International responsibility resulting from the attack on The lives of Kuwaiti prisoners and others

دور الإتفاقيات الدولية في تعزيز حماية العلامات التجارية

مقدمة تعد العلامة التجارية من أبرز عناصر الملكية التجارية وأكثرها أهمية، حيث تلعب دوراً هاماً في إنجاح المشروع التجاري. وتعتبر العلامة التجارية أحد العناصر المعنوية للمحل التجاري التي تخول مالكها حق الإستعمال والإستغلال والتصرف الجائز قانوناً، وينظر إليها أيضاً باعتبارها مالاً منقولاً معنوياً ذو قيمة اقتصادية بالغة، تتراوح قيمها بين علامة أبل بمبلغ 145 مليار دولار أمريكي ومبلغ 69 مليار دولار أمريكي لعلامة ميكروسوفت، ومروراً بعلامة غوغل 65 مليار دولار أمريكي.( ) كما أنها وسيلة لحماية كل من الابتكار والمنافسة المشروعة اللذان يعدان قرينة للتقدم الاقتصادي في أي مجتمع من المجتمعات، وحازتا على حماية التشريعات الوطنية والدولية على حد سواء. إلا أن التطبيقات العملية لهذه التشريعات ما زالت متعثرة أمام القضاء الوطني، ناهيك عن تواضع الحماية التي تمنحها بعض التشريعات المحلية، مما تسبب في تراكم التناقضات في الأحكام الوطنية، الأمر الذي يهدد الإستثمارات، خاصة العابرة للحدود منها، وهو ما يلحق بالتجارة البينية خسائر تفوق ما تلحقه بها تهديدات السطو والسرقات والإختلاسات. الأمر الذي دفع القانون الدولي من خلال الإتفاقيات الدولية نحو رسم خطوط عريضة للتعامل مع حماية العلامة التجارية وفرض هذه الخطوط على التشريعات الوطنية من خلال اتفاقات دولية ملزمة، الأمر الذي يستحق المزيد من تسليط الضوء. وتهدف هذه الدراسة نحو إلقاء الضوء علي دور القانون الدولي في حماية العلامات التجارية من خلال الاتفاقيات الدولية وتأثيرها على التشريعات الوطنية وهل علاقة هذه الإتفاقيات بالتشريعات الوطنية هي علاقة توافق أم تعارض. الأمر الذي يستدعي استعراض تاريخ العلامة التجارية وما مرت به حمايتها من تطور عبر الأزمنة المختلفة، وإيضاح مفهوم العلامة التجارية سواء من وجهه نظر الفقه أو القانون، وكذلك بيان الأشكال المختلفة للعلامة التجارية، والدور الذي تلعبه في المجتمع، وأهم الشروط اللازم توافرها حتي نكون بصدد علامة تجارية حقيقية تخضع لحماية الإتفاقيات الدولية، وأثر هذه الإتفاقيات بأنواعها على التأصيل والتكييف الشرعي لجرائم الإعتداء علي العلامة التجارية والعقوبات المترتبة علي هذا الاعتداء في التشريعات الكويتية والمقارنة، وبيان مدي توافق أم تعارض الحماية الوطنية مع ما سنته الإتفاقيات الدولية من تشريعات. وسنعتمد في دراستنا لهذا الموضوع منهج الدراسات الوصفية والتحليلية المقارنة من خلال عرض المسائل، وكذلك النصوص التي عالجتها ومن ثم تحليل النص: المنهج الوصفي: وذلك من خلال التأصيل لكل ما يتعلق بالعلامة التجارية سواء في الإتفاقيات الدولية الهامة أوالتشريعات العربية. المنهج التحليلي: وذلك من خلال ذكر النصوص القانونية التي تعالج موضوع الدراسة ومن ثم تحليلها والوقوف علي المراد منها نصا وروحا. المنهج المقارن: وذلك من خلال بيان التشريعات المقارنة واستجلاء مواقف الإتفاقيات الدولية، ومحور دراستنا سيكون بين النظم الثلاثة التالية: المصري والكويتي والسعودي، وهذا بهدف الوقوف علي مدي تناول تلك القوانين للعلامة التجارية بصورة تشريعية كاملة، ومدي توافق تلك القوانين أم تعارضها مع الإتفاقيات الدولية المتعلقة بالعلامة التجارية. خطة البحث : الفصل الاول : ماهية العلامة التجارية المبحث الأول : التطور التاريخى للعلامات التجارية المبحث الثانى : تعريف العلامات التجارية وأهميتها وأشكالها وأنواعها الفرع الأول : تعريف العلامات التجارية الفرع الثاني : أهمية العلامات التجارية الفرع الثالث: أشكال وأنواع العلامات التجارية المبحث الثالث : الشروط اللازم توافرها في العلامة التجارية الفرع الأول : الشروط الموضوعية اللازم توافرها في العلامة التجارية الفرع الثاني : الشروط الشكلية والإجراءات اللازمة لتسجيل وشطب العلامة التجارية الفصل الثاني : حماية العلامة التجارية في الإتفاقيات الدولية وأثرها في التشريعات الوطنية المبحث الأول: دور الإتفاقيات الدولية في حماية العلامات التجارية الفرع الأول: دور إتفاقية باريس بشأن حماية الملكية الصناعية لسنة 1883م الفرع الثاني: دور إتفاقية التريبس TRIPS)) لسنة 1994 المبحث الثاني: تأثير الإتفاقيات الدولية في التشريعات الوطنية لحماية للعلامة التجارية الفرع الأول: تأثير الإتفاقيات الدولية في الحماية المدنية للعلامات التجارية الفرع الثاني: تأثير الإتفاقيات الدولية في الحماية الجنائية للعلامات التجارية الخاتمة

الفصل الاول ماهية العلامة التجارية

قبل الشروع في دراسة التشريعات القانونية ودورها في تنظيم حماية العلامات التجارية، لا بد من التعرف على ماهية العلامة التجارية موضوع هذه الدراسة. وسوف تقسم دراستنا فى هذا الفصل إلى المباحث التالية: المبحث الأول : التطور التاريخى للعلامات التجارية . المبحث الثانى : تعريف العلامات التجارية وأهميتها وأشكالها . المبحث الثالث : الشروط اللازم توافرها في العلامة التجارية .

المبحث الأول التطور التاريخى للعلامات التجارية

عرفت العلامة التجارية، منذ القدم، كأداة للتمييز والتفريق بين الممتلكات ومعرفة مصدرها، فقد عرفها المصريون القدماء وكانوا يستخدمونها للدلالة علي أقاليم مصر القديمة. كما تظهر لوحات الكهوف القديمة، التي عثر عليها في فرنسا، كيف كانت العلامات التجارية تستخدم للمطالبة بملكية الماشية وذلك بحرق جلود الحيوانات بهدف ترك رمز أو شعار الملك، وفي الصين القديمة، وضعت علامات على الفخار، كما استخدمها الهنود بإنتطام علي بضائعهم وكذلك فعل قدماء المصريين واليونانيين والرومانيين. وفي القرن العاشر كانت تسمي علامة التجار وكانت تستخدم لتمييز بضائع كل تاجر عن الآخر، واستخدمت أساسا لإثبات حقوق ملكية السلع لأصحابها والتي كانت تفقد بسبب تحطم السفن، أواستيلاء القراصنة عليها. وفي القرن الثالث عشر سنت قوانين العلامات التجارية لتجنب أي تقليد للمنتجات من شركة معينة إلى أخرى. وفي القرنين الرابع عشر والخامس عشر عندما نشأت النقابات التجارية والحرفية ظهرت الرموز والشعارات كعلامات تجارية للتعريف بهذه الشركات. كما أن النقابات المحلية في كثير من الأحيان كانت . . . تقوم بمعاقبة الأعضاء الذين أنتجوا بضائع معيبة، فكان الصناع والتجار يحرصون على وضع علاماتهم علي بضائعهم وذلك للدلالة علي أن الطائفة التي ينتمون إليها قد عاينت تلك البضائع والسلع، وكذلك أن الرسوم المقررة قد دفعت.( ) وبعد أن تفاقمت القدرة الانتاجية في مشاريع كبيرة، فصاحب ذلك فيض من العلامات التجارية التي ملأت الأسواق، حتي أضحت الحاجة إليها للتعرف على البضائع.( ) وتعتبر تشريعات العلامات التجارية حديثة نسبياً،( ) فقد صدر التشريع المنظم لحماية العلامة التجارية فى الجمهورية الفرنسية فى 25 يونيو 1857، وفى جمهورية مصر العربية صدر القانون رقم 57 لسنة 1939.( ) ومن هنا انتشرت عدوى التشريعات الخاصة بحماية العلامات التجارية حول العالم.( )

المبحث الثانى تعريف العلامة التجارية وأهميتها وأشكالها وأنواعها

ينقسم هذا المبحث إلي ثلاث مطالب هي: الفرع الأول : تعريف العلامة التجارية . الفرع الثاني : أهمية العلامة التجارية . الفرع الثالث : أشكال العلامة التجارية وأنواعها.

الفرع الأول تعريف العلامة التجارية

من الضروري وقبل الخوض في تنظيم وحماية العلامة التجارية، لا بد من أن نستعرض التعريف اللغوي والتشريعي والفقهي للعلامة التجارية.

أولأ: التعريف اللغوي للعلامة التجارية

العلامة لغة هي كل أثر في الشيء للدلالة عليه ومعرفته وتمييزه عن غيره، وهي مشتقة من العلم أي المعرفة.( ) وعلَم أي جعل له علامة، جعلها له أمارة يعرف بها. والعلامة جمع علامات أي السمة والأمارة، ما ينصب فيهتدى به، أو العلامة أو الأثر.( )

ثانياً: التعريف التشريعي للعلامة التجارية

تفاوتت التشريعات في تعريف العلامة التجارية، فالتقت في بعض النقاط واختلفت في بعضها الآخر. وقد عرف القانون الكويتي العلامة التجارية على أنها "كل ما يأخذ شكلاً مميزاً من أسماء أو كلمات أو إمضاءات أو حروف أو رموز أو أرقام أو عناوين أو أختام أو رسوم أو صور أو نقوش أو تغليف أو عناصر تصويرية أو أشكال أو مجموعات ألوان أو مزيج من ذلك أو أية إشارة أو مجموعة إشارات قابلة للإدراك بالنظر إذا كانت تستخدم أو يراد إستخدامها فى تمييز سلع أو خدمات منشأة ما عن سلع أو خدمات المنشآت الأخرى أو للدلالة على تأدية خدمة من الخدمات، أو على اجراء المراقبة أو الفحص للسلع أو الخدمات. ويجوز اعتبار العلامة الخاصة بالصوت أو الرائحة علامة تجارية" ( ) ويعرف المشرع المصري العلامة التجارية بأنها "كل ما يميز منتجاً أو سلعة أو خدمة عن غيرها، وتشمل على وجه الخصوص الأسماء المتخذة شكلاً مميزاً والامضاءات والكلمات والحروف والارقام والرسوم والرموز وعناوين المحال والدمغات والاختام والتصاوير والنقوش البارزة ومجموعة الألوان التي تتخذ شكلا خاصًا ومميزاً، وكذلك أي خليط من هذه العناصر إذا كانت تستخدم أو يراد أن تستخدم إما في تمييز منتجات عمل صناعي أو استغلال زراعي، أو استغلال الغابات أو لمستخرجات الأرض، أو أية بضاعة، وإما للدلالة على مصدر المنتجات أو البضائع أو نوعها أو مرتبتها أو ضمانها أو طريقة تحضيرها وإما للدلالة على تأدية خدمة من الخدمات. وفي جميع الأحوال يتعين أن تكون العلامة التجارية مما يدرك بالبصر."( ) وعرفتها اتفاقية تريبس هلى أنها "كل علامة تكون قادرة على تمييز السلع والخدمات التى تنتجها منشأة ما، عن تلك التى تنتجها منشأة أخرى. وتدخل فى عداد العلامة التجارية الكلمات التى تشتمل على أسماء شخصية والحروف والأرقام والأشكال ومجموعات الألوان أو أى مزيج منها، وهى تصلح جميعها للتسجيل كعلامة تجارية."( ) ومن الغنى عن البيان أن التعداد المتقدم وارد على سبيل المثال لا على سبيل الحصر حين أوردت عبارة (in particular). وقد عدلت اتفاقية التريبس وطورت ما تضمنته التعريف الذي تبنته اتفاقية باريس للملكية الصناعية (تعديل استكهولم 1967) فيما يتعلق بالعلامة التجارية من عدة وجوه أهمها: أن اتفاقية التريبس لم تقصر العلامة التجارية على علامة السلعة، بل أضافت إلى مفهوم العلامة التجارية علامة الخدمة، ومن ثم تسرى على علامة الخدمة كافة المواد التى تعالج العلامة التجارية شأنها فى ذلك شأن علامة السلعة. وقد سارت اتفاقية قانون العلامات التجارية لسنة 1994 فى ذات اتجاه اتفاقية التريبس. وعليه فإن هذه التعريفات وسواها التقت على أن غاية العلامة التجارية هو تمييز السلع والخدمات، من خلال خلق خصوصية تميزها دون سواها بأي عنصر من العناصر سواء اللون أو الشكل أو الخط أو الرائحة أو مزيج منها أو من بعضها، بحيث تعرف السلعة أو الخدمة بهذه العلامة وترتبط بها.

