصوص قانونية وتحديد مواطن الضعف فيها، بم يتماشى مع خطة بحث ثنائية تناولنا فيالوحدة الاولى منها الإطار العام لمفهوم الإتجار بالبشر من خلال التطرق للمرجعية التاريخية لفكرة مكافحته في مبحث أول،ثم حاولنا تعريف الإتجار بالبشر وتوضيحمكوناته وصوره في مبحث ثاني، ومخصصين المبحث الثالث لبيان اسباب استفحال ظاهرة الإتجار بالبشر والآثار التي تنجم عنها.
أما الوحدة الثانية من هذا البحث فخصصناها لإلقاء الضوء على مكافحة الإتجار بالبشر في دولة الكويت من خلال مباحث ثلاث تناولنا في الأول سياستها في التعامل مع الإتجار بالبشر على مستوى دولي باقتناعها بضرورة التعاون الدولي من جهة ومكافحته داخليا بوضع قانون خاص بذلك، أما المبحثين الثاني والثالث فقد خصصناهما لتكييف التشريعات الكويتية لتتوائم مع التوجهات العالمية في مكافحة الإتجار بالبشر وقمعه، وذلك على النحو التالي:
المبحث الأول:تطور الاهتمام بفكرة مكافحة الإتجار بالبشر:
المطلب الأول:المرجعية التاريخية للاتجار بالبشر قبل عصر التدويل:
أولا:الإتجار بالبشر في العصور القديمة:
لا يمكن فصل تجارة البشر عن الرق،باعتباره صورة من صوره،فالإتجار بالأشخاص يمكن أن يعتبر اليوم المقابل الحديث لتجارة الرقيق في القرن التاسع عشر، لذلك يرتبط تطور الإتجار بالبشر ومكافحته ارتباطا وثيقاً بتطور الرق ومكافحته،فهو ظاهرة قديمة قدم التاريخ،تعايشت معها المجتمعات على مر العصور وامتداد الأزمنة،إلى أنحظر بصورة قاطعة في النصف الأول من القرن العشرين، ليتحول من ظاهرة اجتماعية تحميها الأعراف،إلى ظاهرة إجرامية يحاربها العالم بأسره. فبعد أن كانت تجارة البشر أهم صور التجارة في المجتمعات القديمة، لاسيما في الحضارات الفرعونية واليونانية والاغريقية والرومانيةوحضارة بابل،ظلت آخذة في الاتساع كطبقة اجتماعية وصلت إلى درجة أن قارة تباع وتشترى لاستغلالهاخدمة للأفراد أو السلطة.
و لعل ما زاد في ترسيخ تجارة البشر انتشار الحروب واتساع دائرتها فاعتبر الأسرى من غنائم الحرب تعامل كسلع تباع وتشترى.
ثانيا:الإتجار بالبشر في الديانات السماوية:
ثانيا:الإتجار بالبشر في الديانات السماوية:
استمرت النظرة لظاهرة الرق وتجارة الرقيق على أنها ظاهرة ثابتة إلى بدايات ظهور الديانات السماويةحيث بدأت الدعوة بالتخلي عن بعض صورها،فنادت الديانة اليهودية بعدم جواز استعباد اليهود والإتجار بهم،فلا يجوز استرقاقهم بالأسر أو الشراء، وفي الديانة المسيحيةكانت الكنائس تعمل على جمع الأموال وشراء حرية العبيد والأسرى.
أما بالنسبة للدين الإسلامي الحنيف،فكان ظهوره في القرن السابع الميلادي الذي هيمنت فيه الحروب وسادت فيه العبودية والرق والجهلومنطق القوة الذي يفرض نفسه في كافة الشؤون دون شروطأوقيود. فجاءت الشريعة السمحاء بنصوص محكمة ضيقت من أسباب الاسترقاق،وفتحتالباب أمام تحريرهم،باعتماده كفارة عن الذنوب في الشريعة الإسلامية،كما جاءت بدلالات عديدة تحارب الرق والاستغلال،وتحمي وتدعم الحق في المساواة والحرية الشخصية والكرامة الانسانية وحرمة النساء وحماية الاطفال، نذكر من بينها ماجاء في:
قوله تعالى"يأيها الناس اتقو ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء..."
وقوله"ولقد كرمنا بني آدم." وقوله"فتحرير رقبة مؤمنة،" وقوله "أوتحرير رقبة،" وقوله تعالى أيضا"ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنياومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم."
ثالثا:الاتجاه نحو تدويل مكافحة الإتجار بالبشر:
ما بين المنظور الذي جاءت به الشرائع السماوية والنظرة الحالية لمسألة الإتجار بالبشر، فترة زمنية طويلة توالت فيها محاولاتخجلة للتصدي للظاهرة حدث خلالها قدر هائل من البؤس البشري، فلم تتضح معالم هذا التصدي بصورة واضحة إلا مع بدايات القرن التاسع عشر. ففي سنة 1815 كان أول إعلان متعلق بالقضاء على تجارة الرقيق في العالم، إذ صدر عن حركة المناهضة لإبطال الرق ووقف تجارة البشر عبر الأطلسي وتحرير الرقيق في مستعمرات البلدان الأوروبية في الولايات المتحدة،إضافة إلى ذلك فقد شهدت الفترة ما بين 1815 -1957 توقيع حوالي 300 اتفاق دولي منصب على الرق وتجارة الرقيق.
كما تضمن قانون بروكسل لسنة 1890 تدابير لمكافحة الإتجار بالرقيق ومنعها إذ اعتبر أن الإتجار بالأشخاص عملية قليلة الخطر كبيرة العائد لابد من التصدي لها من خلال إنشاء مكتب للإشراف والرقابة على الممرات البحرية والموانئ بهدف منع شحن وبيع العبيد.
أما في عام 1910 فقد تم توقيع الاتفاق الدولي لقمع الإتجار بالرقيق الأبيض، والاتفاقية الدولية لقمع الإتجار بالرقيق الأبيض، والاتفاقية الدولية لقمع الإتجار بالنساء والاطفال، وهو ما اعتبر خطوة نوعية جعلت العالم ينبه أكثر لخطورة الظاهرة وضرورة التعامل معها بأكثر حزم وجدية.
المطلب الثاني: الإتجار بالبشر في عصر التدويل:
أولا: الجهود العالمية لمكافحة الإتجار بالبشر
1- في ظل عصبة الأمم: كان موضوع الرق وتجارة البشر على رأس أولويات العصبة، حيث تم التوقيع على الاتفاقية الخاصة بالرق لسنة 1926 التي ألحقت بها فيما بعد الاتفاقية التكميلية لسنة 1956، التي كان لها بالغ الأهمية في وضع الإطار العام للمفاهيم وكيفية التصدي لتجارة الرق، ثم وقعت الاتفاقية الدولية لمنع الإتجار بالنساء البالغات سنة 1933 التي نصت على تحريم الإتجار بالنساء البالغات ومنعه والمعاقبة عليه حتى ولو تم بموافقتهن. إلا أن هذه الجهود لم تفلح على أرض الواقع في الحد من تجارة الرقيق.
2- في ظل منظمة الأمم المتحدة: قامت الجمعية العامة بعرض اتفاقية حظر الإتجار بالأشخاص واستغلال دعارة الغير على الدول الأعضاء والذين لم يترددوا في تبنيها عام 1949. وكذلك من خلال الاعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي جاء في المادة (4) منه أنه"لا يجوز استرقاق أحد أو استعبداه ويحظر الرق والإتجار بالرقيق بجميع صوره". وعلى غراره جاءت المادة (7) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لتمنع الاستغلال في العمل كصورة من صور الاستعباد، وقامت المادة (8) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بحظر صريح للرق والعبودية والاستغلال والسخرة والعمل الالزامي.
كما أن مجلس الأمن الدولي أدان أعمال الإتجار بالبشر، لا سيما تلك التي يقوم بها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق ويعلن اعتزامه كبح الإتجار بالأشخاص في سياق النزاعات المسلحة واعتزامه ادراجها ضمن عمل لجنة الجزاءات.
ولا شك أن قرارات مجلس الأمن الدولي ملزمة، ومن شأن مخالفتها من أي عضو من أعضاء الأمم المتحدة أن يوقعه لنظام العقوبات الذي يملكه مجلس الأمن الدولي.
كما أن نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية اعتبر الاسترقاق وبيع الرقيق جريمة ضد الإنسانية ومن ثمة تدخل نطاق اختصاص المحكمة. وكذلك اتفاقية حقوق الطفل، التي منعت تجارة الاطفال واستغلالهم، والبروتوكول الاختياري الملحق بها بشأن بيع واستغلال الاطفال في البغاء والمواد الإباحية، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
كما قامت الجمعية العامة سنة 1998 بإنشاء لجنة مختصة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية، التي أسفرت عن وضع اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، وقد ألحق بالاتفاقية ثلاثة بروتوكولات هي بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو، وبروتوكول منع الإتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال والمعاقبة عليه، وبروتوكول مكافحة صنع الأسلحة النارية والإتجار بها بصورة غير مشروعة. كما توالت قرارات الجمعية العامة في إطار مكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود المنصبة على مكافحة الإتجار بالبشر. إلا أن قرارات الجمعية العامة – بخلاف مجلس الأمن الدولي - لا تتسم بالإلزام إلا في مواجهة من صوت على قبولها من الدول، أما سواهم فلا يلتزم بها، إلا إذا كان مضمون هذه القرارات هو قواعد عرفية مستقرة، فهنا تلزم هذه القرارات كافة الدول من صوت ومن لم يصوت عليها، ليس بصفتها قرارات للجمعية العامة، وإنما بصفتها قواعد عرفية ملزمة.
