العمالة المنزلية في الكويت

Started Case Study

العمالة المنزلية في الكويت وفقاً لقواعد القانون الدولي العام

مقدمة:
لقد ثارت الأقاويل وانصبت الاتهامات في حق دولة الكويت ونظيراتها من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بانتهاك حقوق العمالة المنزلية والاتجار بالرقيق الأبيض وانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان في حق العمالة المهاجرة. ويعتبر انتقال الأفراد عبر حدود الدول بحثاً عن فرص للعمل، وتحسين أوضاعهم الاقتصادية أمر متعارف عليه بين الأمم. فقد نص ميثاق الأمم المتحدة في المادة 1(3) منه على أن من أهداف الأمم المتحدة "تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً والتشجيع على ذلك إطلاقاً بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء." ومن شأن السماح للعمالة من الدول المصدرة بالدخول إلى البلاد المستوردة حل للمشاكل ذات الصبغة الاقتصادية لكلا الدولتين، تحسين الوضع الاقتصادي للعمال المهاجرين، وسد العجز في العمالة الوطنية بالنسبة للدولة المستوردة. وقد أثمرت جهود الأمم المتحدة عن صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي نظر بعين من العناية والاهتمام لحقوق العمال. فقد نصت المادة 23(1) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948على حق كل شخص "في العمل، وفي حرية اختيار عمله، وفي شروط عمل عادلة ومرضية." وبالتالي لا يجوز إجبار شخص على العمل جبراً عنه، أو في ظروف عمل غير عادلة. ولم يقف الأمر عند حدود الإعلان العالمي الذي يثور بشأن قيمته القانونية الكثير من الجدل، بل تجاوزته إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية لعام 1966 والذي نص في المادة 6 منه على "الحق بالعمل الذي يشمل ما لكل شخص من حق في أن تتاح له إمكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرية"، الأمر الذي يتعارض البتة مع العمل الإلزامي في ظروف لا إنسانية. ولعل استقرار حق الأفراد بالتنقل عبر الدول طلباً للرزق والعمل في قواعد القانون الدولي يرتب التزاماً على الدول المضيفة لهذه العمالة بضرورة توفير ظروف عمل إنسانية، وتضمن لهم احتراماً لحقوق الإنسان الأساسية، بحيث لا تقل هذه الحماية بأي حال من الأحوال عن الحد الأدنى المطلوب من حقوق الإنسان. وكنتيجة لاهتمام القانون الدولي بحقوق هذه الفئة وأهمية حمايتها، فقد برز على السطح فروعاً للقانون الدولي تعنى بحقوق هذه الفئات، كالقانون الدولي للعمل، والقانون الدولي للهجرة، والقانون الدولي لحقوق الإنسان. كما نشأت عدد من المنظمات الدولية والتي تسعى بدورها إلى حماية حقوق هذه العمالة المهاجرة كمنظمة العمل الدولية، ومنظمة العمل العربية، والوكالة الدولية لغوث اللاجئين. ولا يعتبر توافر فرص العمل في بلد ما وجودة الاقتصاد فيه مدعاة لتفضيل مواطنيه على سواهم ممن جاءوا للبحث عن فرص أفضل للعمل وسنداً لانتهاك المبدأ الإنساني الداعي إلى حظر التمييز على أي سند من الأسانيد. فالمصلحة المتبادلة بين الدولة المضيفة والعمالة الوافدة تتطلب الالتقاء تحت مظلة الحقوق والالتزامات القانونية التي تنظم هذه العلاقة المتبادلة. وقد كان للقانون الدولي دوراً فاعلاً في توفير الحماية اللازمة لحقوق العمالة. ودولة الكويت، كإحدى أهم الدول المستقطبة للعمالة المهاجرة، وأحد الأعضاء الفاعلين على الساحة الدولية، تستقطب العمالة المهاجرة من أرجاء العالم. وبما أن العمالة المنزلية هي الأكثر عرضة لانتهاكات حقوق الإنسان، أو هكذا يبدو الحال وفقاً للتقارير والدراسات الدولية، فستكون العمالة المنزلية هي الشريحة محل الدراسة، والتي ستجيب بقدر الإمكان على التساؤلات التالية: ما المقصود بالعمالة المنزلية؟ وما طبيعة الانتهاكات التي تتعرض لها؟ وهل هي انتهاكات لحقوق الإنسان الأساسية، أم أنها مجرد انتهاكات لحقوق كمالية؟ وما طبيعة الحماية التي يمنحها القانون الدولي العام لهذه الفئة؟ وما هي المسئولية الدولية جراء هذه الانتهاكات؟ ما هو موقف التشريعات الوطنية في الكويت من مثل الانتهاكات؟ وقد ارتأينا انتهاج الخطة التالية للإجابة على هذه التساؤلات: الفصل الأول: أنواع العمالة المنزلية الفصل الثاني: أنواع الانتهاكات التي تتعرض لها العمالة المنزلية الفصل الثالث: موقف القانون الدولي من حماية العمالة المنزلية الفصل الرابع: المسئولية الدولية عن انتهاكات حقوق العمالة المنزلية الفصل الخامس: موقف دولة الكويت من انتهاكات حقوق العمالة المنزلية
الفصل الأول: أنواع العمالة المنزلية
إن العمالة المنزلية هي كل عمالة تقوم بأعمال الخدمة في المنزل أو مقر السكن، كالنظافة، والطبخ، ورعاية الأبناء، وقيادة السيارة، والحراسة . . . وغيرها، سواء استقدمت من خارج الكويت أو تم التعاقد معها في الداخل. يندرج تحت هذا التعريف كل إنسان يقوم بالأعمال المنزلية دون تمييز على أساس الجنس أو اللون أو الدين أو العرق أو الانتماء السياسي. وعملياً تنقسم العمالة المنزلية في الكويت إلى ثلاثة مجموعات: المجموعة الأولى تستقدم من جنوب شرق آسيا، كالفليبين، والهند، وبنغلادش، وسيريلانكا، وإندونيسيا. المجموعة الثانية يمكن استقدامها من بعض الدول الأفريقية كأثيوبيا، وموريتانيا، والمغرب. أما المجموعة الثالثة من العمالة فهي تلك التي تستقدم من دول متقدمة كالولايات المتحدة، وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا. وبما أن المجموعة الثالثة تتمتع بأوضاع اقتصادية تفوق في معظم الأحيان العمالة الوطنية، وهي عمالة تستخدم في منازل كبار التجار وأصحاب النفوذ في الكويت، فإنها ليست محلاً للدراسة. وعملياً فإنها عمالة تتمتع برواتب ومزايا مادية تكفل لهم حماية أساسية وكمالية لحقوق الإنسان. وبما أنها مجموعة متعلمة ومثقفة في معظم الأحوال، فإن رب/ربة البيت لا يملك ممارسة أي نوع من أنواع انتهاك حقوق الإنسان في حقهم، إذ يسهل عليهم استخدام وسائل الدفاع القانونية الوطنية والدولية لجبر ما قد يتعرضون له من انتهاكات. أما المجموعة الثانية من العمالة فهي تتمتع بحماية حقوق الإنسان الأساسية وتتمتع بالحد الأدنى من الأجر المقبول، إلا أنها لا تتمتع إلا بتلك المزايا التي يقرر رب/ربة البيت منحهم إياها. وهي كذلك فئة ليست محلاً لانتهاكات حقوق الإنسان الأساسية، إذ أنها من خلال تحدثها اللغة العربية، في الغالب، قادرة على طرق أبواب الدفاع الوطنية والحصول على حقها دون السماح بوقوعها ضحية للمزيد من انتهاكات حقوق الإنسان، وبالتالي فإنها تخرج كذلك عن نطاق هذه الدراسة. المجموعة الثالثة، وهي المجموعة محل الدراسة، والتي تستقدم من دول فقيرة، ومناطق ريفية، وتقبل بالعمل بأجر شهري يقل عن الحد الأدنى، ولا تتحدث اللغة العربية مما يجعلها فريسة سهلة للنصب والاحتيال من قِبَلِ أصحاب مكاتب استقدام العمالة ومن قبل بعض أرباب العمل، كما أنها مجموعة يغلب عليها الجهل وعوز العلم والثقافة الأمر الذي يجعلها تهيئ الظروف وتيسر وقوعها فريسة سهلة لانتهاكات حقوق الإنسان، من خلال جهلها بأنجع السبل والوسائل لوقف انتهاكات حقوق الإنسان في حقها.