ثالثاً: التعريف الفقهي للعلامة التجارية

اختٌلِف في إعطاء تعريف محدد متفق عليه بين الفقهاء والمهتمين بموضوع العلامة التجارية، فمنهم من عرف العلامة التجارية بأنها: "وسيلة المشروع الاقتصادى لتمييز منتجاته أو خدماته عن غيرها من المنتجات أو الخدمات للمشروعات الأخرى المماثلة، ويتحقق ذلك بواسطة استعمال شارات أو علامات مميزه تلتصق بذهن مستهلكي هذه المنتجات أو طالبي الخدمات فتؤدى إلى رواج السلعة أو الخدمة رواجاً كبيراً بقدر قيمة العلامة التى ترتبط بها."( ) ومنهم من عرفها بأنها "الشعار الذي يتخذه الصانع أو التجار أو الزارع لمنتجاته أو بضائعه أو خدماته وهو الذى يميزه عن المنتجات أو البضائع او الخدمات الأخرى".( ) ومنهم من عرفها بأنها "عبارة عن علامة توسم بها البضائع والسلع والمنتجات تمييزاً لها عما يماثلها من سلع تاجر آخر أو منتجات أرباب الصناعات الأخري".( ) ومنهم من عرفها بأنها "أي علامة، قادرة على أن تكون ممثلة بيانيا، والتي هي قادرة على تمييز السلع أو الخدمات التي تنتجها منشأة ما عن تلك التي تنتجها المنشآت الأخرى".( ) وعلي ضوء ما سبق، نلاحظ بأن كل هذه التعريفات لم تخرج هن حقيقة أن العلامة التجارية هي وسيلة التاجر أو الصانع يقوم بصياغتها أو تركيبها بشكل فريد يمكنه من خلالها تمييز بضائعه ومنتجاته وخدماته عن بضائع ومنتجات وخدمات منافسيه.

الفرع الثاني أهمية العلامة التجارية

تلعب العلامة التجارية دوراً كبيراً في نمو وتقدم وازدهارالمجتمع، فمن خلالها نستطيع تحديد معالم المجتمع فيما إذا كان متقدماً أو متخلفاً، وتمت إحاطتها من قبل الفقه والتشريعات بالعناية والاهتمام الكبيرين والمناداة بضرورة توفير الحماية اللازمة لها من خلال تسجيل العلامة رسمياً علي الصعيدين المحلي والدولي.( ) وتنبع أهمية العلامة التجارية من الوظائف التي تؤديها للصانع أو للتاجر أو لمقدم الخدمة أو للمستهلك والتي تتمثل في:

أولاً: العلامة التجارية أداة تمييز للمنتجات والسلع والخدمات:

تحدد العلامة التجارية المصدر الشخصي للمنتجات والبضائع والخدمات، أي المنتج لها، كما أنها تحدد المصدر الإقليمي، أي جهة الإنتاج. والعلامة التجارية تساعد المستهلك بعدة طرق، فهي تعطي مثلا للمستهلك فكرة عن خصائص السلعة وتؤكد أن شراء نفس العلامة سيعطيه نفس الخصائص في كل مرة يشتري فيها السلعة، وتساعد المشترى للتمييز بين السلع، وتحديد السلعة التي تلبي حاجاته بشكل أفضل. وتستطيع العلامة أيضاً توجيه إنتباه المستهلك نحو السلع الجديدة التي ربما تلبي أو بالفعل تلبي حاجته بشكل أفضل.( ) وتبنت المحاكم الكويتية هذا التوجه بأن أشارت أن "الغرض من العلامة التجارية . . . أن تكون وسيلة لتمييز المنتجات والسلع ويتحقق هذا الغرض بالمغايرة بين العلامات التي تستخدم في تمييز سلعة معينة بحيث يرتفع عنها اللبس فلا يقع جمهور المستهلك في الخلط والتضليل . . ."( )

ثانياً: العلامة التجارية رمز الثقة بصفات المنتجات والبضائع والخدمات:

تعبر العلامة التجارية عن صفات المنتجات أو البضائع التي تميزها، سواء من حيث النوع( ) أو المرتبة( ) أو الضمان( ) أو طريقة التحضير،( ) وذلك يؤدي إلى رفع الثقة بالمنتجات والبضائع، ويكون دافعاً للعملاء لتفضيل هذه المنتجات عن غيرها، مما يدفع مالك العلامة إلى مضاعفة حرصه على سمعة علامته وثقة عملائه بها، فيحرص على الإبقاء على هذه السمعة بذهن العملاء وتحسينها بإتقانه صنع منتجاته والحفاظ على جودتها، فتصبح العلامة محل ثقة عند الجمهور، مما يؤدي إلى سرعة تصريف المنتجات أو البضائع أو الخدمات تحت هذه الثقة، وقد تستمد العلامة قوتها من جودة المنتجات التي ترمز إليها، وعليها فإن العلامة التجارية تحدد مركز المنتج أو الصانع أو مقدم الخدمة بين المنافسين الآخرين( ).

ثالثاً : العلامة التجارية وسيلة للإعلان عن المنتجات والبضائع والخدمات:

تعبتر العلامة التجارية إحدى وسائل الإعلام والإعلان عن المنتجات والبضائع والخدمات، فعن طريقها يتمكن مالكها - التاجر أو الصانع أو مقدم الخدمة – من الإعلان عن بضاعته،( ) باستخدام وسائل الدعاية المختلفة، خاصة الراديو والتلفزيون والمجلات والصحف، وما إلى ذلك، مما قد يؤدي إلى تثبيت العلامة في ذاكرة الناس، فقد أصبح من الصعب تجاهل الدور المؤثر الذي تلعبه الدعاية في جذب العملاء إلى منتجات أو بضائع أو خدمات مشروع معين، لذا يحرص مالك المشروع أن يؤكد لجمهور المستهلكين من خلال الدعاية والإعلان أن منتجاته هذه أفضل وأجود المنتجات الموجودة. هذا وتكمن القيمة الأساسية للعلامة التجارية في قوتها علي تشجيع عمليات البيع والشراء، والعامل الفعال في خلق الثقة وقبول المستهلك، أي أن العلامة التجارية هي التي تُنجِح البضائع،( ) ولكن لا يجب إغفال حقيقة أن البضائع وجودتها وتميزها وثبوتها على هذا المستوى هو الذي ينجح العلامة التجارية ويجعل لها قيمة واستمرارية في التفوق.

رابعاً: العلامة التجارية وسيلة من وسائل المنافسة المشروعة:

تعتبر العلامة التجارية إحدى الوسائل الهامة في إنجاح المشروع التجاري، فهي وسيلته في المنافسة مع غيره من المشروعات على الصعيدين الدولي والمحلي على حد سواء، إذ تهدف إلى جذب العملاء وجمهور المستهلكين. فهي تؤدي وظيفة مزدوجة، إذ تخدم مصلحتين في آن واحد، فهي من جهة تخدم مصلحة التاجر أو الصانع أو مقدم الخدمة، باعتبارها وسيلة هؤلاء لتمييز سلعهم أو بضائعهم أو خدماتهم عن غيرها من السلع أو البضائع أو الخدمات المماثلة أو المشابهة فيصلوا عن طريقها إلى جمهور المستهلكين، ومن جهة أخرى فهي تخدم جمهور المستهلكين، إذ أنها وسيلتهم للتعرف على السلع أو البضائع أو الخدمات التي يفضلونها وتلقى عندهم قبولاً أكثر من غيرها. لذا تعتبر العلامة التجارية وسيلة هامة من وسائل المنافسة المشروعة. وبمجرد الإنحراف عن هذا السلوك، وبدء التاجر في اجتذاب مستهلكين تاجر آخر، أو القيام بأعمال من شأنها أن توهم جمهور المستهلكين أنهم يتعاملون مع تاجر وفي واقع الأمر هم يتعاملون مع غيره، فإننا نكون قد ولجنا في حلبة المنافسة غير المشروعة.

خامساً: العلامة التجارية ضمان لحماية جمهور المستهلكين:

تعتبر التجارة من أهم أوجه النشاط البشري فائدة، لما فيها من أرباح كثيرة، فتكون مصدر إغراء لأصحاب النفوس الضعيفة في إتباع ضروب الاحتيال والغش، في ترويج صناعاتهم أو بضائعهم أو خدماتهم، بإخفاء عيوبها بهدف استمالة جمهور المستهلكين بصورة تضليلية. وهنا تلعب العلامة التجارية دوراً أساسياً في حماية المستهلكين من ضروب الغش والاحتيال من خلال الرجوع على هؤلاء قانونياً.( ) واستقرت أحكام القضاء على أن "الغرض من العلامة التجارية، هو أن تكون وسيلة لتمييز المنتجات والسلع، ويتحقق هذا الغرض بالمغايرة بين العلامات التي تستخدم في تمييز سلع معينة بحيث يرتفع عنها اللبس فلا يقع جمهور المستهلكين في الخلط والتضليل . . ."( ) اليوم، أصبح من الصعب التلاعب على جمهور المستهلكين أو تضليلهم، حيث أن القوانين الخاصة بحماية المستهلكين أصبحت تترى، ومن ذلك قوانين العلامات التجارية والاتفاقيات الدولية الخاصة بها.

الفرع الثالث أشكال العلامات التجارية وأنواعها

نتناول في هذا المبحث أشكال العلامات التجارية وأنواعها.

أولأ: أشكال العلامات التجارية

أوردت العديد من التشريعات أشكال للعلامة التجارية، علي سبيل المثال لا الحصر،( ) ولا تخرج هذه الأشكال عن الآتي: 1) الأسماء المتخذة شكلا مميزاً والإمضاءات: يجوز للتاجر أو الصانع أن يتخذ من اسمه علامة تجارية ولكن يشترط أن يستعمله بشكل خاص ومميز، والإمضاءات بالطبع ما هي إلا كتابة لاسم التاجر أو الصانع أو مقدم الخدمة بطريقة خاصة ومن ثم فيمكن اعتبارها علامة تجارية، ومن أمثلتها علامة (كريستيان ديور CD) عن الملابس والإكسسوارات، وعلامة (ليبتون Libton) عن الشاي، وعلامة (فورد Ford) و(مرسيدس Merceedes) عن السيارات.( ) وبهذا الشأن استقرت أحكام القضاء على أنه "إذا كان مجموع من الأسماء يكون اسماً جديداً مميزاً فإن ذلك يصلح لأن يكون علامة تجارية، لأن الحماية تكون لمجموع هذه الكلمات وليس لكل كلمة علي حدة، وعلي ذلك إذا كان إسم التاجر يمثل إسم تجارياً لمتجر وفي الوقت ذاته علامة تجارية متميزة خضع للحماية القانونية، وأصبح الاعتداء علي الإسم بالتقليد أو التزوير أو الاغتصاب جريمة معاقب عليها، مثال نستله".( ) يمكن استخدام الأسماء الجغرافية كعلامة تجارية إذا استخدم إسم الإقليم أو الإسم الجغرافي إلى جانب علامة تجارية مميزة وفي هيئة شكل فارق ومميز، كما لو كتب إسم الرافدين.( ) وقد رفضت إدارة العلامات التجارية بدولة الكويت تسجيل العلامة التجارية (عود كمبودي) لأن فيه دلالة جغرافية على جمهورية كمبوديا، كما رفضت إدارة العلامات التجارية في المملكة العربية السعودية تسجيل علامة (Damascus) لأن فها دلالة على الجمهورية العربية السورية، مما قد يتسبب في تضليل الجمهور وخلق ايحاء لديهم بمكان صنع المنتج. والجدير بالذكر أنه لا يجوز استعمال الأسماء الشخصية (أحمد وعلي) كعلامة تجارية، وذلك لتشابه الأسماء. ولكن يجوز استخدام اسم أحد المشاهير القدامي في العصور القديمة أو الوسطي.( ) 2) الكلمات: يجوز اتخاذ أى كلمة من الكلمات المبتكرة كعلامة تميز نوعا معينا من المنتجات أو السلع أو الخدمات وبشرط ألا تكون هذه الكلمة وصفية على المنتجات أو تعتبر من التسميات التى يطلقها العرف على ذلك المنتج أو ترقى بمرتبة المنتج وتصفه بالتفوق على غيره من المنتجات المماثلة ومن أمثلتها (كوداك) عن آلات التصوير و(بيبسى) أو (كوكا كولا) عن المشروبات الغازية و(نايكى) و(أديداس) عن الملابس الرياضية.( ) 3) الحروف والأرقام: قد تكون العلامة التجارية مكونة من حروف أو أرقام أو كلاهما كعلامة تجارية، ولكن هذا لا يمنع من استعمال علامة مكونة من أرقام فقط أو حروف فقط ومن أمثلتها (بوينج 747)، (بوينج 737) وعلامة (555) على المنتجات العطرية وعلامة (LM) عن السجائر. إلا أنه لا يجوز تسجيل الرقم كعلامة تجارية إذا كان هذا الرقم يؤلف بمفرده علامة تجارية مثل (999)، أما إذا كان هو جزء من العلامة أو أنه كفيل بمنع وقوع جمهور المستهلكين في الخلط والتضليل فعندها لا يوجد في القانون ما يمنع تسجيله.( ) 4) الرسوم والرموز والتصاوير: يقصد بالرسوم أي تصميم كمنظر طبيعي أو مناظر مشتقة من الخيال توضع في إطار محدد لإظهار شكل ما، وذلك متي أخذت هذه الرسوم صفة الابتكار والتمييز.( ) أما الرموز فهي تلك الرسوم المرئية المجسمة كصورة نجمة أو وجه إنسان أو حيوان أو شجرة أو كغزال أو أسد أو هرم غيرها.( ) أما بالنسبة للتصاوير كشكل من أشكال العلامة التجارية فهي الصور الفوتوغرافية للإنسان، كأن يستعمل أحد الأشخاص صورته الشخصية كعلامة تجارية أو صورة الغير بشرط الحصول علي موافقته.( ) 5) الدمغات والأختام والنقوش البارزة: الدمغات هي العلامات المحفورة، أما الأختام فهي العلامات التي تظهر علي المواد المستعملة في إحكام غلق الأوعية أو الزجاجات أو الصناديق كالشمع والرصاص، أما النقوش فهى الرسوم والأرقام والكلمات البارزة.( ) 6) الألوان: استقر القضاء على أن الألوان لا تصلح بذاتها لتمييز المنتجات إلا إذا كانت متجانسة، وتكون في مجموعها طابعاً خاصاً ومتميزاً. فلا شك أن الألوان كعنصر بصرى يمكن أن يكون له تأثير على المستهلك إذا استعملت بطريقة مميزة مثل الشريط الأحمر فالأبيض فالأحمر فى معجون الأسنان (سيجنال 2).( ) 7) العلامات الصوتية: ظهرت فى الآونة الأخيرة نوع جديد من العلامات وسجل منها البعض فى الولايات المتحدة الأمريكية وهذه العلامات عبارة عن نغمة موسيقية صوتيه مثل علامة زئير الأسد الخاصة بشركة سينمائية. وعلى الرغم من محاولات حصر أنواع العلامات التجارية إلا أن التطور السريع فى مجال التكنولوجيا والاتصالات انعكس على صياغة اتفاقية التريبس بالتوجه نحو التوسع فى هذه الصور وعدم حصرها نظرا لصعوبة مواكبة التكنولوجيا ومبتكراتها التي تنعكس على التطور في عالم العلامات التجارية.( ) وقد تباينت التشريعات المحلية والمقارنة بين الأخذ بهذا الاتجاه، حيث استخدم المشرع السعودي في المادة 1 من نظام العلامات التجارية السعودي عبارة "أو أي إشارة أخري"، وبذلك تكون العلامات الواردة في القوانين المقارنة إنما وردت علي سبيل المثال لا الحصر، وبين القانون الكويتي الموحد للعلامات التجارية والذي رفض في المادة 2 منه فتح الباب على مصراعيه، وحدد أنواع العلامات التجارية على يسبيل الحصر.