ثانيا: الجهود الإقليمية لمكافحة الإتجار بالبشر:
هناك اهتمام اقليمي واضح بمكافحة الإتجار بالبشر سنستعرض أهم أمثلته:
1- البروتوكول الخاص بحقوق المرأة للميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب:
تعتبر القارة السوداء هي هدف من أهداف الإتجار بالبشر، وعليه فقد نصت المادة 4 البروتوكول على أن: "تتخذ الدول الأطراف التدابير المناسبة والفعالة لمنع الإتجار بالمرأة وإدانته وملاحقة الضالعين فيه وحماية النساء الأكثر عرضة له."
2-الميثاق الافريقي حول حقوق الطفل ورفاهيته لعام 1999:
نصت المادة 29 من الميثاق على أن تتخذ الدول الاطراف التدابير المناسبة لمنع "اختطاف الاطفال وبيعهم والإتجار بهم لأي سبب وبأي شكل من جانب أي شخص بمن في ذلك والد الطفل أو الأوصياء القانونيين عليه. استخدام الاطفال في جميع أشكال التسول."
3-الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان:
نصت المادة 6 من الاتفاقية على أن "لا يعرض أحد للعبودية أو الاستعباد القسري اللذين هما محظوران في جميع اشكالهما، وكذلك تجارة الرقيق والإتجار بالمرأة. لا يلزم أحد بتأدية عمل جبري أو إلزامي."
4-الميثاق العربي لحقوق الإنسان والشعوب:
حظرت المادة 10 من الميثاق "الرق والإتجار بالأفراد في جميع صوره والمعاقبة عليه، ولا يجوز بأي حال من الأحوال الاسترقاق والاستعباد. حظر السخرة والإتجار بالأفراد من أجل الدعارة أو الاستغلال الجنسي أو استغلال دعارة الغير أو أي شكل آخر من الاستغلال أو استغلال الاطفال في النزاعات المسلحة." كما نصت المادة التاسعة من نفس الميثاق على أنه "لا يجوز بأي حال من الأحوال الإتجار بالأعضاء البشرية." إلا أن المنطقة العربية ما زالت ترزح تحت ويلات وأشكال الاتجار بالبشر بكل شكل من أشكاله. وللأسف فإن الميثاق لم يتح الوسيلة القانونية لمحارية الانتهاكات لهذا الميثاق، أسوة بالمحكمة الأوروبية أو الأمريكية لحقوق الإنسان، مما يفقد الميثاق القيمة القانونية المبتغاة من وراء صدوره.
5-اتفاقية مجلس اوروبا بشأن إجراءات مكافحة الإتجار بالبشر:
تم اعتماد الاتفاقية سنة 2005، والتي نصت على جملة من التدابير كـ"التوعية بخطورة الإتجار بالبشر، والتعرف على هوية ضحايا الإتجار بالبشر، وحماية الضحايا ومساعدتهم جسديا ونفسيا في إعادة اندماجهم في المجتمع، ومنح إذن اقامة قابلة للتجديد عندما يتطلب ذلك أوضاع الضحايا الشخصية، وتجريم الإتجار بالبشر، وحماية خصوصية الضحايا وسلامتهم أثناء الاجراءات القضائية."
6- الاتفاقية الأوروبية الخاصة بحقوق الانسان والطب الحيوي:
أكدت الاتفاقية على عدم السماح باتخاذ نزع الأعضاء سبباً لتحقيق المكسب المادي.
6- الإعلان الخليجي لحقوق الإنسان:
نص الإعلان في المادة 3 على أن "يُحظر الاسترقاق والاستعباد والسُخرة والاتجار بالبشر بكافة صوره وأشكاله وبخاصة ما يقع منها على النساء والأطفال." وفي المادة الرابعة على أنه "يحظر الاتجار بالأعضاء البشرية، ويعد ممارسة ذلك انتهاكاً لحقوق الإنسان، وجريمة يعاقب عليها النظام (القانون)." وبما أن دولة الكويت أحد أعضاء مجلس التعاون لدول الخليج فإنها تلتزم بهذا الحظر والمكافحة.
وإلى هذا الحد اتضحت المعالم الدولية للاتجار بالبشر واستقر تكييفه القانوني واقتنع العالم بضرورة التصدي له في إطار دولي عام وموحد في خطوطه العريضة، تتولى كل دولة صياغته بما يتماشى وطبيعتها وظروفها القانونية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ولم يخرج القانون الكويتي فيما تبناه من تعريف عما اتجه إليه هذا البروتوكول، حيث نصت المادة (1/4) من القانون الكويتي على أن تعريف الإتجار بالأشخاص هو:
"تجنيد أشخاص أو استخدامهم أو نقلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم بالإكراه، سواء باستعمال القوة أو بالتهديد أو باستعمالها أو بغير ذلك من أشكال الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو القسر أو استغلال السلطة أو النفوذ أو استغلال حالة الضعف أو إعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا عينية، وذلك بغرض الاستغلال الذي يشمل استغلال دعارة الغير أو أي شكل من أشكال الاستغلال الجنسي، أو السخرة أو الخدمة قسراً أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو نزع أعضاء من الجسد."
يتبين من المادة 1 من القانون رقم 91 لسنة 2013 في شأن مكافحة الإتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين أن الإتجار بالبشر هو "تجنيد أشخاص أو استخدامهم أو نقلهم أو إيوائهم أو استقبالهم" وهو ما يتماشى بوضوح مع أحكام البروتكول الدولي السالف الذكر، مع تضمينه لمصطلح (استخدام) واستبعاده لمصطلح (تنقيل) وهذا لا يؤثر إجمالا في تفسير أو تطبيق نص المادة، والإبقاء على ممارسات (التجنيد والنقل والإيواء والاستقبال) لأنها الأكثر انتشارا في المجتمع الكويتي. وللمزيد من التوضيح فإن النقل هو النشاط الذي يقوم به الجاني لتغيير مكان إقامة المجني عليه إلى مكان آخر داخل الدولة التي يتواجد فيها أو خارجها، ومهما كانت الوسيلة المستخدمة للنقل، والمشرع الكويتي اكتفى باستخدام مصطلح النقل فقط دون التنقيل خلافاً للبروتوكول الذي أورد المصطلحين (النقل والتنقيل)، وإذ يتمثل التنقيل في نقل يتم على مراحل وعبر عدة أمكنة قد يمثل كل مكان منها المكان الذي تتم به الجريمة، أما النقل فلا يكون إلا على مرحلة واحدة فقط، لذا كان حري بالمشرع الكويتي عدم اغفال أو تجاهل مصطلح التنقيل أو الترحيل كما ورد في بعض التشريعات العربية.
المطلب الثاني: صور الإتجار بالبشر:
تشمل استغلال الأشخاص للبغاء أو أية أشكال أخرى للاستغلال الجنسي أو الإكراه على أعمال أو ممارسات مشابهة للعبودية أو إزالة الأعضاء.
أولا: الإتجار بالبشر لغايات جنسية:
من أهم صور الإتجار بالبشر استغلال الاشخاص جنسيا بالقوة والخداع والإكراه والإغراء من خلال ممارسة السطوة والتهديد والتأثير على الأشخاص دون سن الـ18 سنة، ولهذا النوع من الإتجار بالبشر مداخيل عالية، كما أن اكتشافه صعب والتكييف القانوني له في حال الاكتشاف لا يعدو أن يكون تزوير جوازات سفر أو تأشيرات دخول، خاصة إذا شارك بالجريمة العاملين في مراكز الشرطة ومفتشي المنافذ.
وقد صدر مؤخراً عن محكمة الجنايات بدولة الكويت حكماً يعد الأول من نوعه من حيث استناده على قانون مكافحة الإتجار بالبشر، حيث أوقع الحكم عقوبات مغلظة تصل إلى خمسة عشر سنة للتهم المسندة للجناة والتي كانت تتمثل في "تاجر – المتهم الأول – والمتهم الثاني بالمجني عليهم الأطفال كل من . . . وذلك بالاحتيال عليهم واستغلال حالة ضعف لديهم لقدوم بعضهم للبلاد بعد تدهور الحالة الأمنية في بلدهم وإعطائهم مبالغ مالية لحاجتهم لها واستغلالهم جنسياً قسراً عنهم وتقديمهم للرجال من راغبي المتعة الحرام الذين يستقطبهم باستخدام احدى وسائل تقنية المعلومات . . ." الأمر الذي يصعب معه الإفلات من العقاب في مثل هذه الجرائم في دولة الكويت.
وفي حالات مماثلة قامت السلطات المحلية بدولة الكويت بترحيل عدد من النساء من أوروبا الشرقية وذلك بعد اكتشاف ممارستهن للرذيلة بمقابل مادي يحصلن عليه ممن استقدمهن لهذا السبب، إلا أن الأمر لم يعرض على القضاء واكتفت السلطات بترحيلهن إلى بلادهن.