الفصل الثاني: أنواع الانتهاكات التي تتعرض لها العمالة المنزلية في الكويت
إن بروز ظاهرة الانتحار والقتل وتكرارهما بشكل شبه أسبوعي بين أفراد العمالة المنزلية من أصول أسيوية في الكويت أمر يدعو لوقفة، لمعرفة أسباب هذه الحالات من الانتحار المتكررة، وكيف يمكن الحد منها حفاظاً على حياة أفراد هذه الفئة. كما أن لجوء هذه الفئة إلى سفارات بلادها بشكل متكرر، وتغيبهم عن العمل، وارتكابهم الجرائم في حق رب العمل أو أفراد أسرته، والتقارير التي تصدرها المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية، والتقارير التي تصدرها وزارات خارجية بعض الدول الصديقة، كلها تستحق وقفة للنظر في معايير وأسس التعامل مع هذه الفئات ومدى تماشيها مع المعايير والأسس الدولية. يمكن تقسيم الانتهاكات التي يتعرض لها العمالة في دولة الكويت إلى نوعين من الانتهاكات: الانتهاكات المتعلقة بظروف العمل، والانتهاكات المتعلقة بحقوق الإنسان. أولاً: انتهاكات بشأن ظروف العمل: لقد لعبت منظمة العمل الدولية دوراً أساسياً في رسم الخطوط العريضة الواجب اتباعها بشأن ظروف العمل وحقوق العمال، بما في ذلك العمالة المنزلية. وهذه الحقوق عديدة خصصت لكل منها اتفاقية دولية، مما رفع عدد الاتفاقيات الدولية المنعقدة في ظل منظمة العمل الدولية إلى 154 اتفاقية دولية. وبالتالي فإننا سنقتصر في هذا المقام على استعراض حقوق العمال التي يعتقد بانتهاكها في حق العمالة المنزلية في دولة الكويت، وهي: 1) الحق في أجر عادل: قال الرسول صلى الله عليه وسلم "أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه" وأكدت المادة 23(2،3) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عند حد إقرار حق العمل، وإنما ذهبت إلى أبعد من ذلك حين نصت على أنه "2- لجميع الأفراد، دون تمييز، الحق في أجر متساوٍ على العمل المتساوي. 3- لكل فرد يعمل حق في مكافأة عادلة ومرضية تكفل له ولأسرته عيشة لائقة بالكرامة البشرية تستكمل عند الاقتضاء بوسائل أخرى للحماية الاجتماعية." كما أكدت المادة 7 من ذات العهد على اعترف الدول الأطراف "بما لكل شخص من حق في التمتع بشروط عمل عادلة ومرضية ككفل على الخصوص (أ) مكافأة توفر لجميع العمال كحد أدنى: أجراً منصفاً، ومكافأة متساوية لدى تساوى قيمة العمل دون تمييز، " 2) الالتزام بعدد محدود من ساعات العمل: إن العمالة المنزلية تقوم بأعبائها في بعض المنازل الكويتية لفترات تتجاوز العشرين ساعة يومياً، الأمر الذي يعد انتهاكاً للاتفاقيات الموقعة في ظل منظمة العمل الدولية، والتي حددت ساعات العمل بما لا يتجاوز 8 ساعات يومياً. فقد ورد النص في المادة الأولى من اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن تخفيض ساعات العمل إلى أربعين ساعة في الأسبوع لعام 1975 على أن "كل دولة عضو في منظمة