ثانياً: أنواع العلامات التجارية

لقد أعطى المشرع الكويتى مفهوماً واسعاً للعلامات التجارية، فلم تعد تقتصر بمفهومها على العلامة التي تستخدم في تمييز بضائع التاجر والصانع فقط، بل امتدت لتشمل بمفهومها جميع أنواع العلامات التجارية التي تستخدم في تمييز المنتجات بوجه عام مهما كان مصدر إنتاجها، وتمييز الخدمات مهما كان نوعها.( ) وبذلك يمكن تقسيم العلامات التجارية إلى نوعين :- 1) علامة المنتجات: وهى التى تستخدم لتمييز مشروع معين عن غيرها من المنتجات المماثلة وهذا النوع ينقسم بدوره إلى نوعين:- أ - العلامة الصناعية: وهى التى يتخذها المنتج أو الصانع لتمييز السلع المصنعة عن مثيلاتها. ب - العلامة التجارية: وهى التى يستخدمها التاجر لتمييز البضائع التى يقوم ببيعها بصرف النظر عن مصدرها. 2) علامة الخدمة: هى التى تستخدم لتمييز خدمه تقدم للجمهور ومن أمثلتها العلامة المميزة لشركات الطيران والصرافة والفنادق والمنشآت السياحية وشركات الدعاية والإعلان.( ) وهي علامة تتمتع بذات الحماية التي تتمتع بها علامة الخدمات، إلا أنها لم تحز على هذه الحماية منذ البداية ولكن الحاجة ظهرت وتطورت الحماية لتشمل كلتا الشقين المنتجات والخدمات كما سنسهب لاحقاً. 3) العلامات الجماعية: العلامة الجماعية هي العلامة التي تستخدمها أو يراد أن تستخدمها مشروعات مختلفة بالنسبة لمنتجاتها أو خدماتها تحت مراقبة أو فحص مالك هذه العلامة . ويكون مالك العلامة الجماعية شخصاً اعتبارياً خاصاً أو عاماً.( ) وقد جاء القانون الكويتي خالياً من أي إشارة إلي هذا النوع من العلامات إلا أن بعض التشريعات العربية والأجنبية أشارت إليها لدورها الفعال في الحياة التجارية العملية.( )

المبحث: الثالث الشروط اللازم توافرها في العلامة التجارية

تتمثل الشروط الواجب توافرها في العلامة التجارية في الشروط الموضوعية والشروط الشكلية وفقاً للتفصيل التالي:

الفرع الأول: الشروط الموضوعية اللازم توافرها في العلامة التجارية

تتمثل الشروط الموضوعية اللازم توافرها في العلامة التجارية في شرط الصفة المميزة (الفارقة) وشرط الابتكار وشرط المشروعية.

أولاً: أن تكون العلامة التجارية مميزة:

العلامة التجارية أيا كان شكلها أو صورتها يجب أن تتصف بصفات تميزها، ومعنى ذلك أنه يشترط فى العلامة التجارية أن تكون لها ذاتيتها المستقلة والخاصة تميزها عن غيرها من العلامات الأخرى المستخدمة لسلع مماثلة. واشتراط هذه الصفة فى العلامة التجارية أمر أساسي حتى تؤدى العلامة التجارية الغرض من استخدامها. فوظيفة العلامة التجارية هى تمييز المنتجات لجمهور المستهلكين، وعلى ذلك لا تصلح أن تكون علامة تجارية أى رمز أو اسم أو كلمة عادية أو حرف معروفاً للجميع أو شائع استعماله، فإذا لم تكن العلامة مميزة فقدت الشرط الأساسى فى العلامة التجارية، وبالتالى فقدت استحقاقها للحماية القانونية، ولا يقصد من اشتراط العلامة التجارية المميزة أن تتخذ شكلاً مبتكراً أو عملاً فنياً أو مبهراً، وإنما كل ما يقصده هو تمييز العلامة التجارية عن غيرها من العلامات التى توضع على ذات السلع لمنع حصول اللبس لدى المستهلك العادي.( ) وقضت محكمة النقض المصرية أنه ليس الفيصل فى التمييز بين علامتين هو احتواء العلامة على حروف أو رموز أو صور مما تنطوى عليها العلامة الأخرى، وإنما العبرة بالصورة العامة التى تنطبع فى الذهن نتيجة لتركيب هذه الصور أو الرموز أو الشكل الذى تبرز به فى علامة أخرى بصرف النظر عن العناصر المركبة فيهما وعما اذا كانت الواحدة فيها تشترك فى جزء أو أكثر مما تحتويه الأخرى.( )

ثانياً: أن تكون العلامة التجارية مبتكرة:

لا يكفى أن تكون العلامة التجارية مميزة بل يجب أن تكون جديدة ومبتكرة، والمقصود بهذا الشرط هو عدم سبق استعمالها على ذات السلعة أو المنتجات أو الخدمات المراد استخدامها عليها من قبل منتج أو تاجر أو مقدم خدمة آخر. والعلامة التجارية تعتبر جديدة ومبتكرة ولو سبق استعمالها على نوع آخر من السلع، فالعبرة باستعمالها على ذات السلعة أو الخدمة. كذلك لا تفقد العلامة عنصر الابتكار فيها اذا استعملت خارج اقليم دولة ما، أى فى اقليم أجنبى، الا اذا كانت العلامة مسجلة داخليا أو ذات شهرة عالمية. وتعتبر العلامة أيضا جديدة ومبتكرة إذا كانت قد تركت من صاحبها ومرت المدة القانونية لحمايتها ولم يقم بالتجديد وفقا للشروط القانونية.

ثالثاً: أن تكون العلامة التجارية مشروعة:

تعتبر العلامة التجارية غير مشروعة متى ما خالفت نصاً قانونياً آمراً أو جاءت مخالفة للنظام العام أو حسن الآداب. وتقضى التشريعات المتعلقة بالعلامات برفض تسجيل الشارات التى تكون مخالفة للآداب والنظام العام. ويشير القانون النموذجى للوايبوWIPO على هذا السبب لرفض التسجيل طبقا للمادة (5/1/هـ) ويذكر القانون على سبيل المثال الصور الداعرة وشعارات السلطة العامة أو الأحزاب السياسية المحظورة، وفضلا عن ذلك تحمى الدولة بصفة عامة أعلامها الوطنية واسمها الرسمي وأسماء مؤسساتها الرسمية، وتقضى المادة (6/ثالثا) من اتفاقية باريس لعام 1883 بضرورة التزام الدول الأعضاء بحماية الشارات التى تعلن عنها غيرها من الدول والمنظمات الحكومية الأخرى، الأمر الذى يترتب عليه عدم جواز استعمال هذه الشارات كعلامة تجارية.( ) لكن الخلاف يثور عندما تختلف المعايير بين الدول، فما يعتبر محظوراً في دولة ما ولا يصلح أن يكون علامة تجارية قد يكون مشروعاً في دولة أخرى ولا يصلح أن يكون علامة تجارية، فتثور مسألة أولوية التطبيق لصالح المنهج الوطني للحظر أو للمنهج الدولي للإباحة. ولا بد من الإعتراف في هذا المقام أن التشريعات الدولية بدأت تطغى على التشريعات الوطنية، وتفرض سياستها على السياسة الوطنية كغلامة تجارية، لا كمنتجات أو خدمات تجارية، فيجوز أن تكون العلامة التجارية لنوع من أنواع الكحول على بعض الملابس، إلا أن منتج الكحول يحظر استيراده. ومن ذلك منتج الكحول (RED LABEL) محظور في بعض دول الخليج، إلا أن منتج الشاي لنفس العلامة التجارية من أروج منتجات الشاي في الخليج.

الفرع الثاني: الشروط الشكلية والإجراءات اللازمة لتسجيل وشطب العلامة التجارية

متي إكتملت الشروط الموضوعية للعلامة التجارية التي يتطلبها القانون فإنها لا تكتسب الحماية القانونية مباشرة، وإنما لا بد من توافر الشروط الشكلية،( ) والتي لا يمكن لها أن تتحقق إلا بتوافر الأدوات والوسائل لخدمة من يحتاجها، كوجود سجل خاص بالعلامات لخدمة من يتقدم للتسجيل وتتوافر فيه الشروط وأن تتبع الإجراءات المقررة قانوناً.

أولاً: الأشخاص الذين لهم حق طلب تسجيل العلامة التجارية:

وفقاً لقانون العلامات التجارية الكويتي فإن حق طلب تسجيل العلامة التجارية يثبت لـ "1- كل شخص طبيعي أو معنوي يتمتع بجنسية أي من دول المجلس (التعاون)، سواء كان صاحب مصنع أو منتج أو تاجر أو حرفي أو صاحب مشروع خاص بالخدمات، 2- الأجانب الذين يقيمون في أي من دول المجلس ويكون مصرحاً لهم بمزاولة عمل من الأعمال التجارية أو الصناعية أو الحرفية أو الخدمية، 3- الأجانب المنتمون إلى دولة عضو في اتفاقية دولية متعددة الأطراف تكون الدولة من دول المجلس طرفاً فيها أو المقيمون في تلك الدولة، 4- المصالح العامة.( ) أي أن حق تسجيل العلامة يثبت للصانع الذي قد يكون شخصاً طبيعيا أو اعتباريا خاصاً أو عاماً مواطناً من دول مجلس التعاون أو سواها. وفي نفس الإتجاه ذهب نص المادة 66 من القانون المصري، والتي تبنت حكم المادة 1/3 من اتفاقية التريبس، بشأن منح حق تسجيل العلامة التجارية لكل شخص طبيعي أو اعتباري من المصريين أو من الأجانب الذين ينتمون أو يتخذون مركز نشاط حقيقي وفعال لهم في في إحدى الدول أو الكيانات الاعضاء في منظمة التجارة العالمية أو التي تعامل جمهورية مصر العربية معاملة المثل.( ) وكذا منح نظام العلامات التجارية السعودي أصحاب الحق فى تسجيل العلامات التجارية وحصرهم بـ"الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين المتمتعين بالجنسية السعودية، والأجانب الذين يقيمون في المملكة عادة ومصرح لهم بمباشرة عمل من الأعمال التجارية أو الأعمال الحرفية، والأجانب الذين ينتمون الى دولة تعامل المملكة بالمثل والمصالح العامة.( ) ولم تخرج معظم التشريعات العربية عن هذا الفلك.( ) إلا أن التطبيق العملي لتسجيل العلامات التجارية ينحرف قليلاً عن النص، ومن ذلك ما يتطلبه السجل التجاري في سلطنة عمان من ضرورة تقديم السجل التجاري لصاحب العلامة التجارية، والذي يترتب عليه استحالة تسجيل العلامة التجارية إلا باسم الأشخاص المعنوية، واستبعاد الأفراد الطبيعيون من ذلك الحق.