ثانيا: الإتجار بالأطفال:
"يصل عدد الأطفال الذين يتم الإتجار بهم مليوناً ونصف المليون سنوياً وهم يشكلون 50% من عدد الضحايا عبر الحدود الدولية." وبالتالي تعد فئة الاطفال أكبر الفئات المستهدفة في الإتجار بالبشر على اختلاف أغراضه وذلك بسبب الضعف ونقص الإدراك وغياب المسؤولية من ذويهم أو محاولة الاستفادة منهم بسبب حالات الفقر المدقع، كما يلعب ضعف تطبيق القوانين وغيابها في بعض الأحيان دوراً في رواج هذه التجارة في هذه الفئة، الأمر الذي دفع لعقد عدة مؤتمرات دولية للتباحث في الموضوع. وقد تشدد المشرع الدولي من خلال نص المادة 3 من البروتوكول في هذا الشأن، واعتبر الإتجار بالبشر حاصلاً متى ما كان موضوعه طفل أو أطفال (أقل من سن الثامنة عشر) حتى وإن لم يتزامن الفعل مع صورة من الصور الواردة في الفقرة (أ) من اكراه أو تحايل، فالتعامل بالأطفال بأشكاله وأنواعه اتجار بالبشر. وتعد تجارة الأطفال أكثر صور تجارة البشر حدة، إذ بات الأطفال يستغلون في السياحة الجنسية واختبار الألغام والعمليات الانتحارية المسلحة.
وقد أدانت محكمة الجنايات في الكويت عمليات الإتجار بالأطفال، حيث نصت في حكم لها على أن ". . . كما أنه قام بتعيين الأطفال . . . بالمعهد وهو يعلم أن كل منهم لم يتم الثامنة عشر من عمره، وقد أسند إليهم القيام بجلسات التدليك عن طريق اغرائهم بمبلغ نقدي نظير كل جلسة، وذلك تلبية لرغبة الزبائن بممارسة الأعمال المنافية للآداب مع أولئك الأطفال، كما أنه كان يحرض الزبائن بإرسال صور المجني عليهم لهم عن طريق هاتفه النقال . . . ليختار الزبون من بينهم من يرغب بممارسة الأعمال الجنسية معه. . ."
ولم يغفل المشرع الكويتي حماية الطفل حيث أصدر القانون رقم 21 لعام 2015 في شأن حقوق الطفل، وعاقب في المادة 88 منه على ". . .تحريض الأطفال أو استغلالهم في الدعارة والأعمال الإباحية أو التشهير بهم أو بيعهم. . ." وفي ظل العقوبة المغلظة الواردة بالقانون رقم 91 لعام 2013 بشأن مكافحة الإتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين التي تحمي جميع الفئات بمن فيهم الأطفال وتضاعف الحماية للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث تكون العقوبة خمسة عشر عاماً، تكون الأولوية في التطبيق لقانون مكافحة الإتجار على حساب قانون حقوق الطفل.
ثالثا: الإتجار بالبشر لأغراض أعمال السخرة والاسترقاق:
السخرة قانوناً "جميع الأعمال أو الخدمات التي تفرض عنوة علي أي شخص تحت التهديد بأي عقاب، والتي لا يكون هذا الشخص قد تطوع بأدائها بمحض اختياره." وقد حظرت الاتفاقيات الدولية أعمال السخرة، حيث يتم تجاهل عقود العمل ويتعرض العمال للعنف اللفظي والجسدي، خصوصا في الأعمال المنزلية.
فقد صدر في الكويت القانون رقم 68 لسنة 2015 في شأن العمالة المنزلية والذي يحظر في المادة (5) منه "الإعلان والترويج للعمالة وتصنيفها على أساس العقيدة أو الجنس أو اللون أو التكلفة والإعلان عنها بطريقة مهينة لآدمية الإنسان." إلا أنه أغفل النص على عقوبة مثل هذا الإعلان. كما أن قانون العمالة المنزلية والقانون رقم 6 لعام 2010 بشأن العمل بالقطاع الأهلي يسرا لجوء العمالة للقضاء للمطالبة بحقوقهم، وأعفتهم من سداد أية رسوم لقاء ذلك، وهو تقدير من المشرع الكويتي لهذه الفئة.
رابعا: نزع الأعضاء البشرية:
وذلك بهدف بيعها أو شراءها كالكلى والأنسجة والقرنية. . .فتصبح الأعضاء البشرية سلع تباع وتشترى. وقد ثبت في بعض الدول شيوع تجارة الأعضاء، وكان لدولة الكويت نصيبها من الاتهام حيث ينتشر الإعلان عن كلية للبيع، وبعد التضييق من الجهات الرقابية على هذا النوع من الإعلانات، بدأت تظهر بشكل مختلف (مطلوب متبرع لكلية) كما برزت على السطح حالات سلب لأعضاء بشرية لضحايا لقوا حتفهم في دولة الكويت واكتشف الأمر حين وصلت جثثهم إلى دولهم، الأمر الذي يستحق التحقيق والمسائلة وفقاً لنصوص القانون الكويتي والبروتوكول المشار إليه.
2-اختلاف الأوضاع بين دولة وأخرى،بل بين منطقة وأخرى ضمن نفس الدولة لا سيما الفوارق بين الريف والمدن الكبرى،الشيء الذي يؤثر على الفئات النازحة والمهاجرة قليلة الوعي وضعيفة الإدراك.
3-العادات والتقاليد والأعراف الفاسدة التي تنمي وتدعم بعض صور الإتجار بالبشر وأعمال السخرة لا سيما السلطة المطلقة للأب والزوج والزواج القسري.
4-ضعف دور العائلة في تأمين الحماية والرعاية لأفرادها،والانحلال وغياب الوازع الاخلاقي والديني،مما قلب الموازين الاجتماعية، فبات الاطفال والنساء هم المسئولون عن الدعم المادي لعائلاتهم،بكل الطرق السهلة.
5-ضعف فرص التعليم ونقص التأهيل المهني،وبالتالي انتشار الجريمة المنظمة في ظل نقص القوانين الرادعة وغياب آليات تنفيذ كافية.
6-الاستفادة القصوى من التطور العلمي والتكنولوجي من قبل عصابات الاجرام المنظم إن من حيث وسائل النقل والتنقيل أو الاتصالات اللاسلكية أو التطور الطبي في مجال الاستفادة من الاعضاء البشرية، والتسويق لها.
7- غياب العقوبات الرادعة لمثل هذه النوع من الجرائم، خاصة في ظل رواجها حول العالم وبين الطبقات المخملية في المجتمعات.
المطلب الثاني: آثار الإتجار بالبشر:
يترتب على الإتجار بالبشر عواقب جد وخيمة على كافة الاصعدة الاجتماعيةوالاقتصادية والسياسية،نحاول صياغة أهمها في التالي:
أولا:الآثارالاجتماعيةللاتجار بالبشر:
بالإضافة للأضرار المادية التي تمس المجتمعات وضحايا الإتجار بالبش،تعاني هذه الفئة من آثار انسانية واجتماعية لا يمكن جبرها، تتمثل على وجه الخصوص في الايذاء النفسي والجسدي والاصابة بأمراض معدية ومميتة،ما يترتب عنه إعاقة في النمو الاجتماعي والاخلاقي و النفسي، خصوصا إذا تم تنقيلهم إلى أماكن لا يفهمون لغاتها ما يزيد في الشعور بالخوف والمهانة.
وفي هذا المقام تزايدت في الآونة الأخيرة حالات الانتحار بين العاملات المنزليات ضحايا الإتجار بالأشخاص، مما انعكس سلباً على العلاقات بين الدول، منها الكويت والفلبين على سبيل المثال.
وفي سبيل التخفيف من الآثار السلبية النفسية لجريمة الإتجار بالبشر، منح القانون الكويتي رقم 91/2013 النيابة العامة الصلاحية بإحالة المجني عليهم في جرائم الإتجار بالبشر إلى المصحات الطبية لتلقي العلاج أو ايداعهم في أحد مراكز الإيواء حتى يتم إعادتهم إلى الدول التي ينتمون إليها.
ثانيا:الآثار الاقتصادية للاتجار بالبشر:
إن الإتجار بالبشر كأي تجارة أخرى غير مشروعة تخضع بدورها لقوانين العرض والطلب وأنظمة السوق،فالسلع هي إنسان والتجار هم الجماعات الاجرامية المنظمة التي تقوم بأعمال التجارة والوساطة بين الضحايا وجماعات أخرى في دول أخرى يتم فيها الاستغلال على اختلاف صوره،مقابل الحصول على أموال طائلة بصورة مخالفة للقانون، الشيء الذي يؤثر حتما في اقتصاد الدول التي يمسها الإتجار بالبشر،خصوصا وأن الاشكال لا يتوقف عند هذا الحد من مخالفة القانون وعدم دفع الضرائب وبالتالي تشوه الوعاء الضريبي،بل يمتد لغسيل الاموال المحصلة من عمليات الإتجار بالبشر.
ثالثا :الآثار الأمنيةللاتجار بالبشر:
إن ارتكاب الجريمة المنظم يتطلب مجموعات واسعة من الأفراد تنتشر دوليا وتستخدم كل الأساليب القمعية عن طريق العنف والاكراه واستعمال القوة داخل المجتمعات،كما تهدف إلى تحقيق أرباح والعمل على حماية هذه الارباح عن طريق منع اكتشاف التجاوزات القانونية للتهرب من العقاب باستخدام كل الطرق غير المشروعة،لا سيما دفع الرشاوى للمسئولين والسياسيين والموظفين،كل هذا يخلق حالة من انعدام الأمن داخل الدولة.