العمل الدولية تصدق على الاتفاقية أن تعلن موافقتها على: (أ) مبدأ العمل أربعين ساعة في الأسبوع وتطبيقه بطريقة لا تؤدي إلى انخفاض مستوى المعيشة، (ب) اتخاذ أو تسهيل اتخاذ التدابير التي تعتبر مناسبة لتحقيق هذه الغاية، وأن تتعهد بتطبيق هذا المبدأ على مختلف فئات العمل وفقاً للأحكام التفصيلية التي ترد في الاتفاقيات المنفصلة التي تصدق عليها هذه الدولة العضو." ويبدو جلياً بأن هذا النص يقصر ساعات العمل على أربعين ساعة في الأسبوع، الأمر الذي يتضمن في طياته عطلة أسبوعية ليومين، حيث أن أربعين ساعة بتوزيعها على ثمان ساعات يومياً، يُبقي العامل/العاملة دون عمل ليومين من أيام الأسبوع، والتي يمكن اعتبارها عطلة أسبوعية. ما موقف الكويت من الاتفاقية؟XXXXXX 3) الحق في إجازات دورية وطارئة: أشارت المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الثقافية والاقتصادية والاجتماعية لعام 1966 بحق كل شخص في "الاستراحة وأوقات الفراغ، والتحديد المعقول لساعات العمل، والإجازات الدورية المدفوعة الأجر، وكذلك المكافأة عن أيام العطل الرسمية." 4) الحق في قانون ينظم العلاقة مع أرباب العمل: إن قانون العمل الكويتي يحكم العلاقة بين العمال وأرباب العمل في مقار العمل وليس في المنازل. ومع الأسف فإن العلاقة بين رب العمل والعمالة المنزلية وحتى وقت متأخر غائبة عن أي تنظيم قانوني. وحتى عندما قرر المشرع الكويتي تنظيم هذه العلاقة فإنه لم ينظمها بقانون، وإنما اكتفى بالعقود التي يوقعها أرباب العمل والعمال أمام مكاتب استقدام العمالة المنزلية. وقد ترك هذا الأمر العمالة المنزلية تحت رحمة أرباب العمل حسناً وسوءاً. وقد انعكس هذا الأمر على أسلوب العمل في مقار وزارة الداخلية لتلقي البلاغات، مخافر الشرطة، بشأن حالات التغيب، والتي لا يتم تصنيفها لا بالجناية ولا الجنحة، وإنما تدرج تحت تغيب، دون أن تأخذ نصيبها من الجدية في البحث والتحري عن أسباب أو دوافع هذا التغيب، وما إذا شابته شبهة جنائية. 5) الحق في تحويل الأموال: الحق في تحويل الدخول النقدية يعتبر أحد حقوق العمال الذي أكدت عليه الاتفاقية الدولية الخاصة بحماية حقوق العمال المهاجرين وأسرهم، المنعقدة في ظل منظمة العمل الدولية. وقد نسب لعدد من أرباب العمل في دولة الكويت حجزهم أو تأخيرهم لرواتب العمالة المنزلية مما يحول دون تمتعهم بهذا الحق، ويؤثر على الأوضاع الاقتصادية لأسرهم. 6) الحق في المعرفة التامة بشروط وظروف دخولهم البلاد وقبولهم في هذه الأعمال: إن هذا الحق يعتبر أحد حقوق العمال الذي أكدت عليه الاتفاقية الدولية الخاصة بحماية حقوق العمال المهاجرين وأسرهم، المنعقدة في ظل منظمة العمل الدولية. ومن شأن جهل هذه الفئة بالنظم القانونية وباللغة المحلية للدولة المضيفة أن يتسبب سهولة وقوعهم فريسة لاحتيال ذوو النفوس الضعيفة.