ثانياً: وضع سجل خاص لتسجيل العلامات التجارية:

أوجبت المادة 6 من قانون العلامات الكويتي، كما في جل التشريعات المقارنة، علي وزارة التجارة والصناعة الاحتفاظ بسجل للعلامات التجارية يتولى شئونه قسم العلامات التجارية التابع لإدارة التسجيل التجاري، يثبت فيه جميع العلامات التجارية التى تمنح الموافقة اللازمة من المسجل، حيث يتم تخصيص صفحة فى سجل العلامات التجارية لكل علامة تتضمن الرقم المتتابع للعلامة؛ وتاريخ تسجيلها؛ واسم مالكها ولقبة ومهنته؛ والبضائع والمنتجات المخصصة لها العلامة؛ والجهة التى يوجد بها المحل التجارى أو مشروع الإستغلال الذي يستخدم العلامة؛ والإشتراطات التى فرضها السجل لحصول التسجيل إن وجدت؛ والتعديلات والإضافات التى قد تٌدخَل على التسجيل؛ وإنتقال ملكية العلامة.( ) ولكل شخص الحق في الإطلاع على هذا السجل، والحصول على مستخرجات منه وفقاً للوائح المقررة لتنظيم العمل في السجل.( ) يقدم طلب التسجيل على نموذج معين يوفره قسم سجل العلامات التجارية، ويكون كل طلب مقصور على تسجيل علامة تجارية واحدة عن فئة واحدة أو أكثر، مع إرفاق المستندات الضرورية.( ) ويحصل بعدها طالب التسجيل على شهادة مؤقتة، تمهيداً لفحص العلامة ونشرها في الجريدة الرسمية. وتعتبر الشهادة المؤقتة بمثابة وصل تقديم من جهة الإدارة، إلا أنه لا يرتب إصدارها أي التزام على جهة الإدارة بضرورة إتمام التسجيل. إلا أن فائدة الشهادة المؤقتة يتمثل في تحديد التاريخ الذي تنسحب إليه بدء ملكية العلامة في حال صدور الشهادة الدائمة أو حال صدور حكم بتسجيل العلامة. وكذلك حال تقدم أكثر من شخص لتسجيل ذات العلامة، فتكون الأولوية للأسبق بالتقديم بموجب تاريخ وساعة اصدار الشهادة المؤقتة. إلا أن الملفت للنظر في معظم الدول وإن تمت الإشارة إلا أنه لا توجد أية إشارات على ساعة التقديم، مما يفتح باب التنازع حال الاختلاف بشأن الأسبقية بين المتقدمين بذات اليوم، الأمر الذي يستوجب معه إضافة الساعة والدقيقة والثانية التي تم خلالها إصدار الشهادة المؤقتة. وبعد إصدار الشهادة المؤقتة، فإما أن تجتاز العلامة مرحلة الفحص وتنتقل إلى النشر، أو أن تفشل في الفحص ويتم رفضها بخطاب رسمي من المسجل. وفي جميع الأحوال يملك المسجل فرض ما يراه لازماً من القيود والتعديلات لتحديد العلامة التجارية وتوضيحها على وجه يمنع التباسها بعلامة أخرى سبق تسجيلها.( ) وبناء على ذلك يجوز للمسجل قبل البت فى طلب التسجيل سماع أقوال الطالب أو وكيله وتكليفه بتقديم البيانات والمستندات التى يؤيد بها طلبه. وللمسجل أن يكلف الطالب بأن يدخل تعديلات علي العلامة لتحديدها وتوضيحها علي وجه يمنع التباسها بعلامة أخرى سبق تسجيلها أو لأى سبب آخر يراه.( ) ويحدث ذلك عادة في العلامات البسيطة التي تتكون من كلمة عامة، والتي تستدعي ربطها بكلمة أخرى أو لون ما لتكون مميزة كعلامة تجارية. فقد سبق للمسجل في دولة الكويت طلب ادخال تعديلات على علامة تجارية ذات أبعاد ثلاثية تتمثل في قنينة عطر، وذلك لتشابهها مع الكثير من القنينات المستخدمة بالسوق، وكان الطلب يتمثل بإدخال تعديلات خاصة بصاحب العلامة وكفيلة بحماية منتجاته دون حرمان الآخرين من استخدام ذات الشكل العام. ويمكن أن يتم هذا الطلب شفاهة وقبل استلام العلامة رسميا، كما يمكن أن يكون بخطاب رسمي بعلم الوصول.( ) وبعد اجتياز العلامة التجارية لمرحلة الفحص بنجاح، يتم النشر عنها في الكويت في الجريدة الرسمية، في ثلاث أعداد متعاقبة، أما في مصر فيتم النشر في جريدة العلامات التجارية والتصميمات والنماذج الصناعية، دون ذكر مرات النشر، وفي السعودية بالجريدة الرسمية خلال ستة أشهر من استلم الإعلان من المسجل، ودون ذكر عدد مرات النشر.( ) ومن شأن تكرار النشر الذي أخذ به المشرع الكويتي أن يوفر المزيد من الحماية والإستقرار في النشاط التجاري حيث يزيد من فرص نشر العلامة وتقليل سقوط السهو ممن يراقب هذا التسجيل. ولقد أجاز القانون الكويتي لأي شخص أن يعترض لدي المسجل علي تسجيل العلامة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الإعلان الأخير بواسطة إخطار خطي، وفي النظام السعودي الإعتراض خلال تسعين يوماً من تاريخ النشر،( ) أما المشرع المصري فقد تبنى الستين يوماً مهلة للاعتراض على تسجيل العلامة التجارية.( ) وعلى المسجل أن يبلغ طالب التسجيل بصورة من الاعتراض. وعلى طالب التسجيل أن يقدم للمسجل خلال ثلاثين يوماً رداً مكتوباً على هذا الاعتراض، وعلي المسجل إصدار قراره في المعارضة خلال ثلاثين يوم من تاريخ وصول رد طالب تسجيل العلامة علي المعارضة.( ) فإذا لم يصل الرد في الميعاد المذكور اعتبر طالب التسجيل قد تخلي عنه.( ) وفي هذه الحالة يتم إرسال خطاب للمعارض بموجبه يخطر بعدم رد صاحب العلامة وبالتالي يعتبر تنازلاً عنها. إلا أن المسجل في السعودية لا يملك إلا ايقاف اجراءات التسجيل حال الإعتراض وذلك حتى تفصل المحكمة بأمره، وذلك لأن الإعتراض يتم أمام ديوان المظالم (المحكمة الإدارية) وترسل صورة منه إلى المسجل.( ) وفي حالتي الكويت ومصر والدول التي انتهجت نهجهما، وقبل أن يفصل المسجل في الاعتراض المقدم إليه، فإنه يسمع الطرفين أو أحدهما إذا تطلب الأمر ذلك. ويمكن للمسجل في دولة الكويت الحق في المضي في تسجيل العلامة التجارية متى رأى أن المعارضة غير جدية، شريطة أن يكون قراره مسبباً. أما هذه السلطة التقديرية فلا يملكها المسجل في مصر، حيث أنه ملزم بسماع دفاع صاحب العلامة وصاحب الإعتراض، تمهيداً لاتخاذ قراره.( ) وعلى المسجل في جميع الأحوال أن يخطر الطرفين بقراره خلال أسبوعين من تاريخ صدوره وذلك بكتاب مصحوب بعلم الوصول.( ) وللشخص المتضرر الطعن أمام المحكمة الكلية خلال عشرة أيام من تاريخ إخطاره بالقرار.( ) وبعد إتمام عملية التسجيل سواء بقبول تسجيلها أو صدور حكم قضائي نهائى بذلك، يمنح المسجل لمالك العلامة (شهادة تسجيل علامة تجارية) تشتمل على كافة البيانات الواردة بطلب التسجيل، وينسحب أثر التسجيل إلى تاريخ تقديم الطلب.( ) ولا يعتبر تسجيل العلامة التجارية منشئاً للحق وإنما كاشفاً له، وما تسجيل العلامة التجارية إلا قرينة بسيطة تقبل اثبات العكس بشأن ملكية من سجل العلامة. وأكبر دليل على ذلك أحكام القضاء التي تترى لشطب علامات تجارية سجلت دون وجه حق. ومن ذلك ما ورد في حكم محكمة التمييز بدولة الكويت بأن "أسبقية تسجيل العلامة لا يكسب بذاته أفضلية على من تثبت أسبقيته في استعمال العلامة."( ) كما أقرت المحاكم الإماراتية في إمارة دبي ملكية العلامة التجارية لشخص أثبت أنه اتفق مع شركة تصميم على تصميم العلامة في عام 2000، بينما قامت شركة بتسجيلها في فرنسا عام 2003، وذلك بالاستناد إلى مبدأ أسبقية الإستعمال.( ) كما استقر العمل بالمحاكم الكويتية على أن "ملكية العلامة التجارية . . . لا تستند إلي مجرد التسجيل بل أن التسجيل لا ينشىء بذاته حقاً في ملكية العلامة إذ أن هذا الحق وليد إستعمال العلامة ولا يقوم التسجيل إلا قرينة علي هذا الحق يجوز دحضها لمن يدعي أسبقيته في إستعمال العلامة إلا أن تكون قد إستعملت بصفة مستمرة خمس سنوات علي الأقل من تاريخ التسجيل دون أن ترفع بشأنها دعوى للحكم بصحتها."( ) ويجوز لمالك العلامة التي سبق تسجيلها في أي وقت أن يقدم طلبا لإدخال أى تعديلات أو اضافات على علامته بحيث لا تمس ذاتيتها مساساً جوهرياً، ويخضع ذلك لسلطات المسجل.( ) ومن شأن ذلك أن يسهم في تطوير الأنشطة التجارية ومواكبتها للتطورات، فعلى سبيل المثال العلامة الصوتية الموسيقية التي تواكب زمن ما، فليس من الضروري أن تبقى جاذبة لجمهور المستهلكين بمرور الزمن. إلا أن المشرع المصري بعد أن سمح بحذف بعض المنتجات الخاصة بالعلامة حظر الإضافة على هذه المنتجات،( ) وهو موقف مستغرب طالما أن هذا التعديل خاضع لجميع اجراءات تسجيل العلامة من نشر ومعارضة!! وتسجيل العلامة التجارية، لا يعني أنها أضحت مقدسة غير قابلة للشطب، فهناك ظروف معينة يمكن من خلالها شطب العلامة التجارية، كما سنوضح لاحقاً. وبعض الدول، كالمملكة العربية السعودية، تسمح باتخاذ هذه الإجراءات الكترونيا، دون حاجة للمثول أما المسجل، إلا أنها لا تسمح بذلك في الوقت الحالي إلا للأفراد والمؤسسات من داخل المملكة العربية السعودية. وقد اقتدى المسجل الكويتي بالمسجل في المملكة العربية السعودية حيث بدأت اجراءات التسجيل في دولة الكويت بالتحول من التسجيل اليدوي إلى التسجيل الإلكتروني مع نهاية العام 2015.

ثالثاً: شطب العلامة التجارية والآثار المترتبة عليها:

الغاية من حماية العلامة التجارية من خلال تسجيلها هو تحفيز النظام الإقتصادي وحماية حقوق أصحاب العلامة، إلا أنه متى ما شكلت هذه العلامة المسجلة تهديدا لهذه الحقوق والنظام الإقتصادي، فإنها تشطب، ويكون الشطب إما إدارياً أو قضائياً. أ- الشطب الإداري: يشطب المسجل العلامة التجارية من سجل العلامات إذا انقضت مدة الحماية القانونية للعلامة دون تقديم طلب التجديد. وقد نص المشرع الكويتي على أن يقوم المسجل بهذا الشطب من تلقاء نفسه وخلال الستة أشهر التالية لإنتهاء مدة الحماية، بعد إخطار مالك العلامة كتابة خلال الشهر التالى لإنتهاء مدة الحماية.( ) أما المشرعان المصري والسعودي فقد فتحا باب تجديد العلامة خلال السنة الأخيرة لحمايتها ولمدة ستة شهور بعد ذلك.( ) إلا أن المشرع المصري فرض رسوماً على التجديد اللاحق على انتهاء مدة الحماية.( ) إلا أن هذا شطب المسجل للعلامة التجارية ولأي من الأسباب سالفة البيان، لا يمنع ذوي الشأن من اللجوء إلى جهة الإدارة للطعن في صحة وسلامة هذا القرار. ولا تعتبر جهة الإدارة من ذوي الشأن لأان تسجيل العلامة التجارية يكون بيدها، أما بعد التسجيل فإن الإختصاص ينعقد للمحكمة من خلال دعاوى ذوي الشأن من غير المسجل. وقد حكمت المحاكم السعودية بانعدام الصفة للمسجل في الطعن على تقليد العلامة التجارية لانعدام المصلحة. ب- الشطب القضائى: لكل ذى شأن أن يطلب من المحكمة شطب العلامة التي سجلت دون وجه حق، ولا يتم ذلك إلا إذا قدم ذو الشأن للمسجل حكماً قضائياً حائزاً على حجية الحكم المقضى.( ) وللمحكمة كذلك أن تحكم بالشطب بناءً على طلب صاحب المصلحة إذا لم تستعمل العلامة بصفة جدية لمدة خمس سنوات متتالية إستعمالا ظاهراً هادئاً أي خال من المنازعات، ما لم يقدم المالك ما يبرر عدم الاستعمال.( ) وقد رفضت محكمة الإستئناف بدولة الكويت وأيدتها محكمة التمييز احتساب مدة الإستخدام بصفة وكيل العلامة ضمن مدة الإستخدام الظاهر والهادئ، وبموجبه حكمت بشطب العلامة التجارية لعدم اكتمال المدة.( ) وفى جميع الأحوال علي المسجل نشر الشطب بالجريدة الرسمية.( ) وقد نصت محكمة الإستئناف بأن "المستأنفة هي التي تتمتع بالحماية القانونية المقررة . . . ومنها الحق المطلق في منع جميع الأطراف التي لم تحصل على موافقتها في استخدام تلك العلامة ذاتها أو أي علامات مماثلة في أعمالها التجارية ويكون طلبها بمحو وشطب العلامات التجارية المسجلة باسم المستأنف ضده الأول على سند صحيح من الواقع والقانون . . ."( ) كما أيدت محكمة التمييز حكم الإستئناف الذي قرر شطب العلامة التجارية المسجلة باسم الشركة التي يمثلها الطاعن وذلك لأحقية المطعون ضدها الأولى لتلك العلامة.( ) كما ذهبت محكمة الإستئناف في دولة الكويت إلى أبعد من ذلك، إذ ألزمت المسجل بتحويل العلامة التجارية المطلوب شطبها من اسم المستأنف إلى اسم المستأنف عليه، وجاء سندها في أن المستأنف حين قام بتسجيل العلامة إنما قام بذلك بصفته وكيلاً عن المستأنف ضدها.( ) وفي جمهورية مصر العربية ثار نزاع بين شركة سيلا للزيوت الغذائية وبين الشركة العربية للإستيراد والتصدير لقيامها بتسجيل العلامة التجارية SILA تحت رقم 156171 سجلت بموجبه دعوى أمام مجلس الدولة ( محمكة القضاء الإدارى ) والتى قيدت برقم 31764 لسنة 60 ق ضد وزير التجارة والصناعة لطلب شطب هذه العلامة إستناداً إلى كون SILA هو الأسم التجارى للشركة بالإضافة إلى أسبقية إستعمال العلامة فى الأسواق المصرية منذ سنوات وعملاً بأحكام القانون رقم 82 لسنة 2002 صدر حكم بتاريخ 9/2/2008 بشطب تسجيل العلامة. وبذلك فقد اعتبر القضاء السد الثاني لحماية العلامة التنجارية من الأخطاء والتعديات المحتملة أمام جهة الإدارة.