الفصل الثاني:مكافحة الإتجار بالبشر في دولة الكويت:
نحاول التطرق لمكافحة جريمة الإتجار بالبشر في القانون الكويتي من خلال توضيح مدى امكانية للتصدي لهذه الظاهرة وسياسية المشرع في التجريم والقمع المقرر لها وذلك وفقاًللتالي:
المبحث الأول :كيفيةتعاطيدولةالكويت مع الإتجار بالبشر:
نتناول من خلال هذا المبحث كيفية تعاطي دولة الكويت مع موضوع الإتجار بالبشر والتي تظهر من زاويتان هما مرونة على الإطار الدولي بالتصديق على جل الاتفاقيات المرتبطة بالموضوع، ومن جهة أخرى كيفية التصدي لهذه الجريمة داخلياً في جو مفعم بالخصوصية التي تعيشها دولة الكويت على جميع الأصعدة، والتي تظهر من خلال وضع تشريع خاص بمكافحة الإتجار بالبشر،وهو ما سيكون محلاً للنقاش كما يلي:
المطلب الأول:الاقتناع بضرورة التعاون الدولي لمكافحة الإتجار بالبشر:
حتى هذه الفترة بات التعاون الدولي بالغ الاهمية من أجل القضاء على أو الحد من الإتجار بالأشخاص لأنه اساس النجاح في هذه الجهود، خاصة وأن الإتجار بالبشر جريمة منظمة عابرة للحدود الوطنية تتطلب مواجهتها جهود دولية مشتركة سواء من حيث النص القانوني أو التطبيق القضائي. فلما كانت طبيعة جريمة الإتجار بالبشر تتجاوز نطاق دولة واحدة كان من الضروري أن تعمل النظم العقابية أيضا بنفس نسق التعاون لتطبيق احكام القانون الدولي والقوانين الداخلية بشأن الإتجار بالبشر، وهو ما اقتنعت به دولة الكويت،فيعد القانون الدولي بمثابة قالب عام يضع معايير مشتركة تلتزم دولة الكويت بتضمينها في قوانينها بصورة تضمن الحد من الإتجار بالبشر،ويمكن تحديد الصكوك الأساسية التي تعد إطارا للقانون الدولي فيما يتعلق بالإتجار بالبشر في اتفاقية الجريمة المنظمة والبروتوكول الاول الملحق بها المتعلق بالإتجار بالأشخاص،بينما انصب البروتوكول الثاني على المهاجرين،وهي أحدث إشارة للعبودية في صك دولي.
وفي حين تنظم اتفاقية الجريمة المنظمة الاحكام العامة وتدابير مكافحة جل الجرائم المنظمة العابرة للحدود يفصل البروتوكول في المسائل المحددة والخاصة بجريمة الإتجار بالبشر باعتبارها أهم الصور المعاصرة للجريمة المنظمة،فغالبا ما يكون ممتهني تجارة الاشخاص يمارسون صوراً أخرى لأنشطة إجرامية منظمة كتهريب المهاجرين أو المخدرات أو الأسلحة أو غسيل الأموال.
فلا شك أن اتفاقية الجريمة المنظمة سطرت المعايير الدنيا التي يجب على الدول الأطراففي الاتفاقية، بما فيها الكويت، الامتثال لها،كحد أدنى يمكن لكل دولة فوقه اعتماد تدابير أكثر صرامة وتشدد،فبالرغم من أن نص المادة 1 من الاتفاقية قد أكدت على "تعزيز التعاون من أجل منع ومكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية بمزيد من الفعالية وبصورة شمولية"،نجدها قد حافظت على مختلف الفوارق والظروف والتقاليد الخاصة بكل دولة،وروجت في الوقت نفسه لأسلوب مشترك لإزالة العقبات التي تعترض سبيل التعاون عبر الوطني الفعال، خاصة وأن اتفاقية الجريمة المنظمة تسعى نحو تسهيل التحقيق في الانشطة الاجرامية وتسهيل ملاحقة المرتكبين بأسلوب شامل عبر الحدود، واللذان يستحيل يريا النور دون تحقق تعاون دولي مثمر. ولم تكن غاية البروتوكول الخاص بالإتجار بالأشخاص وفقاً لما نصت عليه المادة 2 منه ببعيدة عن إطار التعاون الدولي، والتي تمثلت بمنع الإتجار بالأشخاص ومكافحته، وحماية ضحايا الإتجار بالأشخاص ومساعدتهم، وتعزيز التعاون بين الدول بغية تحقيق تلك الاهداف.
وعليه فإن التشريع الكويتي يهدف إلى وضع معايير موحدة في الشقين الاجرائي والموضوعي من أجل تنسيق التشريعات بين الدول الاطراف وتلافي الفوارق الكبرى التي قد تعرقل التعاون الدولي لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، وفي هذا السياق تشددت المادة 2 فقرة 3 من القانون رقم 91/2013 في التعامل مع جريمة الإتجار بالأشخاص متى كانت ذات طابع غير وطني واعتبرت هذا الوصف (غير وطني) ظرفاً من ظروف التشديد بالعقوبة، حيث أوصلت العقوبة إلى الإعدام.
المطلب الثاني: وضع منظومة داخلية مستقلة لمكافحة الإتجار بالبشر في الكويت:
تعتبر دولة الكويت بيئة اقتصادية واجتماعية وثقافية مميزة،إذ يخلق اقتصادها المتماسك والمستوى الاجتماعي المميز لمواطنيها ووضعها الأمني المستقر بالإضافة لبرلمانها القوي نسبياً وتفتح مواطنيها واستعدادهم لمناقشة مختلف المسائل القانونية خاصة إذا تعلق الأمر بحقوق الإنسان،من جهة ورواج سوق العمالة الوافدة وتواضع بعض تشريعاتها،خاصة ما تعلق منها بتنظيم عقود وعلاقات العمل والقوانين المنظمة للشخصي القانونيةوالسن الأدنى للزواج وغيرها . . . خصوصا ما تشهده في راهن الوقت الحال من ضجة إعلامية حول بعض الممارسات التي يمكن تكييفها على أنها اتجار بالبشر... ما استدعى - على مر السنوات الماضية - تدخل الدولة لوضع استراتيجية داخلية موازية للتصدي للاتجار بالبشر.
وتتطلب أي استراتيجية وطنية شاملة للتصدي لظاهرة الإتجار بالبشر أمرين إثنين هما:
1- تدابير قمع ومكافحة بمقتضى القانون الوطني، وهو ما اقتنعت به دولة الكويت من خلال سنها للقانون الخاص بمكافحة الإتجار بالبشر رقم 91 لسنة 2013، والذي حاولت من خلاله الامتثال للمعايير الدولية لحقوق الانسان، وتجريم الإتجار بالبشر وكل الممارسات المتصلة به في قوانينها الداخلية،كما أقرت دولة الكويت أيضا مسؤولية الهيئات الاعتبارية في الإتجار بالبشر، حيث يعاقب الممثل القانوني لهذا الكيان متى تمت العمليات لصالح هذا الكيان والذي يخضع بدوره لعقوبة الإغلاق الدائم أو المؤقت لفرع من فروعه أم لكل الأفرع. كما أدرج التشريع الكويتي - كما سبق بيانه - تعريفا دقيقا للاتجار بالبشر يضمن ويسهل إلى حد بعيد تيسير اتخاذ تدابير تصدي منسقة وشاملة للاتجار بالبشر من خلال القانون الكويتي.
2-إنشاء آلية مؤسسية متخصصة تسهر على تطبيق النص التشريعي الخاص وجمع المعلومات وتقديم التقارير والسهر على المكافحة الفعالة.
وفي هذا المقام أسند القانون الكويتي رقم 91/2013 للنيابة العامة دون سواها مهمة التحقيق والادعاء والتصرف في جرائم الإتجار بالبشر. وتجاوباً مع هذا التوجه العالمي في مكافحة الإتجار بالأشخاص أنشأت وزارة الداخلية تحت مظلة الإدارة العامة للمباحث الجنائية قسماً خاصة (مكافحة الإتجار بالبشر)، والذي هو على تواصل مستمر ومباشر مع النيابة العامة. وقد تميزت بعض الدول مثل دولة قطر على سبيل المثال بأنها أنشأت ضمن نسيجها الإداري هيئة مستقلة خاصة بمكافحة الإتجار بالبشر، وهو ما لا نجده في دولة الكويت،رغم ما أثبته الواقع التشريعي لدول كثيرة في العالم،لذلك نقترح اعتماد آلية متخصصة في الكويت إعمالا لما جاء به البروتوكول الخاص بالإتجار بالبشر ومكافحته.
كل هذا يبرز وجود نية حقيقية لدى دولة الكويت في التصدي لظاهرة الإتجار بالبشر، نحاول مناقشة مدى نجاعة القانون رقم 91/2013 في تحقيق هذه النية.
المبحث الثاني:تجريم الإتجار بالبشر في التشريع الكويتي:
حتى تكون الدراسة منتجة فيما يتعلق بمكافحة الإتجار بالبشر في التشريع الكويتي،سنحاول مناقشة تنظيمه لأركان الجريمة،وذلك كالتالي:
المطلب الأول:الركن الشرعي لجريمة الإتجار بالبشر في التشريع الكويتي:
يقوم الركن الشرعي لأي جريمة بمجرد وجود النص القانوني الذييجرم الإتجار بالبشر ويقرر العقوبات التي تترتب في حالة ارتكابها، وقد أفرد القانون الكويتي قانون خاص ومستقل يتمثل في القانون رقم 91 لسنة 2013 الذي جرم الإتجار بالبشر وعاقب عليه،حيثعرفته المادة 1 منهعلى أنه:"تجنيد أشخاص أو استخدامهم أو نقلهم أو إيوائهم أو استقبالهم بالإكراه سواء باستعمال القوة أو بالتهديد أو بغير ذلك من أشكال الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو القسر أو استغلال السلطة أو النفوذأو استغلال حالة الضعف أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا عينية ،وذلك بغرض الاستغلال الذي يشمل استغلال دعارة الغير أو أي شكل من أشكال الاستغلال الجنسيأو السخرة أو الخدمة قسرا أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو نزع أعضاء من الجسد".