ثانياً: انتهاكات بشأن حقوق الإنسان:
يتعرض العديد من أفراد العمالة المنزلية لانتهاكات لحقوق الإنسان وذلك بحكم الاحتكاك اليومي والطويل مع أرباب العمل، مما يجعلهم عرضة لأنواع مختلفة من انتهاكات حقوق الإنسان. وتتراوح هذه الانتهاكات بين المعاملة اللاإنسانية الحاطة للكرامة، والدعارة القسرية، والاتجار بالرقيق، وانتهاك حقوق الطفل، والحرمان من حق العودة للوطن. وتشير أصابع الاتهام لدولة الكويت بانتهاك حقوق الإنسان التالية في مواجهة العمالة المنزلية: 1) المعاملة اللاإنسانية الحاطة للكرامة: لقد حظرت المادة 10، 17 من الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق العمال المهاجرين وأسرهم المعاملة والعقوبات اللاإنسانية الحاطة للكرامة. 2) الدعارة القسرية: 3) الاتجار بالرقيق: لقد حظرت المادة 11 من الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق العمال المهاجرين وأسرهم استعباد العمالة المنزلية أو استخدامها في أعمال الاستعباد. 4) الاعتداء على حق الحياة: حق الحياة من حقوق الإنسان الأساسية، والتي لا يجوز الاعتداء عليها تحت أي ظرف من الظروف، وذلك وفقاً لما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية، والمادة 9 من الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق العمال المهاجرين وأسرهم. لقد أضحت حالات الاعتداء على حق حياة العمالة المنزلية متكررة بشكل ملفت للنظر. إلا أنه حين تكون ظروف الوفاة غامضة فإنها تقيد كحالة انتحار، بشكل جعل حالات انتحار العمالة في الكويت ظاهرة لصيقة بالمجتمع الكويتي. 5) الاعتداء على حق الاعتقاد: كفلت الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق العمال المهاجرين وأسرهم في المادة 12-13 حق الاعتقاد والتفكير. 6) المساواة وحظر التمييز: جاء في محكم آيات القرآن الكريم "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم." صدق الله العظيم. وقد أكد الدستور الكويتي في نص المادة 29 منه على أن الناس سواسية في الكرامة الإنسانية وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين. كفلت المادة 18 من اتفاقية حماية حقوق العمال المهاجرين وأسرهم حق مساواة للعمالة المهاجرة بمواطني الدولة المضيفة. 7) الحرمان من حق العودة للوطن: لقد منحت المادة 8 من الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق العمال المهاجرين وأسرهم على حق العمال وأسرهم في العودة إلى بلادهم الأصلية أو البقاء بها. يعاني معظم العمالة المنزلية من قيام أرباب العمل في الكويت بحجز جوازات سفرهم، الأمر الذي يحول دون عودتهم لأوطانهم، أو حتى ارتكاب بعض الجرائم من أجل عودتهم لأوطانهم، كقيامهم بسرقة جوازات سفرهم، أو القيام بمساعدة الغير بتزويرها. كما حظرت المادة 21 من اتفاقية حقوق العمالة المهاجرة وأسرها أي شخص غير الموظف الحكومي المخول بحكم القانون من مصادرة أو تدمير أو محاولة تدمير الوثائق الشخصية للعمالة المهاجرة. إلا أن بيت الزكاة الكويتي، كأحد الهيئات الحكومية العامة، يقوم بتوفير تذاكر السفر العمالة غير القادرة على الحصول على هذه القيمة، وتيسير عودتها لأوطانها 8) الاعتداء على حق الملكية: كفلت المادة 15 من اتفاقية حقوق العمالة المهاجرة وأسرها حق الملكية وعدم جواز مصادرتها دون أسباب. 7) الضمانات القضائية: أ) اللجوء إلى القضاء الوطني ب) عدم رجعية القوانين ج) عدم الحبس نتيجة الإخلال بالتزامات تعاقدية: أكدت المادة 20 من اتفاقية حقوق العمالة المهاجرة وأسرها على عدم جواز حبس العمالة المهاجرة بسب إخلال بأحد الالتزامات التعاقدية. يعاب على التشريعات الكويتية أنها لم تتناول بشكل خاص العمالة المنزلية، وتركتها مفرغة من الخضوع لأي تشريع. ودرجت النظم الإدارية في الكويت على تخيير العمالة المنزلية التي تدخل في خلافات مع رب العمل بين الاستمرار بالبقاء في منزل رب العمل أو الانتقال إلى مركز الإبعاد في منطقة الدسمة إلى أن يتم تسوية هذه الخلافات أو يتم إبعاد العامل أو العاملة عن البلاد. وأحياناً قد تطول مثل هذه التسوية مما يطول معه أمد بقاء العمالة