الفصل الثاني حماية العلامة التجارية في الاتفاقيات الدولية وآثارها في التشريعات الوطنية:

حماية العلامة التجارية أخذت بعداً عالمياً يتجاوز حدود الإقليم الوطني للدولة، فأصبحت الاتفاقيات الدولية تلعب دورا في حمايتها، مما يجبر السلطات المحلية على تطويع وكييف تشريعاتها الخاصة لحماية العلامة التجارية.

مقدمة لازمة: العلاقة بين القانون الدولي والقانون الداخلي:

يمكن إجمال العلاقة بين القانون الدولي والداخلي في نظريتين رئيستين تمثلان الاتجاهين الرئيسين حول هذه المسألة: أولا: نظرية الازدواج: يذهب انصار هذه النظرية إلى أن كلاً من القانونين الدولي والداخلي يشكلان نظامين قانونين مستقلين ومنفصلين، حيث تتشكل القانون الداخلي بالإرادة المنفردة للدولة بينما تتشكل قواعد القانون الدولي بالإرادة المشتركة للدول. كما أن قواعد القانون الداخلي تخاطب الافراد، بينما تخاطب القواعد الدولية الدول. ناهيك عن أن موضوع القانون الدولي ينحصر في تنظيم العلاقات بين الدول في حين أن قواعد القانون الداخلي تنحصر في تنظيم العلاقة التي يكون الافراد أحد أطرافها. مما يترتب معه استقلالية كلا القانونين عن بعضهما. الأمر الذي يستوجب على كل دولة مراعاة مصالحها عند انشاء قواعد القانون الداخلي، والا فلن يترتب على ذلك بطلان القانون الداخلي المخالف للالتزام الدولي، بل يبقى صحيحاً وتتحمل الدولة الاثار الدولية المترتبة على مثل هذه المخالفة. وتطبيقا لنظرية الإزدواجية فإن القوانين الدولية لن تكتسي الحلة الوطنية إلا اذا تم التصديق عليها. ثانيا: نظرية الوحدة: تقوم هذه النظرية على أساس وحدة القانونين الدولي والداخلي، حيث تخضع فيهما القاعدة الأدنى للقاعدة الأعلى، والعام يقيد الخاص، والأحدث يجب الأسبق منها وهكذا. وتبني أي من النظريتين يعتمد على النظام القانوني للدولة والتي تقرر تبني نظرية ازدواجية أم وحدة القوانين. ودولة الكويت من الدول التي تبنت نظرية وحدة القوانين.

المبحث الأول دور الإتفاقيات الدولية في حماية العلامات التجارية:

لا يمكن لكائن من كان أن ينكر دور القانون الدولي في تنظيم العلاقات الدولية بل والداخلية، وتنظيم عدد من المسائل ذات الشأن الداخلي، ومن تلك المسائل حماية العلامات التجارية. فالتشريعات الوطنية والدولية بشأن حماية العلامة التجارية يكمل بعضها البعض، من خلال الإتفاقيات الدولية، خاصة إذا ما قامت الدولة بالتصديق على الاتفاقية الدولية بحيث تصبح هذه الإتفاقية جزءاً لا يتجزأ من التشريع الداخلي.( ) وبالتالي لم يعد أمام القضاء الوطني من مفر إلا تطبيق الإتفاقيات الدولية عندما يكون هذا التطبيق مستحقاً. وقد إنضمت دولة الكويت إلي اتفاقية انشاء منظمة التجارة العالمية (الجات) بالقانون رقم 81 لسنة 1995، وإلي اتفاقية باريس بموجب القانون رقم 36 لعام 2014،( ) الأمر الذي يحيل هذه الإتفاقيات إلى تشريعات داخلية، يلتزم القاضي المحلي بإعمال القواعد الواردة بها( ). وعليه فقد قامت دولة الكويت بإصدار القانون رقم (3) لسنة 2001 الذي عدل بمقتضاه أحكام القانون رقم (4) لسنة 1962، للتناغم مع أحكام الإتفاقيات المصدق عليها، بما في ذلك التريبس.

المبحث الأول: حماية العلامة التجارية في الإتفاقيات الدولية:

إن اهتمام المجتمع الدولي بحماية العلامة التجارية كان وراء تبني عدد لا بأس به من الوثائق الدولية المتخصصة، مما تضحى معه دراسة كل هذه الوثائق مسألة غاية في الصعوبة، الأمر الذي كان وراء تركيز هذه الدراسة على ما يسمى باتفاقيات الحماية والتي تشمل كل من اتفاقية باريس لعام 1967 واتفاقية التريبس لعام 1994، خاصة وأن دولة الكويت طرفاً فيهما.

الفرع الأول: حماية العلامة التجارية وفقاً لإتفاقية باريس بشأن الملكية الصناعية لعام 1883