وبفحص هذا التعريف نجد تطابقه مع التعريف الذي تبنته الفقرة 1 من المادة 3 من البروتوكول الخاص بمنع وقمع ومعاقبة الإتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لعام 2000. إلا أن الملفت للنظر أـن التعريف الدولي فاق التعريف الوطني لدولة الكويت نص على أن الهدف "لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال"مما يوحي بوقوع جريمة الإتجار بالبشر وإن لم يكن محل التهديد أو الإغراء ضحايا الإتجار بالبشر أنفسهم بل هم أصحاب قرار بالنسبة للضحية، سواء الوالدين أو أحدهما أو الوصي أو متولي الرعاية. كما أن القانون الكويتي لم يشر إلى الاستعباد كشكل من أشكال الإتجار بالبشر، بينما تضمن التعريف الدولي هذا النوع من الإتجار بالأشخاص، ولعل المبرر الوحيد المقبول للمشرع الكويتي أن الاستعباد غير موجود أصلاً في المجتمع الكويتي ولا حاجة لذكره، بينما هو موجود في بعض دول العالم يستوجب ذكره في التعريف الدولي لمواجهة مثل هذه الحالات.
وكذلك في المواد 1/4 -3-4-5-6-7 منه، والتي سنترك مناقشة مضامينها حسب موضوع كل منها ف العناصر الموالية لهذا المطلب.
المطلب الثاني:الركن المادي لجريمة الإتجار بالبشر في التشريع الكويتي:
الركن المادي هو فعل خارجي له طبيعة ملموسة تدركه الحواس،يؤدي إثباته إلى إقامة الدليل ضد مرتكب الجريمة، وكما سبق وأن بينا تحت عنوان عناصر الإتجار بالبشر أن العنصر المادي مركب من السلوك ووسائل هذا السلوك،وهو ما نعرضه فيما يلي،موضحين مدى تأثير قبول المجني عليه على قيام الركن المادي للجريمة من عدم قيامه:
أولا: السلوك المادي في جريمة الإتجار بالبشر:
يتبين من المادة 1 من القانون رقم 91 لسنة 2013 في شأن مكافحة الإتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين أن الإتجار بالبشر هو "تجنيد أشخاص أو استخدامهم أو نقلهم أو إيوائهم أو استقبالهم" وهو ما يتماشى بوضوح مع أحكام البروتكول الدولي السالف الذكر،مع استخدام مصطلح (استخدام) واستبعاد مصطلح (تنقيل) وهذا لا يؤثر إجمالا في تفسير أو تطبيق نص المادة،والابقاء على (التجنيد والنقل والايواءوالاستقبال)،لذلك نوضح المقصود من كل سلوك في التالي:
1-التجنيد:أي تنظيم أو توجيه أشخاص ويشمل كل الأنشطة التي من شأنها استقطاب وجذب الضحايا بهدف استغلالهم في صورة من صور الإتجار بالبشر.
2-الاستخدام: يعني تطويع الضحايا وإخضاعهم للجاني،والسيطرة عليهم،كما يشمل الاستخدام أيضا العمل لدى الجناة.
3-النقل:هو النشاط الذي يقوم به الجاني لتغيير مكان إقامة المجني عليه إلى مكان آخر داخل الدولة التي يتواجد فيها أو خارجها، ومهما كانت الوسيلة المستخدمة للنقل،والملاحظ أن المشرع الكويتي اكتفى باستخدام مصطلح النقل فقط دون التنقيل،في حين نجد البروتوكول أورد مصطلحين متلازمين في منتهى الدقة هما مصطلحي النقل والتنقيل،وإذ يتمثل التنقيل في نقل يتم على مراحل وعبر عدة أمكنة قد يمثل كل مكان منها المكان الذي تتم به الجريمة، أما النقل فلا يكون إلا على مرحلة واحدو فقط،لذا يستحسن إيراد مصطلح التنقيل أو ما قد يعبر عنه كمصطلح الترحيل مثلا الذي استخدمته بعض التشريعات العربية الأخرى، لما لذلك من أثر فيما يتعلق بتحديد الاختصاص القضائي.
4-الإيواء:يعني تدبير مكان آمن لإقامة المجني عليهم،سواء داخل نفس الدولة أو خارجها،وذلك بتوفير بعض مقومات الحياة من أكل وشرب ومسكن،تمهيدا لاستغلالهم.
5-الاستقبال:يعني تلقي أو استلام المجني عليهم الذين تم نقلهم أو تنقيلهم داخل الدولة أو عبر حدودها من أجل فك العقبات التي قد تعترض وجودهم، ويتم الاستقبال داخل المراكز التابعة للجهة القائمة بالإتجار،وقد يكون الاستقبال في أكثر من مرحلة كأن يتم قبل النقل أو أثناء التنقيل،أو بعد إيصال الضحايا إلى أماكن الإيواء.
وبالتالي كل من يرتكب أو يشارك بأي شكل من الأشكال بأحد هذه الأعمال يعتبر فاعلاً أصلياً أو شريكاً في هذه الجريمة بحسب الأحوال.
ثانيا:وسائل السلوك المادي في جريمة الإتجار بالبشر:
بالرجوع للمادة 1 من قانون 91 لسنة 2013،نجدها قد فصلت في الافعال المشكلة لوسائل ارتكاب السلوك الاجرامي في جريمة الإتجار بالبشر،حيث عبرت عنها عموما بمصطلح "الإكراه" وذلك "...سواء باستعمال القوة أو بالتهديد أو بغير ذلك من أشكال الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو القسر أو استغلال السلطة أو النفوذ أو استغلال حالة الضعف أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا عينية..."
ورغم شمول التشريع الكويتي لكل الوسائل الموجهة للضحية بهدف استغلالها،نسجل اغفال النص أعلاه لحالة تقديم مزايا ومبالغ مالية أو تلقيها لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص الضحية،بغرض استغلال هذا الأخير، وهي وسيلة ثابتة ومهمة جدا خصوصا بالنسبة للاتجار بالأطفال والنساء،إذ غالبا ما يتم عن طريق أصحاب السيطرة عليهم،خصوصا وأن هذه الوسيلة ثابتة في نص البروتكول المتعلق بالإتجار بالأشخاص.
أما عن بقية الوسائل المكونة للركن المادي والتي ضمها المشرع الكويتي تحت مصطلح الاكراه فنوضحها بإيجاز في التالي:
1-استعمال القوة أو التهديد والقسر:أي التهديد اللفظي ولو كانالتهديد باستعمال وسائل قانونية كالإبلاغ بشأن جوازات السفر أو الهجرة غير الشرعية،أو عن طريق ممارسة العنف بالضرب أو الجرح أو تقييد الحركة،بأية وسيلة،للتأثير على إرادة المجني عليه بشكل يجعله عاجزاً عن المقاومة، و من ثم قسره وإجباره على الانصياع.
2-الاختطاف:وهو (انتزاع شخص من بيئته إلى بيئة أخرى،حيث يخفى فيها عمن له حق المحافظة على شخصه)، فالنقل هنا قديتم ضمن نفس الدولة او عبر حدودها،وبغض النظرعن وسيلة هذا النقل.
3-الاحتيال أو الخداع:ويشمل كل ما من شأنه إيهام الشخص بما ليس حقيقي،من أجل إقناعه تمهيدا لتجنيده أو نقله أو إيوائه أو استقباله بغرض استغلاله، ويؤخذ على المشرع الكويتي بهذا الصدد اعتباره كل من الاحتيال والخداع وسائل للإكراه.
4-استغلال السلطة أو النفوذ:أي استعمال المزايا من سلطة أو نفوذ،ومهما كانت طبيعة هذه السلطة سواء قانونية أو إدارية أو فعلية،رسمية،أو غير رسمية،يجب أن تستخدم قصد الإتجار بالبشر، وأن تكون هناك علاقة سببية بين هذا الاستغلال وبين فعل التجنيد أو النقل أو الإيواء،من أجل تحقيق الغاية من الإتجار بالبشر.
5-استغلال حالة ضعف:أي استغلال حالة الضعف الظاهرة التي يكون فيها الضحية أو الضحايا مهما كانت طبيعتها سواء ضعف في البنية الجسدية،أو الصحية،أو النفسيةأو العصبية،أو العقلية أو الاقتصادية أو الاجتماعية...أو أية صورة أخرى قد تدفع بالضحية لقبول حالة الاستغلال.
6-إعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا عينية بغرض الاستغلال: كما سبق وأن بيننا،لم توضح المادة الجهة التي تتلقى المبالغ المالية أو المزايا العينية، مما يفهم منه أنها الضحايا،في حين أنه غالبا يكون ذلك عن طريق أصحاب السيطرة عليهم،لذلك نقترح الحذو حذو نص البروتكول بالتصريح:"بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال."