محتجزة في مركز الإبعاد، الأمر الذي يكون وراء تنازلهم عما تعرضوا له من انتهاكات والقبول بالتسوية الودية والتعويض( ( بعيداً عن عين القضاء، حتى لو كانت هناك شبهة جنائية. وقد تضخم عدد العمالة المحتجزة في مركز إبعاد الدسمة في عام 1994، إلى درجة دفعت وزارة الداخلية إلى تسخير أحد روافد سجن طلحة في منطقة جليب الشيوخ لخدمة مركز إبعاد الدسمة. ودفع هذا التضخم عضوي مجلس الأمة الكويتي عن منطقة الدسمة، العضو الدكتور يوسف الزلزلة والعضو سيد عبدالصمد في منتصف عام 2005، إلى طلب إقصاء مركز إبعاد الدسمة عن منطقة الدسمة السكنية لما يسببه من ازدحام هناك. ومع الأسف فقد سجلت تقارير منظمة مراقبة حقوق الإنسان (Human Rights Watch) لعام 1993، قيام حراس مركز إبعاد الدسمة بممارسة التعذيب والاعتداء الجنسي في حق العمالة المنزلية المحتجزة لديهم. 8) انتهاك حقوق الطفل: 9) انتهاك حقوق النساء: حظرت المادة 7 من العهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أن ينطوي دفع الأجرة على أي تمييز، وأن "يضمن للمرأة على خصوصاً تمتعها بشروط عمل لا تكون أدنى من تلك التي يتمتع بها الرجل، وتقاضيها أجراً يساوي أجر الرجل لدى تساوي العمل" 10) العمل في ظروف تفتقد شروط الصحة والسلامة: نصت المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية على أن تعترف الدول بشروط عمل عادلة وعلى الخصوص "ظروف عمل تكفل السلامة والصحة."
الفصل الثالث: موقف القانون الدولي من حماية العمالة المنزلية
لقد اتسم القانون الدولي بحمايته لحقوق الإنسان عموماً والعمالة خصوصاً. وقد نشأت منظمات دولية، كمنظمة العمل الدولية، وخصصت لحماية حقوق العمال. كما عقدت العديد من الاتفاقيات الدولية والتي كانت تهدف لحماية حقوق الإنسان، بما فيها العمالة المنزلية، وحماية حقوق العمالة خصوصاً. وتولت المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية مهمة الرقابة على سلوك الدول بهذا الشأن، واتخاذ اللازم للحد من هذه الانتهاكات. كما أن الدول التي يتبعها هؤلاء العمال لها الحق وفقاً للقانون الدولي اتخاذ ما يلزم من إجراءات لحماية حقوق العمال. ولم يقف الأمر عند هذا الحد فحسب، بل أن حتى دولاً ليست أطراف في هذه العلاقة حملت على عاتقها مهمة مراقبة سلوك الدول بشأن حماية حقوق الإنسان عموماً والعمال خصوصاً، وكان لها دوراً إيجابياً في حماية حقوق هذه الفئة. أولاً: دور المنظمات الدولية في حماية حقوق العمال: 1) المنظمات الدولية الحكومية: 2) المنظمات الدولية غير الحكومية: ثانياً: دور الدول التي يتبعها العمالة المنزلية في حماية حقوقهم: لجأ العديد من مواطني دول شرقي آسيا لسفارات دولهم في الكويت، متهمين أرباب عملهم بالاعتداء عليهم واغتصابهم وحجز رواتبهم أو جوازاتهم، مما تسبب في توتر العلاقة بين حكومة دولة الكويت وحكومات هذه الدول. وفي عام 1994 لجأ ما يقارب ألفي شخص من أفراد هذه العمالة المتغيبة إلى مقار سفاراتهم، لجأ منهم إلى سفارة الفليبين في أكتوبر 1994 ما يقارب 250 فرد، و120 لجئوا في نفس الشهر إلى السفارة السيرلانكية. ثالثاً: دور الغير من الدول في حماية حقوق العمالة المنزلية: تنص المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية على أن "1- تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد بأن تتخذ، بمفردها وعن طريق المساعدة والتعاون الدوليين، ولا سيما على الصعيدين الاقتصادي والتقني، وبأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة، ما يلزم من خطوات لضمان التمتع الفعلي التدريجي بالحقوق المعترف بها في هذا العهد، سالكة إلى ذلك جميع السبل المناسبة، وخصوصا سبيل اعتماد تدابير تشريعية .2. تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بأن تضمن جعل ممارسة الحقوق المنصوص عليها في هذا العهد بريئة من أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب .3. للبلدان النامية أن تقرر، مع إيلاء المراعاة الواجبة لحقوق الإنسان ولاقتصادها القومي، إلى أي مدى ستضمن الحقوق الاقتصادية المعترف بها في هذا العهد لغير المواطنين."