تضمنت إتفاقية باريس بشأن حماية الملكية الصناعية( ) تعزيزاً لحماية العلامة التجارية كونها شكلا من أشكال حماية الملكية الصناعية،( ) وقد صدقت عليها دولة الكويت منذ 2014.( ) وأهم مواطن تعزيز حماية العلامة التجارية في هذه الاتفاقية يتمثل فيما يلي: أولاً: تطبيق مبدأ المعاملة الوطنية بين دول الإتحاد: وفقاً لنص المادة الأولى من هذه الاتفاقية تشكل الدول الأعضاء اتحادا، يلتزم أعضائه باحترام التسجيلات الوطنية للعلامة التجارية، وتوفير الحماية لها طالما تمت وفقاً للإجراءات والشروط الوطنية، بحيث تعتبر العلامة التي سجلت طبقا للقانون في إحدى دول الاتحاد مستقلة عن العلامات التي سجلت في دول الاتحاد الأخرى بما في ذلك دولة المنشأ.( ) وبالتالي بمجرد تسجيل العلامة في إحدى دول الإتحاد وجب حمايتها في بقية دول الإتحاد. إلا أن عدداً من الدول ترفض تعزيز هذه الحماية إلا من تاريخ بدء نفاذ الإتفاقية في حق الدولة المعنية.( ) وقد ترتب على شرط المعاملة الوطنية لمواطني دول الإتحاد، رفض فرض أية شروط خاصة، كاشتراط الإقامة أو وجود منشأة في الدولة المراد توفير الحماية بها.( ) وبالفعل فإن بعض التشريعات الوطنية تتطلب مثل هذه الشروط، مثل نظام حماية العلامات السعودي،( ) وقانون حماية العلامات التجارية القطري،( ) الأمر الذي يستوجب على محاكم هذه الدول الاستغناء عن تطبيق مثل هذه الشروط بموجب الإنضمام لاتفاقية باريس. إلا أنه من الضروري رفع القبعة لإتفاقية باريس التي توسعت بهذه الحماية لتتعدى مواطني دول الإتحاد لتشمل حتى المقيمين فيها أو التي لهم منشآت صناعية أو تجارية حقيقية وفعالة بها وإن كانوا مواطنين لدول غير أعضاء في الإتحاد.( ) الأمر الذي يكون له أبلغ الأثر في تشجيع غير مواطني الإتحاد على الإستثمار في دول الإتحاد. ثانياً: مبدأ استقلال العلامات التجارية: يقصد بمبدأ الإستقلال نفاذ الآثار القانونية لتسجيل العلامة التجارية في البلد الأصلى يكون من تاريخ تسجيلها وبشكل مستقل تماما عن تسجيلها فى أي بلد من بلدان الإتحاد. وفي هذا المقام نصت المادة 6 مكرر/4( ) على أن العلامة التي سجلت بشكل صحيح في بلدها الأصلي تعتبر مستقلة وقائمة بذاتها طالما استوفت أحكام التشريع الداخلي للبلد الذي سجلت فيه. وبالنتيجة فإن عدم تجديدها في بلدها الأصلي لا يترتب عليه زوال حمايتها في دول الاتحاد الأخرى. ثالثاً: التسجيل المبني على غش لا يكون سندا للملكية مهما طال الزمن: تطبيقا للمبدأ القانوني "ما بني على باطل فهو باطل" فإن اتفاقية باريس رفضت خلق حاجز زمني لتحصين ملكية صاحب العلامة التي لم يعترض أحد على تسجيلها المبني على غش.( ) مع العلم بأن بعض التشريعات الوطنية اعتمدت مدة زمنية يمكن خلالها الطعن بصحة تسجيل العلامة التجارية المسجلة أو المستخدة بسوء نية.( ) رابعاً: تعزيز حماية العلامات المشهورة: العلامة التجارية المشهورة ليست فى جوهرها إلا علامة تجارية تقليدية، إلا أنها تكتسب شهرة تتعدى حدود إقليم تسجيلها مما يجعل لها سمعة عالمية مقارنة بغيرها من العلامات الوطنية. وقد استحقت هذه العلامة حماية استثنائية على المبدأ العام القائل بحماية حق صاحب العلامة الإحتكاري في إقليم الدولة.( ) ومن أِشهر العلامات التجارية ذائعة الشهرة عالميا العلامة (رولكس) للساعات والعلامة (addidas) للأحذية والملابس الرياضية والعلامة (كوكاكولا) للمشروبات الغازية والعلامة (Panasonic) للأجهزة الكهربائية والإلكترونية والعلامتين (Merceedes) و(BMW) فى مجال السيارات.( ) وتعتبر اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية أول أساس قانوني لحماية العلامة التجارية المشهورة في الدول التي لم تسجل فيها. ورغم الحماية التي توفرها التشريعات الوطنية للعلامة المشهورة،( ) فإن اتفاقية باريس كان لها الفضل في تعزيز هذه الحماية للعلامات المشهورة بين دول الإتحاد.( ) ويأتي هذا التعزيز بالنسبة للعلامات المختلف بشأن شهرتها عالمياً، حيث يكفي في هذا المقام أن تكون العلامة مشهورة بين دول الإتحاد، وإن لم تكن مشهورة بين سواها. وأسندت الإتفاقية مهمة طلب شطب العلامة المقلدة لعلامة مشهورة وفقاً لما تقرره التشريعات الوطنية، سواء بطلب من السلطات المختصة أو بطلب من ذوي الشأن.( ) من الملاحظ أن نص الاتفاقية وضع على عاتق كل دولة طرف فيها المبادرة إلى حماية العلامة المشهورة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب صاحب الشأن وذلك برفض طلب تسجيل العلامة المعتدية على العلامة المشهورة ابتداءً أو إلغاء تسجيلها( ) إن كانت قد سجلت فيه وبمنع استعمالها إن كانت تستعمل فيه.( ) وتطبيقاً لذلك فقد أيدت محكمة العدل العليا الأردنية في حكم لها في قضية بين شركة حلواني الصناعية وشركة (والت دزني كومباي) بشأن قيام الشركة حلواني بتقديم طلب لتسجيل علامة (dumbo) كعلامة تجارية لها، إلا إن مسجل العلامات التجارية رفض تسجيلها كون العلامة المطلوب تسجيلها هي علامة ذات شهرة عالمية وتعود ملكيتها لشركة (والت دزني كومباني) ولما طعن وكيل شركة حلواني بقرار المسجل لدى محكمة العدل العليا، ردت الطعن وأكدت قرار المسجل.( ) كما شطبت المحكمة العليا في السودان الإسم التجاري (فندق المريديان) لما يسببه من لبس مع العلامة التجارية المشهورة (Le Meridien).( ) إلا أنه وللأسف فإن بعض التشريعات، كالتشريع الكويتي، منح المسجل الحق في رفض تسجيل العلامة التجارية المقلدة لعلامة مشهورة، إلا أن طلب الشطب بعد التسجيل لم يمنح للمسجل، ولكن منح لذوي الشأن فقط.( ) الفرع الثاني: حماية العلامة التجارية وفقاً لاتفاقيه التريبس لعام 1994 يعــد اتفــاق الجوانب المتعـلقــة بالتجــارة لحقــوق الملكيـــة الفكــرية والمعروف بـ Trade Related Aspects of Intellectual Property Rights (TRIPS)( ) من أهم الاتفاقيات التي تنطوي علي قواعد الإنتاج الذي يعتمد بصورة رئيسية علي حماية العلامة التجارية. وتميزت التريبس بعدد من المزايا لم توجد في سواها، وهي: أولاً: الزام جميع أعضاء منظمة التجارة العالمية ببعض بنود اتفاقية باريس: ألزم نص المادة الثانية من اتفاقية التريبس جميع الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية بضرورة احترام وتطبيق اتفاقية باريس، وإن لم تكن أعضاءً فيها.( )وهو أمر لا يعد مخالفة قانونية أو أمرا غير طبيعي، وإنما يتماشى ونص المادة 30 فقرة (2) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات.( ) وبالتالي لم تعد الدول أعضاء منظمة التجارة العالمية بالخيار بين حماية الملكية التجارية من عدمه، بل لا خيار أمامها إلا تحمل التزامها القانوني بحماية الملكية الفكرية المقررة باتفاقية التريبس وبما في ذلك حماية العلامات التجارية،( ) وهو ما يضفي المزيد من الحماية على العلامة التجارية لتشمل حتى غير الأعضاء في اتفاقية باريس، وذلك من خلال عضويتهم في اتفاقية التريبس. ثانياً: تبني العشرة سنوات حماية أولية ومثلها للتجديد لحماية العلامة المسجلة: وفقا لنص المادة 18 من اتفاقية التريبس فإنه يكون التسجيل الأول للعلامة التجارية وكل تجديد لذلك التسجيل لمدة لا تقل عن سبع سنوات قابلة للتجديد، أى أن الفترة الزمنية حدها الأدنى هو سبع سنوات قابلة للتجديد لفترات أخرى دون حد أقصى. وهي مدة تعتبر أقل من الحماية التي تمتحها معظم القوانين الوطنية والتي تدور في فلك العشر سنوات ومنها نص المادة 20 من القانون الموحد لدول مجلس التعاون بشأن العلامات التجارية والذي تبنته دولة الكويت بموجب القانون رقم 13/2015، وكذلك تبنى القانون الإردني السابق مدة العشرة سنوات كحماية أولية.( ) ويعتبر القانون المصري من القوانين التي جمعت بين مدة السبع سنوات والعشرة، حيث نص بشأن التسجيل الأولي على حماية سباعية، وبالنسبة للتجديدات عشرية،( ) مع العلم بأن القانون السابق كان لا يعترف إلا بالحماية العشرية. ومن شأن زيادة مدة الحماية أن يحقق الإستقرار والطمأنينة والمزيد من الحماية للعلامة التجارية بالتأكيد. ثالثاً: حماية العلامة المؤقت حال عدم استخدامها دون مبررات: لا يجوز إلغاء تسجيل العلامة إلا بعد انقضاء مدة لا تقل عن ثلاث سنوات متصلة من عدم استخدام العلامة، ما لم يثبت صاحب العلامة وجود أسباب وجيهة على عدم الاستخدام، مثل القيود التى قد تفرضها الحكومة على استيراد المواد الأولية التى تدخل فى صناعة السلعة التى تستخدم العلامة فى تمييزها، أو تضع قيودا على استعمالها. ويعتبر استعمال العلامة التجارية بمعرفة شخص آخر برضا صاحبها، بمثابة استخدام للعلامة لأغراض تسجيلها.( ) وبعض الدول التي كانت تتبنى فترات أقل من الثلاث سنوات الواردة في نص المادة 19 من اتفاقية التريبس، اضطرت أن تقوم بتعديل تشريعاتها لتتماشى مع نصوص اتفاقية التريبس.( ) وقد تشدد القانون الموحد لدول مجلس التعاون في هذه المدة مشترطاً في المادة 24 مضي خمس سنوات دون استعمال كشرط للشطب. رابعاً: المعاملة بالمثل بين دول منظمة التجارة بشأن إيداع العلامات التجارية: قضت المادة الثالثة من اتفاقية التريبس بأن تمنح كل دولة عضو للأجانب المنتمين لأي دولة من الدول الأعضاء معاملة لا تقل عن تلك التي تمنحها للمواطنين في شأن حماية الملكية الفكرية.( ) كما أحالت المادة (2/1) من إتفاقية التريبس إلى إتفاقية باريس بشأن شروط إيداع العلامات التجارية وتسجيلها فى بلد معين، إذ تخضع هذه العلامات للقوانين الوطنية للبلد المراد إيداع وتسجيل العلامة فيها، وطبقا لمبدأ المعاملة الوطنية فإنه يحق لأى مواطن أو أى شخص مقيم فى بلد عضو فى منظمة التجارة العالمية أو لأى شركة لها فى ذلك البلد محلا تجارياً أو مصنعاً إيداع طلب تسجيل العلامة فى أي بلد آخر يكون عضواً فى منظمة التجارة العالمية بموجب نفس الشروط المطبقة على المواطنين أو المقيمين الذين لهم أعمال فى ذلك البلد العضو، ولا يجوز رفض أى طلب للقيام بالتسجيل ولا يجوز شطب أى تسجيل لعلامة بحجة أن مالك العلامة لم يقم بتسجيلها فى بلد المنشأ. ولكن شروط تطبيق هذا المبدأ تتطلب دخول المنتج إلى البلد أو الإقليم المراد تطبيق المعاملة بالمثل فيه.( ) ولقد عزز القانون الموحد لدول مجلس التعاون من مبدأ المعاملة بالمثل، حيث نصت المادة السادسة فقرة 3 في تحديد من له الحق في تسجيل العلامة التجارية "3- الأجانب الذين ينتمون إلى دولة تعامل دول المجلس التي تسجل بأي منها العلامة بالمثل." خامساً: تمتع صاحب العلامة بآثار تسجيلها في كل دول منظمة التجارة: يتمتع صاحب العلامة التجارية المسجلة بالحق المطلق فى منع الغير من استعمال علامته التجارية أو أى علامة مشابهة لها بصدد السلع أو الخدمات التى تميزها العلامة، أو السلع المماثلة التى يؤدى استعمال العلامة بصددها إلى احتمال حدوث لبس.( ) ومن شأن ذلك أن يضمن لصاحب العلامة التجارية حداً أدنى من الحقوق، تتمثل في 1) منع الغير من استعمال عـــلامته التجارية أو 2) استـــخدام أى علامة مشــابهة لها بصــدد الســـلع أو الخدمات التى تميزها العلامة، أو 3) استخدام السلع المماثلة التى يؤدى استعمال العلامة بصددها إلى احتمال حدوث لبس. ولم يكن لهذا النص مقابل فى اتفاقية باريس للملكية الصناعية التى لم تحدد مضمون حق صاحب العلامة التجارية.( ) وقد منح القانون الموحد لمجلس التعاون صاحب العلامة حقه في منع الآخرين من استخدام علامته أو جزء منها حيث نصت الفقرة 2 من المادة 18 على أن "لمالك العلامة التجارية المسجلة الحق في الطلب من الجهة المختصة منع الغير من استعمال علامته أو استعمال أي إشارة مشابهة من شأنها أن تتسبب في تضلل الجمهور بالنسبة للمنتجات أو الخدمات المشابهة." إلا أن الواقع العملي يكشف بما لا مجال للشك بأن العلامات التجارية المسجلة خارج الدولة، وإن كانت محل حماية من القضاء الوطني، إلا أنه من الصعب اقناع الأفراد العاملين في الجهات الحكومية بأن هذه العلامة الأجنبية، وإن كانت غير مسجلة وطنيا، فهي محل حماية ولا بد من التحرك لحمايتها شأنها شأن العلامة المحلية. سادساً: تيسير الترخيص والتنازل عن العلامة التجارية: أجازت اتفاقية التريبس للدول الأعضاء فى منظمة التجارة العالمية أن تضع شروطا للترخيص باستخدام العلامة التجارية أو التنازل عنها،( ) غير أنها حظرت الترخيص الإجبارى باستخدام العلامة التجارية،أي أنه حظر على جهة الإدارة منح ترخيص إجباري لاستخدام العلامة من طرف الغير على النحو الذي يجري عليه العمل بالنسبة لبراءات الاختراع، وعلة هذا الاختلاف في الحكم بين العلامة التجارية وبراءات الاختراع أن منح براءة الاختراع للمخترع وتخويله الاستثمار بالانتفاع إنما هو مقابل كشف سر الفكرة الابتكارية للمجتمع لينتفع بما توصل إليه المخترع أما الاستثمار باستخدام العلامة التجارية فإنما يحقق مصلحة لصاحبها أكثر من تحقيق مصلحة للمجتمع فلا معنى لمنح ترخيص إجباري يقضي باستعمال العلامة من طرف الغير لأن من شأن ذلك أن يحدث خلط بين منتجات وخدمات مالكها الأول ومالكها الجديد.( ) وقد أجازت المادة 21 لصاحب العلامة أن يتنازل عن العلامة التجارية بصفة مستقلة دون أن يرتبط التنازل عنها بالتنازل عن المنشأة التى تستخدم العلامة فى تمييز منتجاتها. ويتفق هذا الحكم مع الوضع الذى كان معمولاً به فى بعض التشريعات الوطنية قبل الـتريبس، مثل قانون التجارة الكويتي سابقاً،( ) ويخالف تشريعات البعض الآخر من الدول التى لا تجيز التنازل عن العلامة إلا بمعية المتجر أو المشروع الذى تستخدم العلامة فى تمييز منتجاته أو خدماته، كما هو الحال في قطر أو مصر قبل صدور القانون الجديد،( ) متى ارتبطت العلامة بالمنتجات الخاصة بالمحل المبيع،( ) أما القانون الكويتي الجديد (الخليجي الموحد) فقد ربط بين نقل ملكية المحل والعلامة خاصة حال الإرتباط الوثيق بين المحل والعلامة، ما لم ينص على خلافه،( ) وذلك لحماية المستهلك في المقام الأول، بحيث لا تلتبس عليه العلامة التجارية والمحل التجاري. سابعاً: تعزيز حماية العلامة التجارية المشهورة: توسعت التريبس في نطاق حماية العلامة المشهورة، فحظرت استخدامها من غير مالكها إذا كانت مسجلة على سلع وخدمات غير مماثلة لتلك لتي تميزها، بخلاف اتفاقية باريس التي قصرت الحماية على حالة استخدامها على سلع مماثلة أو مشابهة فقط طبقاً لنص المادة(6/ف2) منها. وبذلك أصبح نطاق حماية العلامة المشهورة وفقاً لاتفاقية تريبس ينصرف إلى حالة استخدامها على سلع مماثلة وغير مماثلة، بشرط أن تكون العلامة المشهورة مسجلة، وأن يؤدي استخدامها على سلع غير مماثلة إلى الاعتقاد بوجود صلة بينهما وبين صاحب العلامة المشهورة، وأن يؤدي الاستخدام إلى احتمال المساس بمصالح صاحب العلامة المشهورة وتعرضه للضرر. وفي هذا السياق ذهب القانون الخليجي الموحد في نص المادة 4 فحظر تسجيل العلامة التجارية المشهورة على السلع المماثلة وغير المماثلة. وقد وضعت التريبس ضابطاً استرشادياً لتحديد مفهوم العلامة المشهورة يتمثل في مراعاة مدى معرفة العلامة التجارية فى قطاع الجمهور المعني بما فى ذلك معرفتها فى البلد العضو المعنى نتيجة ترويج العلامة التجارية.( ) فيما عجزت اتفاقية باريس - والتي اسبغت الحماية في المادة (6) على العلامة المشهورة – عن وضع أى ضابط لتحديد المقصود بالعلامة المشهورة، مما أثار جدلا كبيراً واختلافاً حاداً فى وجهات نظر الدول الأعضاء فى اتحاد باريس. ومن القضايا الطريفة في هذا المقام الحكم الصادر في جنوب أفريقيا بشطب علامة ماكدونالدز كونها علامة غير مشهورة في جنوب أفريقيا، وبالتالي السماح لشركة مطاعم محلية بتسجيل أسم ماكدونالدز واستخدامه. إلا أن هذا الحكم لم يلق دعم من المحكمة العليا، والتي حكمت بشطب العلامة المحلية والإبقاء على العلامة العالمية لشهرتها.( ) وبكل بساطة قضت المحكمة الإستئنافية بإمارة دبي أن العلامة تكون مشهورة متى "اكتسبت شهرة عالمية تجاوز حدود بلدها الأصلي إلى البلاد الأخرى."( ) وقد عالجت اتفاقية التريبس العلامة المشهورة فى المادة (16/2-3)، وطورت أحكامها من عدة جوانب( ) أهمها: أنها توسعت فى مفهوم العلامة المشهورة فلم تقصرها على علامة السلعة، بل أدخلت فيها أيضا علامة الخدمة، بينما قصرتها اتفاقية باريس على علامة السلعة دون الخدمة.( ) وفي نفس الوقت تبنت التريبس معياراً للتوسع فى مفهوم العلامات المشهورة بحيث لا يجوز التشدد واشتراط الشهرة على مستوى المجتمع كله، وإنما الإكتفاء ببعض الدول وفي بعض مناطق العالم. إلا أن المشكلة تثور حين تكون العلامة التجارية مشهورة فى دولة وغير مشهورة فى دولة أخرى، فعند الإعتداء عليها فى الدولة التى لم تصل شهرتها إليها تحتج هذه الدولة بعدم شهرة العلامة، إلا أن إتفاقية التريبس ألزمت الدول الأعضاء بحماية العلامة التجارية المشهورة، بغض النظر عن شهرتها في بلد الإعتداء. ووفقا لذلك إذا كانت العلامة مشهورة فى بعض دول الإتفاقية فيفترض شهرتها فى باقى الدول.( ) وقد اتجه القانون الخليجي الموحد لحماية العلامة التجارية نحو اعتماد الإنتشار خارج بلد التسجيل كمعيار أولي للشهرة، إلا أنه حال الإختلاف حول الشهرة من عدمها فقد أرسى المشرع الخليجي عدد من المعايير لتأكيد الشهرة والإنتشار في أكثر من بلد نتيجة: 1- ترويجها أو 2- طول فترة تسجيلها أو 3- استعمالها أو 4- عدد البلدان التاي سجلت أو اشتهرت بها أو 5- قيمة العلامة ومدى تأثيرها في ترويج السلع والخدمات التي توضع عليها لترويجها. وتستقل محاكم الموضوع وحدها في تقدير توافر الشهرة للعلامة التجارية من عدمه، إلا أنها تستعين بالمؤشرات الخمس المذكورة لتحديد توافر وغياب الشهرة.( )

المبحث الثاني: أثر الإتفاقيات الدولية في تعزيز الحماية الوطنية للعلامة التجارية:

لأي حق من الحقوق نوعان من الحماية: حماية المدنية وجنائية، وكشأن بقية الحقوق فإن العلامة التجارية تتمتع بكلا النوعين من الحماية. الفرع الأول: أثر الإتفاقيات الدولية في تعزيز الحماية المدنية للعلامة التجارية تكفل قواعد المسئولية المدنية لصاحب العلامة التجارية الحق فى المطالبة بالتعويض إذا ما وقع اعتداء على علامته بأى صورة من الصور. ولضمان عدم الاستمرار في تكبد الخسائر جراء الاعتداء غير المشروع على العلامة التجارية، تكفل معظم التشريعات لصاحب العلامة الحق في طلب اجراء الحجز التحفظي، تمهيداً لتحقق الحماية الموضوعية. وعليه سيتم البحث في الحجز التحفظي ودعوى التعويض. أولا: أثر الإتفاقيات الدولية في تعزيز اجراءات الحجز التحفظي: أكدت اتفاقية التريبس على حق السلطات القضائية المحلية اجراءات تحفظية مؤقتة وفعالة لتحقيق غايتين 1- الحيلولة دون دخول البضائع المقلدة البلاد من خلال المنافذ الجمركية، 2- صون أدلة التعدي المزعوم من التلف والضياع. وفي الإجراءات التحفظية لا يشترط علم الطرف الآخر خاصة إذا كان من المحتمل أن يتسبب بأضرار يصعب اصلحها أو أن تتعرض الأدلة للتلف. وسمحت التريبس للسلطات القضائية حق طلب أية مستندات ثبوتية من المدعي وكذلك طلب دفع ضمان مالي معادل للضرر المحتمل من الحجز التحفظي لضمان حماية حقوق المدعى عليه. فرضت التريبس على الدول الأعضاء بعد اتخاذ التدابير بضرورة اعلام المدعى عليه خلال فترة زمنية معقولة والسماح له لإبداء وجهة نظره التي من شأنها أن تتسبب بإلغاء الحجز التحفظي أو تثبيته، واعتبرت أن المدة المعقولة هي عشرون يوم عمل أو 31 يوما من أيام السنة الميلادية أيهما أطول. كما كفلت للمدعى عليه في حال عدم تثبيت الحجز أو ثبوت عدم التعدي الحق بالتعويض العادل.( ) والتشريعات الوطنية الخاصة بحماية العلامة التجارية تكفل لصاحب العلامة الحق في اجراء الحجز التحفظي.( ) وهذا الحجز التحفظي يمكن أن تباشره جهة الإدارة المختصة، كوزارة التجارة والصناعة في دولة الكويت من خلال إدارة الرقابة التجارية بموجب شكوى من ذوي الشأن، كما يمكن لمالك العلامة في أي وقت، ولو كان ذلك قبل رفع أية دعوى، أن يستصدر، بناء على عريضة مشفوعة بشهادة رسمية دالة على تسجيل العلامة، أمراً من القاضي المختص باتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة، وعلى الأخص حجز الآلات أو أية أدوات تستخدم أو تكون قد استخدمت في ارتكاب الجريمة وكذا المنتجات أو البضائع وعناوين المحال أو الأغلفة أو الأوراق أو غيرها مما تكون وضعت عليها العلامة أو البيانات موضوع الجريمة.( ) إلا أن تثبيت هذا الحجز في القانون الكويتي يجب أن يتم خلال ثماني أيام من تاريخ وقوعه وإلا اعتبر كأن لم يكن.( ) إلا أنه تماشياً مع نص اتفاقية التريبس التي تطلبت تثبيت الحجز خلال عشرين يوم عمل أو واحد وثلاثين يوما من السنة الميلادية أيهما أكثر فقد تبنى المشرع الكويتي في قانون العلامات التجارية مهلة العشرين يوماً،( ) بينما تمسك القانون الخليجي الموحد بمهلة العشرة أيام. ومن شأن توحيد الإجراءات على مستوى عالمي بين الدول أعضاء التريبس أن يكفل تعزيز لحماية العلامة التجارية خاصة بالنسبة للأفراد الذين يجهلون قانون الإدراءات الوطنية في كل الدول التي يرغبون حماية العلامة بها، وعناك فرق شاسع بين الثمانية أيام والعشرين يوماً لتثبيت الحجز التحفظي مما قد يتسبب في ضياع حقوق أصحاب العلامات التجارية. وللأسف فإن التطبيق العملي للحجز التحفظي كشف أن حجز المضبوطات يتم عادة بحوزة المدعى عليه ذات نفسه أو أحد تابعيه، وتعيينه حارساً على البضاعة، وهو الأمر الذي لا يستوي قانوناً، ويعرض هذه البضاعة للتلف والضياع، خاصة عندما يكون الحارس هو أحد تابعي المدعى عليه والذين قد تنقطع علاقتهم بالمحل التجاري ويغادرون البلاد. وعلى الرغم من أهمية هذا الإجراء، إلا أن قيوداً مشددة تفرض بشأنه، لضمان عدم التعسف في استخدام الحق وإلحاق أبلغ الضرر بالنشاط الإقتصادي من خلال ضرب الشركات في سمعتها. ومن ضمن القيود ضرورة تثبيت الحجز التحفظي خلال فترة زمنية محددة أو التظلم من قرار الرفض حال صدوره. كما أن من شأن إساءة استخدم هذا الحق أن يرتب تعويضا مدنياً للمدعى عليه قد يزيد أو يقل بحسب الأضرار التي ألحقها بمن وقع عليه الحجز.( ) ثانياً: أثر الإتفاقيات الدولية في تعزيز دعاوى التعويض: وفقاً للقاعدة القانونية فإن المتسبب بالضرر يلتزم بالتعويض، ويمكن لصاحب العلامة التجارية اثبات الضرر من خلال رفع دعوي منافسة غير مشروعة أو غش تجاري. وتتشدد المحاكم في الحكم بالتعويض ما لم يكن هناك ضرراً فعلياً قد لحق بصاحب العلامة التجارية، وذلك بحصر الخسائر بالأرقام من خلال استعراض الأرقام الخاصة بالضرر المادي بشقه، ما لحق من ضرر وما فات من كسب، ومن ثم وبالتبعية حصر الأضرار المعنوية التي ترتبط زيادة ونقصاً بشهرة العلامة التجارية موضوع الدعوى بل وحتى أتعاب المحاماة.( ) ومحاكاة لهذا النص فقد نص القانون الخليجي الموحد بحق المتضرر في اللجوء للقضاء للحصول على التعويض جراء التعدي على علامته التجارية.( ) ومن أشهر الأحكام وأحدثها الحكم الصادر في سبتمبر 2015 من المحكمة الأمريكية العليا لصالح شركة أبل ضد شركة سامسونغ بسبب تعدي الأخيرة على التصميم الصناعة المسجل كعلامة تجارية لأجهزتها، مما رتب تعويضات خرافية تصل إلى ما يفوق 300 مليون دولار أمريكي.( ) وعلى صعيد محلي حكمت محكمة الإستئناف بتعويض صاحب العلامة التجارية جراء الإعتداء غير المشروع على علامته التجارية جراء ما تكبده من خسائر وفاته من مكاسب.( ) الفرع الثاني: أثر الإتفاقيات الدولية في تعزيز الحماية الجنائية للعلامات التجارية الحماية الجنائية للعلامة التجارية هي الأكثر ردعاً في مسائل حماية العلامة التجارية. فقد نصت اتفاقية باريس على تعد الدول الأعضاء في اتحاد باريس بضمان توفير الإجراءات القانونية اللازمة لحماية العلامة التجارية وضمان قمع أي تعديات عليها.( ) وأكدت التريبس على هذه العقوبات وأشارت لها بشكل أكثر وضوح وصرحة بأن تتراوح بين الحبس والغرامة، دون تحديد لها تاركة للسلطات المحلية تحديدها، شريطة أن تكون رادعة مقارنة بالجرائم ذات الخطورة المماثلة والحالات الملائمة مع التشجيع على أن تشمل العقوبات مصادرة المضبوطات والأدوات المستخدمة وإتلافها.( ) وقد جرم القانون الخليجي الموحد تزوير وتقليد واستعمال علامة تجارية مملوكة للغير بسوء نية، وعاقب عليها بعقوبات تتراوح بين الحبس خمس سنوات والغرامة مليون ريال أو ما يعادلها أو بإحداهما و الحبس ثلاث سنوات والغرامة مئة ألف ريال سعودي أو ما يعادلها أو أحدهما.( ) ومن الجدير بالذكر أن مالك العلامة المسجلة يجوز له أن يجمع بين الدعوى المدنية والدعوى الجنائية فى آن واحد. ولا يمنع المالك من رفع الدعوى المدنية أن تكون الدعوى الجنائية قد رفعت وحكم فيها ببراءة المتهم، لأن موضوع الدعويين ليس واحدا.( ) ولا تخرج التهم بشأن المنافسة غير المشروعة باستخدام العلامة التجارية عما يلي: أولاً: تقليد العلامة التجارية: ورد النص في اتفاقية التريبس على أن "تلتزم الدول الأعضاء بفرض تطبيق الإجراءات والعقوبات الجنائية على الأقل في حالات التقليد المتعمد للعلامات التجارية المسجلة."( ) ويقوم تقليد العلامة التجارية على محاكاة تتم بها المشابهة بين الأصل والتقليد بغرض ايقاع جمهور المستهلكين فى الخلط والتضليل. وقد نص القانون الكويتي للعلامات التجارية على أن يعاقب "كل من زور علامة تم تسجيلها طبقا لهذا القانون أو قلدها بطريقة تدعو إلى تضليل الجمهور . . ."( ) فتقليد العلامة التجارية شأنه شأن بقية الجرائم، لا يمكن أن يرتكب دون توافر ركني الجريمة المادي والمعنوي: ويتمثل الركن المادي بالقيام بالتقليد أو أي فعل من أفعاله بصنع علامة مطابقة أو مماثلة أو مشابهة للعلامة الأصلية المسجلة بحيث يؤدي الخلط بين العلامتين أمام جمهور المستهلكين،( ) وفي هذا الشأن استقر القضاء في الكويت على أنه "ليس من الضرورى أن يكون التقليد قد خدع فعلا المستهلكين وإنما يكفى ذات طبيعة لخداع الجمهور . . . كما . . . لا يلزم فى التقليد أن يكون هناك ثمة تطابق بين العلامتين بل يكفى لتوافره وجود تشابه بينهما من شأنه تضليل جمهور المستهلكين وإحداث اللبس والخلط بين المنتجات.( ) وقد قضى ديوان المظالم بالسعودية بأن العبرة في التقليد هي التشابه الذي يوقع المستهلك في الخلط بين المنتجات وتقدير وجود التشابه أو عدمه من الأمور الموضوعية التي تستقل الدائرة بتقديرها.( ) وفي الأردن حكمت المحكمة العليا بشطب العلامة التجارية Marten لتشابهها في النطق والكتابة مع العلامة التجارية Martel، مما قد يتسبب في تضليل وخداع جمهور المستهلكين.( ) أما الركن المعنوي فيتوافر بتوافر القصد الجنائي. وفي هذا الشأن فإن القصد الجنائي العام لا يكفي وحده لقيام الركن المعنوي لجريمة تقليد العلامة التجارية، بل يشترط إلى جانبه أن يتوافر القصد الجنائي الخاص وهو قصد الغش أو قصد الاحتيال.( ) ثانياً: إستعمال علامة تجارية مقلدة: إن جريمة تقليد العلامة التجارية تختلف تماماً عن جريمة الاستعمال غير المشروع، فالفصل بين التزوير وبين إستعمال العلامة المزورة يقوم على حكمة أنه لو كان الاستعمال شرطاً لقيام جريمة التزوير لتوجب القول ببقاء التزوير في طور الشروع طالما أن الاستعمال لم ير النور، مما سيعني عدم كفاية الحماية الجزائية للعلامة التجارية في هذا الجانب، أما وقد فصل المشرع بين الجريمتين، فإن جريمة التزوير تقع حتى لو لم يتم الإستعمال.( ) ومع الأسف فإن الإتفاقيات الدولية محل الدراسة لم تجرم الإستخدام وإنما اكتفت بتجريم التزوير والتقليد، حيث أنه هو بوابة الإستعمال، فلا وجود للإستعمال إلا حال وجود التقليد أو التزوير. إلا أن التشريعات الداخلية تشددت في العقوبات التي تراوحت بين الحبس والغرامة أو أحدهما، كما أسلفنا أعلاه. وأركان جريمة الاستعمال غير المشروع للعلامة التجارية تتمثل في الركن المادي والمتمثل في الاستعمال الفعلي للعلامة، والركن المعنوي والمتمثل في قصد الإحتيال وتضليل جمهور المستهلكين.( ) وكأثر للمسئولية الجزائية، فإن من تتم إدانته يكون محلاً لعقوبة أصلية قد تقترن بعقوبات تبعية كالمصادرة أو سحب الترخيص أو إغلاق المنشأة، حيث نصت اتفاقية التريبس على "حجز السلع المخالفة أو أية مواد أو معدات تستخدم بصورة رئيسية في ارتكاب الجرم، ومصادرتها وإتلافها.( ) إلا أن هذه الحماية لا تشمل إلا الكميات التجارية، وبالتالي يستبعد منها ما يتم التعامل معه للإستعمال الشخصي وما يجلبه المسافرون لأنفسهم. وفي ذلك نصت اتفاقية التريبس على عدم تطبيق الحماية الجنائية على "الكميات الضئيلة من السلع ذات الصبغة غير التجارية التي ترد ضمن أمتعة المسافرين الشخصية أو التي ترد في طرود صغيرة."( ) وفي هذا الشأن نص القانون الكويتي على أن الحجز الجمركي على البضائع المقلدة لا يسري في حق "أ- الكميات الضئيلة ذات الصبغة غير التجارية من السلع التي ترد ضمن أمتعة المسافرين الشخصية أو ترسل في طرود صغيرة."