ثالثا:مسألة رضا المجني عليه ومدى تأثيرها على قيام الركن المادي لجريمة الإتجار بالبشر:
الأصل العام في قانون الجزاء الكويتي أن رضى المجني عليه سبب من أسباب الإباحة،وهو ما نصت عليه المادة 39 منه التي عرضت بعض الاستثناءات التي لا يمكن فيها الاعتداد برضى المجني عليه كسبب من أسباب الإباحة من بينها "... إذا كان الفعل من شأنه أن يحدث الموت أو يحدث أذى بليغ أو كان يعد جريمة بغض النظر عن الضرر الذي يحتمل أن يحدثه للمجني عليه،أو نص القانون على أن لا يعتد بهذا الرضا،"وهو ما أكد عليه المشرع الكويتي في المادة 2 من القانون 91 لسنة 2013، والتي نصت على أنه:"في جميع الأحوال لا يعتد بموافقة المجني عليه أو برضائه عن الأفعال المستهدفة بالاستغلال في هذه الجرائم."فرضى المجني عليه أو من يتولاه لا يعد سببا من أسباب الإباحة،ولا يعتد به لقيام الركن المادي لجريمة الإتجار بالبشر،فالجرم يكتمل سواء كان الضحية أو الضحايا راضون بالاستغلال أو مكرهون عليه، وهو ما يعد خروج محمود عن عباءة وتوجه قانون الجزاء الكويتي فيما استقر عليه من مبادئ وتغليب المبادئ المستقرة في القانون الدولي متمثلةبضرورة حماية قدسية الإنسان وعدم القبول بفكرة الإتجار به لأي سبب من الأسباب حتى لو تحقق الرضا.
إلا أن الإشكال الذي يصادفنا لدى استقراء نصي المادة 1 (فقرة 4) والمادة 2 (فقرة 7)من نفس القانون، هو وجود تناقض بين فكرتين:
من جهة:اعتبار الإكراه عنصرا من عناصر السلوك المادي للجريمة لا تقوم بدونه،فجاء النص كالتالي:"الإتجار بالبشرتجنيد أشخاص أو استخدامهم أو نقلهم أو إيوائهم أو استقبالهم بالإكراه،وتفصيل النص فيما يمكن اعتباره إكراها على النحو التالي: "...بالإكراه سواء باستعمال القوة أو بالتهديد أو بغير ذلك من أشكال الاختطافأو الاحتيال أو الخداع أو القسر أو استغلال السلطة أو النفوذ أو استغلال حالة الضعف أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا عينية..."
أي أن الوسائل المذكورة اعتبرها المشرع الكويتي وسائل للإكراه،وجدير بالتذكير هنابمدى إمكانية اعتبار الاحتيال أو الخداع صورة من صور الاكراه؟ خصوصا أنه بالمقارنة مع المادة 3 من بروتوكول الإتجاربالأشخاصسالف الذكر،تم الفصل بين التهديد بالقوة أو استعمالها وبين بقية الوسائل لاسيما الاحتيال والخداع،واعتبر كل وسيلة مستقلة عن غيرها،والأكثر من ذلك أن النص لم يشر للإكراه كشرط في حد ذاته، الشيء الذي نتفادى معه التناقض الذي نحن بصدد عرضه،لذلك نرى استحسان اعادة النظر في النص.
وبغض النظر عن ذلك،فدلالة النص هنا تعبر عن أن الإكراه عنصر لابد من توافره سواء في التجنيد أو الاستخدام أو النقل أو الإيواء أو الاستقبال،وبمفهوم أدق فالتفسير الضيق لنص المادة 1/4 مفاده عدم قيام الركن المادي دون إكراه.
لكن الإكراه ليس بالضرورة إكراها عن الاستغلال بشتى صوره،بل هو إكراه مرتبط بعمليات التجنيد أو النقل أو الإيواء أو الاستقبال أو الاستخدام.
من جهة أخرى:ما سبق بيانه من عدم الاعتداد برضا الضحايا،فأحيانا لا يتضمن السلوك الإجرامي أي من الوسائل التي ذكرت سابقا بأن يقتصر دور الجاني على تجنيد وتغيير مكان الضحية أو استخدامه دون أن يمارس عليه أي نوع من أنواع الإكراه،وتتحقق هذه الحالة مثلا في الدول الفقيرة، عندما يلجأ المجني عليه بصورة طوعية إلى الجاني لغرض نقله إلى مكان آخر،خصوصا في الأوضاع التي يعتبر فيها الضحية أن من مصلحته الانتقال إلى أي مكان آخر غير الذي يعيش فيه،لأنه يعتبر أن أي مكان أفضل من ذلك الذي يعيش فيه،بغض النظر عن الدوافع.
فالقول بقيام الجريمة رغم قبول الضحية،يتناقض مع اشتراط عنصر الإكراه في الركن المادي لها، لذانرى الاستغناء عن مصطلح الاكراه،كما هو الحال في نص البروتوكول السالف بيانه.
المطلب الثالث:الركن المعنوي لجريمة الإتجار بالبشر في التشريع الكويتي:
بالإضافة إلى الركن المادي يجب لقيام جريمة الإتجار بالبشر تحقق الركن المعنوي بتحقق رابطة سببية بين السلوك والنتيجة، وذلك متى اتجهت إرادة الفاعل إلى ارتكاب الفعل المكون للجريمة وإلى احداث النتيجة التي يعاقب عليها القانون وذلك ما نصت عليه المادة 41 في فقرتها الأولى،ولأنها جريمة عمدية بطبيعتها يتطلب تحقق الركن المعنوي فيها توفر كل من القصد الجنائي العام والقصد الجنائي الخاص:
أولا:القصد الجنائي العام:
يتوفر القصد الجنائي العام للجريمة بعلم الجاني بعناصر جريمة الإتجار بالبشرواتجاه إرادته إلى السلوك المكون لها،ويتكون القصد الجنائي العام من عنصري العلم والارادة، أي العلم أن محل التصرف إنسان،وأن سلوك الإتجار به مجرم قانونا،ورغم ذلك تتوجه إرادته إلى تحقيق النتيجة غير المشروعة.
ثانيا:القصد الجنائي الخاص:
يتحقق القصد الجنائي الخاص باتجاه قصد الجاني إلى تحقيق غاية الاستغلال وما تتضمنه من غايات التعامل في الأشخاص الواردة في نص المادة 1/4 التي نصت "...بغرض الاستغلال الذي يشمل استغلال دعارة الغير أو أي شكل من أشكال الاستغلال الجنسي أو السخرة أو الخدمة قسرا أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو نزع أعضاء من الجسد." فكلمة "بغرض" تعبر عن القصد الجنائي الخاص،الذي يكون معاصرا لارتكاب احدى صور الإتجار بالبشر. والملاحظ على نص القانون الكويتي عدم تطرقه للقصد الجنائي الخاص المتعلق باتجاه إرادة مرتكبي الجريمة إلى تحقيق مصلحة خاصة بهم من الإتجار بالبشر وهي في النهاية تحقيق لربح المادي... وهو أمر لابد من تداركه.
المبحث الثالث:قمع جريمة الإتجار بالبشر في التشريع الكويتي
المطلب الأول: العقوبات المقررة في جريمة الإتجار بالبشر
وفقاً لأحكام المادة 2 من قانون 91 لسنة 2013 بشأن مكافحة الإتجار بالبشر فقد قرر المشرع الكويتي جملة من العقوبات توقع على مرتكبي جريمة الإتجاربالأشخاصتختلفحسب طبيعة الجاني أو الجناة،الذي قد يكون شخصا أو أشخاص طبيعية أو أشخاصا اعتبارية،كما حدد ظروف تشديد العقوبات نحاول توضيح ذلك في الآتي:
أولا:العقوبات المقررة للشخص الطبيعي:
تتمثل في عقوبتي الحبس والمصادرة:
1-العقوبة الأصلية:عقوبة الحبسلمدة 15 سنة،ومن الملاحظ أن المشرع هنا حدد العقوبة بصفة واضحة وملزمة لم يدع فيها مجالا لتقدير القاضي،خلافا لمعظم التشريعات التي تعتمد حدا أدنى وسقف أقصى في العقوبات المقررة لجريمة الإتجار بالبشر. ونعتقد أن استخدام مصطلح "حبس" في غير محله،اذ أن مصطلح سجن أدق لتعبيره عن الحرمان من الحرية لفترة طويلة،خلافا للحبس الذي يستعمل عادة للتعبير عن الحرمان من الحرية لمدد قصيرة و في مواد الجنح،وهي ملاحظة تنسحب علي المادة 3 من قانون الجزاء الكويتي.
2-العقوبة التبعية(عقوبة المصادرة):إذ يقضى بها كأثر حتمي للحكم بالعقوبة الأصلية وذلك وفقا لأحكام المادة 67 من قانون الجزاء الكويتي،هي مصادرة الاموال أو الأمتعة أو وسائل النقل أو الادوات المحصلة من الجريمة أو التي استعملت في ارتكابها مع عدم الاخلال بحقوق الغير حسن النية،وهو ما بينته المادة 5من نفس القانون والمادة 78 من قانون الجزاء السالف ذكره.
ثانيا:العقوبات المقررة للشخص الاعتباري:
تتمثل كل من الحبس والغلق:
1-العقوبة الأصلية:عقوبة الحبس لمدة 15 سنة لممثله القانوني ومديره الفعليإذا كان ارتكاب الجريمة قد تم لحساب شخص اعتباري أو باسمه مع علمه بذلك،فتوقع عقوبة الحبسدون الاخلال بالمسؤولية الجزائية الشخصية لمرتكب الجريمة،وفقا لأحكام المادة 5 السالف ذكرها.