الفصل الرابع: المسئولية الدولية عن انتهاكات حقوق العمالة المنزلية
يقع على عاتق المجتمع الدولي ككل مهمة وضع الالتزامات الدولية موضع التنفيذ، ويقع على مؤسساته الدولية بالتعاون مع الدول فرادى أو جماعات الإشراف على احترام الدول لتعهداتها بشأن هذه الالتزامات. وفي هذا الاتجاه ذهب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية عندما أسند للدول مسئولية "اتخاذ إجراءات مناسبة لصون" حق العمل. ومن شأن تطاول الدول على التزاماتها التي تقررها قواعد القانون الدولي أن يستثير مسئوليتها الدولية تجاه المجتمع الدولي من ناحية وتجاه الدول التي يتبعها الأفراد من العمالة المنزلية. وكأثر من آثار المسئولية، على الدول المعنية أن تتخذ من الإجراءات ما يكفل جبر الضرر الذي تعرضت له قواعد القانون الدولي، والضرر الذي تعرضت له الدول المعنية التي انتهكت حقوق مواطنيها. قامت الحكومة الفليبينية في وقت من الأوقات بمنع العمالة الوطنية من التوجه لدولة الكويت للعمل فيها، الأمر الذي يعد نوعاً من المسائلة الدولية في حق الكويت.
الفصل الخامس: موقف دولة الكويت من انتهاكات حقوق العمالة المنزلية
مما لاشك فيه بأن العمالة المنزلية كما هي ضحية لبعض الاستثناءات من الخارجين على القانون، فإن بعض أفراد العمالة المنزلية غابت عنهم مشاعر الإنسانية وتنكروا لكل مبدأ من مبادئ الكرامة واحترام حسن الضيافة. فبعض أفراد هذه العمالة ارتكب جرائم متعددة تراوحت بين القتل والخطف والسرقة. وكان بعض أنواع هذه الجرائم من البشاعة بحيث لا يمكن أن يعاقب عليها أي تشريع من التشريعات دون العقوبات القصوى. وحاول البعض أن يعزو مثل هذه الجرائم كردة فعل لسوء معاملة أرباب العمل لأفراد العمالة المنزلية، مما دفعهم لارتكاب مثل هذه الجرائم للانتقام من أرباب عملهم أو التخلص من التزامات عقود الاستخدام التي ألقت على كاهلهم من الأعباء ما لا يتناسب مع ما يتمتعون به من حقوق. فعلى سبيل المثال قتلت إحدى الخادمات الفليبينيات أميرة كويتية عام 1993. وأمام هذا السيل العرم من الاتهامات الدولية، وتوتر العلاقات الدبلوماسية مع الدول التي ينتمي لها هذه العمالة، ما كان أمام دولة الكويت ونظيراتها إلا العمل على الدفاع عن مواقفهم بهذا الخصوص، وسن التشريعات الكفيلة بكف مثل هذه الاتهامات، والتجاوب مع متطلبات القانون الدولي بهذا الخصوص.

  • Date
  • Client
  • Category
  • Share
To Top