( ) الخاتمة بعد استعراض حماية العلامة التجارية وفقاً للتشريعات الوطنية والدولية، نجد أن هذه الموضوع، العلامات التجارية، هو موضوع غاية في الأهمية من حيث القيمة المالية وتأثيره في الإقتصاد الوطني والدولي، حيث بلغت القيمة التقديرية لبعض العلامات التجارية بمئات المليارات من الدولارات، الأمر الذي يجعل من التعدي على هذه العلامات هو سبيل لتحقيق الثراء ما لم تتم ملاحقة القراصنة ومعاقبتهم وجعلهم عبرة لمن هم سواهم. إن موضوع حماية العلامات التجارية هو موضوع رهن التطور المستمر، على الصعيد الدولي، وعقدت العديد من الإتفاقيات الدولية التي شكلت الشرعة الدولية لحماية العلامة التجارية، ويتربع على قمة هذه الشرعة كل من اتفاقية التريبس واتفاقية باريس، وتقوم منظمة الوايبو بتشكيل الإطار المنظمي لوضع هذه الإتفاقيات موضع التنفيذ. وبينما أفلحت الكثير من الدول في مواكبة هذا التطور الدولي في حماية العلامة التجارية، إلا أن دول أخرى كان نصيبها الفشل والخذلان، فقبعت في نظام متواضع لحماية العلامة التجارية، الأمر الذي يجعل منها بيئة خصبة لإنتهاك حقوق الملكية للعلامة التجارية. ويجعلها رهينة عقوبات دولية ووطنية، وبيئة طاردة للإستثمارات والرأسمال الأجنبي بل والوطني. ومن العقوبات الوطنية التي تلعب دورا في تعزيز حماية العلامة التجارية القوائم السوداء والحمراء التي ابتدعتها وزارة التجارة الأمريكية في التعامل مع الدول التي تشكل بيئة خصبة للتعدي على العلامة التجارية. ومن شأن وضع الدول على هذه القوائم أن يهدد مستقبل التعامل التجاري بين هذه الدول والولايات المتحدة، الأمر الذي من شأنه أن يصيب الإقتصاد الوطني لهذه الدول في مقتل. ولا يقدح في ذلك كون الإنضمام إلى الإتفاقيات الدولية، مثل باريس والتريبس والتصديق عليها، يحيلها إلى قوانين وطنية تلتزم السلطات المحلية والقضاء الوطني بوضعها موضع التنفيذ، ويرفع مستوى الحماية الوطنية للعلامة التجارية إلى مستوى الحماية الدولية. لم تصل حماية العلامة التجارية إلى الآن إلى مستوى المثالية، فما زالت تشوبها بعض المثالب، التي لا تتعلق بالتشريعات بقدر تعلقها بالتطبيقات، إلا أن التطور الذي تمر به حماية العلامة التجارية يؤكد أن هذه المثالب في طريق الزوال والعلاج. التوصيات: 1- التوصيات المتعلقة بأشخاص القانون العام: أ- الانضمام والتصديق على كافة الإتفاقيات الدولية المعنية بحماية العلامة التجارية (التريبس وباريس). ب- الإنضمام للمنظمات الإقليمية والعالمية المعنية بحماية الملكية الفكرية (المجمع العربي لحماية الملكية الفكرية والوايبو). ج- نشر الوعي بنصوص التشريعات الوطتية الخاصة بحماية العلامة التجارية. د- التواصل مع السلطة القضائية وتزويدها بآخر المستجدات الخاصة بالتشريعات المتعلقة بحماية الملكية الفكرية وضرورة تطبيقها. هـ- التشدد في تفعيل النصوص الخاصة بحماية الملكية الفكرية. و- الحرص على مواكبة الأجهزة الإدارية المعنية بتسجيل وحماية الملكية الفكرية للتطور والسرعة في التعامل مع الطلبات ومواجهة حالات الإنتهاك. 2- التوصيات المتعلقة بأشخاص القطاع الخاص: أ- الحرص على دراسة ومعرفة التشريعات الخاصة بحماية الملكية الفكرية أو استشارة ذوي الإختصاص قبل الخوض في هذا المجال. ب- عدم التعدي على ممتلكات الآخرين المادية والمعنوية، بما في ذلك الملكية الفكرية، مهما غمر أو اشتهر نجمها. ج- الحرص على تمام تسجيل الملكيات الفكرية قبل طرحها في الأسواق على أن يكون التسجيل في كل الدول التي يحتمل خوض أسواقها، مع العلم بأن التسجيل في الإتحادات الأقليمية يغني عن التسجيل في وحدات الدول. د- الحرص على تجديد تسجيلات الملكيات الفكرية في وقتها، والحرص على استعمالها لتفعيل هذا التسجيل. هـ- المتابعة المستمرة بشكل مباشر أو عن طريق المكاتب المتخصصة للتسجيلات المشابهة أو المقلدة، واتخاذ الإجراءات الإدارية والقانونية مباشرة أو عن طريق ذوو الإختصاص. قائمة المراجع: أولاً: مراجع باللغة العربية: * أحمد محمد محرز، القانون التجاري، دار النهضة العربية – القاهرة، الطبعة الثانية، 2003. * الجنيهي منير محمد، الجنيهي ممدوح محمد، العلامة والأسماء التجارية، دار الفكر الجامعي، 2000. * الدقى رجائى، سعد مختار، العلامة التجارية ودورها فى حماية المنتج والمستهلك، مطبعة الإعتماد الاسكندرية، 2000. * الصامت آمنه، الحماية الجنائية الموضوعية للعلامات التجارية، الطبعة الأولي، دار الفكر الجامعي، 2011. * الصغير حسام الدين عبد الغني، الجديد في العلامات التجارية، دار الفكر العربي، الاسكندرية، 2008. * العريف علي، شرح القانون التجاري المصري، الطبعة الثانية، القاهرة، مطبعة أحمد مخيمر، الجزء الأول، 1959. * الفقي محمد السيد، دروس في القانون التجاري الجديد، دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية، 2000. * القليوبى سميحة، الملكية الصناعية، الطبعة الرابعة، دار النهضة العربية، 2003. * الكسواني عامر محمود، التزوير المعلوماتي للعلامة التجارية: دراسة تحليلية تأصيلية مزودة ومدعمة بالاجتهادات القضائية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2010. * الناهي صلاح الدين، الوجيز في الملكية الصناعية والتجارية، الطبعة الأولي، دار الفرقان، 1982، 1983. * د. جلال وفاء محمدين، الحماية القانونية للملكية الصناعية وفقاً لاتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية(تريبس)، طباعة البنك الكويتي الصناعي، سلسلة رسائل البنك الصناعي، العدد 59، ديسمبر 1999. * زين الدين صلاح، الملكية الصناعية والتجارية: براءات الاختراع - الرسوم الصناعية - النماذج الصناعية - العلامات التجارية - البيانات التجارية، الطبعة الثانية، دار الثقافة، 2010. * صرخوه يعقوب يوسف، النظام القانونى للعلامات التجارية: دراسة مقارنة، مطبوعات جامعة الكويت، 1992/1993. * صلاح سلمان أسمر، العلامة التجارية فى القانون الأردني والمصري، (د.ن.)، 1986. * طه مصطفي كمال، الوجيز في القانون التجاري، منشأة المعارف الاسكندرية، ط 1، 1961. * عباس محمد حسني، الملكية الصناعية والمحل التجاري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1971. * عبد التواب معوض، المرجع فى شرح أحكام المحاكم الإقتصادية والتعليق عليها بأحكام النقض حتى 2008: طعن رقم 29 لسنة 27 ق جلسة 24/1/1962. * عبد الرحيم عنتر عبد الرحمن، أثر إتفاقية الجوانب التجارية للملكية الفكرية: دراسة مقارنة، دار المطبوعات الجامعية، 2013. * عبد السلام حسين بن جاسم، حماية حقوق الملكية الفكرية: حسب اتفاقية TRIPS في منظمة التجارة العالمية والدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربي، منشأة المعارف، 2013. * عبد العزيز جمال محمود، نحو قانون موحد للعلامات التجارية لدول مجلس التعاون الخليجة وفقاً لإتفاقيات الدولية وقوانين العلامات التجارية الخليجية، الطبعة الثانية - دار النهضة العربية، القاهرة، 2008 . * عرفة السيد عبد الوهاب، الموسوعة العلمية في حماية حقوق الملكية الفكرية: قانون رقم 82 /2002 ولائحتة التنفيذية، الاسكندرية، 2013. * علواش نعيمة، العلامات في مجال المنافسة، دار الجامعة الجديدة الأسكندرية، 2013. * محمد حسنى عباس، الملكية الصناعية والمحل التجاري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1971. * محمد مصطفى عبد الصادق، الحماية القانونية للعلامات التجارية إقليمياً ودوليا: دراسة مقارنة، الطبعة الأولى، دار الفكر والقانون، المنصورة، 2011. * محمدين جلال وفاء، الحماية القانونية للملكية الصناعية وفقاً لإتفاقية التريبس، دار الجامعة الجديدة، الأسكندرية، 2000. ثانياً: مراجع باللغة الإنجليزية: * Aaron Schwabach, Internet and the Law: Technology, Society, and Compromises, ABC-CLIO, 2006. * Annette Kur, TRIPs and Trademark Law, in GATT TO TRIPS, THE AGREEMENT ON TRADE-RELATED ASPECTS OF INTELLECTUAL PROPERTY RIGHTS 93, 96 (Fredrich-Karl Beier and Gerhard Schricker eds., 1996). * Daniel Gervais, The Trips Agreement: Drafting History and Analysis, Sweet & Maxwell London, 1998. * Goldstone Toren, The Criminalization on Trademark Counterfeiting, 31 Connecticut Law Review, 1998, f n 11. * Helen Norman, Intellectual Property Law, Oxford, 2011. * Introduction To Intellectual Property: Theory and Practice, Conventions on Classification, Kluwer Law International Ltd, 1997. * Jim Keon, Intellectual Property Rules For Trademarks and Geographical Indications: Important Parts Of The New World Trade Order, Intellectual Property and International Trade: The TRIPS Agreement, 2008. * John N.Adams, History Of Patent System: Patent Law and Theory, Edward Elgar Publishing Limited, 2008. * Karla C. Shippey, J.D, A Short Course in International Intellectual Property Rights: Protecting Your Brands, Marks, Copyrights, Patents, Designs and Related Rights Worldwide, 2008.‏ * Kobuss Joachim / Bretz Alexander / Hassani Arian: Become a Successful Designer, Protect and Manage Your Design Rights Internationally, Transl. by Merrill, Rose Tizane, 2013. * Laurence R. Helfer and Graeme W. Austin, Human Rights and Intellectual Property Mapping The Global Interface, 2011. * Marsha A. Echols- Geographical Indications for Food Products, kluwer Law International, 2008. * Neil J . Wilkof / Daniel Burkitt, Trade Mark Licensing, Sweet Maxwell Ltd, 2nd Edition, 2005. * Peter Jgroves, Sourcerbook on Intellectual Property Law, Great Britain, 1997. * Peter K. Yu, Intellectual Property and Information Wealth: Trademark and unfair competition, Greenwood Publishing Group, 2007. * Rami M. Olwan, Intellectual Property and Development Theory and Practice, Springer Verlag Berlin Heidelberg, 2013. * Summaries of Conventions, Treaties and Agreements Administered By World Intellectual Property Organization, 2006. * Thomas Dreier / Max Plance / Annette KUR, European Intellectual Property Law: Text, Cases and Materials, Edward Elgar, 2013. * William D. Coleman, ed. Property, Territory, Globalization: Struggles over Autonomy. Vancouver: University of British Columbia Press, 2011. * World Intellectual Property Organization, Introduction to Intellectual Property: Theory and Practice, Kluwer Law International, 1997. ثالثاً: الأبحاث العلمية: * البدراوي السيد حسن، إنفاذ حقوق الملكية الفكرية، ندوة الويبو الوطنية المتخصصة للقضاة والمدَّعين العامِّين والمحامين تنظمها المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) بالتعاون مع وزارة الصناعة والتجارة، صنعاء، 12 و13 يوليه 2004. * الصغير حسام الدين، حماية العلامات التجارية المشهورة، حلقة الويبو الوطنية التدريبية حول الملكية الفكرية للدبلوماسيين تنظمها المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) بالتعاون مع وزارة الخارجية، 2005 . * الصغير حسام الدين، الإطار الدولي للحماية في مجال العلامات التجارية، ندوة الويبو دون الإقليمية عن العلامات التجارية ونظام مدريد تنظمها المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) والمعهد الوطني للملكية الصناعية (فرنسا) بالتعاون مع المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية برعاية وزارة الصناعة والتجارة والمواصلات، الدار البيضاء، 7 و 8 ديسمبر 2004. * النون براك ناصر، ورقة عمل عن تقليد العلامة التجارية وأضرارها وسبل حمايتها، الإتحاد العربي لحماية حقوق الملكية الفكرية، (د.ت.). * صبري حمد خاطر، العلاقة بين اتفاقية تريبس والقانون البحريني، دراسة نقدية تحليلية مقارنة، الجزء الثاني. رابعاً: رسائل الماجستير والدكتوراه: * إسماعيل محمد حسين، الحماية الدولية للعلامات التجارية، رسالة دكتوراة، حقوق القاهرة (1978). * مبارك محمود أحمد عبد الحميد، العلامة التجارية وطرق حمايتها وفق القوانين النافذه في فلسطين، بحث مقدم لجامعة النجاح الوطنية لنيل درجة الماجستير، 2006. خامساً: القوانين الداخلية والاتفاقيات الدولية: * إتفاقية باريس بشأن حماية الملكية الصناعية لسنة 1883م. * اتفاقية مدريد بشأن التسجيل الدولي للعلامات لسنه1891. * اتفاق نيس بشأن التصنيف الدولي للبضائع والخدمات لأغراض تسجيل العلامات لسنة 1957. * معاهدة قانون العلامات، اتفاقية الجوانب المتصله بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية ( التريبس )، لسنة 1994 (TLT ). * قانون العلامات الكويتى بقانون التجارة الكويتى رقم 68 لسنة 1980 والعدل بالقانون رقم 1 لسنة 2001 م. * قانون حماية حقوق الملكية الفكرية المصرى رقم 82 لسنة 2002 م. * نظام العلامات السعودى الجديد الصادر بموجب المرسوم الملكى رقم م/21 بتاريخ 28 / 5 /1423 هـ.

  • Date
  • Client
  • Category
  • Share
To Top