2-العقوبة التبعية:عقوبة الغلق: في حالة الشخص الاعتباري قرر المشرع الكويتي في المادة 6 من قانون 91/2013 عقوبة حل الشخص الاعتباري وإغلاق مقره الرئيسي وفروع مباشرة نشاطه غلقا نهائيا أو مؤقتا لمدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عن سنة،وبهذا الصدد نقترح الاستغناء عن عبارة "ولا تزيد عن سنة،"لأن الابقاء عليها يقلل من شأن الهدف المرجو من الغلق،فطالما منح القاضي السلطة التقديرية في الحكم بالغلق المؤقت بدلا عن الغلق النهائي نترك له المجال مفتوح مع تقييده فقط بالحد الأدنى الذي لا يجوز النزول عنه.
وسواء بالنسبة للشخص الطبيعي أو الاعتباري لا تخل العقوبة المقررة لجريمة الإتجار بالبشر بأية عقوبة أشد قد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر،وفقا لأحكام المادة 2 السالفة الذكر،كما يعاقب على الشروع في جريمة الإتجار بالبشر طبقا للأحكام العامة لقانون الجزاء الكويتي لا سيما المادتين 45 و46 منه.
ثالثا:الظروف المشددة والظروف المعفية من العقاب في جريمة الإتجار بالبشر:
1-الظروف المشددة للعقاب:تجدر الإشارة إلى أن جريمة الإتجار بالبشر لا يعتد فيها بظروف التخفيف،وذلك ما صرح به المشرع الكويتي في المادة 13 من القانون 91 لسنة 2013،حين اعتبرها استثناء من المادة 83 من قانون العقوبات،وأكدت على عدم جواز التخفيف،وعدم جواز الأمر بوقف التنفيذ أو بالامتناع عن النطق بالعقاب،وبالمقابل شدد المشرع الكويتي العقوبة المقررة لجريمة الإتجار بالبشر برفعها إذا اقترنت بإحدى ظروف التشديد التي حددتها المادة 2 السالف ذكرها في الحالتين الآتيتين:
الحالة الأولى:أن ترفع العقوبة المقررة إلى عقوبة الحبس المؤبد،وذلك متى اقترنت بظرف أو أكثر من ظروف التشديد التالية:
أ-إذا ارتكبت عن طريق جماعة إجرامية منظمة،وكان المتهم قد ساهم في إنشائها أو تنظيمها أو ادارتها أو تولي قيادة فيها أو انضم إليها مع علمه بأغراضها.
ب-إذا كانت الجريمة ذات طابع غير وطني.
ج-إذا كان مرتكب الجريمة زوجا للمجني عليه أو أحد أصوله أو فروعه أو كانت له سلطة عليه.
د-إذا ارتكبت الجريمة من شخصين أو شخص يحمل سلاحا ظاهرا أو مخبئاً،وهنا نسجل ملاحظة شكلية تتعلق باقتراح استبدال كلمة "شخصين" بـ عبارة "شخصينأوأكثر"،حتى يكون النص شاملاً.
ه-إذا ترتب على الجريمة إلحاق أذى بليغ بالمجني عليه أو إصابته بعاهة مستديمة.
و-إذا كان المتهم موظفا عاما في الدولة التي ارتكبت فيها الجريمة أو تم الاعداد لها فيها أو ترتبت فيها بعض آثارها وكان لوظيفته شأن في تسهيل ارتكاب الجريمة أو إتمامها.
ز-إذا كان المجني عليه طفلا أو أنثى،أو من ذوي الاحتياجات الخاصة،وهنا نقترح استبدال عبارة أنثى بعبارة امرأة،للتعبير بها عن الأنثى البالغة،لأن عبارة طفل تشمل الأنثى غير البالغة.
الحالة الثانية:أن تكون العقوبة الإعدام،وذلك إذا ترتب على ارتكاب الجريمة وفاة المجني عليه.
2-الظروف المعفية من العقاب:نصت عليها المادة 10 من القانون 91/2013 وتتمثل في التبليغ في الحالات التالية:
أ-قبل البدء في تنفيذ الجريمة: مبادرة الجناة إلى إبلاغ السلطة المختصة بما يعلمونه عن الجريمة قبل البدء في تنفيذها،في هذه الحالة يكون القاضي ملزم بإعفائه من العقاب.
ب-بعد إتمام الجريمة وقبل البدء في التحقيق: حصول الإبلاغ بعد إتمام الجريمة شرط أن يتم قبل البدء في التحقيق فيها من طرف السلطات المختصة،وفي هذه الحالة يخضع الإعفاء لسلطة تقدير القاضي لورود النص بصيغة الجواز.
ج-أثناء التحقيق:إذا مكن الجاني - أثناء التحقيق - السلطات من القبض على مرتكبي الجريمة الآخرين،وهنا أيضا يخضع الإعفاء للسلطة التقديرية للقاضي.
المطلب الثاني:
عرقلة سير العدالة في جريمة الإتجار بالبشر
نبحث تحت هذا العنوان الحالات التي يحاول من خلالها الجناة أو غيرهم تعطيل سير العدالة إن بالتستر عن الجريمة أو أبداء أو محاولة إبداء مقاومة أو عرض منفعة والعقوبات المقرر لكل حالة وذلك في الآتي:
أولا:التستر على جريمة الإتجار بالأشخاص
تضمنته المادة 4 من قانون 91 لسنة 2013 ويتمثل في "1- إخفاء شخص أو أكثر من مرتكبي جريمة الإتجار بالبشر أو المساهمين في ارتكابها أو المجني عليهم فيها بقصد الفرار من وجه العدالة أو أي غرض آخر مع العلم بذلك،وقد عاقب عليه المشرع بالحبس لمدة أقصاها 5 سنوات،وأجاز اعتبار كون الشخص الذي تم إخفاؤه زوجا أو أصلا أو فرعا ظرفا معفياً من العقاب،شرط ألا يكون المتهم ممن ارتكب جريمة الإتجار بالبشر أو شارك في ارتكابها،2- إخفاء معالم الجريمة:وقد عاقب عليه المشرع الكويتي أيضا بالحبس لمدة أقصاها 5 سنوات.3- إخفاء أو التصرف في شيء متحصل عن جريمة الإتجار بالبشر: وقررت له عقوبة الحبس مدة لا تزيد عن 3 سنوات وغرامة لا تقل عن 1000 دينار ولا تزيد عن 3000 دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين وذلك وفقا لأحكام المادة (4).4-عدم تبليغ السلطات المختصة رغم العلم بوجود مشروع لارتكاب جريمة الإتجار بالبشر:الذي قررت له المادة (7) عقوبة الحبس لمدة أقصاها 3 سنوات وغرامة من 1000 دينار إلى 3000 دينار كويتي،أو بإحدى هاتين العقوبتين،مع جواز اعتبار كون من امتنع عن الابلاغ زوج أو أصل أو فرع أو أحد الاقارب إلى غاية الدرجة الرابعة،ظرفا معفيا من العقاب."
ثانيا:إبداء المقاومة بالقوة في شكل تعد على القائمين بتنفيذ القانون
قررالمشرع الكويتي مجموعة من العقوبات توقع في حال إبداء مقاومة بالقوة في شكل تعد على القائمين بتنفيذ القانون في إطار مكافحة جريمة الإتجار بالبشر أثناء تأديتهم لمهامهم أو بسببها وذلك في المادة 8 من القانون رقم 91 لسنة 2013 السالف ذكره،نختصرها فيمايلي:
1-استعمال العنف والقوة: إذ يعاقب عليه بالحبس لمدة لا تتجاوز 5 سنوات كل من تعدى على القائمين على تنفيذ القانون في إطار مكافحة الإتجار بالبشر أو قاومهم بالقوة أو العنف أثناء تأدية وظيفتهم أو بسببها.2-التسبب في عاهة مستديمة أو تشويه جسيم لا يحتمل زواله أو إذا كان الجاني يحمل سلاحا أو من رجال السلطة المنوط بهم المحافظة على الأمن: ففي هذه الحالات تقرر عقوبة الحبس المؤبد أو المؤقت لمدة تتجاوز 15 سنة.3-إذا أفضى التعدي أو المقاومة إلى الموت:قرر المشرع الكويتي في هذه الحالة عقوبة الإعدام."
ثالثا:استعمال القوة أو التهديد أوعرض عطية أو منفعة،أو وعد بشيء من ذلك:
حيث اعتبر المشرع الكويتي أن استعمال القوة أو التهديد أو تقديم منفعة أو عطية أو وعد بشيء من ذلك بهدفحمل شخص على الإدلاء بشهادة زور أو حمله على تقديم معلومات أو بيانات غير صحيحة أمام جهات التحقيق أو المحكمة المختصة طبعا لمصلحة الجناة ومن ثم لعرقلة سير الإجراءات وتظليلالعدالة،ومن ثمقررت المادة 9 منه عقوبة الحبس لمدة أقصاها 5 سنوات لكل قام بذلك تخضع في هذه الحدود للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع.
المطلب الثالث:
حماية ضحايا الإتجار بالبشر في التشريع الكويتي
يقع على عاتق موظفي الدولة القائمين على إنفاذ القانون واجب إنساني وقانوني جلي في معاملة الضحايا من الإتجاربالبشر وفقا لحقوقهم الإنسانية الأساسية التي على رأسها الحق في الأمنوالسلامة،ويزيد من أهمية الضحايا كونهم غالبا من الشهود،وغالبا ما يرغب الضحايا في اللجوء إلى السلطات لعدة أسباب عددتها الأمم المتحدة في:
"الخوف من انتقام المتجرين، الصدمة والعار والخوف من أن تنبذهم أسرهم ومجتمعهم عند عودتهم إلى بلدهم، الأمل في الهروب مرة أخرى أملا في حياة أفضل، انعدام الثقة، نقص المعلومات عن المساعدة المتاحة خصوصا من المنظمات غير الحكومية."
وبالنظر إلى كل ذلك تكون الدولة ملزمة بتوفير الحماية والمساعدة لضحايا الإتجار بالبشر بغض النظر عما إذا كانوا شهودا أم لا،ويفترض أن تشمل هذه الحماية:
"حماية الحرمة الشخصية للضحايا وهويتهم، ضمان السلامة البدنية والنفسية للضحايا، الحماية من المعاملة غير المنصفة."
وقد فصلت الأمم المتحدة في دور النيابة العامة في حماية الضحايا - وعلى وجه الخصوص الضحايا الشهود - إذ أحاطته بجملة من الضمانات التفصيلية،ولدى إسقاط كل ذلك على التشريع الكويتي نجد أنه لم يتطرق سوى لبعض الصلاحيات التي تتمتع بها النيابة العامة في اتخاذ ما تراه مناسبا بغرض حماية ضحايا جريمة الإتجار بالبشر على غرار دورها في التحقيق والتصرف والادعاء إذ تتمتع بالحق في:
"إحالة الضحايا إلى الجهات الطبية أو دور الرعاية الاجتماعية اللازمة حسب الحالة، الإيداع بمراكز الإيواء التي تخصصها الدولة لهذا الغرض حتى يتم إعادتهم إلى الدولة التي يتبعونها بجنسيتهم أو التي يقيمون فيها وقت ارتكاب جريمة الإتجار بالبشر في حقهم، وهو ما يتطلب ضرورة تدخل المشرع لإعادة النظر فيها."
الخاتمة:
خلاصة القول، إن الإتجار بالبشر من أخطر الانتهاكات لحقوق الإنسان، إن لم نقل أنه الأخطر على الإطلاق والأكثر مساسا وحطا بالكرامة الإنسانية،لما ينطوي عليه من خطورة وبعد عن رقابة القانون،بين طرفين تحكمهما اللامساواة، مما يجعل الضحايا في وضع هش،معرضين لكل أنواع الجرائم والانتهاكات دفعة واحدة،وبالنظر للتغيرات المتسارعة التي زادت في حدتها العولمة والانفتاح وقبول الاختلاف،باتت بعض المظاهر مألوفة وجزء من الحياة اليومية للناس،في حين أنها تشكل صور محسنة للاتجار بالبشر،قد نساهم فيها في مجتمعاتنا دون أن نعي خطورتها أو وصفها الحقيقي.
ومن هذا المنطلق فقد تظافرت الجهود الدولية من خلال سن التشريعات الخاصة والعامة لمكافحة ظاهرة الإتجار بالبشر. ومع تطور هذه التشريعات يتفتق الذهن الإجرامي عن سلوك جديد يوماً بعد يوم للتهرب من هذه النصوص، ومحاولة الاستفادة من هذه السلعة الفريدة التي خلقها الله سبحانه وتعالى لتحقيق الأرباح الطائلة على المستوى المحلي والدولي. ومن هذا المنطلق، فقد تطورت محاربة جريمة الإتجار بالبشر من الإباحة والتقنين إلى التجريم وإيقاع أقسى العقوبات على الجناة، وتوحيد الجهود الوطنية والدولية لمحاربة هذه الجريمة والإيقاع بالجناة وإخضاعهم لأقسى العقوبات.
إلا أنه، لا جهود الأمم المتحدة ولا جهود مشرعي العالم تكفي للتصدي لهذه الظاهرة، ما لم يوازيها وعي كافبسلوكياتنا وبمختلف مظاهر الإتجار بالبشر خاصة تلك الحديثة منها،لذا ننوه بالدور الذي يجب أن تلعبه المدارس والجامعات ومؤسسات التكوين من جهة،ومنظمات المجتمع المدني من جهة أخرى،إن في دولة الكويتأو في أية دولة أخرى بالعالم.
قائمة المراجع
أولا :باللغة العربية:
1/المؤلفات:
-إبراهيم الساكت،الإتجار بالبشر المفهوم والتطور،منشور صادر عن وحدة الإتجار بالبشر،الأردن،د.ت.
-ابن منظور جمال الدين محمد بن مكرم،لسان العرب،الجزء الرابع،دار صادر،بيروت،1990.
-أحمد فتحي سرور،الوسيط في قانون العقوبات-القسم الخاص- الطبعة الرابعة،دار النهضة العربية،القاهرة،1991.
-أحمد شوقي أبو خطوة،شرح الأحكام العامة لقانون العقوبات،دار النهضة العربية،القاهرة 1999.
-أكرم عمر دهام،جريمة الإتجار بالبشر،دار الكتب القانونية،مصر،الطبعة الأولى،2011.
-الشمري مهدي محمد،الجهود الدولية لمكافحة الإتجار بالبشر،ورقة مقدمة لمؤتمر الإتجار بالبشر،وزارة الداخلية، أبوظبي،24-25 مايو 2004.
- أميرة عثمان إدريس، الجهود الدولية لمكافحة الإتجار بالبشر، مجلة آفاق الهجرة، مركز السودان لدراسات الهجرة والتنمية والسكان، عدد 4، فبراير 2011.
-حموديأحمد،النظام القانوني لجريمة الإتجار بالأشخاص،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الجنائي،كلية الحقوق،جامعة الجزائر 3،2014-2015.
-خالد مصطفى فهمي،النظام القانوني لمكافحة جرائم الإتجار بالبشر،دار الفكر الجامعي،الإسكندرية،الطبعة الأولى،2011.
- رضا عبد الغفار منصور،العولمة وغسل الأموال،رسالة ماجستير،كلية الحقوق جامعة طنطا،2009.
-سوزي علي ناشد،الإتجار بالبشر بين الاقتصاد الخفي والاقتصاد الرسمي،الدار الجامعية الجديدة للنشر والتوزيع،الاسكندرية،الطبعة الاولى ،2005.
-علي محمد صالح الدباس،علي عليان محمد أبو زيد،حقوق الانسان وحريات ودور شرعية الإجراءات الشرطية في تعزيزها،دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان،2002.
-عيسى بن بريم،حقوق الإنسان وحرياته العامة-مقاربة بين النص والواقع- دار المنهل للنشر،بيروت،لبنان،2011.
- سمر إبراهيم محمد، الإتجار في النساء: رؤية قانونية، آفاق سياسية، المركز العربي للبحوث والدراسات، عدد 8، أغسطس 2014.
-طاهر مصطفى،إطلالة على القانون الاتحادي لمكافحة الإتجار بالبشر،الطبعة الأولى،القيادة العامة للشرطة ،أبو ظبي ،2008.
-مصطفى محقق داماد،الحقوق الاساسية بين الإسلام والمجتمع المدني،دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع،بيروت،الطبعة 1 ،2001.
-محمد علي العريان،عمليات الإتجار بالبشر وآليات مكافحتها،دار الجامعة الجديدة،الطبعة الاولى،2011.
- فتيحة محمد قوراري،المواجهة الجنائية لجرائم الإتجار بالبشر -دراسة القانون الاماراتي والمقارن-مجلة الشريعة والقانون،كلية الشريعة والقانون،جامعة الإمارات العربية المتحدة،السنة 23،العدد 4،2009.
-هاني السبكي،عملياتالإتجار بالبشر،دار الفكر الجامعي،الاسكندرية،الطبعة الأولى،2010.
-وليم نجيب وجورج نصار،مفهوم الجرائم ضد الانسانية،مركز دراسات الوحدة العربية،الطبعة الأولى،2001.
2/التقارير والمنشورات المتخصصة:
- ديفيد فايسبروت والجمعية الدولية لمكافحة الرق إلغاء الرق وأشكاله المعاصرة،منشور صادر عن مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان،جنيف،2002.
-الدليل الارشادي لحماية العمالة المصرية بالخارج من الإتجار بالبشر،الصادر عن اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الإتجار بالبشر،جمهورية مصر العربية،2012. تقرير الفريق العامل المعني بأشكال الرق المعاصرة،الدورة 23 للأمم المتحدة،الفقرة 22،سنة 1998.
-مجموعة أدوات لمكافحة الإتجار بالأشخاص منشور صادر عن الأمم المتحدة في إطار -البرنامج العالمي لمكافحة الإتجار بالبشر،ص 14،منشور على موقع الأمم المتحدة الرسمي.
-تقرير مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان المقدم إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي سنة 2002.
3/النصوص القانونية:
- القانون رقم 16 لسنة 1960 المعدل بالقانون 31 لسنة 1970 المتضمن قانون الجزاء الكويتي.
- القانون رقم 91 لسنة 2013 في شأن مكافحة الإتجار بالأشخاص و تهريب المهاجرين.
ثانيا :باللغة الاجنبية:
1/المؤلفات:
-williamwilsone,criminallaw,doctrine and theory,pearson education ,second edition,2003.
2/المواقع الرسمية:
-www.un.org/documents
-www.achpr.org
-www.africa-union.org/child/
-www.oas.org
-www.umn.edu
-www.int/traffiking